الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمنت أمبور وزير الداخلية الاسبق يتحدث

التاريخ هي المراة التي تعكس إنجازات الشعوب وإخفاقاتهم وردة فعلهم في إدارة تلك الاخفافات. الحكماء منهم يتداركون إخفاقاتهم وأخطائهم ويصححونها بمنتهي التواضع فيتقدمون. اما المتجبرون المتكبرون يقصفون ببلادهم الي الدرك الاسفل بلا شفقة.
ننشر هذا الحوار الان لسببين
1/ كمرجع ليقف امامه الساسة الجنوبيين كثيراً لينصلحوا فينصلح معه حال البلاد والعباد خصوصاً ونحن علي أعتاب مصالحة وطنية كبري.
2/ القائمين علي امر المصفوفة في البلدين التقيد بالعهود والمواثيق والتحلي بالروح الصادقة الجادة في التنفيذ حتي يعود الثقة بينهم.

كلمنت امبورو وزير الداخليه الاسبق يقول
عدم جدية الحكام الشماليين ونقضهم للعهود والمواثيق هي سبب كل كوارث السودان
سياسات النخبة الحاكمة في الشمال (فرق تسد) عشعشت في رؤوس بعض الدينكا المثقفين وأساءت لكل الدينكا
دندرا علي دندرا
البرلماني السياسي الكبير العم كلمنت امبورو يدلي بشهادته عن أحداث السودان
ويقول لو تعامل رئيس الوزراء الراحل الأزهري بجدية مع حديث سلاطين الجنوب لو تفاعل مع مشاعرهم لما نزفنا كل هذه الدماء ولكن عدم جدية الحكام الشماليين ونقضهم للعهود والمواثيق هي سبب كل كوارث السودان. الدينكا لا يعرفون العنصرية وذلك من واقع عملي الطويل بمناطقهم (التونج رمبيك يرول) وقاموس لغتهم خالية من كلمة عنصرية، ان سياسات النخبة الحاكمة في الشمال (فرق تسد) عشعشت في رؤوس بعض الدينكا المثقفين وأساءت لكل الدينكا.
اجري هذا الحديث سليمان علي دندرا ممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بالجماهيرية العظمي وشمال أفريقيا وعبدالعزيز جمعة سلوف مساعد أمين الإعلام بالشعبة السياسية شمال أفريقيا، ناسف للتاخير في النشر لانشغالنا في العاصمة رمبيك.
في البداية العم كلمنت نحن سعداء جداً كونك منحتنا من وقتك الثمين لتحدثنا عن نفسك وعن الجنوب وعن سياسات حكومات السودان.نشكرك كثير نيابة عن الشعب السوداني وعن شعب جنوب السودان كونك ملكتهم الحقائق.
سوف نطرح لك الأسئلة بالإنجليزية وبعربي كونجو كونجو (عربي جوبا) وأنت حر في طريقة الإجابة.
السؤال الأول :- حدثنا عن حياتك الدراسية والعملية وعن إنجازاتك كقائد سياسي.؟؟؟
بدايتي العملية موظف في الخدمة المدنية عام 1942، بعد تخرجي من مدرسة تدريب الكادر في جوبا وهي ثانوي عالي. تم توظيفي في أمادي منطقة قبيلة المورو لأحل محل الموظف الإنجليزي الكبير أنطوان بوتا رئيس الكتبة، وكانت لحظة تاريخية في جنوب السودان أن يتولى شاب في مقتبل العمر 22-23 سنة وظيفة رئيس الكتبة في منطقة كبيرة مثل أمادي، في العام 1946 تم نقلي الي التونج في نفس الوظيفة، وبعد سنة من العمل في التونج تم ترقيتي في العام 1947 الي موظف عالي ، بعدها تم استدعائي الي جوبا مع مجموعة في نفس وظيفتي لكورس في المعلومات العامة والتدرب كمفتشين بوليس و التأهل في الحقل القضائي لملئ وظائف وكلاء نيابة وقضاة , هكذا بداءت انطلاقتي.
