د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    السجن لمتعاون مشترك في عدد من قروبات المليشيا المتمردة منها الإعلام الحربي ويأجوج ومأجوج    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن عبود (10): حاجة كاشف "الشيوعية"

"لا يقبل السودانيون ان تكتب امراة عن الجنس والدعارة"

عبود يريد مساعدات الصين وروسيا، لكنه يخشى مساعدتهم للشيوعيين السودانيين.

"اذا مول الروس خزان الرصيرص، بعد تمويل السد العالي، ليستيقظ الغرب للتوسعات الشيوعية في المنطقة"

احمد خير ينتقد العسكريين، ولكن سرا للسفير الامريكي

السفير السعودي: "احمد خير كذاب، ولم اعد اتعامل معه"
------------------------
واشنطن: محمد على صالح

هذه عاشر حلقة في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كألآتي:
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. ان شاء الله.
----------------------------
عناوين حلقة الاسبوع الماضي:
-- عبود: "ابدا، لم يعرف عبد الله خليل اننا سنستولي على الحكم"
-- احمد عبد الوهاب: "اقسم بالله عبد الله خليل ما كان يعرف"
-- عبد الله خليل: "اتفقت مع عبود ليحكم ستة شهور فقط"
-- السفير الاميركي: "كيف يتفق شخص في عمر عبد الله خليل، وبتجاربه، ورئيس وزراء وطنه، اتفاقا غير مكتوب حول مصيره، ومصير وزارته، ومصير وطنه؟"
-- خطاب بالشمع الاحمر من سفير السودان في القاهرة الى خليل حسم الموضوع
-----------------------------
تنبيه: بعد ثورة اكتوبر سنة 1964، تشكلت لجنة للتحقيق مع عبد الله خليل وعبود وقادة انقلاب 1958. وحسب تقرير اللجنة، اعترف خليل وعبود بان خليل هو الذي ضغط على عبود، وامره، ليستلم الحكم.
--------------------------------
في هذه الحلقة العاشرة، صار واضحا انه، بعد مرور شهرين فقط على انقلاب عبود، بدأ يواجه مشاكل:
اولا: بين وزراء عسكريين ووزراء مدنيين.
ثانيا: مع الشيوعيين واليساريين.
وفي هذه الحلقة، مثلما فعلت السفارة الامريكية في عهد عبد الله خليل، تابعت نشاكات حاجة كاشف، التي وصفتها بانها "واحدة من اكثر الشيوعيات المصبوغات باللون الاحمر في السودان."
-------------------
(من هي؟
حاجة كاشف بدري. بنت اخ المعلم الرائد بابكر بدري. وبنت عم الفنان الرائد خليل فرح. ومن رائدات حركة تحرير المراة السودانية:
في سنة 1952، اشتركت في تاسيس الاتحاد النسائي السوداني.
في سنة 1956، اصدرت مجلة "القافلة" الشهرية الثقافية.
في سنة 1956، نالت بكالريوس اداب من جامعة الخرطوم. وعملت مساعدة ضابط اعلام في وزارة الثقافة والاعلام.
في سنة 1957، حسب الوثائق الامريكية عن فترة عبد الله خليل، وكانت رئيسة الاتحاد النسائي، كتبت السفارة الامريكية تقريرا عنها، وقالت انها "شيوعية."
في سنة 1958، فصلت من وظيفتها، قبيل انقلاب عبود، وفي آخر ايام حكومة عبد الله خليل، بسبب نشاطها السياسي.
بعد ذلك، عملت مدرسة في مدرسة المهدي الثانوية للبنات في امدرمان. ثم في مدارس ثانوية في اديس ابابا عندما انتقلت الى هناك مع زوجها على التوم الذي كان خبيرا زرعيا دوليا. وصار في وقت لاحق وزيرا للزراعة في حكومة المشير جعفر نميري.
في وقت لاحق، عملت في منظمة اليونسكو، ثم في جامعة الدول العربية، سفيرة في الهند، ثم في كينيا. ونالت ماجستير من مصر، ودكتواره من الهند.
وفي سنة 1980،عملت، ايضا، في حكومة المشير جعفر نميري، رئيسة لمجلس الرعاية الاجتماعية، بدرجة وزير).
--------------------------------
في لندن:
3-1-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... نرفق مع هذا رايا كتبته حاجة كاشف في صحيفة "الايام" السودانية، يوم 16-12، عن الحياة في بريطانيا. ونحن نعتقد ان هدفها هو اثارة الشعور المعادية للاستعمار والامبريالية. حاجة كاشف، واحدة من اكثر الشيوعيات المصبوغات باللون الاحمر في السودان.
وكانت عزلت، بسبب ميولها الشيوعية، من وظيفتها في وزارة الشئون الاجتماعية (قبل انقلاب عبود بشهور قليلة). وهناك مأساتان:
المأساة الاولى: كان منصبها دليلا على تقدم وتطور المرأة السودانية. وها هي تفقده.
الماساة الثانية: انها امراة ذكية، وتريد في صدق خدمة وتطوير المرأة السودانية. لكنها غير متاكدة من نفسها، ومن ما تقول ...
نحن نرى ان كاشف لا تعرف الفرق بين الوطنية الحقيقية، والوطنية المدمرة التي تستهدف الغرب، والامبريالية، والتي تتاثر بدعايات روسيا الشيوعية، ومصر عبد الناصر الاشتراكية ...
وحسب معلوماتنا، ادت نشاطات كاشف هذه الى العكس. واضرت بنفسها، وسببت مشاكل لها، ولغيرها:
اولا: استهجنها السودانيون، لان التقاليد السودانية تعارض ان تكتب امراة سودانية عن مواضيع مبتذلة، مثل الجنس والدعارة.
ثانيا: استدعت وزارة الداخلية رئيس تحرير "الايام"، وانبته لانه نشر هذا الرأي.
ثالثا: احتجت السفارة البريطانية في الخرطوم لوزير الخارجية احمد خير. وقالت ان مثل هذه الاراء تسيئ الى العلاقات بين البلدين.
رابعا: عكس ما تريد كاشف، اي تطوير المرأة السودانية، جعلت كثيرا من الرجال السودانيين يقتنعون بان مكان المرأة هو البيت، وان التطور يجب ان يكون بطيئا جدا ...
نود ان نشير الى ان كاشف موجودة في بريطانيا بسبب منحة دراسية لها، ولزوجها. اعطتها حكومة بريطانيا المنحة، واعطت حكومة السودان زوجها المنحة.
ونلاحظ ان الراي الذي كتبته اثر على فخر وشرف السودانيين الذين لا يريدون ان تشوه سمعتهم، ولا يريدون ان ينكروا جميل الحكومتين البريطانية والسودانية ..."
----------------------------
ماذا كتبت؟:

