إسحق أحمد فضل الله يكتب: (وفاة المغالطات)    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من لم يكفر عصيد فهو كافر: من فتاوى أساتذة التربية الإسلامية في التعليم الثانوي، المؤدلجين للدين الإسلامي!!!
نشر في سودانيزاونلاين يوم 29 - 05 - 2013


[email protected]
قديما قالوا: (عش رجبا ترى عجبا). وهذا العجب، الذي صار يتوالد كالفطر، يتمثل، بالخصوص، في أن كل من أطال لحيته، يتحول إلى مفتي الديار، التي يعيش فيها، وفي المجال الذي يتحرك فيه، حتى وإن كانت تلك الديار، وذلك المجال، لا يتجاوزان دوارا من عشرين، أو ثلاثين أسرة، أو لا يتجاوز مكان العمل، الذي قد لا يتجاوز مستوى الحجرة الدراسية، إن كان مسدل اللحية أستاذا، أو قد لا يتجاوز مساحة المؤسسة التعليمية، إن كان صاحب اللحية المسدلة مسؤولا عنها. فلعل إسدال اللحية، هو الطريق إلى أن يصير صاحبها نبيا، أو رسولا، من الله إلى عباده، الذين يرتبط بهم صاحب اللحية في الدوار، أو حتى في المدينة. وفي أحسن الأحوال، يصير (عالما)، والعالم من صفات الله تعالى، الذي لا تخفى عليه خافية، انطلاقا من إيماننا به، لا من معرفتنا لذاته، لأنه لا يعرف إلا بالصفات، كما يقول علماء الكلام القدامى. أما في القرءان الكريم، فلا نجد فيه إلا قوله تعالى: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد)، وقوله: (ليس كمثله شيء)، وقوله: (وسع كرسيه السماوات والارض). وخلاصة هذه الآيات، وغيرها، أن الله لا يعرف إلا بالإيمان، لا بالحواس، وبالصفات، كما يقول علماء الكلام، وعلمه ليس كمثله شيء، لأنه (يعلم السر وأخفى)، كما جاء في القرءان الكريم، أما صيرورة صاحب اللحية عالما، فذلك من باب التجاوز، ومن باب النسبية، لا من باب العلم المطلق، الذي هو علم الله، الذي يصير من باب المستحيلات، حتى وإن كان المدعي للعلم أستاذا للتربية الإسلامية، وحتى إن كان حاصلا على الدكتوراه؛ لأنه إن علم شيئا، غابت عنه أشياء. وإلا، فلماذا اختلاف التخصصات في التدريس، ولماذا لا يكلف أساتذة التربية الإسلامية بتدريس الفلسفة، أو العلوم الفيزيائية، أو العلوم الطبيعية، التي صاروا يسمونها علوم الأرض؛ لأن الإنسان يعرف من خلال اعتماده الوسائل، التي تمكنه من ذلك، بعد امتلاكه لأدوات استعمال تلك الوسائل. وهو بذلك لا يتجاوز المحسوس، والملموس، وصولا إلى المعقول، المقبول منطقيا؛ لأنه ليس علام الغيوب. فعلام الغيوب هو الله تعالى، الذي لا يرقى إليه بشر، انطلاقا مما نومن به؛ لأنه إذا صار علام الغيوب، فسوف يصير مقامه كمقام الله تعالى، في حين أنه يأكل، ويشرب، ويتسوق كبقية البشر، ويتزوج، ويلد، ويقضي حاجته، ويتنظف، ويتوضأ، كما يفعل سائر المومنين بالدين الإسلامي. وما هو مطلوب منا دينيا، كمومنين، ومسلمين، هو معرفة أمور الدين الإسلامي، كما جاءت في الكتاب، والسنة الصحيحة، والثابتة، التي لا خلاف حولها، وصولا إلى معرفة العبادات، وطرق أدائها، باعتبارها ثابتا، ومعرفة الشرائع، كيفما كانت، باعتبارها متحولا. والمومن المسلم الحقيقي، هو من يميز بين الثابت، والمتحول في الدين الإسلامي، الذي يجمع بين العقيدة، والشريعة، من منطلق أن العقيدة، وما يترتب عنها من عبادات، هي شأن فردي، انطلاقا من الشهادتين، حتى أداء الركن الخامس من العبادات، بالنسبة لمن استطاع إليه سبيلا: ( ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)، كما ورد في القرءان الكريم، في حالة الإيمان بالدين الإسلامي، الذي ليس قسريا، كما جاء في القرءان: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر). وكلمة من شاء، لا يمكن أن تفيد إلا كون الإيمان بالدين الإسلامي اختيار فردي، والكفر به كذلك اختيار فردي، ومن منطلق أن الشريعة جاءت لتنظيم المجتمع، في دار