في يونيو 1947 تم اختياري بواسطة الحاكم العام لحضور مؤتمر جوبا الذي انعقد يوم 12-13 يونيو 1947 وسوف تلاحظ من سجل المحضر أنني لعبت دور طليعي في هذا المؤتمر. بمرور الزمن لاحظت الناس يتحدثون بان المؤتمر أقيم لمعرفة رأي الجنوبيين في الانضمام الي الشمال أو شرق أفريقيا!! هذا غير صحيح ، المؤتمر أقيم من اجل معرفة رأي الجنوبيين في المشاركة في البرلمان المقترح إقامته في الخرطوم بغرض إرشاد ومساعدة الحكام العام في إتخاذ القرارات الإدارية المهمة.
كان اقتراحنا في اليوم الأول للمؤتمر، أن نؤسس برلمان خاص بنا في الجنوب. وفي مساء نفس اليوم عقدنا لقاء علي هامش المؤتمر حضره مجموعة من السياسيين الجنوبيين علي رأسهم استنسلاوس عبد الله باسيما وآخرون وكان لهم رأي آخر وهو الانضمام للشمال لسببين رئيسين مقنعين:-
الأول:- سياسي وهو محاولة خروجنا من الجنوب الي العالم الخارجي
والثاني:- إداري وهو الأمل في تعديل نظام الترقيات والرواتب برفع كفائة الموظف في جنوب السودان.
في اليوم الثاني للمفاوضات غيرنا اقتراحنا الأول وكان أملنا أن ننضم الي إخواننا في الشمال بهدف توحيد السياسة والإقتصاد وتعلم فنون الإدارة والحكم لإدارة الجنوب كما وعدونا أثناء جلسات المؤتمر. وللعلم لقد تم تكوين مجلس استشاري للمديريات الشمالية سنة 1940، ولم يتم تكوين أي مجلس للجنوب حتى تاريخ إنعقاد المؤتمر، لذلك كان خلاصة المؤتمر جوبا الآتي:-
إن الشمال سوف يعطي عناية خاصة لتنمية للجنوب وإنسانه بالتدريس والتدريب والتأهيل لرفع مستوي كفاءاته إستعداداً لتوليه مناصب عليا مثل المفتش العام ، مدير البوليس ....الخ، وكان الجنوبي الوحيد حين ذلك في الدرجة G هو السيد جوزيف جيمس طمبرا.
سوف يتم توحيد قانون العمل في الشمال والجنوب، وسيشارك الجنوبيين في برلمان الشمال المقترح بغرض التدريب علي فنون الإدارة والحكم حتى يستطيعوا نيل الحكم الذاتي، وإجراء انتخابات عامة علي مستوي الجنوب يختار فيها الجنوبيون من يمثلهم في البرلمان .
كان ذلك خلاصة مؤتمر جوبا ويمكن أن تجدوا محضر المؤتمر في دار الوثائق السودانية .
بعد مؤتمر جوبا صبر الجنوبيين ثلاثة أشهر في انتظار ان يتحول قرارات المؤتمر الي واقع ملموس، إلا ان الحكومة لم تفعل شئ، لذلك قرر الجنوبيين الإضراب عن العمل. وقتها كنت قائداً للإضراب في التونج، وفي جوبا كان هناك سفرينو كولي وآخرون، وأتذكر إنني أرسلت مذكرة الي حاكم بحرالغزال السيد ريتشارد أوين طالباً منه الحضور شخصياً ليقف علي حجم مشاكلنا، لأنه كان موجود اثناء مؤتمر جوبا، لبي الحاكم مشكوراً ندائنا وحضر ليعرف كل شئ بنفسه. بعد الإضراب تسارعت الأحداث بشكل كبير تم استدعاؤنا الي كورس الخدمة المدنية في معهد تدريب الكادر بالخرطوم ونجحنا فيه، ثم كورس تدريب الضباط الإداريين في كلية غردون ( جامعة الخرطوم حالياً) ونجحنا فيه، كنا من واو شخصي، جرفس ياك، لويس بيي. ومن الإستوائية برنابا اويويوه، غردون بولي ومن أعالي النيل بولين الير، وكان ذلك في سنة 1949. في السنة التي تليها تم