حالة البحث عن الذهب الشائعة حاليا في السودان وبالذات فى الأجزاء الشمالية أصبحت تقض مضجع أى سودانى يهمه أمر الوطن. فالذهب المستخرج من باطن الأرض يوجد فى صور معروفة وبدأ الأهالى فى استخراجها فعلا والاستفادة منها. وما صرحت به ولاية نهر النيل فى وقت سابق أن يسمح للأهالي باستغلاله للمنفعة الشخصية لتعم الفائدة المنطقة بدلا من عمليات منظمة قد تبعد الأهالي من الفائدة المباشرة هو كلام معقول الى حد كبير. ولكن ما حدث كان غير هذا بل يمكن أن نقول إنه قد يرقى إلى "كارثة قومية" . فالذهب المستخرج من تلك المناطق وعلى امتداد فترة من الزمن كان كثير منه عبارة عن مصنوعات يدوية أثرية artifacts متنوعة تشير قرائن الأحوال أنها من العهد النوبي القديم (منطقة كوش). والمعروف، نتيجة لكثير من الأبحاث والاستكشافات المتخصصة يعلمها بالتأكيد المختصون فى السودان، أن هذه المناطق تشتمل تحت الثرى على مدن وقرى قديمة وتعتبر من كنوز البشرية والتى تكون حاليا مادة ثرة للتناول العلمي على مستوى العالم والذى ينبئ عن تحول كبير فى مفاهيم بدايات الحضارة الإنسانية فى العالم. وبالفعل بدت بوادر تلك التجمعات السكنية القديمة فيتحدث الناس حاليا عن سراديب تحت الأرض ومقابر ومومياءات وأواني فخارية (يقوم الأهالي بكسرها ورميها فى كثير من الأحوال وفق تقرير بعض الشهود(. وحسب روايات هؤلاء الشهود هناك طائرات تحط فى الخلاء وأجانب عابثون ينهبون. ومافيا الآثار من أكثر العصابات خطورة بعد المخدرات وهي تجارة تشمل مليارات الدولارات. ومما يزيد الألم والحسرة أن الناهبين من المواطنين يقومون بصهر الآثار الذهبية لبيعها سبائك غير مدركين الخسارة الفادحة فى هذا إذ يسلبون قيمتها التاريخية التى لا تقدر بثمن. فإذا تغاضينا عن انعدام الحس الوطني من قبل الأفراد العاديين بضرورة الحفاظ على تراثنا التاريخي الذى يهتم به – دوننا – القاصي والداني فى الأوساط الثقافية والعلمية فى العالم، وإذا تغاضينا أيضا عن انعدام الوعى اللازم بأزمة وجودنا الحضاري الذى نعيشه ولأسباب أظنها معروفة منها قصور النمط التعليمي وغياب بناء ثقافة الأمة وزرع الحس بالفخر والاعتزاز بالانتماء لهذا الشعب والملهاة الحائرة التى يعيشها النشء فى ظل أداء إعلامي مضطرب منكفئ وسياسة إرشادية وإعلامية بعيدة عن القدرة على التمكين أو التأثير ... فهل نتغاضى عن الدور البيروقراطي المحض للدولة ؟ وتتمثل درجة غفلة السلطات المسئولة فى تصريح السيد الوزير المختص لإحدى الصحف بأن ما يحدث حاليا من نهب للآثار هو جرائم "غسيل أموال" وحصر التراث المنهوب فى قيمته المالية كأنها سرقة بنك أو نهب خزنة وهذا ينم عن قصور فى الوعي بأبعاد المشكلة. إنها جريمة سرقة وطمس تاريخ أمة وهويتها. إن التعامل مع أية مشكلة يأتي بقدر إدراك أبعادها. