أمواج ناعمة ما هكذا تورد الأبل يا قطبي د. ياسر محجوب الحسين كانت تصريحات د. قطبي المهدي مسؤول المنظمات بالمؤتمر الوطني بالأمس تعبيرا حقيقيا عن أزمة الخطاب الاعلامي بالحزب ومظهرا بشعا من مظاهر اختلال المؤسسية التي تضرب باطنابها في المؤسسة الحزبية العريقة.. ومن باب النصح الصادق نقول: ما هكذا تورد الأبل يا قطبي، وقصة هذا القول المأثور أنه كان في العرب رجلٌ يقال له سعد بن مناة أخو مالك بن زيد مناة الذي يقال له: آبل من مالك، ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة، وكان يحمق إلا أنه كان آبل أهل زمانه، (ورجل آبل وأبل: حسن القيام على إبله)، ثم إنه تزوج فأورد الابلَ أخوه سعد، ولم يحسن القيام عليها والرفق بها، فقال مالك منشدا: أوردها سعد وسعد مشتمل ** ما هكذا يا سعد تورد الإبل وجاء كذلك في حياة الحيوان الكبرى للدّميري، يضرب هذا القول لمن تكلف أمراً لا يحسنه. صحيح أن حزب المؤتمر الوطني حزب وليد بصياغته الحالية إذ لم يتجاوز من العمر (15) عاما لكنه يعتبر في نفس الوقت من الأحزاب العتيدة والمتماسكة والأكثر تنظيما إذا ما أخذنا في الاعتبار اربعينيات القرن الماضي مع ظهور حركة الأخوان المسلمين.. قطبي المهدي تجاوز حدود الالتزام الحزبي وأعلن عن قرار سيصدره المؤتمر الوطني يقضي بفصل الفريق أول صلاح عبد الله قوش من الحزب!!.. وحاول قطبي تفسير قرار رئيس الجمهورية الأخير بحق قوش زاعما أنه يشمل كل المواقع السياسية الأخرى التي يضطلع بها قوش قائلا: (لقد أعفى البشير قوش من كل مناصبه وإن لم يرد صراحة قرار فصله من الحزب، وأتوقع أن يصدر قرار بفصله من الحزب)!!.. لا نستطيع أن نقول أن قطبي لديه (تفويض) من رئيس الجمهورية لتفسير قراراته ونعلم أن السيد قطبي ابتعد كثيرا من دائرة صنع القرار وتولى ما يعرف بأمانة المنظمات في الحزب وهي تعتبر من الأمانات الأقل أهمية، فضلا عن أن الرئيس لا يحتاج لاحاطة قراراته بالغموض وتغليفها بورق السلوفان الذي من وظائفه اخفاء عيوب الهدايا أو التغطية على قيمتها المتواضعة.. ليس المؤتمر الوطني في هذا الظرف الدقيق في حاجة إلى لغة تحريضية أو خطاب (أرعن).. سمعنا تصريحات مسؤولة من الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية معلقا على اعفاء قوش قائلا: (إن حيثيات إعفاء الرجل أمور داخلية) مضيفا أنه كادر فاعل وله وضعه في الحزب.. إن أخذ كل عضو في المؤتمر الوطني حق اطلاق الاحكام واصدار قرارات الفصل بعيدا عن المؤسسية، لوجد د. قطبي ألف من يصدر قرارا بفصله من المؤتمر الوطني لحثيات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر كونه عضوا بمنبر السلام وهو جهة أخرى غير المؤتمر الوطني لها رؤاها الخاصة وربما المتعارضة. الحديث عن التغيير والتجديد والآماني التي تسير بها رياح الأمل في واقع وغد أفضل تصطدم على ما يبدو بأمراض ومصدات مثل الخروج عن المؤسسية وتسميم الأجواء واثارة البغضاء وربما العنصرية والجهويه.. إن كل ما يكسبه أولئك ليس إلا رمادا تشتد به الريح في يوم عاصف.. التغيير المهم هو تغيير النفوس التي شابتها فتنة الدنيا ولهثت أيما لهثٍ وراء حظوظها ولم تنل رغم (جري الوحوش) غير نصيبها.. عدم اليقين بالنصيب المكتوب والرزق المقسوم وقود يشعل نيران الحسد الذي يدمر خزائن الفعل الايجابي في الدواخل.. كثير منا في خضم فتنة المناصب وحظوظ الدنيا نسي أو تناسى أصل الفكرة وتركنا أفرادا وجماعة تزكية نفوسنا وتطهيرها من أدران الجشع والطمع.