تأملات الناس في شنو وجمال فرفور في شنو؟! كمال الهِدي [email protected] · ما أبشع أن ينفصل الفنان عن نبض شارعه. · وما أقبح أن يصير المغني طبالاً. · وما أغبى فكرة ألا يتخير أي كائن الوقت المناسب لأي خطوة يريد أن يقدم عليها. · صفقت يداً بيد حين طالعت خبراً يفيد بأن المطرب جمال فرفور أطلق أغنية جديدة باسم " سير يا ريس.. سير إلى الأمام يا ريس". · إطلاق أغنية بهذا المحتوى في هذا التوقيت بالذات أكدت لي أن إعلامنا يخلق من الفسيخ شربات حين يمجد أمثال فرفور. · فهذا المتهافت لا يمكن أن يكون فناناً. · لأن الفنان قبل أن يمسك بالمايك ليصرخ أو يترنم أو يتغنى لابد أن يكون إنساناً بما تحمل الكلمة من معنى. · لابد أن يفهم في أي عصر يعيش وبأي ظرف يمر بلده وشعبه. · الناس تثور في عالمنا العربي على الظلم والكبت والقهر والفقر والجوع والمرض والأمية. · وفي سودانا يتحدثون عن مشاكل الأطباء وعن حوار أحد الحزبين الكبيرين مع الحكومة وعن الفساد الذي استشرى وبلغ حداً يفوق الوصف وعن وعن.. · الناس يتناولون كل ذلك وجمال فرفور يطلق أغنية تمجد الرئيس. · ربما يقول قائل أن لكل رؤيته وقد يكون فرفور مقتنعاً بتوجهات الرئيس ولذلك يتغنى له. · لكنني أقول أن البشير نفسه إن أسمعه فرفور أغنيته هذه لقال له " في الوقت الصعب ده أسير أمشي وين يا فرفور؟" · وغض النظر عن إيمان فرفور بأسلوب إدارة الرئيس وحزبه للبلاد من عدمه فإن عهد تمجيد الرؤساء قد انتهى. · لكن يبدو أن فرفور آخر من يعلم بذلك. · الفنان الحقيقي هو الذي يحركه نبض الشارع لا المصالح أو الخوف من السلطان. · الفنان الحقيقي هو من يناصر قضايا الشعب لا من يمسح الجوخ ويدعي الانتماء لجماعة هو أبعد ما يكون عنها. · والمصيبة أن فرفوراً من المطربين الشباب ، ولو أن فعلته هذه قد خرج علينا بها المطرب قيقم مثلاً لما قلنا شيئاً. · لكن أن يكون مطربونا الشباب بهذه السطحية وهذا التهافت القبيح فهو ما لا يبشر بالخير مطلقاً. · المثير للضحك أن مجموعة من أشباه فرفور قالوا قبل فترة أنهم انضووا تحت لواء منظمة شباب البلد لخدمة قضايا الوطن وشعبه. · فأي خدمة وأي قضايا يمكن أن تحلها أغاني من شاكلة ما يقدمه بعضهم بالله عليكم؟! · في منتصف الثمانينات كنا نطرب لروائع فنان شامل ورائع مثل مصطفى سيد أحمد رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ولشباب عقد الجلاد المبدعين واليوم يطربون لأمثال فرفور فأي تردِ نعيشه في سودان العز والكرامة ! · بالطبع لا علاقة للأمر بتوجهات سياسية أو انتماءات حزبية، لكن كما أسلفت يتوقع الناس من الفنان أن يكون أكثر مسئولية وإحساساً بهم لا أكثر. · ويا لبؤس زمن الفرفرة.