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. يعرف قانون الآثار لعام 1999 فى الفصل الأول منه الحفريات ومناطق الآثار ويعرف فى الفصل الثاني ملكية القطع الأثرية ودور الدولة فى حماية المناطق ووضع اليد عليها ودور الجهة المسئولة عن الآثار فى تقييم القطع الأثرية ووصفها (وضرورة تعريف الشعب بها) وفى الفصل الثالث يبين اللوائح المنظمة للترخيص وحق الملكية العلمية والعينية. هذا القانون يفترض أنه يحافظ على تراث وثروة الأمة وتاريخها وخصوصا أن هذا الشعب فى حاجة ماسة لأن يعي تاريخه ويفخر به ويتمثله ويحافظ على ينابيع الحضارة الإنسانية التى بين يديه وتحت الثرى. القصور فى تطبيق القانون والتفريط فى القيمة التاريخية للأمة التى لا تقدر بمال والتى ترقى لدرجة الجريمة القومية هو المسئولية المباشرة للمسئولين عن الآثار فى الدولة، سواء فى الدواوين أو فى الرواق الأكاديمي. فنحن نعلم أن هناك أكاديميون لهم وزن فى المجال ونطالع أسماء بعضهم فى المحافل الدولية وفى الإصدارات العلمية ولكن الاستفادة منهم فى تثقيف المواطنين والاسترشاد بهم لحفظ الثروة القومية والعالمية فى نفس الوقت منعدمة تماما. وكعادة الغرب فى هذه الحالات يمكن أن يقدم لهؤلاء الأكاديميين أي شيء ليرضوا غرورهم الشخصء – ومن أخطر الأشياء على الأمم هو الغرور الأكاديمي لنخبتها "المثقفة" - ولكن أي فائدة عملية يكون محلها دائما فى الغرب العتيد. فهل قدر لنا أن نستكين ونرى آثارنا وتاريخنا ينهب كما رأينا أراضينا تنهب من قبل (حلايب ، شلاتين ، قطاع فرس) ؟ وهل قدر لنا أن نقبل الحياة لأمتنا وهي راضية بالفتات من مائدة التاريخ ؟ لقد رضينا باستكانة غريبة ‘للفضلة' التى اتخذناها اسما لبلادنا ، فكل من يرى خريطة لهذه المنطقة من إفريقيا قبل استقلال دول المنطقة (فى الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي) يجد أن المنطقة برمتها من ساحل البحر الأحمر وحتى المحيط الأطلنطي تسمى بلاد السودان "البلاد التى يسكنها السود". ومع استقلال دول المنطقة ذهب كل قوم باسم لهم يرون فيه تعبيرا عن هويتهم. السودان الفرنسي صار موريتانيا ومالي والنيجر ، السودان المصري الإنجليزي (كما كان يسمى) هو بلادنا التى لم نحاول أن نثبت لها هوية حتى الآن. وكأن هناك صراع بين من يرى أن يكون الاسم الجديد متيمنا الشطر الإنجليزي من الاسم السابق ومن يرى أن يكون مستخرجا من الشطر المصري. ويبدو أن الصراع لم يحسم بعد أو يكون قد نُسي أو أُغفل أو – لا قدر الله - لا يزال التفكير مستمرا. ومن الغفلة أيضا ما قرأته فى إحدى الصحف عن امتناع الأستاذ جعفر ميرغني بمعهد حضارة السودان عن التعليق كمتخصص فى موضوع عن الحضارة النوبية، وهذه ظاهرة متعددة فى الرواق الأكاديمي حيث ينأى الأكاديميون عادة عن الناس وكأن التحصيل والعلم الذى اكتسبوه فقط من نصيب الطلبة أو المنتديات أو حلقات الدراسة والبحث. إن حالة الثقافة الوطنية أو القومية – سمها ما شئت – عندنا تدعو فى غالب الأحيان إلى الحسرة وإلى الضحك ، ولكنه ضحك كالبكا. وهنا يجب توضيح أن هذا العصر وكما هو معلوم لدى الجميع هو عصر تقارب الشعوب وتطور العلاقات وذوبان الفواصل الثقافية والحدود ولن يسلم من هذا الطوفان إلا من يعي أصله وتاريخه وحال حاضره ومسار مستقبله. فمثل هذا الوعي هو ‘جواز السفر' الذى نسعى به بين الأمم ، وهو ‘السيرة الذاتية' التى يقبلنا بها الآخرون. فالشعب المصري تمكن من بناء كيان له