جميعنا للأسف وبلا استثناء انشغل ومنشغل بالجدال والمنازلة في نقاشات ومواضيعى جانبية لا تمت للوطنية وهموم الوطن والمواطن ونغمض اعيينا عن المعاناة القاسية التي يعيشها معظم اهلنا في السودان وخاصة في اعقاب الكوارث الطبيعية المتتالية والماسي المتعاقبة خلال الشهر الماضي والحالي الاهمال والتجاهل والتغاضي من الجميع بلا استثناء حكومة ومعارضة وشخصيات وطبقات مثقفة ومنظمات مدنية وان الوضع الراهن يثير الشفقة اذا ما نظرنا الي آلاف الاسر والعوائل التي باتت بلا مأوي وبلا حتى ما يسد البعض بع رمقه ووصل الامر الي درجة ان اوليك الصائمين الصابرين لم يجدوا حتي شربة ماء لتحليل صيامهم مما اضطر البعض شرب مياه المطر حيث لا بديل رأينا ورأي العالم من يلتحف السماء وهي ممطرة فوق رأسه ويجري السيل من تحته وكأنهم قوم نوع يوم اجري سفينته والماء محيط بالناس من كل جانب وفقد الكثيرين ما ملك طوال عمره من متاع وثروة ودار كانت تؤويه فأصبحت خاوية علي عروشها وتلاشي كل شيء واختفت اسر بأكملها وأصبحت بعض القرى اثرا بعد عين لم يتحرك أي مسئول وإنما نكر بعضهم واستنكر ما يسوقه الذين يستصرخون العالم للنجدة وإنقاذ الارواح وليس الممتلكات ووصل الامر الي ان بعض المسئولين وفي وسائل الاعلام قال ان الامر لم يصل مرحلة الكارثة في الوقت الذي قالت تقارير ومستولي الاممالمتحدة ان نصف سكان السودان معرضين الي الخطر وقدرت الاحتياجات الاولية للبدء في مساعدة المتضررين في ولاية الخرطوم فقط يتطلب توفير مليار دولار خلاف ولاية الجزيرة ومنطقة البطانة وشرق النيل حتى ولاية القضارف بل شمل البلاد كلها والمم المتحدة قالت نصف السودان شملته الكارثة والشيء المحزن والذي يثير الغضب والحنق انه حتى الشباب السوداني الذي هب في مجموعة نفير وما ترادفها من مجموعات تعرضت لهم الاجهزة الرسمية ووقفت في طريقهم لمساعدة المتضررين والوصول اليهم خلاف الاستيلاء علي كل ما وصل البلاد من الذي حملته الجسور الجوية من الدول الصديقة ووضع والي ولاية الخرطوم د عبد الرحمن الخضر يده علي كل شيء وعمل علي مطاردة المنظمات الشبابية التي حركتها المأساة التي يتعرض لها الشعب في الوقت الذي لم تدافع عنهم احزاب الفكه وتقف الي جانبهم وتنخرط معهم بكوادرها لتقوي شوكتهم اما القمع الذي تعرضوا لهم بدافع تقديم العون لأهلهم والمستضعفين والمنكوبين من بني الوطن وهذا واجب يمليه الضمير الوطني والوازع الانساني والإحساس بالغير ومشاطرته في المصاب والتخفيف عنه ورفع المعاناة عنه بقدر الامكان وبالجهد المتاح والإمكانات الفردية المتواضعة في الوقت الذي اصابت التخمة الغالبية من الساسة المتاجرين باسم الشعب من الذين علي سدة الحكم والمعارضين له والموالين المتكسبين وأيضا في الوقت الذي انبري رجال الاعمال النفعيين المحسوبين علي النظام في ضخ المليارات في الرياضة والأندية الرياضية واستجلاب المحترفين من لعيبه ومدربين استثمارا فيهم بدلا ان يستثمروا في بني وطنهم ومواطنيهم الذين عصفت بهم الكوارث وقضت علي الاخضر واليابس حولهم ضاع المأوي وفقد