اعداد الاستاذ: زكريا ادم على مواصلة لما اشرت اليه من حديث عن الصراع حول الهوية فى السودان فى الجزء(1) والذى حددت فيه ان الهوية تنبنى على ثلاثة ركائز اساسيه وهى : التاريخ والجغرافيا والثقافة . وقد وضحت بما فية الكفاية عن المرجعية التاريخيه السودانية سواء كان ذلك من ناحيه الحضارات او الاصول العرقية لصانعى تلك الحضارت وما تلى تلك الحقبة من تغييرات على الصعيد التراكيبى السكانى من جهة وعلى الصعيد اللغوى والعقائدى من جهة اخرى وهذه تعتبر تغيرات طبيعيه مصاحبه للهجرات التى تحدث للسكان, فكل مجموعة مهاجره تؤثر او تتأثر بصورة سلسة بثقافة المجموعات الاخرى سواء كانت وافدة او مقيمة وهذه طبيعة الحياة , ولكن البقاء يكون للثقافه الحية والمواكبة لتلك التغيرات. اذن الواقع التاريخى يقر باسبقية الثقافة الكوشية وفيما بعد النوبية والتى مازالت معالمها التاريخية موجوده ولا تخطأها العين بما تحملة من حضارة معمارية ولغة نوبيه مكتوبه ولكن هذه اللغه اندثرت بفعل التغيرات الثقافية جراء التمازج السكانى الذى حدث عقب الهجرات العربية والفتوحات الاسلامية التى اثرت فيما بعد على المكون العرقى نتيجة للتزاوج بين العرب والنوبة بالاضافة الى تاثير الدين الاسلامى الذى نزل بلسان عربى وهذه الميزة شجعت السكان الذين اعتنقوا الاسلام على تعلم اللغه العربية لتسهيل عملية فهم مفردات ومعانى الدين الجديد ( الاسلام ) . وبما اننا نبحث عن مواطن الصراع حول الهويه . يتبادر الى الاذهان الاسئلة الصراعية التالية :- (1) كيف ولماذا اندثرت اللغة النوبية المكتوبة ؟ (2 ) لماذا لم تعتمد الدولة السودانية الحديثه اللغة النوبية كلغة رسمية للدولة على حسب مرجعيتها التاريخه خاصه وانها لغة مكتوبه ؟ (3) اليس من حق النوبيين الاعتقاد بان الدولة الحديثة استهدفت عن قصد طمس هويتهم التاريخيه ؟ نترك الحديث عن اللغة وتاتيراتها تحت عنوان الجانب الثقافى . ولكنى اشرت اليها هنا لارتباطها التاريخى بالمنطقة كواحدة من امثلة الحضارة التى سبقت التكوين الحديث للدولة السودانيه الحالية. ان الحديث عن الهوية النوبيه للدولة السودانيه قد اثير فى عدة مناسبات ومنابر . فقد حضرت ندوة بجامعة القاهرة فى العام 2008 بمركز الدراسات الافريقية قدمت فيها عدة اوراق من بينها ورقة عن العلاقات المصرية السودانية والمصير المشترك .اشار فيها المتحدث على عروبة الدولتين وقطع القول بعروبة الهوية السودانيه ولكن هناك محاولات ماكرة تحاول افرقة الهوية السودانيه لعزله عن محيطة العربى ,نتج عن هذا الصراع العربى الافريقى اصوتا هنا وهناك تنادى بشكل صراعى الى حسم هذه الجدلية بالرجوع الى التاريخ , وقد اشار المتحدث الى ان الهوية السودانية هى موضع مغالطة حتى الان . مالفت نظرى هو حديث احد المتداخلين يبدو انه نوبى معتز بحضارتة وثقافته النوبية , حيث قال: ان الدولة السودانية لو اتخذت من النوبية هويتا للسودان لاراحتنا من الصراع الدائر الان حول الهوية مابين العربية والافريقية. ولكن هناك مؤرخين اشاروا الى تحديد المنطقة التى تعنى بلفظ ( النوبة ) قد اطلقت على اجزاء وادى النيل الواقعة على جانبى نهر النيل بين مدينه اسوان والخرطوم الحالية . وهذة المساحة بالطبع لا تمثل السودان بجغرافيته وثقافاته المختلفة ولكن هذا التعريف على بقعة محددة تمثل جزءا من السودان الحالى . وهذا يقودنا الى التطرق الى تاثيرات الموقع الجغرافى فى تحديد الهوية . من خلال هذا السرد التاريخى نلخص الى ان التايخ وحدة لا يحدد هوية البلدان لان التاريخ نفسه قد تصاحبه تغيرات جزرية لا يمكن غض الطرف عنها عند تناولنا لقضية تتعلق بتحديد الهوية , خاصة فى الحالة السودانية وما صاحبتها من تغيرات فى مراحل تاريخه عبر العصور . فاذا ركزنا فى التاريخ القديم واعتبرنا انه مرجعا اساسيا فى تحديد الهويه فالهوية السودانيه واستنادا لذلك التاريخ سوف تكون كوشية او نوبيه وهى مرجعية ذات اصول افريقية وهو راى يعضدة وجود حضارات وسلطنات وممالك افريقية فى انحاء السودان الحالى . وهذه تعتبر واحدة من الاسباب التى دعت بعد الكتّاب الى التبرير بافريقية الهوية السودانية بدلا من العربية