في استطلاع الكتروني أجراه موقع سودانيزاونلاين حول من هو أفضل حاكم أجنبي أو وطني حكم السودان خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين جاءت نتيجة الاستطلاع حتى تاريخ 28/5/2011 على النحو الآتي: من الملاحظ أن نتيجة هذا الاستطلاع ، والتي نأمل أن تتغير لصالح الحكومات الوطنية، قد جاءت مخيبة للآمال الوطنية لأن رأي الأغلبية الساحقة من المصوتين السودانيين ، حتى الآن ، هو تفضيل حكومة الاستعمار الانجليزي على كافة الحكومات الوطنية السودانية ومن المؤكد أن هكذا تصويت يثبت ما يلي: أولاً: الاعجاب القديم الجديد بحكم الانجليز الذين استعمروا السودان منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى النصف الثاني من القرن العشرين ، ففي أثناء حكم عبود وحكم نميري كان عدد معتبر من شيوخ السودان يقولون بلا حرج: "رحم الله الانجليز فقد كانوا يوفرون لنا الجاز والسكر حتى في زمن الحرب" ، فبالنسبة للأجيال التي عاصرت الاستعمار الانجليزي كان حكم الانجليز يعني لهم دقة وانضباط سكك حديد السودان ونجاح مشروع الجزيرة وتفوق جامعة الخرطوم وتوفر خدمات الماء والكهرباء والصحة وازدهار الأندية الرياضية والاجتماعية والثقافية... الخ ، ولعل جميع السودانيين قد سمعوا من كبارهم تلك المقولة التي مفادها أن الجنيه السوداني الواحد كان يساوى عدة دولارات أمريكية في زمن الانجليز لكن الدولار الأمريكي الواحد أصبح يساوى آلاف الجنيهات السودانية في زمن الحكومات الوطنية فلا حول ولا قوة إلا بالله! ثانياً: عدم الثقة في كافة الحكومات الوطنية السودانية سواء أكانت ديمقراطية أو عسكرية فمعظم السودانيين يعتقدون أن الحكومات الوطنية السودانية هي حكومات فاشلة وأنها مسؤولة بالكامل عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتصاعد الذي حدث وما زال يحدث في السودان منذ عهد أول حكومة وطنية وحتى تاريخ اليوم ، وينسبون للحكومات الوطنية تهمة التفريط في وحدة السودان باحتلال مثلث حلايب من قبل مصر وانفصال جنوب السودان وفشل كل المشاريع الوطنية بما في ذلك المشروع الحضاري الذي صدعت به حكومة الانقاذ رؤوس السودانيين منذ أكثر من عشرين عاماً وانتهى بمحاصرات دولية للسودان وحرب بين السودانيين في ابيي المسكينة التي يقبع البترول في باطنها ولا توجد في ظاهرها سوى قطاطي القش البائسة! فهل تشكل نتيجة هذا الاستطلاع الالكتروني جلداً للذات السودانية؟ وهل تعبر عن اليأس المزمن في قدرة الحكومات الوطنية السودانية والسياسيين الوطنيين السودانيين في تحقيق أي انجازات فعلية مستدامة للسودان؟ وهل الاستقلال السياسي السوداني في عام 1956 كان صورياً بدليل أنه لم ينجح حتى تاريخ اليوم في فك عقدة الخواجة ؟ الإجابة ، للأسف ، هي نعم حتى تاريخ نشر هذا المقال. فيصل علي سليمان الدابي/المحامي