العزيز ومات الكفيل ومعيل الاسرة وجرف السيل ما يدخرون وما يؤويهم وأضحوا في العراء بلا مأوي وبلا معيل وبلا مكسب رزق فقد راح كل شيء حتى احترام دولتهم لهم كمواطنين لم يجدوه ممن يتولى امرهم فكيف يكون ذلك وهم مشغولون بتقاسم كعكة السلطة ويتناحرون علي الحكم وموارده متناسين من سيحكمون والذين اظنهم يدعون لهم من داخل قلوبهم بان يأخذهم السيل العرم ويريحهم منهم ليوفروا ما يأتي من العالم نجدة وإغاثة وإعانة لهم حتى الذين خارج الوطن غلت ايديهم ولا يستطع احدهم ان يغيث اهله ويجود لهم بما يتوفر من مال ليعينهم علي اصلاح الخراب وتعمير ما دمر وبدلا من يتم توجيه كافة الاجهزة المختصة برفع الرقابة عن تحويلات المغتربين في هذا الظرف الحرج والسماح للجميع بتحويل ما باستطاعتهم لأهلهم وذويهم بكافة السبل والطرق ودون رقابة وقيود لرفع المعاناة عن المتضررين من الكارثة ولكن تقوم الاجهزة وتفرغت لمطاردة مكاتب الصرافات والعاملين في تحويلات المغتربين في السوق بأنواعه وأصبح يتطلب الامر ان يتم تحديد الزمان والمكان لمن يحول له قريبا له مبلغا من قبل مكاتب التحويل والصرافات بان يتسكع المحول له في الحارات وبين الأزقه ليلتقي بمن سيسلمه مبلغ تحوله وبعض المرات يتم في وسائل المواصلات والمطاعم والكافيتريات حتي لا يتم القبض علي المحول له وصاحب جهة التحويلات هذا ما عاناه ويعانيه اهلنا المتضررين في الحصول علي ما يجود لهم به ابناءهم ومعيليهم والخيرين من خارج الوطن فهل هناك مأساة ومعاناة اكثر من ذلك....؟ فبدلا من تقدم الدولة متمثلة في اجهزتها ومؤسساتها الخدمية العون ومد يد المساعدة للمتضررين نجد بعضها تلاحقهم وتجفف حتى مصادر عونهم ونجدتهم اترون الي اين وصل الحال ؟ ودرجة معاناة اهلنا ومواطنينا ونحن منشغلين بالمهاترات وفرد العضلات خلف الكيبورد وساحتنا نفوسنا التي اصبحت لا تطيق بعضها ولا تتحمل حتى ان قيل لها اخطاتي ما هذا الدرك الاسفل الذي وصلنا اليه ولا استثني نفسي في الانشغال بمواضيع لا تمت للوطن ومصلحته ولا لمواطنه بشيء حتى السياسة ان اخذنا جدلا ان تكون في اطار هموم بلدنا ابتعدنا عنها وانشغلنا بما يدور في مصر وتونس وليبيا وبلاد الواقواق التي لا تفيدنا في شيء انما تعمل علي زيادة معاناتنا ووطننا وأهلتا الكثير يهاجم في دول هي تجاوزت حد الاكتفاء الذاتي في توفير العيش الكريم لمواطنيها وفاقت درجة الرفاهية متناسين ان هجومنا وكلامنا عنها سوف لن يؤثر فيها بشي فيه ماضية فيما تفعل لأنها تجاوزت حد التخمة في الاحتياطي النقدي للدرجة التي غلبها في أي شيء تستثمره فشبعت من التجارة في الاستثمار والادخار والاعتمار والإقراض والتخزين واتجهت الي الاستثمار السياسي والعلاقات الدولية في الوقت الذي لا نملك في وطننا ولا واحدة من كل تلك الاشياء فادغو الجميع الي الالتفات الي شان وطننا وأمور مواطنينا وأهلنا والاهتمام بما يجري في بلدنا ولنتبادل المشورة والرأي فيما يمكن عمله لتجاوز المحن والملمات التي تصيب اهلنا وبلدنا وان نستثمر وقتنا لمصلحتنا ومصلحة اهلنا وما فيه مصلحة وتطوير