بسم الله الرحمن الرحيم ...... بعد تخرجي من الجامعة في ثمانينيات القرن الماضي كانت الأحلام كبيرة والخيال كان واسعا وأنا سبق أن ولجت عالم الغربة في سنيي دراستي الجامعية ، في تلك الفترة كان السودان يمر بأزمة كبيرة وقوية من التصحر والجفاف والمجاعة التي ضربت السودان في تلك السنوات ، كنا عندما نجلس في قاعة التلفزيون للفرجة كانت أخبار السودان تعصر قلوبنا ونحن نشاهد الإغاثات تتدفق إلي السودان والناس تجري خلف السيارات والطائرات تقذف لفافات الأكل والناس تتخاطفها وهي في منظر بائس يكسر القلب ونحن بين زملاءنا العرب والأجانب كانت تمسخ لنا الجلسة في صالة التلفزيون ، كانت الخرطوم من أكثر المدن شقاءا في العيش والحياة كانت فيها كئيبة وكل شئ فيها يشعرك بالألم ونحن نتجول في عواصم كثيرة ونحن نحاول أن نجد العذرالذي يجعلنا نشعر بالفخر والإعتزاز في تلك الظروف لعاصمتنا الوطنية ، وكانت المدينة مثل ساحة الحرب القوي يأكل الضعيف فيها ، المطاعم وسخة وصحونها مطرقعة والطرق محفرة لا صرف صحي والمطر في الخريف يخلي اللواري تقيف ، في هذا الوضع الشائك والمعقد في البلد خطوت أولي خطواتي للغربة وأنا احمل في داخلي كل هذه التنقاضات وفي ذلك الوقت كان كل أهل البيت يعملون حتي يكون البيت مفتوحا وكل الأمة تخرج الصبح للعمل نساء ورجال وأطفال ، كانت التحديات كبيرة وأنا أحمل هموم أسرة كبيرة تحتاج أن يكون البيت مفتوحا ولأكثر من ثمانية عشرة عاما من السنوات كنت أشتغل من صلاة الفجر حتي الساعة الحادية عشرة ليلا في ظروف غاية في الصعوبة وذلك لكي يكون المنزل مفتوحا ومعافي . لقد سرقت الغربة الكثير منا وفقدنا فيها الكثير بعد أن حصلنا علي الكثير واليوم كثير من المغتربين أقل مانستطيع قوله أنهم مصابون بداء السكر والضغط والقلب والسرطان وتبدلت الأيام وتوسعت الأسر واليوم توجد قضايا ومشاكل يعجز القلم أن يذكرها هنالك بنات قابعات في البيوت خلف الجدران يعانين الكثير الكثير من عدم التعليم وإنتهاء الإقامات وكبر الوالد وتبدل ظروف العمل والحياة وصعوبة العلاج ومن أكثر المواقف التي تفضح كثير من الأسر المرض والذي يكشف حال الأسرة وإنقطاع كثير من الأسر والعوائل من السودان لسنوات طويلة إنقطعت فيها الصلات الأسرية وخط الرجعة اليوم من أصعب الخطوط ، هنالك في السجون نساء ورجال وأطفال وقضايا ومشاكل شباب فقد الهوية في ملبسه وسلوكه وتقطعت السبل علي كثير من الشباب بدون هويات وجوازات منتهية وإقامات سقطت منذ سنوات طويلة ، إنعدمت فرص العمل كثيرا وكثير من الأسر تبيت وتصبح علي الجوع في بلاد فيها كل خيرات الدنيا ، هنالك قصص تدمي القلوب لأسر عفيفة فقدت السند تعيش علي كرامتها وعزتها وكبريائها تحت حزام الجوع والفقر وهنالك أسر تفضحها فواتير الكهرباء والإيجارات التي إرتفعت إلي معدلات غير مسبوقة مع إنخفاض الرواتب ، تباعدت النفوس بين السودانيين ومن تجده في الشارع لا يسلم عليك ولا يرد عليك السلام خوفا من أن السلام يجيب كلام ، وأنت تتجول في المدينة تقابل الآف السودانيين ولكن كل هذه الألآف لا يرد أحد عليك السلام وتحية الإسلام ، تغيرنا كثيرا إلآ مارحم ربي . في كل هذه الظروف وهذا الواقع صدرت قوانين جديدة للبلد المضيف للفترة المحددة بثلاثة أشهر ليقوم كل شخص بتصحيح وضعه في البلد وهذا حق مكفول لكل بلد ، وعرفنا من الإعلام ان السعودية إستثنت السودانيين من الغرامات هكذا فعلت السعودية مشكورة ، لكن لماذا لا زالت الحكومة السودانية تضع يديها في جيوبها وهي تتفرج ولم تقم بأي خطوة تحفظ لمن تبقي لهم من كرامة ، هنالك كثير من المقيمين لا يمكن تصحيح أوضاعهم لعشر سنوات لأنها قضايا مزمنة ومتراكمة تشعبت حتي أصبحت مثل سحب روح الميت العاصي وهي تتشتت في الجسم مثل سحب المغرز ذو الأسنان المتشعبة من داخل الشعر المبلل ، هنالك الكثير ممن يمتلك الدابة التي تعيشه في السودان وهنالك كثير ممن يملك الأثاث الذي يمكنه من النوم فيه ولكن بما أن الحكومة تضع يديها في جيوبها ولا تريد أن تخدم مواطنيها في تلك الظروف الإستثنائية بتقديم العفو وتسهيل الجمارك لكل عائد يصعب عليه حل مشاكله من خلال تلك المدة ويجب علي الحكومة أن ( تترجل شوية ) وتخرج يديها من داخل جيوبها وتنقذ لمن تبقي له من كرامة لأن الوضع الحالي بدون أية معالجات من الدولة سوف يخلق واقع مرير وسيفقد الناس أقل المتاع الذي بيدهم وتتزايد نسبة الفقر بوصول جيوش جديدة من الفقراء وستتزايد الجريمة ، علي الدولة وبأعلي مستوياتها أن تتحرك في سبيل مساعدة وتسهيل لكل من يملك سبيل العيش الكريم بالعودة والجمارك وإحترام المواطن الذي قدم الكثير الكثير لهذا الوطن . نعنشة خفيفة ....... مشروع كسلا لتربية الحيوانات وتصدير اللحوم أعتبرته مثل الحلم صحوت وقلت ( اللهم أجعله خير ) وتحسست رأسي في تلك الظروف التي تمر بها الولاية ، نحن لا نرفض أن يكون هنالك مشروع ومشاريع ونرغب في المستثمر الذي يضمن حقه ويحصل علي العائد الذي يجعله يخسر كل هذا ، وفي نفس الوقت نرغب أن تكون الولاية منصفة في حقوق الغير وأن لا تغبط حق الآخرين وكمان عاوزين نعرف موضوع المنطقة المركزية حصل فيها ماسمعنا أي خبر فيها وكأنك يازيد ماغزيت .