دارفور تلك الأرض الواسعة التي تمتد حدودها شمالاً إلي الجماهيرية الليبية وغرباً إلي دولة تشاد ومن الغرب والجنوب الغربي إلي جمهورية جنوب السودان وأفريقيا الوسطي وهو أقليم يكبر مساحةً الكثير من الدول الآسوية وخاصة العربية منها والتي أصبحت اليوم ذات شأن في المنطقة وذلك بفضل إدارتها لمواردها البشرية أولاً ومن ثم مواردها الإقتصادية الأخري. إندلعت الشرارة الأولي لهذه الثورة في مارس من العام 2003م بمنطقة جبل مرة والتي تتوسط أقليم دارفور وكان في الأمكان تدارك المشكل وإغماد نار الحرب في حينها بناءً علي مخرجات مؤتمر نرتتي والذي كان سقف مطالب التمرد (ليس دخول الخرطوم) بل فقط ثلاثة مليار جنية سوداني لقيام طريق الإنقاذ الغربي وبعض المرافق الحيوية بدارفور الكبري، ولكن الجانب الحكومي ركل المخرجات ببوط كبير وزاد عليها شتائم حيث وصف التمرد حينها بمجموعة من الصعاليك وقطاع الطرق وقال سوف نحسم الأمر عسكرياً بدون إحترام لؤلئك الذين بذلوا الغالي والنفيس من المال والجهد (طبعاً من مال الشعب السوداني) لتنظيم وإنجاح المؤتمر ولم تحسم الأمر حتي هذه اللحظة. كان تمرد دارفور درساً مجانياً لتأخذ الحكومة العبر والعظات من التاريخ القريب للأزمات والمشاكل المتشابه لها ولكن الأمر جد مختلف حيث كان إتفاق نافع عقار حيثياته ومخرجاته قريبة من مخرجات مؤتمر نرتتي المشار إليها وكان أيضاً يمكن أن يغمد تمرد النيل الأزرق أو من الممكن أن يأجله إلي تاريخ آخر غير تاريخ خروج عقار وتمرده ولكن أيضاً هو الآخر تلقي مجموعة من الركلات في مؤخرته وبطنه وفمه مما جعله يفقد التوازن والثبات في إطار شراكة الحكم القائم المهم نرجع للموضوع. عقد ونيف مر علي التمرد في دارفور والحرب في عوجّها تحصد الحرث والنسل وتدمر ما تبقي من القري وبالتالي تزيد في عدد معسكرات اللجوء والنزوح والحال هكذا والبعثة الدولية لحفظ السلام UNAMID يناميد علي أرض دارفور بقواته وعرباته وأسلحته الخفيفة والثقيلة من الطيران والدبابات والآلف من الجنود والشرطة والعاملين في المجالات الأخري كل هذا متوفر علي الأرض ومنذ عشر سنوات من بداية الأزمة وما زال إنسان دارفور الأعزل يعاني الأمريّن، مرارة الذل والهوان في معسكرات اللجوء والنزوح ومرارة القتل والإغتصاب وصلب المال لمن عاد إلي القري هرباً من بؤس وحرمان الخصوصية في المعسكرات. صدقوني من الأطفال من مات عطشاً في الأيام الفائته من هذا الشهر إبريل 2013م بسبب المعارك التي دارت في مناطق لبدو والمهاجرية ومرلا حيث هرب الكل من نيرات التمرد وقاذفات الأبابيل والأنتنوف طلباً للحياة فإذا بهم بواجهون الموت بسبب العطش، الواقع بهذا المأساة ونحن نعيش القرن الحادي والعشرون وأهداف الألفية الثانية حيث ينادي العالم بتمردٍ علي ثالوث (الجهل ، المرض والفقر) وحال كثير من البلدان المتقدمة والمتحضرة اليوم تفتح حدودها للهجرات البشرية جذباً للعقول والتنوع البشري ونحن نأسس طواحين للموت بحروبنا العبثية لطحن البشر طحناً, فأنا لا أزرف الدموع غزيرة علي المدنيين الذين يموتون بدون ذنب ولكن دموعي وعويلي أيضاً علي قواتنا المسلحة وإخوتنا في التمرد لأنهم جميعاً من رحم هذا الوطن والكل غالي وفي حدقات العيون إذ أنه لا معني أن يموتوا هكذا كالذباب وبدون تخليد أوحتي الذكر الحسن. عشر سنوات والجرح ينزف يتخلله بين الفينة والأخري عمليات جراحية تزيد الجرح إحتقاناً ثم ينفجر من جديد ، أليس من الأجدر أن تتحول مهمة القوات الدولية من حفظ السلام المُفتري عليه إلي صناعة السلام حفاظاً لأروحنا وكرامتنا وعرضنا وأرضنا والأولي من ذلك كله علي الأطراف المتاحربة وقف صناعة الموت أو حصرها فيما بينهم. أوعلي المجتمع الدولي مراجعة قرار وجود قوات حفظ السلام من هذا النوع. الأستاذ/ عز الدين آدم النور