بلدنا والعمل علي ان يكون له شان بين الامم وألا بكون همنا هو الالتفات لما يحدث خارج حدود بلادنا بل داخلها وان كتبنا فلنكتب لها ومن اجلها وفي شانها وعن ماساتها وتاريخها واقتصادها واعمارها وتنمية وترقية الاداء فيها لترقي الي مصاف الامم ونغير من نظرة الاخرين الينا وتغير فكرهم عنا بأننا غوغاء وكسالي كما يدعون وندحض اتهامهم بالعمل والتفاني والاتحاد والاصطفاف من اجل رفاهة بلدنا وإنقاذه وتغيير هذا الوجه الذي هو فيه وتجديد وضخ دماء تعمل علي الاخذ بيده الي بر الامان ومصاف الدول المتقدمة ان نثري حلبات الحوار والنقاش ونتبادل المعرفة والمعلومات والتفكير في برامج تأهيلية تأخذ ببلادنا الي الامام وننمي قدراتنا في مختلف المجالات وألا نحصر عقولنا في النقاش الذي ينتهي باختفاء الموضوع او المقال ولنتنافس علي الابداع وليس علي تصيد الاخطاء وإثارة الحفائظ بل الاستماع لبعض وقراءة اراء بعض واستيعابها وليس مهاجمتها والظن بها لمجرد ظهور الاسم وأكاد اجزم بان الاغلبية تكون اصابعها علي الكيبوور وعيونها علي الصفحة والموضوع بعينه ليظهر فلان ليتم اخراسه دونما تتم قراءة ما كتب وهذا تجده واضحا في الردود بحيث يكون التعليق في واد والموضوع في واد والرد في وادي فلنترك هذه الخصلة المميتة للأفكار والمحبطة والمثبطة للعزائم وتقفل نفس الواحد من المشاركة والإدلاء بما فيه فائدة والإحجام عن المشاركة والاختفاء بمجرد الهجوم عليه من الجميع لاختلاف وجهة نظره او رأيه الذي اتي به.. فيتم التخوين والاتهام بالعمالة والكوزنة والاخونة وهلم جرا... مما طاب من مسميات ما انزل الله بها من سلطان وفي النهاية جميعنا الخاسرون بل تصل الي خسران انفسنا وصداقاتنا وإفلاس بنك المعلومات الذي يمكن ان يستفيد منه الجميع فليس هناك من ولد وهو سياسي فإنما بالممارسة والمشاركة وليس هناك من ولد وهو اديب وشاعر وإنما بالتنمية والاستزادة وليس هناك من ولد وهو فيلسوف وإنما اكتساب بالإطلاع والمعرفة واخذ ما يقوله الاخرين بمحمل الجد وعدم الاستهانة به أو الاستخفاف به او استضعافه فيجب ان نستفيد ونستثمر وقتنا فيما فيه خير لنا ولامتنا ووطننا ولنصلح حالنا اولا ومن ثم نفكر في الآخرين فيا اخوتي الوطن وأهلنا محتاجون لنا وينتظرون منا الكثير فلتكن الالفة بيننا وقبول بعضنا بعض فنحن لسنا بأمة عربية فالسودان عبارة عن خليط من اعراق مختلفة لها جذورها في تاريخ البشرية ولسنا جميعنا بمسلمين فالسودان وطن جميع الديانات والأعراف التي تنبع من افريقيتنا وحلنا وترحالنا في الوطن الذي كان قارة قبل عامين فنحن امة فسيفساء تتكون من مختلف الالوان والأجناس والقبائل والأعراق والديانات ونتحدث مئات اللغات واللهجات فنحن امة ذات لون وتكوين خاص قلما تجد مثله في أي بقعة من بقاع العالم ولا تجتمع مكونات وطننا القارة الشامخ في بلد او دولة فنحن امة ذات نكهة خاصة في تعاملها وعلاقاتها وصداقاتها وفي عداواتها في افراحها وأتراحها في حلها وترحالها وتكوينها ووجودها فنحن امة فريدة ولكننا نجهل قيمتها في تنوعها وقوتها في اختلاف