صحيفة "الايام"، 15-12-1958
العنوان: رسالة من لندن: غرام في الشوارع، وقبلات ساخنة، ودعارة علنية.
بقلم: حاجة كاشف
"تمنع حكومة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا الدعارة العلنية، واعتقد ان هذا شئ سخيف. وذلك لانه لا توجد اماكن علنية خاصة للدعارة، لكن توجد دعارة.
في نفس الوقت، ربما لا يوجد داع للدعارة العلنية، وذلك لان اي منزل يمكن ان يكون منزل دعارة.
وسط البريطانيين، عندما يصل عمر البنت مرحلة المراهقة، تكون وجدت "بوي فريند" (صديق). والذي يمكن ان يقضي الليل مع البنت في غرفتها، بوجود والدها، ووالدتها، وبقية افراد العائلة.
تستمر مثل هذه العلاقات سنوات، وتنتهي احيانا بالزواج، او بدونه. وتقدر البنت على استبدال صديقها بصديق اخر، ثم بصديق غيره، وهكذا، الا ما لا نهاية.
حسب التقاليد البريطانية الاجتماعية، وهذا شئ غريب، هو انه، اذا لم تمارس البنت الجنس مع شاب، واذا لم تعثر على صديق، تعتبر فاشلة، وحالتها يائسة، ولا مستقبل لها. وقال لنا بريطانيون ان سبب عدم قبول صديق لها هو ان عندها مشاكل، او تفقد اشياء معينة.
يشاهد الذي يتجول في شوارع لندن مناظر كثيرة لاولاد وبنات يقبلون بعضهم البعض علنا. وطبعا، هذه الاشياء تفقد الحب معناه الروحي، الحلو، الجميل. ورغم ذلك، يمر الناس عليهم، ولا يهتمون بما يفعلون، او ما يريدون ان يفعلوا.
ربما لا تصدقون، ولكن الذي يحدث في شوارع لندن هو ان الشرطة تمر على مثل هؤلاء الناس، ولا تفعل شيئا. اعتقد ان الشرطة اما تتجاهل عمدا، او لا تهتم.
وتتكرر هذه المناظر في لندن، وخاصة في حديقة "هايد بارك"، وفي اكسفورد، وغيرها.
ليس الشاب فقط هو الذي يبدأ، ولكن البنت هي التي تبادر بان تثير الشاب جنسيا، وترتدي ملابس خليعة، وتتصرف تصرفات لا تليق ببنت محترمة. وفي احيان كثيرة، تتعارك بنات حول شاب للفوز به. ويتبادلن اقسى الشتائم.
سمعت سودانيا يقول: "اذا هذا هو حال البريطانيين، نحن في السودان افضل منهم."
وقرأت لبريطاني كتب في صحيفة: "ما هي فائدة القانون اذا لم ينفذ؟ هذه الظاهرة تفشت كثيرا. ونحن البريطانيون نتمنى الا يراها الاجانب حتي لا ينتقدوننا لمثل هذه الافعال الشنيعة."
وقال بريطاني آخر: "هذه الظاهرة متفشية في اروبا اكثر من هنا. وفي هذه الحالة، انا اؤمن بان الشرق افضل من الغرب."
واخيرا، هذه الظاهرة تفسد الحضارة الغربية. ولا توجد في دولة شرقية ... "
-----------------------
الصين الشيوعية:

5-1-1959
من: وزارة الخارجية
الى: السفير، الخرطوم، والسفير، لندن
(محضر اجتماع في وزارة الخارجية حضره دبلوماسي من سفارة بريطانيا في واشنطن).
" ... نقل لنا الدبلوماسي معلومات من لندن عن محاولات الصين الشيوعية زيادة نفوذها في السودان. ونريد جمع مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع.
مصدر المعلومات هو غوردون بول، بريطاني تاجر اسلحة، ويتعامل مع القوات السودانية المسلحة، وصديق اللواء حسن بشير نصر، نائب عبود.
قال ان نصر قال له ان سفير الصين الشيوعية في القاهرة سيزور الخرطوم بدون دعوة رسمية من الحكومة، وذلك بهدف توثيق العلاقات بين السودان والصين. وقال نصر انه يشك في نوايات الشيوعيين. وطلب من بول الاشتراك في اجتماعه مع السفير لمحاولة معرفة تفاصيل نوايا الشيوعيين، ليس في السودان فقط، ولكن، ايضا، في الدول المجاورة.
وقال ان السودان لا يريد الدخول في التزامات مع الصين، على الاقل في الوقت الحاضر.
لكن، اعتذر بول لانه سيعود الى لندن.
وقال بول ان نصر يريد مساعدته بسبب مشاكل داخل حكومة عبود بين مؤيدي حزب الامة وغيرهم. وخاصة مشاكل مع اللواء احمد عبد الوهاب، وزير الداخلية والحكومة المحلية، والمحسوب على حزب الامة ...
(رغم ان عبود اعترف بالصين الشيوعية سنة 1959، بعد هذا الخطاب بشهر واحد، ظل مترددا في ثلاث نقاط:
اولا: الخوف من نشر الشيوعية في السودان، او، على الاقل، من دعم الدول الشيوعية للشيوعيين السودانيين.
ثانيا: تاثير اللواء احمد عبد الوهاب، المحسوب على حزب الامة، داخل الحكومة، وفي القوات المسلحة. وبداية صراع بين "المعتدلين" و"اليمنيين"، الذين يميلون نحو الغرب، مثل حزب الامة.
ثالثا: رغم وعد عبود بتحسين العلاقات مع المصرييين، والتي كانت صارت متوترة في عهد رئيس الوزراء عبد الله خليل، ظل عبود لا يثق في المصريين. خاصة بسبب معارضتهم لعلاقا عبود القوية مع امريكا. وقبوله المعونة الامريكية ...
(رغم ان الرئيس المصري عبد الناصر كان يهاجم امريكا علنا، في نفس الوقت الذي يعتمد فيه على شحنات القمح الاميركي.
على اي حال، فيما بعد، توثقت العلاقة بين عبود والصين الشيوعية:
في سنة 1961، ايد مندوب السودان في الامم المتحدة طلب الصين الشيوعية لتولي مقعد "الصين الوطنية" في مجلس الامن. وكان يحتله الجنرال شيانق كاي شيك، صديق الغرب الذي فر من الصين الى جزيرة فرموزا بعد انتصار الثورة الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ.
في سنة 1963، زار الفريق عبود الصين.
في سنة 1964، زار شو ان لاي، رئيس وزراء الصين الشيوعية، السودان.
وقيل ان الرجلين تحدثا كثيرا عن الجنرال البريطاني شارلز غوردون، المعروف ايضا باسم "غرودون الصيني." هذه اشارة الى انه، في سنة 1860، قاد غردون غزو القوات البريطانية، بالتحالف مع دول غربية اخرى، للصين. وكان هدف الغربيين هو هزيمة الحركات الوطنية المعادية للغرب. ولحماية مستوطنات غربية صغيرة في الصين. وفي سنة 1881، عينه خديوي مصر حاكما على السودان. وفي سنة 1885، حاول وقف زحف انصار المهدي. لكن، احتل الانصار الخرطوم، وقتلوه).
---------------------------
الدول الشيوعية:

2-1-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... القى الفريق عبود خطابا امس بمناسبة عيد استقلال السودان. وتحدث فيه عن مواضيع داخلية وخارجية. ويهمنا هنا هو اعلانه توثيق العلاقات مع الدول الشيوعية: روسيا، والصين، ودول شرق اروبا ...
القرارات الداخلية: بناء مساكن شعبية شمال امدرمان ("الثورة"). كهربة خزان سنار. مصنع سكر (كنانة). مزارع بن في الجنوب. اربع سفن، نواة اسطول السودان البحري ...
القرارات الخارجية: رفع الحظر على الواردات من مصر. تبادل تجاري للقطن السوداني مع الصين، وبولندا، وتشيكوسلوفاكيا ...
راينا:
اولا: يتارجح نظام عبود بين الشرق والغرب. نحن سعداء بانه قبل المعونة الامريكية. ويريد شراء اسلحة امريكية. ويريد مواجهة حملة جمال عبد الناصر، ودعايات القومية العربية.
ثانيا: ليس سهلا للسودان، سواء في عهد عبود او في عهد عبد الله خليل، عداء مصر عداء واضحا. لكن، يخشى عبود من نفوذ المصريين في السودان.
ثالثا: يعرف عبود ان المصريين، قبيل انقلابه، تحالفوا مع اسماعيل الازهري، زعيم الحزب الوطني الاتحادي، لاسقاط وزارة عبد الله خليل، وتشكيل وزارة تؤيد مصر، وترفع شعارات عبد الناصر والقومية العربية، وتتقرب نحو المعسكر الشيوعي ... "
-----------------------------
(في خطاب من السفير الامريكي بتاريخ 9-1، تحليل لاراء السودانيين لخطاب عبود يوم عيد الاستقلال:
في جانب، اشادت بالخطاب "الصحف السودانية كلها. لان الحكومة تسيطر عليهأ. وهذا تحصيل حاصل."
في الجانب الآخر، انتقده، بصورة خاصة، بعض المثقفين. منهم د. سعد الدين فوزي، استاذ الاقتصاد، ونائب العميد، في جامعة الخرطوم.
تحدث الى السفير الامريكي، وانتقد قرار عبود بتاسيس اسطول بحري. وقال فوزي ان السودانيين ليست عندهم خبرة في شئون البحار، وليس عندهم بحارة محترفون، ولابد ان يفشل المشروع ...)
------------------------
احمد خير والدول الشيوعية:

13-1-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... قابلت امس احمد خير، وزير الخارجية. ووجدته مترددا في توثيق العلاقات مع روسيا والصين ودول شرق اروبا الشيوعية ...
قال ان وفدا اقتصاديا من روسيا سيزور، خلال هذا الشهر، السودان لتوثيق العلاقات بين البلدين. لكن خير ليس متأكدا، وليس عبود متاكدا، من رد الفعل السوداني.
وسألني خير: لو كنت سودانيا، هل ستقبل التعاون مع روسيا؟ وماذا ستطلب منهم؟
قلت له: كونوا حذرين في موضوع الروس.
ولم يقل لى ماذا سيطلب هو من الروس ...
رأينا:
اولا: يظل نظام عبود حذرا في التقرب نحو الدول الشيوعية.
ثانيا: لا نعتقد انه يريد ان يكون مثل مصر جمال عبد الناصر في التحالف مع الدول الشيوعية.
ثالثا: يخشى امتداد التحالف الناصري الشيوعي الى السودان.
رابعا: لا يثق في المصريين، ويريد بناء خزان الرصيرص قبل بداية مفاوضات تقسيم ماء النيل معهم.
خامسا: بسبب شروط البنك الدولي بانه لن يمول خزان الرصيرص قبل اتفاقية مع مصر حول ماء النيل، ربما يريد عبود من الروس تمويل بناء الخزان.
(مثلما طلب عبد الناصر منهم تمويل بناء السد العالي، بعد ان رفض البنك الدولي).
سادسا: اذا وصل الروس الى الرصيرص، بعد ان وصلوا الى السد العالي، علينا، مع حلفائنا الغربيين، ان نستيقظ للمطامع الروسية في المنطقة ..."
---------------------------
احمد خير ينتقد:

31-1-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... ليلة امس، خلال حفل اجتماعي، ولاول مرة معنا، انتقد وزير الخارجية احمد خير الفريق ابراهيم عبود، والعسكريين الذي يعمل معهم ...
قال انهم:
اولا: لم يتوقعوا ضخامة مسئولية حكم بلد. وخاصة بلد فيه مشاكل كثيرة ومعقدة مثل السودان.
ثانيا: تقريبا "يحسون بالذنب" لانهم اسقطوا حكومة منتخبة من برلمان، وحلوا البرلمان وكان انتخب انتخابا ديمقراطيا من الشعب.
ثالثا: وعدوا الشعب السوداني بحل المشاكل التي لم يقدر السياسيون على حلها، وها هم عاجزون، او، على الاقل، محتارون ...
وقال خير انه هو نفسه، والوزراء العسكريين والمدنيين، لم يتوقعوا الجهود الجسمانية والعقلية الضخمة المطلوبة من الذين في الحكم. وان عبود، في واحد من اجتماعات مجلس الوزراء، قال ان مشاكل السودان لا يمكن حلها. وانه محتار في اختيار الطرق والخطط والمشاريع.
وان عبود اشتكى بانه لم يتعود، عندما كان قائدا للقوات السودانية المسلحة، على التعامل مع "جيوش من السفراء الاجانب"، كل سفير عنده مطالب، واقتراحات، وسياسات ... "
---------------------
السفير السعودي:

16-1-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... بعد عشاء مشترك، قال لي الحليسي، سفير السعودية في الخرطوم، ان وزارء حكومة عبود ليست عندهم تجارب في ادارة وطنهم، ولا يعرفون كيف يحكمون.
وقال انه لا يحب احمد خير، وزير الخارجية، ولا يثق فيه. والى درجة انه لم يعد يتعامل معه. وقال ان خير "كذاب." وينشر اشياء عن دبلوماسيين اجانب في السودان لم يقولوها. ولا يحترم ثقتهم فيه. وينقل احاديثهم الى الصحف. ويحرف نقل هذه الاحاديث...
وقال السفير ان عبود طلب مساعدات من السعوديين. لكن، رفضت الحكومة السعودية، لان الوضع السياسي في السودان غير مستقر. كما ان السعودية نفسها تعاني مشاكل مالية ...
سالته عن انقلاب عبود، واذا كان باتفاق مع عبد الله خليل، رئيس الوزراء.
اكد ذلك.
وقال ان الاتفاق لم يكن فقط عن تسليم الحكم لعبود، ولكن، ايضا، عن اختيار السيد عبد الرحمن المهدي (زعيم طائفة الانصار) رئيسا للجمهورية، وعودة الجيش الى الثكنات.
وقال السفير انه علم ان عبود، بعد ثلاثة ايام من الانقلاب، اتصل بالمهدي، وطمأنه بانه سيعينه رئيسا للجمهورية ...
وقال السفير انه سأل عبود مؤخرا (بعد شهرين من الانقلاب) اذا كان سيوفي بوعده. وكرر عبود: "لم يات الوقت المناسب."
وقال السفير انه قابل المهدي، وتحدثا في الموضوع، وعرف ان المهدي حريص جدا ليكون رئيسا للجمهورية. وقابل السفير السيد على الميرغني (زعيم طائفة الختمية)، وتحدثا في الموضوع، ايضا. لكن، لا يريد الميرغني ان يكون رئيسا للجمهورية، ولا يريد ان يكون المهدي ايضا...
وقال السفير ان المهدي يقدر على خلق مشاكل لعبود اذا لم يعينه رئيسا للجمهورية. يقدر على حشد نصف مليون انصاري في الخرطوم. ورغم انهم لن يكونوا مسلحين في قوة الجيش السوداني، لن يقدر الجيش السوداني على القضاء عليهم. هذا، اذا لم ينقسم الجيش، وهو منقسم فعلا، بين انصار المهدي, وانصار الميرغني، وانصار الازهري، وغيرهم ...
وقال السفير ان الملك سعود يعطف على الانصار وعلى حزب الامة. وتربطه بالمهدي علاقة قوية. ومؤخرا، بعد ان عاد المهدي من العلاج في الخارج، ارسل له الملك سعود هدية، سيارة "كاديلاك ..."
------------------------------
الاسبوع القادم: اعتقالات ومحاكمات الشيوعيين
----------------------------
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.