السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تقلص الاهتمام الدولي في قضيه دارفور.. وما هو دور الحكومة التشادية فيه؟


لماذا تقلص الاهتمام الدولي في قضيه دارفور..
وما هو دور الحكومة التشادية فيه؟

اعدا: محمد علي كلياني صحفي تشادي مقيم في فرنسا

منذ ان برزت ألازمه في دارفور علي السطح فقد شكل هذا الإقليم اهتماما كبيرا من قبل المجتمع الدولي وتنظيماته المتعددة..كما أخذ الصراع في دارفور عدة اتجاهات ومسارات إقليمية ودولية وبرز فيها الجانب الإنساني بعمق وتطرقت التقارير العالمية والإعلامية إلى وجود أعمال وحشية وتطهير عرقي في الإقليم, إلا أن الحكومة الخرطوم تنفي ذلك بشدة تلك الأعمال، وتشير بأن مجموعة الأزمات والكونغرس الأمريكي ضخما القضية وتصف بأنهما وجهان لعملة واحدة تعمل ضد السودان، وأن مدير مركزها براندرغان ظل دائماً يوجه عمل المجموعة ضد السودان, رغم أنه زار دارفور ووقف على الأوضاع فيها، ولأن الوضع هناك تديره مجموعه من اللوبي المناهض للسودان, و يحاول كسب الانتخابات الأمريكية، وحسب السياسة الجديدة لأمريكا وحليفتها بريطانيا الدولتان اللتان غزت العراق – وهي دولة عربية إسلامية – تريد تحويل الأنظارعن ما يجري في الشرق الأوسط من أحداث إلى مناطق نائية في أفريقيا وتصوير صراع داخلي لدولة ما على أنه خطير يشكل سابقة ووصمة عار على جبين الإنسانية, غاضة الطرف عما يجري هناك(هذا وجهه نطر حكومة السودان)
وسنعود للدور الأمريكي– الأوربي في أزمة دارفور بالتفصيل لاحقاً.. بعد اجتياح العراق بأسابيع فقط اندلع حريق طفيف في دارفور في مدينة الفاشر إثر اعتداء ثلة من المتمردين الشرسين على مطار المدينة وتدمير عدد من الطائرات وأسر ضابط كبير في قوات سلاح دفاع الجو السوداني(العميد بشري), وذلك في تحدي واضح وصارخ, وعلى غير العادة في أساليب الحروب السودانية المستعرة والمعتادة, وعكسا لما كان معهودا وسائداً في حرب الجنوب ومناطق أخرى، حيث كانت الضربة في الحقيقة مؤلمة وموجعة للخرطوم في الفاشر. وعلى خلفية الحدث عقدت بحاضرة الفاشر قمة مصغرة بين الرئيسين التشادي إدريس دبي والسوداني عمر البشير للبحث عن سبل للتعامل مع هذا الواقع الجديد في دارفور لأن " الخارجين عن القانون " كما تسميهم الخرطوم بدأوا يشكلون تهديداً جديدا للأمن القومي الغربي للسودان وقد نار لهبه تشاد المجاورة, ونظراً للصلات العرقية التي تربط الطلائع الأولي التي المعتدية مع الرئيس دبي يجب أن يحضر هو شخصيا في الفاشر لتباحث الأمر بشأنهم، وأشار دبي في القمة بصراحة أن " أغلبية حاملي السلاح من الزغاوة وأنا زغاوي ولكني مع البشير", وأن هذا الموقف سياسي في مضمونه, ولكن ينطوي على معاني اجتماعية خطيرة تضع قبائل الزغاوة في قفص الإتهام، حيث قبائل الزغاوة كيانات اجتماعية ضمن نسيج سكان دارفور وتشاد في إطار التداخل القبلي الطبيعي للبلدين, وعليه فإن التصريح السياسي للرئيس ديبي بهذا الشأن قد عرض قبائل الزغاوة إلى مخاطر جمة جراء صراع دارفور بجميع أشكاله السياسية والقبلية.. لأن قبيلة الزغاوة التي أشار إليها الرئيس ديبي بأنها الأغلبية التي تحمل السلاح في وجه الخرطوم, هي أيضاً قد وقفت مع ديبي أيام ثورته ضد هبري ودعمته بالمال والمحاربين حتى دخوله أنجمينا وتسليمه السلطة في تشاد، وعلى خلفية الصراع في دارفور والذي تقوده الأغلبية من عرقية الزغاوة ترى تشاد في الوهلة الأولى أن التمرد في دارفور مجرد أحداث معزولة تتم معالجتها ثنائياً بعيدا عن ضجيج المحيط الإقليمي والدولي, وأن الأمر يمكن احتوائه في إطار تشاد والسودان, وأشار ديبي ببساطة في الفاشر أنه( يجب أن نسيطر على هؤلاء الصعاليك وقطاع الطرق) وأضاف ديبي (أننا لا نقبل عصابات النهب في حدودنا المشتركة والشعب معنا )، وبحسب أعمال اللجان الأمنية بين البلدين والتي نجحت لحد بعيد, وعلى مدى أكرمن