هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرق السودان مفارقات الموطنة و الإنتماء ومسلسل الموت المقنن


بسم الله الرحمن الرحيم

*ولاية البحر الأحمر( إقطاعية ) اللورد : إيلا . فهو ابن المركز المدلل ...لا أحد يستطيع أن يقول ... له تلت الثلاثة كم .

* إيلا ظلم جنوب البحر الأحمر ظلم الحسن .... والحسين .
* نطالب بالتمييز الإيجابي في التتمية لمنطقة جنوب طوكر , ونشدد في المطالبة بمفوضية خاصة بالتنمية في جنوب طوكر تحت الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية .
*نطالب الحكومة الحديث بشفافية عن إيرادات الذهب في أرياب (عاشر منتج للذهب في العالم ) , وكم تبلغ إيرادات الموانئ وما هو نصيب الشرق منها ؟؟؟.
* أما آن الآوان لإعادة رئاسات مؤسسات الشرق الى موقعها الطبيعي بالإقليم : رئاسة هيئة الموانئ البحرية ....الخ؟؟؟؟ .
* في القضارف - خطوط حمراء - تم تجاوزها في حق أهل الشرق والمسألة ليست بهذه البساطة .. فالولاء ما كل مرة ( بالقفة ) كما كان يحدث سابقا..أصبح هناك وعي سياسي وجماهيري عميق , ونحذر ( المتدهنسين ).
* نطالب بإدراج ميناء عقيق ضمن الموانئ المطروحة على ميناء دبي العالمي للإستثمار فيه وإعادته للحياة .
* انتهت الفترة الإنتقالية ... وعلى الحكومة أن تتعاطى مع الشرق وفق أجندة جديدة ومعطيات جديدة , وإعادة النظر في قسمة الثروة والسلطة وغيرها من الأمور الملحة الأخرى . ولم يعد هنالك مايعرف بجبهة الشرق... ( فقد تفرقوا أيدي سبأ ) ... ولم يعد هنالك من هو مفوض بالحديث باسم الشرق . الآن واقع جديد ...أفرزه إقصاء الحكومة للكثيرين من أهل الشرق , فأصبح عدد أحزاب الشرق كعدد منظمات المجتمع المدني في الإقليم وهذا مايحز في النفوس ويضعف الشرق.
****
ظل شرق السودان من الخياري وحتى حلايب ومن جنوب طوكر حتى البطانة يعاني ولفترات طويلة من جملة إشاكليات متداخلة إقتصادية وإجتماعية وسياسية أقعدت الإقليم وعطلت مسيرة التطور الالإجتماعي وكان لغياب مشروعات التنمية الأثر الأكبر في تعميق أزمة الإقليم السياسية والإجتماعية والصحية المتمثلة في التهميش السياسي والتدهور الإقتصادي وإرتفاع معدلات الفقر وتفشي الأمراض الفتاكة وإرتفاع معدلات الأمية , وإزاء هذه الأوضاع الكارثية التي يعيشها الإقليم والتي يجب التعامل معها بموضوعية وبدون مزايدات ...لأن أي تسويف او مزايدة سيكون على حساب حق المواطن المغبون هذا . والمتفحص لهذا الإقليم من الناحية التنموية يجدها تنحصرفي كثير من الأحيان بمحاولات السلطة ربط التنمية في شرق السودان بالإستقطاب السياسي.
ومع ذلك تسيد ت الكثيير من القضايا والإشكاليات الأخرى في الساحة السياسية السودانية, لاسيما إتفاق السلام الشامل نيفاشا , تسيدت الساحة السياسية والإقتصادية محدثة زخما إعلاميا كبيرا , وذلك لأهمية القضايا التي حوتها هذه الإتفاقية الأمر الذى جعل كل هذه القضيايا شبه قنابل موقوته يمكن ان تنفجر في أي لحظة وأضحت هذه القضايا بفعل الأعلام تشغل عقول وأزهان كافة شرائح المجتمع واصبحت سيدة مجالس الانس ومنابر السياسة وشاشات القنوات الفضائية المحلية منها والعالمية . كما حافظت قضية دارفور أيضا على صدارتها . كل هذا وذاك أوجد إهمالا لباقي رقاع السودان ومايمكن أن يحدث فيها في ظل هذا الوضع الذي من المؤكد يؤثر سلبا على كافة نواحي الحياة علي بقية أجزاء السودان ويولد نوعا من الإحباط والغبن مما يجعلهم يبحثون عن كافة الوسائل للإجتهاد في الإجهار بالظلم الواقع عليهم .