تعييني ولويس بيي في مشروع الجزيرة للتدريب الميداني، وهناك قابلت السيد سر الختم الخليفة الذي اصبح فيما بعد رئيساً للوزراء . بعد التدريب الميداني عدنا الي كلية غردون مرةً أخري وتم تأهيلنا في القضاء والحسابات بواسطة كورسات متقدمة في القانون والاقتصاد ، وتخرجنا في نهاية العام 1950، بعدها رجعت الي مقر عملي في التونج برتبة مساعد مأمور مضاف إليه سلطة قاضي من الدرجة الثانية، وذهب زميلي لويس بيي الي أويل وبرنابا الي يامبيو وبولين الير الي ملكال وغردون بول الي ياي، ومازالت الأحداث تتلاحق مسرعة دخل السودان في برنامج الاستقلال ودخلت انا في السياسة رغم إن وظيفتي تحرم عليه ممارسة السياسة، ولكن حركة المصريين الكثيفة والدعاية الكبيرة التي قادها الصاغ صلاح سالم لوحدة وادي النيل جعلتني انزل الي المجتمع لتوعيته من مخاطر هذه الدعاية، وقتها كنت برتبة مأمور وقاضي من الدرجة الأولي، بعد ان اجتزت إمتحان في القانون البريطاني لذلك تم نقلي الي رومبيك، ثم جاءت سودنة الوظائف وتم ترقيتي الي مساعد محافظ لكي أحل محل مساعد المحافظ البريطاني في يرول، وبذلك أصبحت أول جنوبي يتولى هذه الوظيفة في عام 1954، حينها لم ينل السودان استقلاله بعد. هذا هو تاريخ حياتي مع الدراسة والعمل بإيجاز .
السؤال الثاني:-
لماذا حارب الجنوبيين الشماليين في عام 1955 وماهي أسباب الحرب وارجو ان تحدثنا عن مجازر واو، جوبا و ملكال؟
يا إبني دندرا سألتني عن الحرب، أقول لك الحرب اسم مكروه، ولكنها اصبحت ضرورية في حالة الجنوب. إنها حرب من أجل العدالة، الكرامة ، المساواة سياسياً إقتصادياً إجتماعياً مع الشمال، ولقد لخصها قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان أحسن تلخيص حين قال "إنها حرب من أجل الصدق ، الامانة، والشفافية" .
الجنوب حارب الكذب، خاصة الكذبة الكبيرة التي ضحك بها الشمال علي الجنوب قبل الإستقلال عندما قالوا لنا لا تخافوا بعد خروج الإنجليز سوف نوزع المناصب بيننا بالعدل، وسوف تتولون إدارة أنفسكم بسد الوظائف التي كانت حكرا للإنجليز، ولكن بعد خروج الإنجليز وأثناء سودنة الوظائف، ضحك علينا الشماليين ومعهم المصريين، واتذكر جيداً المصري الصاغ صلاح سالم الذي قابل القائد الجنوبى الذكي عبدالرحمن سولي، وقال له لا تخافوا من خروج الإنجليز من السودان لأن شباب مثلك وكلمنت امبورو سوف تصبحون حكاماً في مناطقكم في الجنوب ولكنها وعود منثورة في الهواء.
سودنة الوظائف كانت إهانة كبيرة للجنوبيين وقد أكدت لنا ان عرب السودان "النخبة الحاكمة" كذابون ومخادعون ولا يؤمنون بالعدل والمساواة لذلك ألخص أسباب الحرب في الآتي:-
الكذب والخداع والكبرياء الذي مارسه عرب الشمال "النخبة الحاكمة" بمساعدة المصريين في سودنة الوظائف وعدم السماح لنا بالمشاركة في إدارة السودان بصدق وأمانة وشفافية .
محاولة كسر شوكة الجنوبيين بتحويل جيش قوة دفاع الاستوائية الي الشمال في ذلك الجو المشحون بالغضب خلق شكوك وسؤال كبير دائر في الوسط الجنوبي لماذا نقل الجيش في هذا الوقت .