عشرة سنوات أو أكثر سهرت على الحفاظ على الحدود وصونها كما وصفها قنصل تشاد السابق في الجنينه من" عبث العابثين", إلا وأن الاهتمام التشادي بالمشكلة منذ البداية وإلى أن وصل الذروة كان تقليدياً وتقييماً خاطئاً ينبني على احتواء اثنية الزغاوة محركي النزاع الرئيسيين في دارفور.. وباعتبار إدريس ديبي ابنهم الكبير وأول رئيس زغاوي في تشاد يحسب الأمر بحساب القضايا الأمنية التي تعالج على مستوى الحدود ضمن إطار المفهوم السائد للصراعات والانفلات الامني بين البلدين, كالمعارضات التشادية المسلحة, وكذلك الاحتكاكات القبلية في المنطقة. ولا تدري أنجمينا أن هذه الإشكالية وتداعياتها وبفهمها التقليدي تكون بمثابة بيئة صالحة لزعزعة الأمن والاستقرار على طول الشريط الحدود ي, وتنشط خلايا نائمة كانت أصلاً أنجمينا تريد بأن تنوم في ثبات تام..ومع تطور الأحداث وتشعباتها, سعت أنجمينا على إخماد النار وفق صيغة مرضية للحل دون وضع اعتبار لما يدور حول المنطقة كلها من ترتيبات كبرى, والتي تجعل من أنجمينا نفسها جزء من الترتيبات المستهدفة على المديين القصير والبعيد، وما محاولات الإنقلابات الداخلية والانشقاقات داخل المؤسسات العسكرية التشادية إلا تعبيراًصادقاً لهذه الترتيبات. وقد لجأت أنجمينا إلى البحث عن حل سلمي عبر وساطة تقدمت بها عبرالحواروالتفاوض, خاصة تلك المبادرة التي أطلقها ديبي في 25/11/2003م للحد من مزالق القضية وتأثير أحداثها عليه وذلك.. حيث وصف كاتب سوداني الموقف: "حين وجد ديبي نفسه في حرج بالغ وموقف لا يحسد عليه، حيث وجد أن قبيلته(االزغاوة طرفاً في حرب ضد حكومة صديقة, وليس في وسعه أن يخذل القبيلة وما أمامه إلا القيام بمبادرة تنهي المواجهة وترفع عنه الحرج وما في هذه المبادرة من رفع للحرج، فإنه يرد ديناً مستحقاً لكل من الحكومة والقبيلة معاً), فقد تلاحقت وقائع الأحداث بسرعة تفوق الخيال في فترة وجيزة تجاوزت كل الأطر العادية لحجم الصراعات التي اعتادت الحكومتان على كسب الوقت لحلها أو إجراء المناورات بشأنها, لقد تدهورت الأوضاع الإنسانية والسياسية إلى أدراك سحيقة, فشملت المعارك الطاحنة كل أنحاء دارفور, ونتج عنها نزوح داخلي ولجوء إلى تشاد المجاورة, فقد تفاجأت أنجمينا من الأعداد الهائلة للاجئين السودانيين إلى أراضيها الشرقية, وعلى امتداد الحدود بين البلدين, حينها اقتنعت السلطات التشادية أن الذي يجري في المنطقة هو ليس بذلك الحجم الذي وضعته في تصورتها التقليدية ويتم في مبادرة كالتي كانت في أبشي وانجمينا, بجانب خطورته الأمنية عليها, لأن الموقف قد بدء يهددها هي أيضاً بمخاطر أكبر من اللاجئين السودانيين, ويتوقع أن تجتاز تلك المخاطر الحدود التشادية بحق تحت أية لحظة وكان إعتداء المتردين التشاديين على أنجمينا في 13 أبريل أكبر مثال لذلك, ومما دفعت عجله الأحداث الى منحنى آخر ليس بين السودان والتمرد الدار فوريين فحسب, بل بين الاصدقاء ديبي والبشير مباشره, وتطورت أحداث الإنفلاتات الأمنية في إحداث خللاً أدى الى تدهورفي العلاقة بين أنجمينا والخرطوم, وبهذا أصبحت أنجمينا كما قال دبي" إننا خائفون جداً من تطورات الاحداث , وفي حال اتساع دائرة النزاع في دارفور واستمراره قد يدخل البلاد في المجهول ولا ندري ما يخبئه القدر لنا..أن الوضع هنا هش لا يستحمل تدفق المزيد من اللاجئين إلى أراضينا, وأن على المجتمع الدولي أن يعي الأعباء الناتجة عن هذه الأوضاع ", ورغم التوترات وتبادل التهم التي صاحبت مسار توتر العلاقات التشادية السودانية من جراء تأثير المشكلة في دارفور وفشل محاولات رأب تصدعها بين البلدين ومن قبل دول المنطقة كمحاوله العقيد الليبي .. استمرت حروب الملاسنات بين الطرفين, قبل ذلك كانت أنجمينا قد كثفت جهودها لاحتواء الأزمة عبر مبادرة أبشي وأنجمينا (1) و(2)، واستطاعت أن تحرز تقدما بتوقيع اتفاقية أنجمينا