أن السودان يمر بمنعطف خطير جداً لا يعلم مداه أو أبعاده إلا الله سبحانه وتعالى... لأن السودان مستهدف في سيادته الوطنية من جانب تلك القوة الدولية التي تريد أن تهيمن وتسيطر على مفاتيح الأمور في السودان... والتي تريد أن تشارك أبناء السودان في معيشتهم وسياستهم وفي كل شيء يمتلكونه، هذا بصرف النظر عن تلك الخيرات السودانية المدفونة داخل أراضيها الشاسعة والممتدة شرقاً وغرباً وشمالاً. لذا نرى أن تفكك الجبهة الداخلية في السودان هو "المحك" الرئيسي والحقيقي لتلك "الأزمات" السياسية المفتعلة عبر تلك الأحزاب والمعارضة التي همها الأول والأخير هو السعي وراء "السلطة" وكرسيه الساحر... أو الفوز بأكبر قدر ممكن من "الكراسي" أو في كيفية أن تكون هي "الشريك" الأوحد أو الحليف مع من يكون في السلطة، وذلك لتضمن لنفسها موقعاً استراتيجياً في ذلك "الموقع" أو تلك... بصرف النظر عن سيادة السودانية أو السيادة الوطنية "المستهدفة" من تلك الدول الغربية، التي تتطلب منا جميعاً الوقوف معاً من دون استثناء جنباً إلى جنب مع الأطراف كافة، وذلك للخروج من ذاك المحك أو المنعطف الذي وضعنا أنفسنا فيه، ومن تلك الدسائس والمؤامرات التي تحاك ضد السودان ومن خلف "الكواليس" سواء أكان من أفراد داخل السودان يتآمرون مع تلك الدول، أو دول أخرى لها تريد الهيمنة على العالم أجمع، أو في إصدار القرارات ذات الأرقام ال (4) من مجلس الأمن... أو في إشعال نار "الفتنة" وتأجيجها في الولايات السودانية المختلفة، وذلك لتمرير ما يريدونه هم في الخفاء، الذلك يريدون تمريره بحسب ما يرونه من أجل مصلحة بلدهم وليس من أجل سواد عيون السودانيين، أو ليس بحسب ما يراه الشعب السوداني لحل مشكلاته وأزماته الداخلية الدائرة الآن من انفصال جنوب السودان في مقدمة تلك المشكلات التي يعانيها وأخيراً مشكلة السودان وإسرائيل في تلك السيارة المستهدفة التي استهدفوها في بورتسودان.. وأشياء كثيرة خافية عن العيان تحاك ضد السودان. لذلك نناشد كل القوة السياسية الموجودة في الساحة السياسية الآن أن تخلع ثوب الحزب الذي تنتمي إليه ويلبثون ثوب "الوطن" لينضموا إلى القوة السياسية فوراً ليفكروا في كيفية توحيد الصف الوطني لمجابهة تلك التحديات والمشكلات العالقة كمشكلة دارفور وأبيي إلى أي دولة ستنضم، ومن أجل تقوية الجبهة الداخلية في المقام الأول والجلوس معاً حول المائدة المستديرة كما فعلها في السابق من قبل السلف الصالح الذي أتي باستقلال السودان... وذلك بدلاً عن البكاء والحسرة في آخر المطاف على رغم أن شعار لم "الشمل" والتوحيد المطروح منذ فترة طويلة، ولكن لا أحد ينظر إليه أو يعيره انتباهاً، وعلى رغم أنه ضرورة من الضرورات التي تحقق الوفاق الوطني وتخرجنا من عنق الزجاجة التي لم نستطيع الخروج منها حتى الآن. لا يمكن لأي "تنظيم" أو أي حزب ما أن يقف حائلاً أو متفرجاً أو شامتاً على ما يحدث أو يحاك ضد السودان في الخفاء أو في العلن من شتات وفرقة وتمزيق وإنشطار ل "الوطن" ويرى بعينه ويظل صامتاً أو يكون في موقع المتفرج، حتى تقع الكارثة أو الطامة الكبرى التي نراها أمام أعيننا، إن لم نتدارك الموقف سريعاً لنعالج تلك الأخطاء الفادحة التي وقعنا فيها أو أوقعنا أنفسنا فيها. لذلك نرى ان مسألة توحيد الجبهة الداخلية وإعادة ترتيب البيت السوداني وإعادة هيكلته من الداخل ضرورة من ضرورات الواقع في الساحة السودانية، وإيجاد الحلول الناجعة ليست سهلة كما نقول، لكنها تحتاج منا إلى تضافر