أقولها للتاريخ بكل صدق وامانة عن نفسي وعن بقية زملائي السياسيين القدامى إن التمني والتحسر لا ينفع ولكن كان بالإمكان تجنب هذا الدمار، وإن هذه الحرب هي مسئولية الساسة الشماليين الذين رفضوا رفضاً قاطعاً الإستماع الي الجنوبيين، ولم يحاولوا حتي مجرد محاولة معرفة ما يحس به الجنوبيين من ظلم وإهانة بل قابلوا كل ذلك باستهتار ولا مبالاة كبير.
يا إبني دندرا بالإمكان تفادي الحرب الأولي لو استمع رئيس الوزراء الراحل إسماعيل الأزهري لحديث السلاطين في زيارته الي عاصمتهم جوبا في أكتوبر 1954 بعد السودنة. لقد قام المحافظ الشمالي بتجهيز إجتماع تنويري لرئيس الوزراء مع السلاطين ولكنها المحافظ الشمالي رفض ان يتحدث الرئيس مع السلاطين بحجة ان البرتكول لا يسمح لرئيس الوزراء بالجلوس إليهم، أضف الي ذلك إن الرئيس في عجلة من أمره وانه سوف يرجع الي الخرطوم في نفس اليوم، والحقيقة ان المحافظ علي علم مسبق بمطالبهم ولا يريدهم ان يبلغوا به الرئيس. عندها طلب مني السلاطين تبليغ الحاكم الإنجليزي مكريل بغضبهم من هذا التهميش. ولقد حمل الحاكم الإنجليزي حديث السلاطين محمل الجد وعقد في مكتبه إجتماع فوري للسلاطين مع رئيس الوزراء وطلب مني الترجمة رغم ضعفي في اللغة العربية .
في البداية تحدث السلطان الكبير أقوج مجوك أقوج من التونج وكان يرتجف من شدة الغضب والشعور بالإهانة بعد ان منعهم المحافظ الشمالي من الحديث الي رئيس الوزراء وطلب مني ان ابلغ سيادته ان جسمه يرتجف من شدة شعوره بلإهانة والتجاهل وإذا لم يرجع ليستمع اليهم لكانت هذه الرجفة سوف تظل تصاحبه والغضب يجري في دمه مدي الحياة من شدة التجاهل والتهميش وإذا كان هذا هو نهجهم الإداري فسوف يكون العواقب وخيمة، ثم تحدث سلطان آخر وقال السيد الرئيس في هذه الدنيا لا يمكن ان تشاهد احد يعبث بممتلكاتك وبمستقبل اولادك وتقف مكتوف الأيدي، نحن ننتظر منكم العدالة فأعدلوا بيننا. وأقول للتاريخ لقد تحدث السلاطين الي رئيس الوزراء في مسائل أراها مهمة جداً ولو كنت مكانه، لأخذت حديثهم بجديه وبحجمه الكبير، ولكن عرب الشمال دائماً مستهترين غير مبالين، لذلك مازلت أقول وسأقول لو كان العرب في الشمال "النخبة الحاكمة" يريدون تقدم السودان عليهم أن يتعاملوا مع المواطنين بصدق وأمانة والشفافية .
ذهب رئيس الوزراء الي الخرطوم بكل بساطة وترك ما قاله السلاطين خلفه بدون ان يتحرى عنه ويضع له نهاية منطقية وأكثر من ذلك أطلقت دعاية مفادها أن لويس بيي وكلمنت أمبورو، ولويس بيي وراء حشد السلاطين لمقابلة رئيس الوزراء وتضييع وقته الثمين بحديث السلاطين الساذج.
بعد ذهاب الإنجليز أعتقد الشماليين إنهم الحكام الجدد للسودان، ويجب علي البقية طاعتهم، ناسيين أنهم سودانيون ومهمتهم كسب ثقة السودانيين الجنوبيين وضمهم داخل السودان الكبير بدل من إرسال إشارات خاطئة بأنهم الإنجليز السود، وهم مرسلون من الرب من أجل الحكم بشرعه لذلك اندلعت الحرب.