التي أضحت فيما بعد مرجعية لسلام دارفور بأبوجا، وبعدها دخلت المبادرة التشادية في نفق مظلم بسبب موقف وتذمر قادة الحركات المسلحة في دارفور والذين يعتبرون أن تشاد مارست عليهم ضغوطاً لقبول رأيها لإنهاء المسألة في دارفور من جهة, واختزالها لقضيتهم من جهة أخري.. رغم أن الأوضاع الأمنية تزداد سوءاً في دارفور من وقت لآخر, ثم أن تداعياتها أخذت دائرتها تتوسع شيئاً فشيئاً وتضيق خناقها علي ديبي والبشير، وبيمنا الرئيس ديبي الذي لن تعوزه الخبرة في فض النزاعات الإقليمية, وهو نسى شيئاً مهماً في وساطته تلك ألا وهو أن قادة التمرد رغم الرابط الاجتماعي بهم تظل سياسة ديبي تجاههم متحجرة وعقيمة وبلا معني إن لم يجانب الحل السلمي الموضوعية والشفافية في تناول القضية بين الأطراف المتنازعة، ولو أنهم أهله وأقاربه بالدم فإنهم سودانيون في النهاية وهذه قضيتهم ولا يمكن لي ذراعهم إرضاء طموحات انجمينا والخرطوم السياسية بعد أن تعقدت المشكلة. ولذا فأنهم وضعوا نصب أعينهم بدائل كثيرة وقويه أكبر حجما من الرئيس دبي ولها نفوذاً إقليمية ودولية, ولها خبرات واسعة في فض المنازعات الإقليمية والدولية ولها سالبيها في التعاطي مع الأزمات العالمية, وفي الوقت ذاته أن الساحة العالمية قد طفحت بالتقارير الإعلامية والسياسية التي تتحدث عن التدخل بشكل واضح وصريح عن أحداث دارفور وبناءاً على حقائق جديدة كلياً طرأت على العالم بشأن ملف دارفور الإنساني والتي بموجبها وجهت تهم الى الخرطوم بارتكاب جرائم" الإبادة الجماعية" وألحقت التهم الموجهة إلي الخرطوم بانتشار واسع ل"عمليات التطهير العرقي"، وكذا عمليات " التهجير القسري لسكان دارفور إلى دول الجوار".. تلك هي القوى الدولية وآلياتها التي تستخدم اقوي الدوائر السياسية والإعلامية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان في تاطيرها للأحداث في كل مكان, كلها كانت عوامل إيجابية وفرصة ذهبيه براقة سنحت لقادة التمرد الدار فوري بكل باختلافها البحث عن بديل لرفع القضية إليها.. وبالتأكيد ساعدت تلك القوي إلي احتضانها إلى خطف الأضواء من إدريس ديبي أخوهم الكبير, لكي يتبناها الأقوياء..لأنه في ذاك الوقت ظلت دارفور القضية الحية على الساحة العالمية, وصفها وزير خارجية فرنسي سابق: (فالتحديات التي تنتظرنا في دارفور هي تحديات ضخمة، كما وأن الرهانات القائمة في قلب هذه المنطقة تشير مجددا، إلى مواجهات تهدد عالمنا). وهذا يشكل بنظر فرنسا سبباً إضافياً للتقدم باقتراح وجهة سير جديد للازمه بدلا من أساليب ديبي التي تتصف بالتقليدية وأضاف(إن منطقة دارفور، وبشكل أشمل القارة الأفريقية، هما بحاجة للتحاور والإصغاء والتنبه، وعلينا نحن أن نساندهما في سعيهما الشائك نحو إيجاد حل أساسي لاستقرار قارة بأكملها), فضلا عن ان المنابر الإقليمية والدولية تستعد لتسمية القضية باسمها الحقيقي, ومن ثم إلحاقها باستصدار قرارات امميه تدين السودان ومسئوليه في قضية دارفور, لأنها وبحسب إثارة المشكلة في دارفور فان الخرطوم وارتكبت مخالفة صريحة للفقرة الثالثة من اتفاقية جنيف التي تمنع الهجوم على المدنيين .وقد فسر الأمر السيد/محجوب حسين الناطق الرسمي بإسم حركة حيش تحرير السودان شارحاً قضيتهم بأنه شهدت أزمتنا في دارفور السودانية خلال السنوات الأربع الماضية من القرن الحادي والعشرين والتي صنفت ضمن تاريخ المشاكل الإقليمية العالمية الحديثة بأنها أسوأ أزمة إنسانية تشهدها الألفية الثالثة, ويضيف حسين أنها هنا كثرت التحليلات الخارجية والداخلية(يقصد إقليميا ودوليا)، إنها كانت علي مستوي الصحافة السودانية والرأي العام السوداني في عمومه والدارفوري علي خصوصه وتبايناته إلي الراي العام العالمي ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، فضلا عن المجتمع السياسي السوداني ممثلا في أحزابه وهيئاته المدنية الأخري لما