الجهود من جميع أفراد الشعب، وفي المقابل نفسه ليست بالمستعصية أو المستحيلة، بل تحتاج إلى بذل قليلاً من التنازلات الحزبية والتعصب، أو التقاضي عن بعض "سفاسف" الأمور التي تعوق أو تقف حائلاً ما بين توحيد الصف السوداني وتوقيع معاهدة أخرى مع الأحزاب كافة وإنهاء كل الخلافات والحرب الدائرة في دارفور واحتواء مشكلات الشرق المتأججة، وكيفية المعايشة السلمية مع الدول الجنوبيةالجديدة وفي عدم الدخول معها في مناوشات تؤدي إلى الحروب مرة أخرى، هذا إذا أردنا أن نصل إلى تلك الغايات المرجوة منها ووضع "دستور" جديد يسع كل تلك المتناقضات الموجودة في الساحة السودانية لنسمو به ونرفع راية السودان الواحد عالية تخفق في جميع المحافل المحلية والدولية ونفخر بأننا نحن السودانيون وهذا هو طابعنا التحابي والمتجانس والمعايشة على الرغم تلك السحنات المتباينة بيننا من لون وعرق وقبيلة. لذلك أرى أن المعارضة تتحدث عن أنها مهمشة، وحقوقها مهضومة وأن الحكومة لا توليها ما تستحقه من اهتمام في المشاركة أو أخذ الرأي، باعتبارها تمثل الوجه الثاني من المعادلة السياسية في البلاد وبعض من الأحزاب كذلك أيضاً ترى أنها مستهدفة من السلطة. لذا أقول إننا من الممكن أن نتدارك الأمور قبل فوات الأوان، لأن لدينا القدرة والمقدرة على تحقيق وحدة الصف بحل كل المشكلات العالقة والمتعلقة... لأن الموقف لا يرقى إلى مستوى التحدي المفروض على السودان… إن الوقت ليس وقت الجدل والثرثرة والتمسك بالخلافات والمعتقدات الحزبية، فالموقف أكبر من ذلك بكثير جداً، لذا يجب أن تكون نظرتنا أبعد من ذلك بكثير ونراعي فيها وطننا الحبيب الذي يتمزق أمام أعيننا. وعلى رغم من ذلك، ليس مهماً من الذي دفع أكثر من غيره أو تنازل أكثر من الثاني… لأن الوقت لم يعد فيه متسع للمقارنة أو المفاضلة، أو التحدث عن إنجازات، بل المطلوب من الجميع أن يتجه بكلياته نحو مصلحة "الوطن" لدرء الأخطار التي تحاك ضده والمحدقة به من جميع النواحي، فإذا وقعت تلك الواقعة والتي نراها أمام أعيننا وهي ماثلة تحت "المجهر" لمن يرى بعين فاحصة. وإذا وقعت فإنها ستصيب الجميع من دون استثناء سواء كانت الحكومة أو المعارضة وكل أبناء الشعب السوداني. لأن التآمر فيها ليس موجهاً إلى فئة بعينها وإنما إلى كل الذين يربط بينهم الانتماء التاريخي أو الحضاري للسودان. لذلك لا بد من مبادرة قوية وصادقة يكون هدفها "السودان" وليست "السلطة" التي نسعى وراءها، وإننا نرى ونلاحظ أن الخلافات التي تحدث جلها تنحصر في أوساط القوى السياسية والصراع من أجل السلطة. والكرسي الساحر الذي يجذب إليه قادة تلك الأحزاب. لذا من المهم جداً ونحن مقبلون على تلك المرحلة الجديدة لغد مشرق فعلياً، أن نكون متحدين وجمعنا صفوفنا وأن نكون جبهة شعبية عريضة معظمها من الشباب في عهد ثورة الشباب. وذلك لكي نضمن الاستقرار السياسي في المرحلة المقبلة التي نتوق إليها جميعا، لتحقيق التنمية والازدهار والاستقرار للسودان. دعونا نحلم ونحقق ما نصبو إليه باتحادنا بالاتحاد قوة لا مثيل لها. ويجب ان نفوت الفرصة عليهم. ونأمل من الحكومة والحركة والمعارضة والقوى السياسية والأحزاب الوطنية أن تتجاوز هذه "العقبة" والمحك الصعب في ذاك أو ذلك المنحدر الخطير، وأن نتجاوز كل الخلافات من أجل تحقيق الوحدة الوطنية بدلاً عن "الانفصال" والانشطار المقبل، وأن نحقق التحول الديمقراطي الذي نحلم به من أجل الوطن والحلم المقبل للسودان. · جعفر حسن حمودة صحافي [email protected]