بقلم: نبيه برجي (نبيه برجي قلم لبناني كبير!! بل كاتب مثقف ومفكر وسياسي ومحلل، يجيد استخدام اللغة من تشبيهات، واستعارات، وإسقاطات مستشهدا بالتاريخ وبخلاصة الفكر البشري!! فهو يحلق بك في عالم خاص من السخرية والرمزيات الواضحة، ولا يقول الأشياء بأسمائها مباشرة وكأنك أمام لوحة سريالية!! أقرأ له منذ بداية التسعينات بصحيفة القس الكويتية الدولية التي انتحرت على يد صدام حسين!! له طعم خاص يختلف عن ناهض حتر، ونارام مسرجون!! لا ُتفَوِّت مقالة لنبيه برجي!! في هذه المقالة الصغيرة يرسم لك لوحة كاريكاتورية عن العرب والأتراك!! لماذا جن أردوغان؟ وما الذي يجعل السعودية تؤيد مصر، بينما تتحالف مع الشيطان لإسقاط النظام السوري؟ لماذا حزب الله مستهدف؟ ماذا تعني مصر للسعودية؟ هل ترغب السعودية ضم مصر كولاية لها؟ هل يستطيع بدو الصحراء احتواء مصر؟). شوقي إبراهيم عثمان يلاحظ كيف أن الصراع بين الرياض وأنقرة، والدولتان حليفتان إستراتيجيتان (ومن الدرجة الأولى) لواشنطن، في ذروة احتدامه حتى أن رجب طيب اردوغان يصل إلى حد القول أن إسرائيل هي التي تقف وراء «الانقلاب» في مصر. ولنا أن نستنتج أن عبد الفتاح السيسي عميل لحكومة بنيامين نتنياهو، ولنا أن نستغرب أيضا، وهو الذي يعلم أن المملكة العربية السعودية هي الحاضنة الكبرى ل «الانقلاب» ضد «الإخوان المسلمين» الذين وصف احد كبار رجالهم سيد قطب الوهابية بأنها تعكس «فقه البادية». لا يستطيع اردوغان إلا أن يفقد عقله وهو يرى الذي أمامه، فها أن السعوديين ينتزعون منه ولاية مصر بعدما راح محمد بديع يرّوج لإقامة حلف إسلامي، محوره تركيا بطبيعة الحال، كما في أيام جلال بايار وعدنان مندريس، إنهم أيضا يحاولون، وبكل إمكاناتهم، انتزاع ولاية حلب، وولاية الشام، وربما ولاية طرابلس وولاية بيروت، من يده بعدما اثبت خلال عامين فشله الهائل في إزاحة نظام الرئيس بشار الأسد، وقد فتح أبوابه أمام كل أشكال قطاع الطرق، وشذاذ الآفاق، لكي يقاتلوا ويقتلوا في سوريا... لم يدع السلطان العثماني ورقة قذرة إلا ورمى بها على الطاولة من اجل وضع يده على سوريا التي يبدو واضحا إن من يحاول أن يمسك بها كمن يمسك بالجمر، ولكن نخاف أن نقول كمن يحاول الإمساك بهيروشيما، فالعرب كانوا يدركون منذ البداية أن الأزمة السورية أو بالأحرى أن حل هذه الأزمة يرتبط ليس فقط بقواعد النظام الإقليمي وإنما أيضا بقواعد النظام العالمي، ومع ذلك ذهبوا بعيدا في تلك السياسات القبلية التي لا ريب إنها تمضي حثيثاً في تفكيك الدولة السورية، وربما تفكيك المنطقة بأسرها إذا ما أخذنا بالاعتبار الهشاشة البنيوية الصارخة في سائر البلدان العربية ودون استثناء... ألم يلعب اردوغان بالورقة السنيّة، ثم بالورقة الكردية، وحتى بالورقة التركمانية (لدى زحف جبهة النصرة في اتجاه ريف اللاذقية)، وهو الذي دمج بين المفهوم الملتبس للدولة في الإسلام وصرخته التي لا تزال مدوية حتى الآن (نحن أحفاد العثمانيين والسلاجقة)؟ الواضح أن النظام في سوريا لن يسقط، وان ما يحكى عن «اللحظة الأخيرة» هو مجرد كلام، ليس فقط لان كوندوليزا رايس بدأت تسأل «إلى أين تذهب بنا الرياح في الشرق الأوسط؟»، ولكن لان ثمة أوراقا لا تزال خفية حتى الآن، وهذا يستدعي، للحال، السؤال التالي: لمصلحة من حرب إقليمية في الشرق الأوسط؟ السؤال لا نطرحه جزافاً. ما يتردد من كلام في الردهات المغلقة، وأحيانا أمام الملأ، لا يترك مجالاً للشك في أن هناك من يعتبر أن الصراع الحالي هو «صراع البقاء». ومن يدرك ما معنى هذه العبارة يدرك إلى أين يمكن أن تذهب بالمنطقة سياسات «تحطيم الرؤوس»، فعندما تتحطم رؤوس لا بد أن تتحطم رؤوس أخرى، ليستفيق الجميع، ودائما بعد فوات الأوان، وقد تحولوا إلى حطام... إن مصر اكبر من أن تستوعبها هذه العباءة أو تلك، هذا البلاط أو ذاك، وهي أمام أزمة كبرى، أزمة دولة، وأزمة دور، وأزمة محيط، فلقد ضاق المصريون ذرعاً بحسني مبارك الذي كان مجرد راقص غبي (تذكرون قصة البقرة الضاحكة) في حضرة هيكل سليمان، فيما لم يجد محمد مرسي وصفا أكثر رقة من أن ينادي شمعون بيريس ب «صديقي العزيز»، متناسياً أن هذا الرجل كان في قلب النظام الذي سحق الأسرى المصريين بجنازير الدبابات. المصريون يريدون دولة، ويريدون دوراً، ولن يستطيع احد أن يجرهم إلى قبيلته، وهذه هي حال سوريا التي نسأل، وقد تفتتت قطعة قطعة كما يقول مسؤولو أجهزة الاستخبارات الأميركية، عن النظام البديل الذي يرونه أو الذي يرتأونه أو الذي يدفعون مليارات الدولارات، وآلاف الجثث، وملايين اللاجئين، من اجل الحلول محل نظام لا احد يمكن أن يغفل مثالبه ، بل وخطاياه. ولكن على الأقل، بقيت سوريا موحدة ولم تبعثرها الانقلابات، ولا القوى الإقليمية الخارجة للتو من ليل التاريخ... من يستطيع أن ينفي أن الصراع حول مصر، وهو صراع عبثي، لم ينعكس على السياق الذي يأخذه الصراع حول سوريا. أوراق كثيرة تناثرت، فهل حقا أن اردوغان يفكر بطرد الائتلاف الوطني السوري من اسطنبول؟ وهل حقا انه على بعد قوسين آو ادني من اتخاذ خطوات دراماتيكية نحو سوريا تزيد في حساسية المشهد بل وفي هيستيريا المشهد؟... عندما يفقد اردوغان عقله لا بد أن نسأل: وماذا عن الآخرين؟ *** وبدورنا نقول مع نبيه برجي: ألا تكف صحاف التمكين الخرطومية من تمجيد مرسي وأردوغان وبث الأكاذيب!! "قلب الحقائق" أتضح مؤخرا إنه تكتيك جديد في عالم الميديا لسحق الخصوم وغسل عقول الشعوب!! تكتيك جديد لدعم الحرب المادية ولا يقل عنها أهمية!! صحفيو التمكين في الخرطوم لا "يكذبون" بل يمارسون "الحرب" بالكلمات.. إذ لا يكفي المخلوع مرسي استخدام السلاح لذبح الشعب المصري..!! هل تقوم قناة للمعارضة السودانية من القاهرة؟