تمخضت عنها المفاوضات العسيرة والسوداوية في ما اسميه ب أبوجا الأمريكية(يعني مني مناوي الذي انفرد باتفاقيه السلام في ابوجا). وفوق تلك الضغوط, قد طالب المجتمع الدولي من حكومة السودان بالموافقة على استخراج أذونات لمنظمات حقوق الإنسان وهيئات الإغاثة للوقوف على حقيقة الأوضاع في دارفور، وبذلك تعطلت الجهود التشادية المتواصلة رغم أهميتها وفاعليتها في باديء الامر, وقد تحركت دول كبرى لتحدث صدىً دولياً لدى أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي, ولأول مرة يرى للعيان أن وضع إقليم دارفور يتجاوز الخطوط التقليدية للصراع المعتاد في أفريقيا، حيث كثرت المبادرات والمناورات في السودان إقليمياً كانت دولياً مثل " ليبيا – تشاد – إثيوبيا ونيجيريا ", وهي تبذل قصارى جهدها للإسهام في الحل. وكانت الدول الأفريقية لم تتعاطى مع الوضع كما ينبغي على إعتبارأنها أزمة أفريقية صميمة كمثل رصيفاتها في القارة الافريقية والتي تعج بمثل تلك النزاعات, واكتفت الدول الأفريقية بدورها الرمزي في إطارالاتحاد الأفريقي وخولته بأن يقوم بمهامه تجاه تسوية الأزمة سلمياً, وربما يعودعدم إهتمام دول أفريقيا أو تحفظ بعضاً منها إلى أن قضية دارفور ليست أفريقية بحتة، لاعتبارأن السودان دولة عربية اسلامية وأن تندرج في إطارمشاكل الوطن العربي مع الغرب ضمن مشاكل الشرق الأوسط وفلسطين والعراق وقضايا أفغانستان, رغم إصرارحركات التمرد بأن يأخذ الصراع في دارفوروجهاً أفريقياً محضاً, وذلك بدغدغة مشاعرالأفارقة بأن هنالك " إبادة جماعية وتطهيرعرقي يقوم به العرب ضد الافارقة في دارفور", ووصف هذه المجموعة بأنها إثنية تنتمي الى أصول عربية هاجرت قديماً الى دارفورعبرقرون الى الاقليم، ولكن رغم حجم القضية الدارفورية إلا أن قادة الحركات المسلحة فشلوا في إقناع الدول الافريقية للوقوف مع قضيتهم، هذا إذا ما أستثنينا موقف الضميرالغربي والذي لديه قناعاته الخاصة بمبادئ حقوق الانسان، وإن إنتهاكها يمثل بمثابة التعدي على حقوق البشرية الاخرى، وبالتالي يجب
التدخل لحمايتها أينما كانت، وذلك بغض النظرعن الانتماء الديني والعرقي والموقع الجغرافي لهذا الانسان الذي أنتهكت حقوقه، وهذا مبدء من مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان عندهم ، وتلك قصة أخرى في بلاد الغرب، ونعود الى موقف الدول الافريقية، وأن ما يعززمنطق دول أفريقيا وتحفظها من القضية, هو ذاك التدخل الشرس للولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها بريطانيا وفرنسا ودول غربية أخرى تساند موقف القضية في دارفور. وشيء آخر لا تريد أفريقيا إقحام نفسها في قضايا حروبات العولمة التي تعرف تفاصيلها جيداً أي نزاع الكبار حول قضيه ما وتوجيهها, لأن ما لديها يكفيها وهي تحاول الخروج من الكبوات والكفوات التي كانت تذكيها تلك القوى الدولية التي تريد السيطرة في القارة مستخدمة الأزمات كمقدمات للولج في دولها. ويكفي أن القادة الأفارقة تدخلوا لإنهاء فرض الحظرالجوي على ليبيا, وهي دولة عربية أفريقية مثل السودان, ولكن مواقف الأفارقة مع الجماهيرية كانت بموجب قرارات صادرة عن منظمة الوحدة الأفريقية التي تحولت فيما بعد إلى الاتحاد الافريقي, وأيضاً تريد دول أفريقيا أن تنأى بنفسها عن مشاكل ذات طابع عربي أفريقي إسلامي لئلا يخلق تدخلها مشاكل بينها والعالم العربي والاسلامي الذي تشاطره الجغرافيا والسكان, وأن تحفظها الذي فسربأنه موقفاً يؤازرالخرطوم في محنتها في دارفوريعززه منطق عدم الاصتطدام مع القطب الواحد الذي هو سيد المواقف في جميع القضايا الخاصة بالعرب والمسلمين في عصرنا الحالي. وأخيراً فأن أفريقيا التي لا تعرف طبيعة الصراع في دارفوربكامل تفاصيله الدقيقة وتقف أغلب دولها مشدوهة من تطورات النزاع ومسمياته, ربما كان هذا أيضاً سبباً وجيهاً لغض الطرف عن القضية برمتها.
