زفرات حرى تهيأوا للصدمة قبل أن تقرأوا هذا الخبر، فقد حكمت محكمة الأسرة والطفل ببحري على رجل شرع في اغتصاب ابنته.. نعم ابنته البالغة من العمر 11 عاماً.. حكمت عليه بالسجن 51 عاماً بدلاً من أن ترجمه!!.. إنه أمرٌ جلل تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض.. ولكن لا تندهشوا قرائي الكرام فقد كان الرجل سكران.. نعم لا تندهشوا وهل يُستغرب أي تصرف يأتيه مخمور فاقد لعقله؟! صدق الله العظيم إذ يقول: «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ». انتهى الخبر المحزن عند هذا الحد.. لكن القضية لم تنتهِ بعد. لعلّ السؤال الذي يفرض نفسه هو: من أين أتت الخمر التي احتساها ذلك المسكين الشبيه بالمجنون؟! من أين أتت في بلاد تحتكم إلى الشريعة الإسلامية التي يشنُّ الشيوعيون وبنو علمان الحرب عليها حتى تفقد بناتُنا الأمن والأمان داخل بيوتهنَّ ويطيرُ النومُ من أعينهنَّ خوفاً ممَّن يُفترض أنهم حماة أعراضهنَّ... خوفاً من آباء يعاقرون الخمر ويطلِّقون بسببها زوجاتهم بأيسر مما يغيِّرون ملابسهم!! قبل خبر ذلك الوالد المخمور بأيام وتحديداً بتاريخ 72/4/1102 نقلت «آخر لحظة» في صفحتها الأولى خبر الحكم الذي أصدرته محكمة الأسرة بالخرطوم بحري بإعدام مغتصب طفلة عمرها خمس سنوات بعد أن استدرجها إلى منطقة زراعية.. وقبلها سمعنا عن قصص كثيرة هزّت أركان العاصمة ومن بينها قصة الطفلة «مُرام» التي استدرجها شباب يقيمون بجوار منزل والديها، ولا يزال جُرح البريئة «بانة» ذات السنتين ينزف ولا يزال أهلُها يبحثون عنها منذ أن فقدها والداها منذ خمسة أشهر!! مجتمعنا لم يعد ذلك المجتمع الذي كان يتغنّى ويفاخر «أنا المأمون على بنوت فريقو» تلك الخصلة التي تفاخر بها عنترة قبل أكثر من ألف وخمسمائة عام: وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها حدثت تحوُّلات كبرى جرّاء الحروب والتمرُّدات والهجرات والثقافات الوافدة عبر الفضائيات وغير ذلك من المؤثِّرات التي تلفح مجتمعنا بقوة في غياب تأثير الردع الاجتماعي والأسري وقبل ذلك الديني.. أقول الديني لأني أعلم كم هو معطَّل دور المسجد الذي أراد الله تعالى أن يعلمنا أنه كالقرآن الكريم لا تنقضي عجائبُه ففي كل زمان له دور يتناسب مع الواقع المستجدّ فوالله ما هي ثورة الفيسبوك بقدرما هي ثورة المساجد التي زلزلت أركان الطواغيت من خلال مؤتمرات «الجمعة» التي أخذت الأمة في توصيف أسمائها: جمعة الغضب، جمعة الحرية، جمعة الرحيل، جمعة التغيير وهكذا دواليك ولكن أين هي جمعة تغيير المجتمع ومن يحرِّك المنابر أيام الجمعة لتوقظ الأمة وتُحيي قِيم التديُّن وتكبح الجريمة وتحرِّك موات القلوب وتقود جحافل المجاهدين؟! هل تذكرون قرائي الكرام تصريح دينق ألور حين قال إنه بمجرد أن يتم الإعلان عن الانفصال سيتم تبادل المساجين في كلٍّ من الشمال والجنوب بمعنى أن أبناء وبنات الجنوب المحكومين بالسجن في الشمال سيرحلون إلى الجنوب، وأضاف ألور أنه بمجرد أن تصل بائعات العرقي الجنوبيات اللائي كنَّ معتقلات في سجون الشمال إلى الحدود الجنوبية سيتم إطلاق سراحهنَّ باعتبار أن الخمر مُباحة في الجنوب الذي يترنَّح السُّكارى وتتجوَّل بائعاتُ الهوى وحاملات الإيدز في طرقاته بالليل والنهار!! هؤلاء وكثيرٌ من اللاجئين من دول الجوار هم مصدر الخمر التي تسبَّبت في الكارثة التي حكينا عنها في صدر هذا المقال وبالرغم من ذلك يتحدَّث البعض عن الحريات الأربع التي يرون أن تُمنح لأبناء الجنوب عقب الإعلان عن قيام دولة جنوب السودان في التاسع من شهر يوليو القادم كما يتحدّث بعضُ المسؤولين عن الحدود المرنة بين الشمال والجنوب!! ثم ويا للهول يتم التصديق بدخول الإريتريين إلى السودان بدون تأشيرة ومعلوم أن أي قرار يصدر بشأن إريتريا يقتضي معاملة بالمثل بالنسبة لإثيوبيا التي يبلغ سكانُها أكثر من سبعين مليون نسمة وتخيلوا ما يحدث إذا انتقل عشرة أو عشرين مليون إثيوبي إلى السودان وصدِّقوني أن نسبة الفقر في إثيوبيا ستجعل من ذلك ممكناً خاصة وأن هجرة متصاعدة من تلقاء الشرق تشهدها بلادُنا هذه الأيام.. فهل بربِّكم سيبقى السودان حينها هو ذات السودان الذي عرفناه؟! ثم يزيد الطين بِلة عندما يتحدث الرويبضة عن الكونفدرالية ويتحدث الصادق المهدي عن التوأمة!! يحدث كل ذلك ومسؤولونا يتحدثون عن الجمهورية الثانية بعد أن ارتحنا من الجنوب وعبئه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فكيف بربِّكم ومن يا تُرى يتّخذُ القرار في السودان وهل نوقش هذا الأمر في البرلمان قبل أن يصدر القرار أم أن البرلمان منوط به الاستماع إلى تقارير الأداء «المعلّبة» من الوزارات؟! هل غادرت بائعات العرقي اللائي تحدث عنهنَّ دينق ألور الذي كان اسمه أحمد ألار قبل أن يغيِّر دينه استرضاء للحركة الشعبية وسعياً للحصول على مركز مرموق في مستقبل جنوب السودان، هل غادرن أم لا يزلن يمارسن هواية الخروج من السجن ثم مواصلة إفساد شبابنا ورجالنا؟! بهذه المناسبة أودُّ أن أذكِّر أهلي أبناء السودان الشمالي بتصريح باقان أموم حين قال عقب الإعلان عن الانفصال: «ارتحنا من وسخ الخرطوم»!! مبروك عليكم يا باقان نظافة جوبا!!