الناس نور الدين مدني *تزداد حاجتنا وحاجة العالم أجمع إلى تعزيز ثقافة الحوار مع الآخر الملي وغير الملي والاعتراف به والتعايش معه وفتح الأبواب أمام تلاقح الأفكار خاصة وسط تنامي التيارات التكفيرية التي تكفر حتى المسلمين وتحاول سد الطريق أمام حركة التطور التقني والعمران الإنساني والسلام الاجتماعي بين الشعوب والقبائل التي خلقها الله وكرمها على بقية مخلوقاته بغض النظر عن جنسياتهم وإثنياتهم وأعراقهم وألوانهم. *نقول هذا ونحن نحتفي بكتاب الشيخ عبد المحمود أبو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار إمام وخطيب مسجد الهجرة بود نوباوي تحت عنوان "الحوار في الإسلام- نتائج وحقائق"الذي نعتبره مساهمة مقدرة تضاف إلى مساهماته الكثيرة داخل البلاد وخارجها من أجل تأصيل ثقافة الحوار منطلقاً من وحدة المصدر الديني السماوي ووحدة الاصل الإنساني مع الإقرار بالتعدد النوعي والعقائدي والفكري والثقافي في ظل التواصل والتعاون والتبادل المعرفي والمصلحي بين الناس كما جاء في غلاف الكتاب. *هذه مناسبة نبين فيها للشباب خاصة الذين لم يشهدوا جحافل الأنصار وهي تحتشد في الخرطوم للتعبير عن رأيها بالضغط على الحكومات في مشهد لا يخلو من إرهاب فكري أسهم في ذلك الزمان في إصدار قرار بحل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان. *حدث تغير كبير وظاهر للعيان للخطاب الأنصاري تحت قيادة الإمام الصادق المهدي حتى أصبحت دار الأمة- دار حزب الأمة القومي- ودار الإمام بحي الملازمين ساحات للقاءات جامعة لرموز أهل السودان بمن فيهم رموز الحزب الشيوعي السوداني الذي تغير خطابه السياسي أيضاً واصبح من المبشرين بالحل الديمقراطي. *عرفنا الشيخ عبد المحمود أبو إماما وخطيباً ووجدناه داعية مستنيراً، حمل امانة الدعوة في أحلك الظروف فصدع بقول الحق والنصيحة المخلصة ودفع ثمن ذلك اعتقالاً وحبساً ولكنه ظل على موقفه لم يتغير ولم يتبدل وأسهم بجهده ومجاهداته في تطوير كيان الأنصار والحفاظ عليه وسط كل الأنواء. *نقف فقط عند نفحة من نفحات هذا الكتاب المهم وهو يبين لنا في مشروعية الحوار: إن الحرية في الإسلام لا حدود لها بدليل إن إبليس أعلن عن نهجه ووسائل اغوائه فلم يمنعه الله في عرض أفكاره بل هيأ له كل الأجواء للتعبير عما يريد، وترك حسابه ومن يغويهم إلى القيامة. *يضيف الشيخ أبو قائلاً: إن حرية التبشير مكفولة في الإسلام وإن الذين يرفضون لأصحاب الديانات الأخرى وأصحاب النظريات "الهدامة" بأن ينشروا أفكارهم قد جانبهم الصواب فالإسلام لا يضعفه نشاط الآخرين لأن حجته دامغة. *هذه المساحة لا تكفي بالطبع لاستعراض هذا الكتاب الذي جاء في وقته ليسهم في التصدي لتيارات العنف والإرهاب الفكري التي للأسف أصبحت تنتشر خاصة وسط الشباب الذين لا نشك في إخلاص نيتهم وهم في أمس الحاجة للأخذ بيدهم بالحوار أيضاً للخروج بهم إلى رحاب النور الهادي للبشرية جمعاء بعيداً عن العنف والإرهاب الفكري والبدني.
------------------------------------------ صحيفة السوداني إدارة التحرير