وفي خضم تطور نزاع دارفور بسرعة وتداعياته في المنطقة, جعلت من قياداته في محك حقيقي وتحدي ماثل يكشف عن خلل في كيفية ممارسة القيادة التقليدية في تهدئة الأوضاع في إقليمهم، وقد عقد مؤتمر للإدارة الأهلية في الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور والتي انطلق منها العمل المسلح ضد الخرطوم(كنت حاضرا ضمن الفريق الإعلامي وقتها), وقد حضره جل نواب دارفور بالمجلس الوطني السوداني, وبعد مداولات ونقاشات للأزمة في الإقليم صدرت توصيات وبيانات جاء فيها ما يلي: " نحن الموقعين أدناه وبصفتنا أبناء دارفور وقادة وزعماء القبائل بولايات دارفور الكبرى ونوابها المجتمعين بالفاشرالآن " وتابع البيان " لقد ظللنا نتابع بقلق بالغ واهتمام عظيم محاولات بعض الدول والجهات لاستخدام قضية دارفور الملحية الطابع كورقة سياسية في حلبة السياسة الدولية والسياسة المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية" وأردف البيان الأهلي (لا ندري من أين استمدت الولايات المتحدة صلاحية التحدث والمتاجرة باسمنا وباسم شعبنا وقبائلنا ومن الذي التمس حمايتها من أهلنا)،وأن الواقع على مستوى المؤتمر الأهلي بالفاشر حمل الولايات المتحدة مسئولية التصعيد في الإقليم, وهو الأمر الذي لا تريده دول أفريقية الخوض فيه وهي تعتمد على المساعدات الأمريكية والغربية، وقد استهجن بيان الإدارة الأهلية موقف الولايات المتحدة التي تبنت القضية على أساس سياسات الضغط على الخرطوم في مفاوضاتها مع الحركة الشعبية في أزمة الجنوب السوداني في كينيا بضاحية(ماشاكوس)، ويري برلماني دارفور وإدارتها الاهليه إن أزمتهم(بدأت أزمة داخلية وتحولت إلى أجندة سياسية دولية), ومضى بيان الأدارة الأهلية لمواجهة الولايات المتحدة " أن على حكومة الولايات المتحدة التي تزهق مئات الأرواح كل يوم في الطرق والتي تعجز عن منع مئات جرائم الاغتصاب الحقيقة التي تحدث كل يوم في بلادها ليست مؤهلة أخلاقياً أو قانونياً للدفاع عن شعب دارفور", وبهذا الصدد فقد وضع مؤتمر الفاشر الولايات المتحدة في مواجهة مكشوفة مع زعماء دارفور التقليديين وجهاً لوجه, وهو ما لا تريده أمريكا في أفريقيا، لاسيما وأنها جعلت قضيه دارفور مدخلا جديدا لساستها تجاه القارة الأفريقية وذلك بمناصرة الشعوب الضعيفة والمازومه, وبعد نهاية المؤتمر وبأسابيع صرح وزير خارجية أمريكا الجنرال كولن باول حاثاً العقيد القذافي بالتدخل لإنقاذ الموقف في دارفور, وهذا ما يعود بنا إلى الوراء قليلاً بالقول أن دول الجوار المتاخمة لحدود دارفور هي الأقدر ولأدرى دون غيرها بتفاصيل القضية ولكن ليست لها موهلات حل النزاع القائم لاعتبار ألازمه ملتصقة بحدودها وان كانت لها بضعا من أوجه الحل فإنها ستحلها بالوصفة الامنيه خشيه من الانعكاسات السالبة علي أراضيها(دول الطوق الدار فوري)، وهي لصيقة بأهل الإقليم، لأن أمريكا تعلم أن الثورة الليبية وقائدها على وجه الخصوص بغير بعيد من تطورات الأحداث في دارفور(تتهمه الخرطوم بدعم هجوم امدرمان), بل له باع طويل في تحريك القضايا الأفريقية بكل إرهاصاتها انطلاقا من توجهات ثورته بعدم كل حركات التحرر الأفريقية, واقترح