زفرات حرى ومن عجائب الدنيا أن يقول مالك عقار، الرجل الذي لا يعرف غير لغة الدم والتهديد والوعيد، أن يقول: «يجب أن تسود لغة الحوار وعلينا تجنيب شمال السودان الحرب مع ذاته أو مع جنوب السودان»!! مالك عقار رئيس الحركة الشعبية بالسودان الشمالي التي يشغل الرويبضة «عرمان» منصب أمينها العام.. مالك عقار، والي ولاية النيل الأزرق الشمالية التي يقود منها المعارضة لحكومة الشمال، يقول هذا الكلام من خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء الماضي في كادقلي بالرغم من أنه ذات الرجل الذي رفع شعار: «يا النجمة يا الهجمة» الذي خاض به معركة الانتخابات المزوّرة في النيل الأزرق والذي هدَّد وتوعَّد بأنهم سينقلون المعركة إلى الخرطوم بل وإلى القصر الجمهوري حال حدوث تزوير في انتخابات ولاية جنوب كردفان مما يفسِّر ذات العبارة القديمة «يا النجمة يا الهجمة» لكنها هجمة ستكون داخل القصر الجمهوري هذه المرة كما أنه ذات الرجل الذي قال في لغة سُوقية تُشبهه: «زمن الأوانطة انتهى»!! مالك عقار.. الرجل الدموي الذي قال عندما وُجِّهت إليه الدعوة لحضور إفطار رمضان من قِبل الوفد الحكومي المفاوض خلال انعقاد جلسات نيفاشا: «كيف نفطر معكم وبيننا وبينكم أنهار من الدماء»؟! ورفض الدعوة بغطرسة وعجرفة عُرفت عنه.. مالك عقار هذا يا سبحان الله أصبح يتحدَّث عن وجوب «سيادة لغة الحوار»!! ما الذي تغيَّر حتى يغيِّر الرجل جلده ويختار هذه اللغة؟! إنها أبيي التي نزل اقتحامُها على عقار وعلى الرويبضة عرمان نزول الصاعقة فزلزل كيانهما وجعلهما يستخدمان لغة أخرى غير تلك التي ظلا يستخدمانها منذ أن جثمت نيفاشا بكلكلها على صدورنا وأنفاسنا.. إنها اللغة التي لا يفهمان غيرها!! بيد أن عقار وهذا هو الأهم لم ينسَ أن يستخدم الابتزاز الذي مردوا عليه من قديم فقد قال خلال مؤتمره الصحفي تلك العبارة المضحكة التي اختارتها صحيفة الحركة الشعبية مانشيتاً ضخماً لها: «عقار: 9 يوليو بداية جديدة لنيفاشا»!! عجيبٌ أمرُ هذا الرجل الذي قرَّر من طرف واحد إحياء نيفاشا بعد أن قُبرت ودُمِّرت وانتهت صلاحيتُها وأُلقيت في مزبلة التاريخ!! طيِّب يا عقار.. هل تظن ورفيقك الرويبضة أنه بمقدوركما إحياء الموتى؟! إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تعيدا سيدكما «ونبيَّكما» قرنق إلى الحياة بعد أن هلك وشبع موتاً؟! ثم قال عقار تعقيباً على مطالبة عبد الرحمن أبو مدين بسحب الجيش الشعبي ونشر القوات المسلحة السودانية في ولاية النيل الأزرق: «إن الجيش الشعبي مكوَّن من أبناء منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان» بما يعني أنه يُصرُّ على بقائه رغم أنف اتفاقية نيفاشا وأقول لعقار والرويبضة والحلو خبِّرونا عن بلدٍ في العالم به أكثر من جيش واحد.. خبِّروني عن بلد كامل السيادة في العالم يسمح بوجود جيش آخر يحمل عقيدة وإستراتيجية مناقضة مناهضة لإستراتيجية جيشه الوطني!! ثم هل تسمح دويلة سادتكم في جنوب السودان بوجود جيش آخر أو مليشيات مسلّحة أم أنها تعتبرها خارجة على القانون وتشنُّ الحرب عليها؟ أقول مخاطباً الرئيس البشير وقد حسم الجدل وأخرج الجيش الشعبي من أبيي إن الخطوة التالية هي أن يوحِّد السودان الشمالي كلَّه تحت القوات المسلحة السودانية وأن يعتبر كل ما عداها من جيوش أو مليشيات مسلحة كيانات متمرِّدة فهلاّ أعاد السودان الشمالي إلى الوضع الذي كان عليه عندما قامت الإنقاذ على أساس أن السودان هو السودان الشمالي بعد أن أراحنا الله من عبء الجنوب وهلاّ استكمل سيادة السودان على أرضه وحرَّره من الجيوش والمليشيات خاصةً تلك التي تخدم دولاً أخرى!! على أن أكثر ما أدهشني هو حديث السيد الصادق المهدي حول انتخابات جنوب كردفان ووالله إنني لأُشفق على الإمام الذي لا أريده أن يعود إلى سيرته الأولى أيام شبابه عندما كان يلقَّب ب «أبو كلام» ذلك أني أرى الرجل يتحدث هذه الأيام بصورة شبه يومية فهلاّ زاد غِبّاً حتى يزداد الناس حباً لكلامه ولا يملّوه وهلاّ توقف عن التعليق على كل صغيرة وكبيرة!! أما حديثه عن انتخابات جنوب كردفان التي لم يتخلَّ فيها عن عادة مسك العصا من النصف التي اشتُهر بها والتي دمَّرت سيرته وأداءه السياسي فليته لو تذكَّر أن الحركة الشعبية ليست حزباً سياسياً وطنياً وإنما حزب أجنبي ينبغي أن يُطرد من السودان الشمالي حتى لا يكون حصان طروادة وشوكة حوت في خاصرة الوطن. نسيتُ أن أقول إن عقار طالب بوقف الحملات التي وصفها بالظالمة التي تستهدف الحركة الشعبية!! وأقول لعقار إننا لن نتوقف عن هذه الحملات حتى تغادروا السودان الشمالي إلى حيث أولياء نعمتكم الذين حاربتم من أجلهم وطنَكم وشعبَكم... وأؤكد له أننا كما انتصرنا في معركة الانعتاق من وحدة الدماء والدموع سننتصر في معركة طرد العملاء من بلادنا.