[email protected] في مقال سابق بعنوان "الصحفيون هؤلاء الجنود المجهولون" كنت قد تطرقت إلى ما تعانيه هذه الشريحة من رهق فكري ونفسي من مهنة الصحافة، فكما هو معلوم فإن الصحفي ليس موظفاً حكومياً تنتهي مهمته بانتهاء الدوام وبعدها يتفرغ للمناسبات الإجتماعية والتي يعتبرها الموظف وسيلة ترفيه مدفوعة الأجر، في حين تمثل هذه المناسبات للصحفي زائراً متطفلاً جاء على غير موعد ليشتت ذهنه ويقطع حبل أفكاره ، ولعل في بعض ما أوردته في ذلك المقال ما يعبر عما أردت قوله .. "وإذا كانت الكتابة للكبار أقل عنتاً ومشقةً منها للصغار، حيث أن الكاتب يسكب أحاسيسه وانفعالاته على الورق بتلقائية وعفوية وكأنه يخاطب صديقاً عزيزاً لديه تاركاً "للكلمة" حرية الحركة والتعبير عما يجول في خاطره، إلا أن هذه "الكلمة" نفسها قد تتمرد وترفض الخروج من معقلها، وذلك إذا أحست أن الكاتب يرغمها على التعبير عن أفكار مشوشة أو غير صادقة، وإن استجابت تحت ضغطه وإلحاحه فإنها تخرج باردة خالية من الحس والمعنى، مما لا يتحقق معه التواصل المطلوب بين الكاتب والقارئ. ومن جانب آخر، وفي ظل نظام يفرض تحديد قوالب معينة للكتابة، وقد ينكّل بأصحاب الرأي الآخر، يجد الكاتب نفسه مضطراً ومرغماً على التعامل مع "الكلمة" بحذر وحرص شديدين مما يستنزف طاقته ويورثه القهر والإحباط. ساقني للحديث في هذا الموضوع ما ورد من أنباء حول مصادرة جهاز الأمن لجريدة أجراس الحرية للمرة الثانية خلال 3 أيام [ يوم الإثنين 6 يونيو 2011 ، والجمعة 10 يونيو 2011]. وفي كل تلك المرات وفي بعض مرات قبلها كانت المصادرة تتم [بعد طباعة] الصحيفة مما يعني أن السلطة قد قررت أن حجب المادة "المحظورة" عقاب غير كافٍ فلجأت إلى أسلوب "المحاربة في الرزق". وأياً كانت "الأسباب" التي من أجلها قررت السلطة مصادرة عددي الاثنين والجمعة من الصحيفة فإنني أرى أن أسلوب "التشفي" بتلك الطريقة لا يليق بنظام يعلن طول الوقت من خلال وسائل إعلامه المختلفة عن الديمقراطية التي يتمتع بها المواطنون، وبالطبع حسب المفهوم العالمي فإن حرية الكلمة تندرج تحت هذا المسمى أيضاً. أما إن كان للديمقراطية معنىً آخر فنقول لا عزاء للصحفيين.