وفي خضم هذه الغفلة جاءت عدد من المبادرات التي تمثل إضاءات خافتة في عتمة شرق السودان تحتاج الى كثير من الإجتهاد والمثابرة والمعالجات وهي إتفاق اسمرا الذي تم توقيعه في 6 اكتوبر 2006 م وماتمخض عنه .والثاني هو مؤتمر المانحين الذي إنعقد في الكويت بتاريخ..........
سوف نتناول موقف المنبر الديمقراطي من إتفاق سلام شرق السودان سلبياته وإيجابياته وما تمخض عنه على ارض الواقع .
اولا : كما هو معروف - ديدن المؤتمر الوطني - وكما حدث مع إتفاق السلام الشامل إستبعاد كافة القوى السياسية الأخرى من هذا الإتفاق , فجاء إتفاقا ثنائيا إقصائيا يتحمل الشريكان معظم تبعاته , ويتجرع الكل مراراته وقساواته , رغم إحتراما الكامل لرغبة أهلنا في الجنوب واحترام خياراتهم وحقهم في عيش كريم .
وبنفس المستوى تعاملت الحكومة مع جبهة الشرق التي تم تكوينها وكلفتتها على عجل بكثير من ( الخم ) قصد منه الذين سعوا الى تكوينها... إستبعاد الآخرين من أبناء وأحزاب الشرق فكان ذلك وبالا عليهم وإنقلب السحر على الساحر ....فتفرقوا أيدي سبأ .....وفي الجانب الآخر وجدت الأطراف الأخرى مجالا فضفاضا لإختراق جبهة الشرق من رأسها حتى أخمس قدميها ...فأدخل المؤتمر الوطني عناصره وأتت حكومة أرتيريا بعناصرها هي الأخرى .....عيانا بيانا ...وعلى عينك ياتاجر ...على مرأى ومسمع الكل ولا أحد يستطيع أن يقول البقرة في الإبريق ...والسكوت مرده أن لكل طرف أجندته التي يريد تمريرها .
أهم مافي هذا الإتفاق الإعتراف بأن للشرق قضيه .


* القتل المقنن :
دعونا الآن نخرج من الطروحات التقليدية التي درج الجميع على تناولها عندما يتحدثون عن مشكلة شرق السودان فهنالك من القضايا ماهو أخطر وأكثر إلحاحا لأنها ترتبط إرتباطا مباشرا بقضية المواطنة وحقوقها ولأنها أكبر مولدات ومحفزات الغبن عند المواطن العادي البسيط .
قولنا فيما يلي ليس دعوة للتفلت وليس تقليلا من قدر قواتنا النظامية وليس دعوة لتشجيع التهريب وتخريب الإقتصاد الوطني بل هي دعوة للتفكر والتدبر لأخذ الحيطة والحذر من ممارسات قد تكون لها نتائجها السالبة .
لقد تكررت في الفترة الأخيرة حوادث وإعتداءات افراد مكافحة التهريب على المواطنين بحجة مكافحة التهريب ويقول بعض المواطنون ( أن هذه الحوادث أصبحت شبه روتينية وتسبب قلقا لإنسان الشرق ) , وحقيقة أصبح أفراد قوة مكافحة التهريب يوجهون التهم ويستصدرون الحكم بالأعدام وينفذونه.. فورا... على كل من يرمى به حظه العاثر في طريق هؤلاء .
