من هم هؤلاء التجار؟ يتفاجأ أهل السودان كل عام بارتفاع أسعار السكر أو اختفائه لخلق حالة الارتفاع هذه، كما يتفاجأون بمقدم شهر رمضان نفسه حيث أنهم دائماً ما يعملون كل شيء في اللحظات الأخيرة من مقدم شهر رمضان أو اليوم الأخير من العيد، وهو سلوك دأب السودانيون الالتزام به، ولكن ألا تشرع الحكومة في التخطيط لراحة رعاياها، وتترك الأمر كله للتجار ليتحكموا في رقابهم فهذا أمر عجيب، وعجيب جداً، حيث ظللنا نسمع ضجيجاً وجعجعة من وزارة الصناعة، وشركات السكر عن توفر هذه السلعة التي لا غنى عنها، ويهزمها مقدم شهر رمضان كما يهزم فصل الخريف والي الخرطوم كل عام. من هم هؤلاء التجار الذين يتحكمون في رقاب الناس، بخلق حالة اضطراب وبلبلة في الخرطوم، ليقبضوا الثمن أضعافاً مضاعفة في الولايات والاصقاع البعيدة عن المدن؟ أهم تجار ينتسبون للحكومة (إياهم) أم من أين أتوا؟ يبدو واضحاً أن هؤلاء التجار لا يريدون تعرية أنفسهم بقدر ما أنهم يثيرون قضية الندرة وارتفاع الأسعار من أجل خلق فوضى تكسبهم الملايين، حتى إذا التفتت لهم الحكومة يجدون أنهم حققوا أهدافهم من العملية التي ترسم بدقة، ولا استبعد اطلاقاً أن شركات السكر نفسها شريكة فيها لأن التبريرات هي التبريرات وتختفي معها تصريحات المسؤولين المعنيين في الحكومة والشركات عند هذه اللحظات... فما الفرق بين الذي يحدث، وبين مص دماء الناس الغلابة؟!. والمدهش أن هذا يحدث ولم تزل مصانع السكر تنتج، والحكومة تفتح باب الاستيراد، ثم يقولون لا توجد مبررات لارتفاع أسعار السكر، وأنا لا أتوقع أن ترتفع الأسعار هنا في الخرطوم، ولكنها ستولع وترتفع في أنحاء البلاد كافة، لأن هذه الفئة من التجار قامت بتخزين هذه السلعة في أسواق تلك الولايات البعيدة التي لا رقابة فيها ولا اهتمام بإنسانها، وليس في الخرطوم، حتى تهاجم مخازنها بوساطة الأمن الاقتصادي أو جمعية حماية المستهلك أو أي جهة أخرى. هناك روايات كثيرة يجدها القارئ في غير هذه المساحة باسم تجار يخفون أسماءهم، تؤكد أن هناك تلاعباً بالتصريحات من أجل تحقيق الهدف المرجو، وهو كسب أرباح عالية، ولكن لمن تذهب هذه الأرباح العالية؟ فهذا عند علم الله، وعند من يحيكون هذه الطبخة!.