القذافي الدور الشعبي في دارفور عبر الإدارة الأهلية ووجهاء المنطقة والتي سميت ب" ملتقى طرابلس "وكان من إيجابياته أن وضع ولأول مرة أصحاب القضية من أطراف النزاع بشقيه السياسي والقبلي أمام الامرالواقع لمناقشه قضاياهم, الامرالذي مهد كثيراً لحوارات ومفاوضات لاحقة تمت في أبوجا، وسبق ذلك قمتين بطرابلس جمعت مصر وليبيا والسودان وتشاد ونيجيريا للبحث عن علاج شاف لقضية دارفور, ونظراً لتعقيد المسألة, وربما غياب الدخل الصحيح قد جعل من الصعب الأخذ بناصيتها ومعالجتها في الوقت المناسب, ولذلك ظلت مساعي الحلول السلمية تتأرجح، بل أودت ببعض الجهود إلى سلة المهملات, كالمبادرة التشادية.. ويكشف لنا أيضاً السيد/محجوب حسين عن ذلك التعقيد الذي لازم القضية والمعضلات التي تعترض طريق سلا م دارفور مبكراً, واصفا: فيما يخص راهن هذه الأزمة منذ العام 2004، وامتدت هذه القرارات في خطوط عريضة لتشمل إرسال فرق تحقيق دولية لتقصي الحقائق حول جرائم الحكومة السودانية المرتكبة في الإقليم وإلزام الحكومة السودانية بالتعاون والمثول والتي سرعان ما ترفض لتوافق في نهاية الامر، حيث خلصت فرق التحقيق الدولية إلي توصيف ما يجري في الإقليم بجرائم حرب ضد الإنسانية وترتقي لمستوي جرائم الإبادة الجماعية، وبعدها السماح لقوات الإتحاد الأفريقي بدخول السودان ومراقبة وقف إطلاق النارالهش الموقع وقتئذ في العاصمة التشادية أنجمينا في نيسان العام 2004، حتي بلغ عدد هذه القوات حوالي سبعة آلاف جندي أفريقي في تراب إقليم دارفورالشاسع والمترامي الأطراف، وامتدت لإجبار الحكومة السودانية لتلافي وقوع كارثة إنسانية بقبولها للمنظمات الدولية الإنسانية والتابعة للأمم المتحدة وفتح جسور جوية لمساعدة اللاجئين والنازحين والمشردين عبر الدول المجاورة وكانت ليبيا وتشاد، حيث لعبتا دورا كبيرا في تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، وتناسلت القرارات الدولية إلي التهديد بفرض عقوبات اقتصادية ونفطية ضد السودان ومنع حكوميين سودانيين وتجميد أرصدتهم إن لم يتم الالتزام بالقرارات الدولية وتطبيقها لدرجة دفعت الحكومة السودانية لتوقيع صكوك التزامات تخديرية مع الأمين العام للامم المتحدة ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، إلي الزيارات الدولية الرفيعة المستوي عالميا لمقر السلطة المركزية في الخرطوم وإقليم دارفور ومعسكرات اللاجئين، إلخ، كما استمرت تلك القرارات لتشمل إلزام الحكومة السودانية للتفاوض والوصول إلي سلام في دارفور في أقرب وقت ممكن، وحظر إرسال السلاح والآليات العسكرية للإقليم وحظر استيراد السلاح دوليا للحكومة السودانية ومنع تحليق الطيران العسكري في كل تراب دارفور وإحالة ملف المتورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلي محكمة الجزاء الدولية لتباشر مهامها، إلي تعليق صناديق المال العالمية في تعاملها مع الحكومة السودانية وتجميد أرصدتها لدي الحكومة الأمريكية ووضع شرط قاري وهو حل أزمة دارفور كشرط ضروري لاستئناف قنوات التمويل العالمية المبرمجة مع الحكومة السودانية عبر المانحين وعودة العلاقات في صورتها الطبيعية مع الولايات المتحدة.
