عطل الجيش المصري الدستور ، عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وعين رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور رئيساً مؤقتاًَ لمصر ، مفجراً أكبر جدل سياسي، فالأخوان المسلمون وتركيا اعتبروا ذلك انقلاباً عسكرياً لأنه عزل رئيساً منتخباً لكن جبهة الانقاذ وبريطانيا لم يعتبروه كذلك لأن الجيش لم يعين أي رجل عسكري لحكم مصر! المعارضة المصرية كانت تصف الفريق السيسي ، الذي عينه الرئيس مرسي على رأس الجيش ، برجل الاخوان القوي داخل الجيش لكن السيسي عزل من عينه وأثبت أنه رجل الجيش القوي داخل ميدان التحرير! أصبح مرسي أول رئيس يُنتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة وأول رئيس مصري يتم عزله من قبل الجيش! هلل بشار الأسد لانحياز جيش مصر لشعبها وقاس وضع سوريا بمصر لكنه قياس مع الفارق لأن الجيش المصري لم يقتل مواطني مصر بينما قتل الجيش السوري أكثر من 30 ألف مواطن سوري! يرى البعض أن الاخوان سقطوا لنقص خبرتهم السياسية العملية فالرئيس مرسي فشل في حل المشاكل القومية الكبرى كالعطالة والغلاء وتفرغ لمناطحة القضاء والنيابة والجيش والشرطة والاعلام والسياحة والرياضة والفن! ويرى البعض الآخر أن الفلول قلقلت الكرسي ولم تمنح مرسي أي فرصة لفعل أي شيء! يرى البعض أن مشاهد العنف السياسي في مصر تثبت أننا شعوب غير قابلة لممارسة الديمقراطية فالفائزون يستبدون والمهزومون يثورون لكن في اعتقادي أن الديمقراطية لا تُكتسب بين عشية وضحاها وإنما تحتاج إلى أجيال من التعامل الراشد مع دولة المؤسسات لا دولة الأشخاص! حركة تمرد الشبابية فاجئت العالم بجمع توقيعات لعزل مرسي من 22 مليون مصري وحشد أضخم مظاهرات شعبية في التاريخ حيث تحولت الشوارع إلى أنهار من البشر قدرهم البعض بأكثر من 33 مليون متظاهر! الرئيس مرسي تشبث بالرئاسة حتى النهاية لكنها طارت منه وحطت على رأس السيد عدلي منصور الذي عُين رئيساً للمحكمة الدستورية يوم 1/7/2013 وأصبح رئيساً لمصر يوم 4/7/2013! اعترض الاخوان المسلمين فقط على عزل مرسي وأيدت عزله جبهة الانقاذ وحركة تمرد وبابا المسيحيين وشيخ الأزهر الأمر الذي دعا البعض إلى وصف الموقف بانقلاب عسكري مسنود بانقلاب ديني! أكثر كلمتين ترددتا في مصر مؤخراً هما (الشرعية الدستورية) و(الشرعية الثورية) وفي الواقع فإن الشرعية الثورية تهزم الشرعية الدستورية في زمن الثورات الشعبية بالضربة غير القانونية القاضية! انتهت المباراة السياسية بين فريق ميدان التحرير وفريق ميدان رابعة العدوية بفوز ميدان التحرير ولكن بعض الاخوان مازالوا يطالبون بوقت إضافي لتحقيق التعادل أو الفوز الذي يعتبرونه قد سُرق منهم بسبب انحياز الحكم العسكري لفريق ميدان التحرير! تم حبس مرسي وعدد من القيادات الاخوانية وتم إغلاق جميع الفضائيات الاسلامية ، في اعتقادي أن إجراء مصالحة وطنية وعدم إقصاء تيارات الاسلام السياسي هو السبيل الوحيد لخلق الاستقرار في مصر. بعض رجال الاخوان كتبوا وصاياهم وسلموها لزوجاتهم استعداداً للتضحية بأرواحهم من أجل إعادة مرسي للكرسي لكن حماسهم لم يبلغ مستوى حماس بعض رجال حزب الأمة السوداني الذين طلقوا زوجاتهم حتى يتفرغوا تماماً لاسقاط اخوان السودان! زار الرئيس مرسي السودان والتقي بالرئيس البشير ، الذي تتهمه المعارضة السودانية بالانقلاب على الديمقراطية ، البشير قرر زيارة مصر في يوليو والغيت الزيارة للسبب إياه ثم هنأت الحكومة السودانية الرئيس المصري الجديد الأمر الذي يُثبت أنه لا تُوجد في السياسة إخوانيات دائمة أو إسلاميات دائمة وإنما تُوجد مصالح دائمة فقط لا غير!