بين الأمم عبر تاريخه والعمل الجاد على ربط هذا التاريخ بحاضرهم وأنجز واحدة من أكبر صناعات السياحة فى العالم مدعوما بأكاديمييه وعلمائه وجهازه الإعلامي والرسمي ووعي شعبه بأهمية تاريخه. وهم يسعون بين الأمم مفاخرين بحضارة 4 آلاف عام ومتطاولين على تراثنا بادعاءات غير صحيحة فى الحقائق التاريخية والتى بدأت تتكشف فى الأوساط العلمية حاليا (فى هذا الصدد يمكن للمهتمين مراجعة دراسات وكتابات تيموتى كندال من جامعة هارفارد وكريستوف جرمسكي من جامعة تورنتو بكندا والباحث السنغالي شيخ أنتا ديوب على سبيل المثال لا الحصر) الأمر الذى يلقي على نخبتنا المثقفة عبء ضرورة المشاركة الفعالة وعدم الرضا بدور المتلقي السلبي، فالأمر يخصنا فى المقام الأول. وبعد حرب العراق بدأ شعب العراق الرجوع الى الأصول التاريخية للتركيبة السكانية فى العراق والتوحد حولها درءا للذوبان فى حضارات أخرى وبدأت فئة الأمازيج بالمغرب العربي فى نفض الغبار عن ماضيهم وتأكيد إسهام علمائهم فى الحضارة الإسلامية. ومثل هذا فى الهند والصين وتركيا وإيرلندا وأسبانيا وأخيرا – وبالتأكيد ليس آخرا - أسكتلندا. وليس أقرب إلى الكمال من وحدة أمة تعي تماما تاريخها وتنوع أصولها وسلامة أمة تنشد تكامل هذه الأصول فى بوتقة تحولات حضارية جديدة تضيف لسابقاتها. لقد عشنا عقودا من الزمان نرى تاريخنا يتعرض للسرقة والتغول والغش الاستلاب. وظلت الرؤية المصرية لتاريخ المنطقة هي السائدة وساعد فى هذا غرق رقعة كبيرة من مناطق الآثار السودانية وبها أعداد كبيرة من الأهرامات فى بحيرة النوبة لم تنل الاستكشاف والدراسة اللازمة. وظل "زاهي حواس" المسئول السابق عن المجلس الأعلى للآثار بمصر والذى عرف بكراهيته للأفارقة السود وتاريخهم – كان يوهم العالم بترهات عنصرية مضمنا تاريخنا تحت عباءة التوجهات العنصرية التى نادى بها الكثير فى مصر، من أمثال لويس عوض ، وتمادى فى غيه بإشاعة أن الحضارة النوبية (الكوشية) القديمة هى من فضلات الحضارة الفرعونية فى شمال الوادي ولم يأل جهدا فى إقناع المحافل العلمية والدراسية والاجتماعية فى العالم بآرائه ولم يحرك "علماؤنا" أو "متخصصونا" ساكنا لمواجهته (تمت الإطاحة به فى ثورة 25 يناير). وتعرض حواس لهجوم كبير من كثير من الأوساط العلمية مفندة لآرائه بعد النشاط الكبير والتعمق فى تاريخ شمال السودان الأركيولوجي وتعدد البعثات العلمية للتنقيب والبحث الذى تم منذ العقدين الأخيرين من القرن الماضي مما أدى إلى تغيير فى المفاهيم القديمة الرامية الى اعتبار الحضارة المصرية هي الرائدة ولا علاقة للجنس الإفريقي بها. وعلى العكس تماما ثبت أن الحضارة والثقافة الكوشية ، وحسب قول كريستوف جرمسكي: "... المواقع الأثرية فى شمال السودان تعتبر أكبر المواقع وأكثرها أهمية وتعتبر قلب حضارة سوداء قوية ازدهرت على ضفاف صعيد النيل حوالي 750 سنة قبل الميلاد. ورغم أن البعض اعتبر الحضارة الكوشية كامتداد للحضارة المصرية فقد كانت على العكس حضارة خلاقة ذات ثقافة على امتداد أكثر من ألف ميل على النيل وشيدت القصور والمعابد والأهرامات وكانت مركزا لإنتاج وتصنيع