ويذكر بنظريات فض النزاعات الإقليمية والدولية, ولعل هناك نظرية حول أساليب فض النزاع الدولية والتي تضع مواصفات لما تسميه نضج الأزمة للحل وبحسب هذه النظرية، فإن هناك شروطاً محددة لا بد أن تتوفر قبل أن تكون الصراعات جاهزة للحل, ويصبح بذلك التدخل والوساطة ممكناً، ومن أبرز تلك الشروط أن يصل النزاع العسكري ميدانياً إلى طريق مسدود بصورة تكون مؤلمة للطرفين.. وهذا بالضبط ما حدث لقضية دارفور على وجه الدقة استشهادا بمنظر حركه الحرير حسين, لأنه لا يمكن أن تكون كل الجهود الإقليمية والدولية غير صادقة, اوغير مجدية للحل الشامل والعادل في المنطقة, وإذا المسألة معقدة بهذه الدرجة وحتى أهل دارفور عاجزون عن تفسير طبيعتها للعالم، إذن كيف أنهم عاشوا قروناُ من الزمان شعباً واحداً ومتجانساً ويستحيل العيش حاضراً ومستقبلاً؟ ويمكن الإشارة أيضا وبهذا المعنى هنا, إلى أن أزمة دارفور كانت ولا تزال معقدة وأنها لم تنضج للانفجار حتى يكون هناك حديث عن نضجها للحل، والأدلة بادية للعيان من خلال توقيع طرف وامتناع آخر عن التوقيع على اتفاقية سلام دارفور بأبوجا في مايو 2006م, وأن الممتنعين عن التوقيع رغم الرعاية الأمريكية كانت حجتهم أن الاتفاقية لم تلبي مطالبهم(كما تتباين الروئ بين قيادات الحركات في منبر الدوحة حاليا)..هذا مما جعل التعقيد فك طلسمه صعباً نظراً لتشابك المصالح السياسية بين النخب الدار فورية بالمقام الأول, والتي تتحالف مع أحزاب كبرى في الساحة السياسية وكذلك أنها تحاول – أي النخب – إبعاد أي شبح ما يحاول تقويض مصالحها في الحكم المركزي, وتقليص امتيازاتها في الخرطوم, وهذه السياسة تسمى "سد المنافذ على الآخرين ووضع عراقيل أمام أي تغيير مقبل في الإقليم دون حضوري"أو بمعنى آخر" سياسة لعبة الكراسي داخل السلطة المركزية في الخرطوم" أو سبب آخر يفهم من خلال كثره خلافات المعارضة الدار فوريه. وهذا ما يجنب الخرطوم الاصطدام المباشر مع أهالي دارفور بجميع تعقيداتهم الإثنية والسياسية, وتصبح مسألة الحل بين الدار فوريين المتطلعين إلى الحكم والخائفين على مقاعدهم التاريخية. وفي بداية الصراع يعتقد أن المسألة محدودة التأثير كغيرها من الصراعات في القارة الأفريقية، إلا أن طبيعة الصراع تعدت انقلابا جوهرياً بعد ردة الفعل الحكومية العنيفة والتي حولت شكل من صراع محلي محدود النطاق, إلى أزمة إنسانية سياسية ذات أبعاد دولية تطلبت تدخل مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومن هنا اكتسبت قضية دارفور بعدين الأول بعدها الدولي وهذا ما أعطى الأزمة بعداً أكبر من حجمها الطبيعي المفترض سياسياً، لأن متمردي دارفور وجدوا " وهم يحلمون" إلى جانبهم ضغوطاً دولية غير مسبوقة، منها ثقل مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد الأوربي، وبهذا فإن قادة التمرد وجدوا أنفسهم فجأة في قلب أروقة الدبلوماسية الدولية, ويقفون كتفاً بكتف مع أمين عام الأمم المتحدة ووزراء خارجية الدولي الكبرى.