الهجرة، بعد الهجرة إلى يثرب، بعد ظهور الإسلام في مكة، للحفاظ على سلامة المومنين بالدين الإسلامي، وبعد أن آمن الأوس، والخزرج به، وقام في واقع يثرب مجتمع المسلمين، فاحتاجوا إلى تنظيم مجتمعهم، فكانت الشرائع الواردة في الآيات المدنية، الواردة في القرءان الكريم، والتي تدعم بما ورد في السنة، لتنظيم ذلك المجتمع في ذلك الزمن، وفي ذلك المكان، ولتصير مرجعا يرجع إليه المسلمون في كل زمان، وفي كل مكان، لوضع الشرائع التي تناسبهم، بدون أن يقال عنهم: إنهم خالفوا الدين الإسلامي، أو خالفوا الشريعة الإسلامية، خاصة، وأن الدين الإسلامي كعقيدة ثابت، وكشريعة متحول. وإلا، فلماذا نجد أن الأحكام الفقهية، التي تنطلق من نفس المرجع: (الكتاب والسنة)، تختلف من مكان إلى مكان، ومن زمن إلى زمن، كما تشهد بذلك العديد من الكتب الفقهية، التي نجد فيها: أن الأحكام الفقهية في صدر الإسلام، ليست هي الحكام الفقهية في عهد بني أمية، وليست هي الحكام الفقهية في عهد العباسيين، وليست هي الأحكام الفقهية في العراق، أو في الشام، أو في مصر، أو في الأندلس، أو في المغرب، وهو ما نستنتج منه أن الشريعة ليست ثابتا، بقدر ما هي متحول. وهذا التحول، هو الذي يمكننا من القول: بان اعتماد عمر بن الخطاب دواوين الفرس، في تنظيم شؤون الدولة، لم يخرجه من الدين الإسلامي، وأن اعتماد القوانين الغربية المتقدمة في تنظيم شؤون المسلمين، في دول المسلمين، لا يعني الخروج عن الدين الإسلامي؛ لأن الثابت، والمتحول، قائمان في الدين الإسلامي، شاء من شاء، وكره من كره من أصحاب اللحى، الذين يفتون في الأمور التي لا شأن لها بالمتحول، كما لا شأن لها بالثابت في الدين الإسلامي.
ومن الفتاوى التي تفتقت عنها عبقرية مسدلي اللحى، والتي يروجونها في المجتمع المغربي، وخاصة في الحجرات الدراسية، في مختلف الثانويات الإعدادية، والتأهيلية بالخصوص، فتوى: (من لم يكفر عصيد فهو كافر). وهذه الفتوى، هي البرهان القاطع، على أن مؤدلجي الدين الإسلامي، مهما كانت هويتهم الأيديولوجية، والسياسية، يؤسسون لأحد أمرين:
الأول: دعم، ومساندة، وتأبيد الاستبداد القائم، الذي شرعن وجودهم الحزبي، والسياسي، على أرض الواقع المغربي، ومكنهم من الوصول إلى مراكز القرار، للمساهمة الفعلية، في تأبيد الاستبداد القائم، وضمان استمراره، وقمع كل الحركات الاحتجاجية السلمية: الديمقراطية، والحقوقية، والمطلبية، وإصدار المزيد من القوانين القمعية، للاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
والثاني: التخطيط، والتنفيذ، من أجل تجييش مجموع أفراد المجتمع، في ظل راية أدلجة الدين الإسلامي، في أفق القضاء على الاستبداد القائم، والعمل على فرض استبداد بديل، وفي جميع المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وباسم إقامة الشريعة الإسلامية.
ومؤدلجو الدين الإسلامي، يستغلون كل المناسبات، من أجل تربية المجتمع على الخضوع، والتجييش، مستغلين في ذلك أمية، وجهل غالبية أفراد المجتمع، وكونهم لا زالوا في طور التعلم، وتدينهم النابع من صدق إيمانهم بالدين الإسلامي، لشد انتباه المجتمع، للخطر الذي يتهدد الدين الإسلامي، من خلال ما يمارسه العلمانيون، بالمعنى القدحي للعلمانية، بفتح العين، وكسرها. مع أن الحقيقة: أن العلمانية هي الانطلاق من الواقع المادي، في التعامل مع مختلف جوانب ذلك الواقع، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمعتقدية، من أجل إفساح المجال أمام الإبداع الفردي، والجماعي، المتحرر من كل القيود، التي تعرقل المسيرة في اتجاه التطور، الذي لا حدود له، وفي إطار احترام تعدد المعتقدات، وحماية تلك المعتقدات، التي تبقى شأنا فرديا، بعيدا عن ممارسة القمع، وفرض تحكم معتقد معين، بعد أدلجته.