الحديد ورغم هذا يجهلها المثقفون والعامة ". ومع ذلك كان نتيجة لهذا الوعي المفاجئ لتاريخ السودان الأركيولوجي والاكتشافات الجديدة أثر على درجة من الخطورة بالنسبة للسودان وتوجهاته المستقبلية ينبغي الوعي به تماما وبمراميه وما قد يترتب عليه. فقد أدى انتشار النشاط الإعلامى والأكاديمي عن الحضارة النوبية القديمة وظهور الاتجاه القوي "أفرقة الأصول الحضارية للجنس البشريAfro-centrism " والذى عضده آراء العالم والباحث السنغالي شيخ أنتا ديوب (الذى كتب عن الأصول الأفريقية للحضارة) وبعض الأكاديميين الغربيين مثل مارتن برنال (الذى كتب عن الأصول الأفروآسيوية لحضارة أثينا). كل هذا أدى إلى انتفاضة وعي بين الأمريكيين الأفارقة حيث صار الكثير منهم يجاهرون بأن لهم أصول نوبية وصار هناك حملة ترويجية لكل ما اعتبروه – وفق هواهم - نوبيا من الموسيقى الى الأزياء إلى المواقع الإباحية على الإنترنت. والخطورة تكمن بصورة أشد فى الجماعات التى تدعي أنها نوبية وتنادي بضرورة إرجاع المسيحية الى أرض النوبة فى السودان والتى يروجون أنها قُهرت بالغزو الإسلامي فى القرن السادس، وبعضهم يروج بضرورة حفظ اللغة النوبية القديمة التى بدأت تندثر فى موطنها نتيجة لسياسة فرض اللغة العربية على الأهالي من قبل العرب. ولعل أخطر تلك الإفرازات هو النشاط الصهيوني الذى بدأ بخبث وبالأسلوب اليهودي الداهي فى زرع الاعتقاد عند الناس بالوجود اليهودي فى بلاد النوبة منذ الأزمنة الأولى. فصارت بلاد النوبة – فجأة – موضوعا للندوات والنقاشات بدءا "بنية الحكومة الإسلامية فى السودان لطمس الآثار النوبية بإغراقها فى بحيرة خزان مروي" الى الدعوة للمخطط الرامي لدعم توحيد الشعب النوبي فى مصر والسودان. وهناك إشارات قوية أن الفاتيكان تقف أيضا وراء مثل هذه المخططات. ولكن الذى استرعى انتباهي بالذات هو حلقات الدراسة التى عقدت فى الغرب حول هذه المواضيع أذكر منها على سبيل المثال الندوة التى عقدتها فى يونيو 2008 مؤسسة "التراث Heritage Foundation" الأمريكية التى تعتبر من أقوى بؤر الفكر اليميني المتطرف فى الولاياتالمتحدة فى ماساتشوستس بعنوان ( النوبة القديمة ، الهدف التالي للتصفية فى السودان Ancient Nubia: The Next Target for Annihilation in Sudan) وتحدث فيها الصحفي الكندي هنري أوبن حول كتابه الذى اكتسب شهرة فى الغرب "إنقاذ أورشليم: التحالف بين العبرانيين والأفارقة عام 701 ق. م." وأقدم هنا ترجمة للمادة التعريفية عن الندوة للتعرف على ما تنطوي عليه من خبث ودهاء: (الحضارة النوبية القديمة بكنوزها التاريخية القديمة وآثارها التى تشمل أهرامات وأعمال فنية من زمن الفراعنة وتحف الجماعات المسيحية واليهودية فى كوش مهددة بالفناء من السدود التى يشيدها نظام الجبهة الإسلامية القومية بالخرطوم. جاهد النوبيون فى السودان الحديث للحفاظ على ثقافتهم كما حافظوا شفاهة على لغتهم الخاصة عندما أجبرتهم الخرطوم على التكلم بالعربية. الآن تواجه كنوز الحضارة القديمة هذه خطر الفقدان إلى الأبد حيث تسعى الخرطوم لتنفيذ أجندتها لاستئصال الثقافة الأفريقية والتراث المسيحي