تمثل منطقة (تُنقُلي) التي تتخذ منها الحركة الشعبية بالمنطقة الشرقيةلجنوب كردفان رئاسة لها ملاذاً آمنا لقطاع الطرق والقتلة والحرامية ، إذ يتغشاها السارقون والقتلة والمجرمون (الحركيون) الفارون من وجه العدالة ، ولا عدالة بعدها تطالهم إلا عدالة السماء ... فمن دخل دار (تنقلي) فهو آمن !!!. يعاني أهل المنطقة الشرقيةبجنوب كردفان خاصة في مناطق أم برمبيطة والفيض أم عبد الله وما جاورها من ظاهرة نهب الأبقار والإتجاه بها غرباً إلى منطقة الجبال الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية . ووفقاً لأعراف الحركة الشعبية يفترض أن يكون الرعاة أحد الفئات الرئيسية في قائمة المهمشين ، ولكن ما يحدث الآن هو سرقة أموال المهمشين بواسطة مناصري الحركة الشعبية أو من يدَّعي ويدعو لمناصرة المهمشين ... إنه لأمر غريب ومريب ، اللهم إلا أن يكون المهمشون إثنيات وسحنات وصفات تعرفها الحركة الشعبية لتحرير السودان وعرافيها دون غيرهم ... تصطفي منهم من تشاء وتهمش من تشاء ... وتزنهم بميزان العنصرية الدقيق لتختار منهم ما يناسب توجهها العنصري . فمنطقة تنقلي تعتبر منطقة خارجة عن سيطرة الدولة ، فلها جيشها وشرطتها ومحاكمها وحتى قانونها الخاص الذي تطبقه دون الرجوع إلى أي جهة أخرى في الدولة ، وهو وضع أشبه بمحاكم السلاطين التي كانت سائدة في وقت ما في الخرطوم قبل أن تقوم الحكومة بمداهمتها وتجريدها تماماً من كل السلطات وبسط سيادة الدولة . فإذا اتجه المال المسروق من تلك المناطق صوب تنقلي سينقطع عشم صاحبه إلا من أمل التعويض الرباني ، حيث تقف قوات الشرطة والجيش بالمرصاد لكل من يود التحرك غرباً للحاق بماشيته وتخليصها من أيدي اللصوص كإجراء إحترازي لمنع إشعال نيران الفتنة في تلك المنطقة الهشة . ومع عدم إستطاعة أي شرطي أو أي جهة حكومية الدخول إلى تلك المناطق تصبح النتيجة خسران مبين للمواطنين . بمعنى آخر تقوم الحركة بصورة منظمة بإفقار المهمشين تماماً وتركهم للفاقة وشظف العيش ... وما أدراك ما الراعي حين يفقد ماشيته ، فهو مفطور على الرعي وحده ، ولا سبيل له لإكتساب معيشة ولا تفريج هم بدون ماشيته التي أصبحت بفعل فاعل واحدة من آليات الصراع في تلك المنطقة . حيث تُمارس هذه السرقات بمعرفة وتحت حماية الحركة الشعبية وبمباركة قواتها وقادتها ويتم إستلام المال المسروق كذلك . فأصبحت سرقات الأبقار تتم بصورة شبه يومية مما أدى إلى إفقار العديد من الأسر وتركهم لا حول لهم ولا قوة وبالتالي تحويلهم من منتجين إلى عطالة ، فلربما قادته مثل هذه الأفعال إلى الوقوع في حبائل الشيطان ليختار أقصر الطرق لكسب العيش بإمتهان سلوك إجرامي يقوده إلى المجهول . سرقات الأبقار في تلك المنطقة تعتبر أكبر مدخل للجريمة هناك ، فكم من راعي قُتِل وكم من راعي قَتَل اللصوص وكم من أشتباكات وقعت بين مجموعات اللصوص وأصحاب المواشي راح ضحيتها العديد من الأنفس ، علماً بأن هذه الإنفلاتات تقع تحت بصر وسمع المسؤولين في المنطقة ودونت بها بلاغات في مراكز الشرطة هناك في إنتظار من ينصف . لكن يبدو أن الهدف من هذه السرقات ليس النهب فقط إنما إفقار هؤلاء "المهمشين" الذين لا يدينون بالولاء للحركة الشعبية وتركهم للفاقة والعوز حتى يضطرون لبيع كل ما يملكون بما في ذلك أسلحتهم فتسهل هزيمتهم بعد ذلك والتخلص منهم إلى الأبد . أوجه هذا النداء إلى والي جنوب كردفان المنتخب أرجو منه سرعة التدخل والعمل بكل قوة لإقتلاع ظاهرة سرقة المواشي المنتشرة في هذه المنطقة ، وأعلم بأنه لن يتأتى له ذلك إلا بعد القضاء على ظاهرة المناطق المقفولة تماماً وإعادتها إلى سبيل الرشاد . وحسب إعتقادي بأن الرعاة في تلك المناطق لن يظلوا صامتين إلى الأبد ... إذن فلابد من وأد الفتنة قبل أن تستشرى ، فالحق دولة والباطل جولة .