عن المجازر التي حصلت في الجنوب:-
كنا في طريقنا الي جوبا مع صديقي غردون مورتات للتحري عن مجزرة جوبا يوم 11/7/1965 وقتها كنت رئيس حزب جبهة الجنوب، كالعادة هبطت الطائرة في واو للتزود بالوقود حتى تواصل طريقها إلي جوبا، وفي مطار واو جاء مجموعة من أهلي لتحيتي، قال لي احدهم وهو يرتجف أتدري ماذا جري أمس هنا؟ لقد قام الجيش بتصفية كل أبناء المنطقة المثقفين، المجزرة تمت داخل الحفلة المقامة لابن السلطان سفرينو شير ريحان، احدي سلطان منطقة قوقريال. ذهلت وصحت بأعلى صوت وبغضب شديد ليس من مهمة الجيش قتل المدنيين الابرياء داخل المدن ، بل مهمة الجيش حماية المدنيين، انتم يا ناس واو اخرجوا جميعاً إلي الغابة لحماية أنفسكم من الجيش، وقتها كان المسئول عن حامية واو اللواء الباقر الذي أصبح وزير للداخلية في عهد مايو وشارك في محادثات السلام في أديس أبابا، ثم ذهبنا إلي جوبا وشاهدنا البيوت المحروقة والجثث وعندما سألنا قائد الحامية أجاب قائلاً صدرت لنا تعليمات تقول الطريقة المثلي لحماية المواطنين من الانخراط في الأنيانيا هي تصفية كل المثقفين المشاغبين بما فيهم كلمنت أمبورو نفسه للترهيب تطبيق مبدأ ( اضرب المثقف يخاف الجاهل). نفس المجزرة حدثت في ملكال، كل هذا يؤكد ان الحكام في الخرطوم لا يهمهم أمر المواطنين في الجنوب بقدر ما يهمهم ثرواته.
السؤال الثالث:-
كيف قتل وليم دينق ومن المسئول عن مقتله؟؟؟؟
مازلت أذكر هذا الحادث حتى اليوم ولن يبارح مخيلتي. وهاأنت تعيدني الي ذلك اليوم المشئوم، وقتها كنت في واو مشغول بانتخابات عام 1968، وبالتحديد كنت في مباني رئاسة المديرية داخل مكتب محافظ واو كرمة الله العوض نتابع التقارير السعيدة التي تأتي من غرفة إحصاء بطاقات الناخبين، مفادها انني متقدم علي كل المنافسين ومهما حصل، ان أقرب المنافسين لي لا يمكنه ان يزاحمني في الفوز بمقعد الدائرة.
أثناء حديثنا سمعنا صوت طلقات نارية وأبواق تعزف ألحان النصر فوق سيارات الجيش التى تعبر كبري نهر الجور الي داخل مدينة واو، كنا مندهشين ماذا يجري هناك ؟ قالوا لنا انه طوف الجيش القادم من رومبيك، في اليوم الثاني بلغوني ان هناك شخص يبحث عني اسمه الطيب الطاهر أرسله زميلي المحافظ كرمة الله العوض ليبلغني انه ومدير البوليس وقائد الجيش غادروا الي رومبيك ليتحروا عن مقتل المرشح البرلماني وليم دينق وان مساعد المحافظ يريد مقابلتي .
قابلت مساعد محافظ واو فسألني سؤالاً مباشراً ما هو رد فعل الناس هنا في واو إذا علموا بمقتل السيد وليم دينق؟؟
اندهشت لهذا السؤال وقلت له من تقصد بالناس في واو؟؟ قال لي الشارع، ثم أردف قائلاً عليهم أن يعرفوا أن الانيانيا هم الذين قتلوا وليم دينق .اندهشت أكثر لهذا الاستنتاج السريع . في اليوم الثاني تحركت وابن عمي الي مباني المديرية ملبياً دعوة حضور إجتماع طارئ عقده مساعد المحافظ ليبلغني رسمياً ان وليم دينق قتل وان الوضع الأمني في واو غير مستتب وشخصي مهدد بالقتل. هذا التقرير زادني إصراراً علي معرفة الحقيقة قبل ان اغادر واو، روي إبن عمي عثمان اوقانقا الذي كان سائقاً لسيارة ضمن الطوف القادم من رومبيك قال: في ذلك اليوم كان طوفهم مغادر رومبيك وسيارة وليم دينق في طريقها الي داخل رومبيك، وكان قائد طوفهم علي علم بقدوم سيارة وليم دينق، لذلك عندما وصل الطوف الي كوبري ابيريو تخلف ومعه بعض الجنود والضباط، وأمر بقية الطوف بمواصلة السفر وانتظاره في منطقة شوبيت التي تبعد 12 ميل من كبري ابيريو.