واليهودي من أرض النوبة بإغراق المنطقة كلها). لا تعليق! ومن المعروف أن الأحداث التاريخية التى بني عليها الكتاب المذكور موضوع الندوة صحيحة حيث تمكن "ترهاقا" من فك حصار الأشوريون عن أورشليم فى القرن السابع ق. م. استجابة لملك اليهود "حزقيال". ولكن لا أظن أنه كان هناك وجود يهودي فى بلاد النوبة بالمعنى المفهوم حيث اقتصر وجودهم فى جزيرة فيلة بأسوان وكانوا يعملون لصالح فرعون مصر فى حماية الحدود من هجمات النوبة وتأمين التجارة. الطريقة الوحيدة للإعداد لمجابهة الأخطار القادمة ، والتى سيجابهها بلا شك الجيل القادم، هو إعداد كل فئات الشعب للمستقبل، وتبصيرهم ويجب الاقتناع بأن النظام التعليمي الحالي هو عملية ‘تغليف' المرء بصبغة وظيفية معينة ولا تعد العقل للتفكر والتدبر واستنباط الحقائق واقتناص الخير ودرء الشر. والوعي بالتاريخ يجب أن يأتي على قمة الاهتمامات والعمل على هذا عبر الإعلام والدروس الموازية وفتح المتاحف للناس وإعداد موجهين بها للشرح لكل مستويات الشعب. أمتنا اتخذت من التاريخ شريط ذكريات للمتعة والتلذذ بأحداث الماضي ، فقد برعنا فى سرد أي تفصيلات تافهة، وبرعنا كالعادة فى عرضها بكل المحسنات البديعية وزخرف القول. نسينا أن التاريخ مقدمات لها نتائج تشكل المستقبل وتنير الحاضر. وبدون إدراك هذا فالمستقبل ظلام والحاضر تخبط ويتوقف الزمن ويضيع العمر هباءً منثورا. قال القدماء "إن قراءة التاريخ تضيف لقارئه عمراً ثانياً ، وإنها من ثم – تضاعف العمر ، لأنها تضيف إلى عمر القارئ عمر الشعوب والقادة والأبطال الذين قرأ تاريخهم عن طريق اكتسابه خبراتهم ، وجعله يعيش ما عاشوا من أحداث ووقائع وأيام. والتاريخ أيضا " عرض الأمة " كما سماه الكاتب عباس محمود العقاد. ويجب أن نعي وجوب التفاعل مع التاريخ الذى بين أيدينا والانطلاق إلى آفاق أخرى فى المستقبل بأفكار جديدة ومتجدده والحذر من مدّعي العودة للتاريخ حيث كان والانطلاق من هناك، حينذاك نضيع فى غياهب نفس التاريخ. وقد قال "كارل ماركس" كلمات حقة: (إن التاريخ لا يعيد نفسه، وإن أعاد نفسه ففي المرة الأولى مأساة ، والمرة الثانية مهزلة(. مازالت أراضينا الواسعة تحوي الكثير من الكنوز فعلى المسئولين بالدولة بما لهم من سلطات الحفاظ عليها بالتوعية والحماية، وعلى المثقفين والأكاديميين بما لهم من دراية وعلم من الرصد والاستنباط والتأصيل وتنشيط الوعى القومي وشحذ الهمم للتحصيل والمعرفة العامة والتسلح بالخلق الحضاري فى التعامل مع مقدرات الأمة. وكلما ظهرت الحقائق من باطن الأرض، تداعت الأفكار الزائفة وخفتت الأصوات الحاقدة. وظهور الحقائق من باطن الأرض يستلزم العزم والمثابرة والتسلح بالمعرفة والالتزام الخلقي والوطني. وكما قال المدون الأمريكي ‘ديلامر دوفيرس': " حقيقة أساسية واحدة يمكن أن يبنى عليها جبل من الأكاذيب ، فإذا نقبنا فى عمق ذلك الجبل من الأكاذيب واستخرجنا تلك الجقيقة ووضعناها على قمة ذلك الجبل من الأكاذيب سينهار تحت ثقل تلك الحقيقة الواحدة". نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصواب والإخلاص ولا يجعلنا أبدا من الغافلين. عبده