وفي آخر تطورات القضية نري بان هناك تقلصا دوليا لاهتماماته بالقضية كما كانت عليه الحال من قبل حول السعي لحلها نهائياً(اهتمام أبوجا اخلف نوعيا عن الدوحة التي تراوح مكانها سنوات)، وربما بعضاً من الدول الكبرى قد استنفدت أغراضها من استخدام القضية. فالولايات المتحدة على سبيل المثال استطاعت تحقيق أشياء لم تستطع تحقيقها في السابق عن طريق القوة ودعم الحركة الشعبية لتحرير السودان بمدها بالمال والسلاح, حيث كثفت ضغوطاً على الخرطوم لتوقع اتفاق سلام لتشرك بموجبه الحركة الشعبية في حكم الخرطوم والانفراد بالجنوب وفصله كليا عن السودان ليصبح دوله مستقلة بحالها ويجنب الولايات الأعباء العسكرية قد تجرها إلى أوحال المغامرات في القارة الأفريقية مجددا،وتلك هي فرصة نادرة لأمريكا لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية بأفريقيا, لاسيما في بلد مثل السودان بكبر مساحته وضخامة موارده, وبينما تظل قضيه دارفور حبيسة في منبر الدوحة ويتم الاستفتاء حول مصير تقسيمها لخمسه ولايات بدلا من ثلاثة خلافا لطموحات المعرضين بان تبقي إقليما واحدا كمان كان في السابق. وتبقي أيضا حاله بعض قيادات التمرد متواضعة في الخبرة السياسية لتعاطي مشكله الإقليم بكافه مراحلها, وهي تعاني في الوقت ذاته من انقسامات حادة ذات طابع قبلي ما تزال تتفاعل يوما بعد آخر.. كما يشكل تمثيل البعض لبقية أهل دارفور محل تساؤلا كبيرا للجميع, وهذا الخلاف في حقيقته يكشف صعوبة الموقف حول من يمثل المنطقة، لاسيما قيادتها السياسية والتقليدية ويتوقع في القريب أن تدخل القضية مرحلة حرجة إذا لم تحل هذه المشكلة, ولكن هذه المرة بغياب المجتمع الدولي، لأن المجتمع الدولي ظل يتحمل الكلفة الأكبر لهذا التصعيد والمتمثل في المعونات الإنسانية والدعم لقوات حفظ السلام والجهود الدبلوماسية المتواصلة لمعالجة الأزمة واحتوائها. وفي ظل انعدام الثقة بين أطراف القضية والتماطل والإبطاء دون حل القضية, فإنه ينتظر أن يخلي المجتمع الدولي تجاه التزاماته المادية والمعنوية في دارفور ومشاكلها دون رجعة. وبذلك يكون على الطرف الثاني قبول الاتفاقية السلام دون السقف الذي يطمح إليه بكثير، بحيث يتسنى التوفيق بين مطالبهم واتفاقية سلام ابوجا خاصة وأن معظم المطالب المتعلقة بالاستقلال الذاتي للإقليم والتمثيل العادل لها في المركز والعدالة في قسمة الثورة والسلطة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وغيرها كلها قضايا مضمنة مع الاتفاقية أصلاً, وتم تضمينها في الدستور الانتقالي للسودان، وبعدها تظل قضية الحوار الداخلي الدار فوري/الدار فوري تحدياً جديداً للقادة الجدد للتكيف مع محيطهم الداخلي, وإلا فأنه كما ذكرنا هناك صراع بين النخب الدار فورية من أجل البقاء السياسي وهو ما يتطلب جهداً آخراً من صانعي السلام في دارفور لتفاديه بإعتبار ذلك معضلة أخري في طريق السلام والتوازن الدار فوري بكل كياناته الاجتماعية والسياسية.. ولكن يحتمل أن تكون هذه المعضلة عقبة في التمثيل الحقيقي لدارفور إذا لم يضع صانعي سلام دارفور حسابا لاعتبارات الوضع الداخلي والترتيب لما بعد الحرب, ووضع الامور إلى نصابها, والاستعداد لاحتواء أي خلافات أخرى قد تنشأ, وهي محتملة, وبشأن من يمثل دارفور حقيقة في الخرطوم؟ ويضاف إلى ذلك كله, أن الاتفاقية الموقعة " لاسترداد حق أهل دارفور غير منقوصة", مهما كان شكلها ستترك الصراع الداخلي في دارفور متقدا وتظل أبوابه مفتوحة بين الحركة التي وقعت السلام مع الحكومة في أبوجا, اوتلك التي لم توقع والتى تمثل قطاعا عريضا من القبائل الأفريقية التي تزال ترى أنها الممثل الشرعي لهذه القبائل, وعلى مائدة السلام تبقى القبائل العربية وبعض الأفريقية الصغيرة المتحالفة مع الحكومة بعيدة ومتذمرة من الوضع. وبدون مشاركة هذه القبائل في الحل, فإن أي اتفاق سيكون قاصراًعن تحقيق السلام المستدام في دارفور, خاصة وأن النزاعات القبلية والشكاوي المتعلقة بها كانت الحافز الأساسي وراء التمرد, تلك العوامل مجتمعة قد تكون ذات أهمية لا يمكن إغفالها في أي ترتيبات تختص بالسلام الشامل في دارفور, وإلا فإن المسألة ستحول الإقليم مرة أخرى إلى حرب أهلية بعكس عقارب الساعة, وهذا بغير مستبعد تماماً, بالنظر إلى التعقيدات التي لازمت قضية دارفور في جميع مراحلها السياسية والأمنية والقبلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.