قاطعت العم كلمنت سائلاً من هو قائد الطوف ؟؟ أجاب العم كلمنت لا اعرف ثم واصل قائلا حسب رواية ابن عمي أن قائد الطوف لحق بهم في شوبيت عند المغيب بعد ان انتهوا من عمليتهم . وكان ذلك الطوف هو نفس الطوف الذي أشرت إليه في بداية هذه القصة، كان الجيش يحتفل اثناء دخوله واو بالنصر الكبير الذي حققه وهو مقتل وليم دينق .
خلاصة القول ان الجيش السوداني هو المسئول عن مقتل وليم دينق، ثم بث دعاية مفادها ان الانيانيا هم من قتلوا وليم دينق، هذه الرواية تحققت منها بنفسي من سجلات وزاره الداخلية عندما كنت وزيرًا لها، وزيادة في التأكيد قال لي دفعتي محافظ واو كرم الله العوض بعد الحادث، ان صديقك وليم دينق ارتكب خطأ جسيما كونه رفض السفر تحت حماية الجيش السوداني. فأرجوك لا تقع في نفس الخطأ حتى لا تلقي نفس المصير.
السوال الرابع
بصفتك أول واخر جنوبي تولي منصب كوزير للداخلية حدثنا عن توليك هذه الوزارة كيف تم ترشيحك لها ؟؟ وهل كنت تمتلك الصلاحيات الكافية لإصدار الأوامر بمنعي كنت وزيرا حقيقيا ولا وزير شاي وجرائد كالعم جوزيف لاقو ؟؟؟
ن الحكومة التي عملت فيها وزيرا للداخلية أتت من خلال ثورة الشعب ضد حكم عبود العسكري، اجتمعت كل الأحزاب والفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتكوين حكومة انتقالية وتم تكليف الأستاذ سر الختم الخليفة رئيس الوزراء بتكوين الحكومة، وقتها منح الجنوب ثلاثة وزارات وكنت علي رأس قائمة المرشحين. اختاروني وزيرا للداخلية لمعرفة رئيس الوزراء بحب شعب الجنوب لشخصي ومدي إخلاصي لهذا الشعب الطيب، لذلك أقول لك يا ابني دندرا ان عزة نفسي كجنوبي لن تسمح لي بان أكون وزير شاي وجرائد، أو أكون وزيرا في كل الحكومات، ولو كنت وزير شاي وجرائد لما قبلت علي نفسي المعاناة من ضنك العيش التي أتحملها في الغربة وأنت شاهدًا عليها وانا فخور بها واعتبرها جزء من النضال.
كنت وزيرا للداخلية معي زميلي ازبونا منديري وزيرا للمواصلات وأقول لك أن رئيس الوزراء وبقيه زملائي في الحكومة كانوا غير مرتاحين لطريقتي في الحديث بتجرد وصدق، كان حديثي وقتها مشابهًا لحديث قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور جون قرنق الذي لا يجد الحب من جلابة الخرطوم ؟
السؤال الخامس
مارايك في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان وبالتحديد مارايك في قائدها
سأقول الآتي ان الابن جون قرنق هديه من رب العرش العظيم لشعب جنوب السودان خاصة والسودان عامة، فما حاولت ان اقوم به وغيري من السياسيين الجنوبيين ترجمه قرنق ورفاقه الي واقع ملموس، هم الذين اقنعوا المجتمع المحلي والدولي بعدالة قضيتنا، لذلك لا املك له ورفاقه الأقوياء غير الصلوات والدعوات بطول العمر والنجاج والتقدم والازدهار.
هناك افراد قلة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان أساؤوا إليها، ولكن هذا لا يؤثر كثيرا في جسمها، وفي ما حققته من إنجازات لهذا الشعب المظلوم.
وصيتي لقرنق كقائد ان يكون دائماً حاضرًا وسط شعبه متواجداً، ويسهل لهم طرق الالتقاء به، حتى يعرف ما يدور داخل مجتمعه ويتفاعل مع رغبات شعبه.