معدنها وصلابتها في تمازجها وإيمانها في جذورها وورعها في احترامها لمكوناتها وأمة غنية في تراثها المختلف المشارب والمصادر... فنحن اخوتي امة قلما تجد مثيلا لها ولكنها تهمل وأهملت كل هذا الارث والتاريخ والجذور وانشغلت بأمور اتفه من ان يكون لها حسبان وهي السبب فيما نحن فيه .. وهي القبلية والجهوية والعقائدية والتي ما كانت ولم تكن يوما معيارا بين هذه الامة العريقة ولم يحدث هذا إلا خلال العشرين عاما الماضية والتي اطاحت بنا قرونا الي الوراء وإعادتنا الي زمان تكوين ونشأة الشعوب الاولي حيث كانت تنعدم بينهم لغة التواصل وأسلوب التفاهم عندما كنا في عصور الغاب والهجرات البشرية والحيوانية معا من أجل المأكل والمأوي فقط فصدقوني لا اجد ما اقول من كلمات لأصف به حالنا وحال بلدنا المنشغلين عنها وعنه بأمور تنتهي بانتهاء ألحصة فوطننا ومواطنه لا يستأهل منا هذا الاهمال والغفلة والتغاضي عنه والإشاحة بوجوهنا بعيدا عنه بدلا ان يكون في حدقتا عيوننا وساكن في الفؤاد..والسب اختلاف وجهات النظر بيننا وعدم قبولنا لبعض والاعتراف حتى بوجود البعض وكأن هذا الوطن ملكا لفئة او طبقة بعينها دون الاخرين...البعض يعلق ذلك علي شماعة الاستعمار انه هو الذي تركنا هكذا... فلا وألف لا عندما غادر المستعمر تركنا اكثر تماسكا مما نحن فيه الان... ومتآخيين لدرجة إلا يسال احدنا من انت ومن اين اتيت ومن أي عرق انت..وان كان بعضا من ذلك ولكنه لم يطفو ويفيض ويصبح سيلا عرف مثل ألان لدرجة ان اللون اصبح مشكلة بغض النظر المكان والزمان... فلماذا نحن هكذا ؟ ماذا جري لنا؟ لم يربينا اهلنا علي هذا ابدا كان لا يغلق باب دار امام ضيف او زائر وكان لا ينظر صغيرنا الي كبيرنا إلا من رمش ولا يرفع احدنا صوتا إلا من تحت رأس مطأطأ احتراما لا ذلة وكانت البسمة تخرج من بشاشة ترحاب واستقبال... فأين كلمة حبابك عشرة... علي رقص احدكم علي نغمها طربا دون سؤاله من انت؟ آه ثم آه ويا له من زمن قله فيه التوقير والاحترام وانعدمت فيه الاخوة والنخوة والوطنية والغيرة علي الارض والمال والعرض... حدثوني ألم نصبح جميعنا غرباء ؟ فليقل لي احدكم .. من اين جئنا نحن هؤلاء الغرباء؟ حقا من اتينا ومن اين اتي هؤلاء؟ ورحم الله الراحل المقيم الاديب الطيب صالح الذي تكسرت من وراءه ومن بعده الاقلام وتحولت الي سيوف ورماح وسهام وسوسا ينخر في العظام... عظام الامة والوطن والأخلاق والنخوة والمروءة والاحترام رحم الله امتنا التي ماتت وهي حية ووطننا الذي انتحر علي نصب خلافاتنا ونفورنا وعدم قبولنا لبعض ولينتظر هذا الوطن ولينعم في ثباته العميق حيا كميت ... لتخرج فيه وعليه وبه أمة جديدة علها ترفع من شانه بعد مئات القرون لتجد علي الارض لا امة غيرها لتنشغل بها فأسف يا وطني ولكم العتبي يا مواطنيه حتى ترضوا فقد انشلت وانشغلنا عنكم ولكنه عهد علي وعلينا ان إلا يغمض لنا جفن وأنت يؤرقك السهر ويضنيك العناء ومن فيك تأكلهم الماسي والكوارث وتعصف بهم خلافاتنا وتمايزنا آسف يا وطني ...آسف يا وطني وسلمت وسلم من فيك خضر عمر ابراهيم