بلا انحناء يبدو أنّ ولاية جنوب كردفان اعصوصبت أزماتها، وطفح كيلُ التوتر في حاضرتها. فقبل أن ينطفئ الحريق في أبيي اشتعلت كادقلي.. ما لهذه الولاية كأنّما كُتب عليها الشّقاء حينما جلس عرابو اتفاقية نيفاشا يتدارسون أمرها، يغزلون نصوص بروتكولاتها، ما أعظم أمر هذه الولاية تتلفح بألوان من البلاء وهي مرة أخرى ترتدي ثوب الحريق بعد أن استبشر مواطنوها باتفاقية سويسرا التي أوقفت صوت البندقية، وأكتملت البشرى حينما وقعت الحركة الشّعبية على اتفاقية السّلام الشّامل، ولكن كأنّما جنوب كردفان هي سيدة الشّقاء!. فقبل أن تغتسل من دماء الحرب التي أخرجتها من منظومة الأمن والسّلام سنيناً عددا، عادت إليها الحرب تتسرب من نصوص بروتكوليها (أبيي-المشورة الشعبية). هذه الولاية دفع إنسانُها فاتورة حربٍ عاليةٍ، فكانت خصماً على تعليمه وصحته وتنمية منطقته، ولكن حينما لمع بريق السّلام قال أهلُها آنسنا ناراً لعلنا نأتي منها بقبسٍ، وكان صمت البنادق قبساً، وهدوء بركان المدافع قبساً ، وسكون وزلزال الدّبابات قبساً ، ولكن قبل أن يضيئ لهم هذا القبس ليمشوا فيه أظلم عليهم ، وقبل أن تُغلق سنان اليراع الذي كتبت به البرتكولات ويجفف مداده، دقت أجراسُ الإنذار، ونطق مراقبون كثر، وساسة معارضين، وأكاديمون سياسيون، ومفكرون محايدون، نطقوا وأنذروا من شررٍ مستترٍ خلف نصوص اتفاقية نيفاشا، خاصّة فيما يتعلق ببروتكولات المناطق الثلاث ( أبيي- جنوب كردفان - النّيل الأزرق)، إلا أنّ قيادات الوطني ضربت "القراف" لإخافة الجمل (الحركة الشّعبية) من النّظر إلى أيّة ملاحظات حول اتفاقية السّلام، كما أوحت للشريك بأنّ الانتقادات للاتفاقية خرجت من رحم الغيرة السياسية والعداء للاتفاقية، وقد بذلت قيادات الوطني جهداً كبيراً كيما تسير الحركة الشّعبية في سربهم دونما يعطون الملاحظات حول الاتفاقية أيّ اهتمام خاصّة أبيي التي وصفت بالقنبلة الموقوتة منذ التوقيع على الاتفاقية التي نُعتت بالسّلام الشّامل مع أنّها كانت حصرياً على تقنين وضع الجنوب في السلطة والثروة مع الحفاظ على الأغلبية للمؤتمر الوطني في حكم البلاد. ليت الوطني سمح لهذه الملاحظات أن تسير في طريقها لتصحح الأخطاء والتناقضات حتى يتم لجنوب كردفان نورها. وها هي الاضطرابات والتوترات الأمنية بجنوب كردفان لسان حالها يعكس مدى القلق والاضطراب والعذاب الذي ورثه مواطنو الولاية من الاتفاقية، وما يجري في كادقلي وأبيي من نشاط مسلح يُعبّر بعمقٍ عن أنّ الأمور تزحف نحو الأسوأ بمؤشرات لا قبل للشريكين كبح جماحها إلا بالحكمة التي تتطلب من الجميع الترجل من عرش المزايدة السياسية والخروج من التّقوقع في الحزبية والمكاسب الشّخصية والإثنية والنّظر إلى القضية من بعدٍ إنساني كيما نضع سداً من زبرِ الحديدِ وقفاً لأيّة حرب متوقعة، خاصّة وأنّه لا أحد يخفي رعبه المتعاظم من بوادر الحرب العنصرية في الولاية التي تُواجه أزمات وبلاءات كُبرى كلما التفت مواطنوها إلى أبيي اقشعرت جلودهم مما فيها من دمار، وكلما التفتوا إلى حاضرة الولاية تضاعف وَجَلَهُم من المجهول المختبئ خلف نفوسها المشحونة بالعداءات المتبادلة التي ربما تؤدي إلى هتك النّسيج الاجتماعي. لا شك في أنّ الأمر بالولاية جللٌ إلى درجة لا بد أن يتولاه المؤتمر الوطني والحركة الشّعبية باهتمام خالٍ من القرارات التي تزيد من لهب الحريق كيما تغادر الولاية محطة التوتر والحرب النّفسية التي أصابت المواطنين إلى درجة جعلتهم يغادرون الولاية إلى ولاية شمال كردفان خاصة بعد الأنباء التي أفادت بمغادرة عبد العزيز الحلو مدينة كادقلي إذاً الأمر قد يتجاوز محطة التوترات الأمنية إلى تمرد جديد يشعل نيران الحروب بعد أن توعد على عثمان نائب الرئيس بعدم التهاون مع المتورطين في الأحداث ، أعقلها ياعراب اتفاقية السلام الشامل وأخمد الشر بالحكمة البلاد شبعت من الحروب. الجريدة