وفي هذا السياق، نجد أن الدين الإسلامي، ذو طبيعة علمانية، كما ورد في العديد من الآيات الكريمة. ومن ذلك قوله تعالى: (قل يأيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا انتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم، ولي دين)، وقوله تعالى: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر)، وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا، ,بينكم أن لا نعبد إلا الله)، وقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، وهي آيات بينات، كما يقول المقرئون، إن كانت توحي بشيء، إنما توحي بأن الدين الإسلامي في أصله، وفصله، هو دين علماني، يقر التعددية الدينية، كما يقر اختيار عدم الإيمان بأي دين. وهو، لذلك، يترك الحرية للناس، إن شاءوا آمنوا به، وإن رفضوا الإيمان به، فلا ضير عليهم، ولا يعادي المعتقدات الأخرى، ويجعل شؤون الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من شأن الشعوب. فهي وحدها التي تقرر مصيرها في كل ذلك، مما لا علاقة له لا بالاعتقاد، ولا بالتشريع. وإذا قال البعض بأن التشريع الوارد في الكتاب، والسنة، اقتضته الدولة (الإسلامية)، في طور التأسيس، نقول له بأن ذلك التشريع رهين بشروط تاريخية معينة، كانت قائمة خلال نزول الوحي، ويمكن القول: بأنها استمرت لعقود، إلا أنها لا يمكن أن تستمر إلى أبد الآبدين، كما يقولون. وهو ما يعني أن التشريع الوارد في الكتاب، والسنة، مما له علاقة بتنظيم المجتمع، يجب إن يصير تاريخيا، ولا يصح أن يفرض على المجتمع، حتى في المكان الذي نزل فيه الوحي على الرسول ص، نظرا للتطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي صارت تعرفه البشرية في جميع بقاع الأرض، بما في ذلك الجزيرة العربية، ويستحيل أن يتطور المجتمع، في جميع المجالات، دون أن يتطور التشريع.
وإذا كان الدين الإسلامي جاء لتحقيق وحدة المقدس، الذي هو الله تعالى، فإن تعدد المقدسات الدينية، في ظل الإيمان بالدين الإسلامي، لا يمكن أن ينتج إلا تعدد الآلهة، الذي يعتبر تخلفا، ولا علاقة له بالدين الإسلامي. فقد جاء في القرءان الكريم، قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)، ومحمد ص، باعتباره رسولا من الله تعالى إلى الناس كافة، ليس مقدسا، وهو لو كان حيا بيننا، ويتلقى الوحي من الله، لا استنكر كون المسلمين يقدسونه، كما نزل عليه الوحي في ذلك، لنفي القداسة عنه. قال الله تعالى، موجها إليه الخطاب: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)، ولو كان مقدسا كالله تعالى، ما عاتبه الله، حين نزل عليه الوحي بقوله تعالى: (عبس، وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك، لعله يزكى، أو يذكر، فتنفعه الذكرى). وإلا، فلماذا يحتاج إلى دعاء المومنين الأحياء، كما جاء في القرءان الكريم: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه، وسلموا تسليما). وكون الرسول ص غير مقدس، فإن كلامه المروي بطريق الآحاد، يعتبر، كذلك، غير مقدس، وما دام الأمر كذلك، فإن من حق أي مومن، مسلم، أن يبدي فيه رأيه؛ لأن كلامه، لو كان مقدسا، لصار بمثابة الله، ولكنا نحن كمسلمين، كما قال اليهود والنصارى: (إن الله ثالث ثلاثة)، الله والرسول، وكلام الرسول. وهي مقدسات ثلاثة، وقد يقول البعض، أن القرءان أيضا مقدس، فنرد عليه، بأن قداسة القرءان الكريم، امتداد لقداسة الله، ولذلك، لا داعي لأن نعتبره كمقدس، مفصول عن الذات الإلهية. ومع ذلك، فقد جاء في القرءان نفسه، قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرءان)، والتدبر، لا