بلا إنحناء قضية وصول البضائع والسلع الأساسية إلى جنوب السودان ينبغي أن لا تدور في محور الصراع السياسي بين الشمال والجنوب باعتبار أن القضية ذات أبعاد إنسانية تتطلب منا النظرة الموضوعية للأوضاع الإنسانية السيئة التي يعيشها أخوتنا في جنوب البلاد، ومن حق هؤلاء أن ينعموا بالسلع من السوق الشمالية وأن حصارهم اقتصاديا كما ادعت الحركة الشعبية ليس من الأخلاق في شيء وسلوك سيء وضيع يتطلب من جميع مكونات الشعب السوداني رفضه وإدانته لأن شعب جنوب السودان ليس عدو لشعب شماله ، وإختيار الجنوب للإنفصال لا يمنحنا الحق في السعي لتجويع مواطنيه الذين ساهموا في استقلال السودان وبنائه، والمشاركة في كل ثورات التحرر من الاستعمار والديكتاتوريات من بعده، وهذه المساهمة تدفعنا لمطالبة الحكومة بضرورة أن ترمي بالكيد السياسي جانباً ولتنظر للظروف الإنسانية لشعب ظل يعاني من قبل وبعد الاستقلال ،شعب انهكته الحروب وحينها لجئ إلى الشمال لشعوره أن لا غربة مع أخوته في الشمال أي عند لحظة المفاضلة مابين دول الجوار والشمال كان الخيار شمال الوطن ، الواجب الأخوي والإنساني والأخلاق يدعونا إلى نقاسمهم عيشنا ناهيك عن أرسال بضائع يشترون ولنا في مكاسب مادية . الصراع السياسي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ينبغي أن لا تستخدم فيه أدوات تجردنا من الخصوصية السودانية والأخلاق الحميدة التي عرف بها السودانيين، ويبدو واضحاً أن المؤتمر الوطني يعيش حالة الانفصام في الشخصية ففي الوقت الذي يجود فيه على الجارة مصر بالأبقار ويعدها بالاستثمار في أراضي السودان، يمنع أخوتنا في الجنوب السلع الأساسية وهو يدرك مدى اعتماد الجنوب على الشمال في كثير من المواد الغذائية والسلع الضرورية ،وإذا تأكد صحة ما أورده وزير التعاون الدولي بحكومة الجنوب دينق ألور بشأن تراكم عشرات الشاحنات المحملة بالأغذاية على الشريط الحدودي بسبب منع سلطات الشمال من عبورها جنوبا في محاولة لحصار شعب الجنوب هذه الموقف يحتم على منظمات المجتمع المدني الحقوقية و والمجتمع الأهلي والأحزاب السياسية أن ترفع وتيرة الدفاع عن حقوق شعب الجنوب الذي يعاني من التدهور الأمني بسبب المجموعات المسلحة الجنوبية ، ونقص الغذاء وخاصة أننا مازلنا نأمل في وحدة مستقبلية،فمسألة الصمت عن سياسية الحصار الاقتصادي موقف لا يشبه الشعب السوداني ، ونحن مازلنا أخوة باعدت بينهم السياسة ولكن تظل العلاقات الاجتماعية قائمة بين شمال وجنوب السودان.