ممدوح محمد يعقوب هذه مقولة يرددها أشقائنا المصريين كما يحلو لعشاق ومحبي الهوية العربية ، فهم من دعوا دعوة الداعي بلا استجابة ، وحدة السودان مع مصر المسمى ( وحدة وادي النيل ) ولم يدعو لوحدة السودان مع أوغندا وتشاد وإثيوبيا ونيجريا برغم عامل التداخل الاجتماعي والثقافي والقبلي ، كانت المبررات التي استندوا إليها لوحدة السودان مع مصر ، إن السودان دولة عربية وثقافته عربية إسلامية بحتة ، ولو خيروا ليكون مصرين لتركوا السودان ورائهم وذهبوا بعقولهم وعواطفهم إلي مصر ( الأمة العربية ) ، بدلاَ من وجودهم مع أناس ذو بشرة سوداء ، أنه التماهي والبعد عن الذات ، وحدة وادي النيل في تصورهم خيار أفضل ، فلم يحدث الوحدة نحمد الله ونشكره على ذلك ، وربنا يعين أخوتنا السودانيين الذين ذهبوا إلي مصر ، يعاملهم المصريين أسوأ أنواع المعاملة ، حيث أبدوا استيائهم الشديد من سوأ معاملة المصريين ، أنهم يحتقرون الأفارقة . السوداني عندما يذهب إلي مصر يعامل بلا إنسانية ويتم إذلاله واحتقاره ، وعندما يأتوا المصريين إلي السودان نستقبلهم بحفاوة كبيرة لأنهم أشقائنا في العروبة ، تمادت الدولة وبشكل واضح لمخطط الأسلمة والاستعراب ، والتماهي واضح فماذا يفسر حينما يطلق للجنوبيين أخوان والمصريين والسوريين أشقا ؟، سمة أمر يضحكني تستخدم هذه اللعبة بعدما عرفها الجميع ، الشعارات والعبارات الرنانة أصبحت تجارة بائرة في كل المدن السودانية ، الشرق ، والغرب ، والوسط ، حتى في الأسواق ، السوق العربي والشعبي ، وليبيا ، لا يأخذها أحد المواطن ادرك حتى عندما يذهب إلي السوق يسأل ما إذا كان المنتج مصنوع في الصين ولا أمريكا ، لذا ادرك الجميع التميز ما بين البضاعة الزائق والأصلية ، كل الامكانيات متاحة في زمن الكولونيالية طالما نحن الحاكمين وهم المحكومين ( أنا وأخي على أبن عمي وأنا وأبن عمي على الغريب ) كأننا في عهد الجاهلية الأولي ، طلع البدر علينا ، حلت بنا كوارث مسجل في كتب التواريخ والأرشفة ، والروايات التراجيدية ولم تكن مثل الروايات اليونانية القديمة مثل الكينج أوديب المستوحى والمنسوج من وحي الخيال ، ولم تكن مثل الروايات الرومانتيكية التي كتبها وليم شكسبير (روميو وجولييت) أنها المعبرة عن التراجيدية الحقيقة مثل رواية الأم ، والجنقو مسامير الأرض ، ومسيح دارفور ، أشياء تتداعى للروائي تشينو أتشيبي أبو الأدب الأفريقي ، وابكي إيها الوطن الحبيب للروائي آلان باتون ، أخذت منحنا الواقعية ، كانت الروايات تقرأ في الخفاء أيام الثورة الماركسية ؛ واليوم أصبحت متاحة للجمع بفضل التطور التقني ، ما يحدث في السودان ينتقل بسرعة خيالية إلي البلدان الأخرى و المجاورة . كانت أمنياتي أن أكتب رواية واقعية عن واقع حالنا في السودان ، قلت لنفسي أكتب عن ماذا ؟ كانت لي عدة خيارات لعنوان روايتي وبحثت في قواميس المصطلحات ووجد مصطلح حاولت تفهمها جيداً وفهمت مضمونه بالعربية وكنت على علماً بأن غالبية الكلمات الانجليزية أصلها لاتينية ، ووجدت هذه الكلمة الكولونيالية تنطبق تماماً وبلا شك عن واقع حالنا في السودان نال ولم ينل استقلاله ، قلت في روايتي ما ذنب الأبرياء الذين يفقدون أرواحهم بحكم انتمائهم الثقافي والعرقي وغيره من أشكال التميز المباشر والغير مباشر ، ما ذنب الأطفال الذين ينامون في المجاري وطعامهم بقايا المأكولات التي ترمى في الطرقات مع الأوساخ . ما ذنب الصغار الذين لا ينامون ويصرخون من دوي القذائف . ربنا ينتقم من اللي كان السبب ، وطرحت عدة أسئلة للقاري من ضمنها لماذا الحرب في دارفور؟ ، لماذا انفصل الجنوب ؟ وأنا أيضاً كنت ابحث لكي اجد الأجوبة رجعت إلي كتب التاريخ حدثني التاريخ بأن السودان كان واحداً موحداً واستمر هذا الإرث التاريخي إلي قرون وعاشت الممالك والمشيخات والسلطنات دون أي شكل من أشكال الصراعات المصطنعة .واخيراً دخلت الثقافة العربية الإسلامية إلا أنها لم تحقق الانسجام مع الثقافات الإفريقية لجدليتها التاريخية التي عرفت بالتراتبية الاجتماعية وأفضلية العربي المسلم على غيره من الأفارقة الزنوج والشعوب الأخرى لأنهم لا ينتمون لذلك الحقل الثقافي وإن كانوا في دولة واحدة فهم غرباء في وجهة نظرهم . ربنا ينتقم من اللي كان السبب . أصبح التاريخ الحافل بالبطولات والأمجاد محل شك في التعامل مع الآخر . حقيقة الأمر ينبغي علينا ، ولعل من الضروري ألا نغض الطرف عن هذه الكارثة ، حتى لا يقع أجيالنا القادمون في هذه التراجيدية ويمارس عليهم الحِيلة والكذب تحت مظلة القومية والهوية الجامعة . لقد ظللنا نعاني من تلك الأكاذيب والأوهام وكانت النتيجة الحتمية فقدنا جزءاً أصيل من أرض وشعب هذا الوطن ، ربنا ينتقم من اللي كان السبب. ممدوح محمد يعقوب