يعني، في العمق، إلا إعمال العقل، الذي يعتبر شرطا لوجود المسلم المومن؛ لأن الإيمان بدون إعمال العقل، لا قيمة له، ومن حق الأستاذ أحمد عصيد، الذي ليس من حقنا أن ننفي عنه إيمانه بالدين الإسلامي، لا يمكن أبدا أن نعتبر رأيه فيما يدرس للتلاميذ، والطلبة، في مختلف المستويات التعليمية: العامة، والخاصة، في قول الرسول ص: (أسلم تسلم)، كفرا بالدين الإسلامي؛ لأن المشكلة، ليست في عبارة (أسلم تسلم)، بل في التفسيرات، التي يعطيها مؤدلجو الدين الإسلامي، لهذه العبارة، والتي تساهم في تربية التلاميذ على الإرهاب، ونحن جميعا كآباء، نسمع من أبنائنا، ما يتلقونه عن أساتذتهم، في المؤسسات التعليمية، والذي لا يمكن أن يقبله عقل المومن السليم، والمسالم، الذي عليه أن يعمله فيما يرى، وفيما يقرأ، وفيما يسمع؛ لأن إعمال العقل، وإبداء الرأي، مكفولان لكل مومن مسلم. وتهديده بالقتل، واعتباره كافرا، خروج عن الدين الإسلامي. وكل من يعمل على تكفير المسلم المومن، ليس إلا خارجا عن الدين الإسلامي.
ومعلوم، أن ما تعرض له العديد من المفكرين، والسياسيين المسلمين، من اغتيالات، وتهديدات بالقتل، والتكفير، إنما هو من صنع مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين عملوا على إيجاد إسلام آخر، متعدد المقدسات، التي لا يمكن أن تصير إلا أيديولوجية، والتي جاءت نتيجة لتأويلاتهم الأيديولوجية للنص الديني: الكتاب، والسنة، ليصيروا بذلك بعيدين عن حقيقة الإيمان، وعن حقيقة الإسلام: أي عن حقيقة الدين الإسلامي، كما هو في الكتاب، والسنة، وليس كما هو في تأويلاتهم الأيديولوجية، التي صارت بفعل خداعهم للمسلمين، وتضليلهم، هي الدين الإسلامي البديل، الذي لا ينتج إلا الإرهاب الفكري، والأيديولوجي، والسياسي، والجسدي، مرورا بالإرهاب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي.
وانطلاقا من هذا الإسلام البديل، لحقيقة الدين الإسلامي، يصير القتل الفردي، والجماعي جهادا.
فلتطمئن على سلامة تفكيرك يا أستاذ أحمد عصيد.
ولتعلم أن كل من يكفرك، إنما يعلن عن كفره بحقيقة الدين الإسلامي، من خلال خندقة نفسه في خانة أدلجة الدين الإسلامي، التي ليست إلا تحريفا للدين الإسلامي.
ولتستمر في نقدك للبرامج التعليمية، التي لا تنتج إلا الإرهاب النفسي، والفكري، والجسدي، الذي يمتد إلا الإرهابيين، من خريجي البرامج التعليمية، المعتمدة في المدارس العمومية، والخصوصية على حد سواء.
ولتعلم، أننا ضد كل ممارسة إرهابية في الواقع المغربي، وكيفما كان المستهدف بها.
ولتدرك أن استهدافك بالتكفير، إنما يسعى إلى تجييش المسلمين، باسم الدفاع عن الدين الإسلامي، من أجل دعم، ومساندة الاستبداد القائم، أو من أجل الوصول إلى مراكز القرار، لفرض استبداد بديل.
فمؤدلجو الدين الإسلامي، لا تقوم قائمتهم إلا على سفك الدماء، وباسم الدين الإسلامي، وما أنتجه ما يسمى بالربيع العربي، وهو ما لا يمكن وصفه إلا بهمجية مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين لا يتجاوزون أن يصيروا كالأعراب، الذين نزل فيهم قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا، قل لم تومنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)؛ لأن الإسلام بالنسبة إليهم، ليس إلا وسيلة لتحقيق أهداف معينة، وكذلك يفعل مؤدلجو الدين الإسلامي، الذين لا يتقنون إلا إرهاب كل من خالفهم الرأي، وخاصة، عندما يروجون لفتواهم، التي تفتقت عن أدلجتهم للدين الإسلامي: (من لم يكفر عصيد فهو كافر).
ابن جرير في 19 / 5 / 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.