السؤال السادس :-
ما رايك في اتفاقيه السلام الحاليه بين الحركة الشعبية والحكومة ؟؟؟
عندما أتحدث عن الاتفاقيات مع حكومات الشمال اعتمد علي وصف صديقي ودفعتي ابيل الير في كتابه الذي سماه( جنوب السودان ونقد العهود والمواثيق(
هذا هو حالنا دائماً مع حكومات الشمال لذلك أنا منتظر من الحكومة في الخرطوم الأفعال وليست الأقوال، عن الاتفاقية ذات نفسها، لقد راجعتها عدة مرات، وراجعها صديق الراديكالي غوردون مورتات، وكان رأيه في تلك الاتفاقية مثلي تماماً. إنها الأحسن لانها تمسك الماء( Water Tied) قالها ضاحكا.
لقد قرأت خطاب قرنق في يوم 9/1/2005 وكان خطابا معبرا حوى كل ما تمناه قلبي ووصلت معها الي قناعة تامة بقوتها وصلابتها أنها جميلة.. انها جميلة.
بدون مقدمات طرح رفيقي عبد العزيز سلوف مساعد أمين مكتب الإعلام بالشعبة السياسة شمال إفريقيا سؤالاً وقال آسف علي المقاطعة والتدخل، العم كلمنت ما رأيك في وضعية جبال النوبة والنيل الأزرق ؟؟
أجاب العم كلمنت وقال: لم أكن ضمن الوفد المفاوض، ولكن قائد الحركة الشعبية قالها واضحة حان الوقت لهؤلاء المهمشين أن يقولوا رأيهم بدون ضغوط أو أي مؤثرات، إنها فرصة تاريخية لإخواننا في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ليقولوا رأيهم بحرية في هذا السودان، وأنا أقول هذه سانحة طيبه يجب أن ينتهزها قرنق وقيادات تلك المناطق، ليوحدوا المهمشين كما وحدوهم أثناء حرب التحرير وارجوا أن ينضم اليهم الشرق والغرب لاننا شعب واحد. وبما أنني كنت اعمل بمدينتي الفاشر وبورتسودان كنت أقول لأصدقائي هناك، لا فرق بيننا وبينكم نحن شعب واحد. فقط الفرق في الأرض، نحن نعيش وسط الغابات وانتم في الصحراء والجبال، حان الوقت كي يعيش كل المهمشون مع بعض وأتمني من قلبي أن يتحقق هذا قريباً.
بالنسبة لمنطقة أبيي فلا حوار ولا حديث ولا تلاعب فيه. ابيي جنوبية ميه في الميه ولقد ضمها السلطان دينق مجوك للشمال لسببين:-
1/ تفادي الاحتكاك مع سلاطين أقوياء مثل قير تيك في قوقريال والسلطان لانق جوك.
/2 منح أبناء ابيي فرصة اوسع للتعليم في الشمال .
ولكن الآن انتهي كل شيء، ابيي جنوبيه ولا نريد المساومة فيها.
كلمه أخيرة من واقع تجربتك كزعيم جنوبي عمل في السياسة طويلا ماذا تقول للسودانيين عموما الوالجنوبيين علي وجه الخصوص ؟؟؟؟
اقول انها فرصة طيبة للسودانيين ان يمسكوا هذه الاتفاقية بقوة وان يتابعوا تنفيذ بنودها بدون تواني وتراخي حتي يعم الخير كل البلاد.
بالنسبة للجنوبيين أقول: لهم حان الوقت لبناء بلدكم بحب ونكران ذات وصدق وامانة وشفافية. يجب ان تلتفوا حول القيادة التاريخية للحركة الشعبية لتحرير السودان وان تبتعدوا عن القبلية لانها سرطان زرعها الشمال السياسي داخل الجسم الجنوبي بهدف إضعافه ومنعه من التوحد والتفاعل بقوة للتقدم والازدهار. انا مؤمن انكم اقوياء قادرون علي صنع تاريخ جديد للسودان وللجنوب بصفة خاصة وفقكم الله لرفعة هذا البلد.
نيروبي في الموافق الاحد 23/1/2005 الساعة الواحدة نهاراً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.