هنالك بعض نمازج الإصابات في أوقات متفرقة نجد أنها تدل على الإستعجال وعدم التروق في إطلاق النار وكأنما الامر مقصودا فمثلا في التقرير الطبي للمعتدى عليه المواطن (م.أ.م) والذي تم إطلاق النارعلى عربته ومعه آخرون بتاريخ 10/2/1993م عندما كانوا يتجهون الى قرية( فاتو) بريفي كسلا , حيث قابلتهم عربة مكافحة التهريب وكان يقودها يومئذ ملازم شاب فأطلق اعيرة نارية أصابت العربة من الأمام وعلى الجانب بينما أطلق دون مبررالرصاص على المواطن المذكور فأصابه بعيار ناري إخترق صدره وخرج من الجانب الآخر (حسب تقرير الدائرة الجنائية محكمة الإستئاف/ ولاية كسلا بتاريخ 24/9/2005 وبالنمرة/أ س ج/220/2005م.) وبناءا عليه فإن تقرير معمل الأدلة الجنائية الفنية يؤكد أن الفحص قد أثبت أن الآثار الأربعة للمقذوفات النارية بالجهة اليسرى للعربة قد أطلقت من أمام العربة أي قبل أن تتخطى العربة موقع الضارب . (المختبر الجنائي النمرة: معمل/ أن/148/93 – بتاريخ 22/2/1993م الموافق 1رمضان 1412ه) .
أرودنا هذا النموزج لسببين
أولا : مرور فترة زمنية طويلة على هذا الحادث تؤكد استمرار وتكرار هذه الحوادث وكأنما المسألة سبق إصرار وترصد .
ثانيا : طريقة الإصابة وإطلاق النار من أمام العربة ومن مسافة قريبة حسب إفادة المعمل الجنائي تؤكد بأنه لم تكن هنالك عملية مطاردة أو هروب يستدعى إطلاق النار .
ونموزج آخر ففي ليلة 14/سبتمبر2006م تعرض مواطنوا حي الإنقاذ غرب مدينة كسلا لحالة من الترويع والفزع جراء مطاردة في شوارع الحي بين عربة (مجروس) وعربتي لاندكروز تتبعان لقوات الجمارك إدارة مكافحة التهريب, مما أدى الى دخول إحدى العربات منزل احد المواطنين وقتل فتاتين وطفل .
والسؤال الذي يطرح نفسه ببساطه شديدة : ألم تكن أرواح المواطنين وسلامتهم أهم من أن تكمل شرطة الجمارك مطاردة عربة بحجم المجروس في أزقة الحي الضيقة وتتفادى قتل ثلاثة أشخاص أبرياء ؟؟؟؟؟
وفي العام 2009 لقى مواطن آخر مصرعه بحي مكرام خلال مطاردة من قبل قوات مكافحة التهريب .
أما الواقعة الأكثر حداثة من حيث الزمن , فكانت يوم السبت 26/2/2011م حيث أطلقت قوة من مكافحة التهريب النيران على الشاب ياسر جابر محمد بمنطقة الحفائر غرب كسلا داخل عربة كان يستغلها بجانب السائق , وأفاد وزير الصحة د. محمد سعيد تركاي أن سبب الوفاة يعود لطلق ناري في الرأس . وهذا يؤكد أن الإصابة مباشرة جدا وقريبة مما يدل على عدم بذل أي جهد من قبل قوة مكافحة التهريب تفادي إصابة المواطن في مقتل أي إعاقته وتعطيله .
نحن عند إثارة مثل هذه المواضيع لا نقصد تشجيع التهريب أو ندعو لتخريب الإقتصاد بل ندعو لعدد من الترتيبات التي تحفظ لكل ذي حق حقه . فالشباب العاطل عن العمل وجيوش الخريجين الذين تعج بهم المقاهي وجد في التهريب موردا لسد الرمق. وأي تهريب ؟؟؟؟ مواد غذائية... حجار بطارية... وأشياء لاقيمة لها ولاتساوي دموع الثكالى والأرامل واليتامى الذين خلفهم هذا التهريب اللعين.
* ونموزج صارخ لقضية اخرى وضحية آخر من ضحايا التهريب وإدارة مكافحته ففي يوم 16/2/2009م تعرض الشاب ( ع. آ.) لإطلاق نار في منطقة :كركورة قادما من حلفا متجها الى الطريق الرئيسي العام , طاردته عربة مكافحة التهريب فوقف على يسار الشارع , وهنا بادر أحد أفراد المكافحة بتهيئة سلاحه لإطلاق النار فقال له قائده (قمندان ) القوة ... لاتضرب ...لاتضرب ... ( 7مرات ) ...ولم يستجب الشرطي بالتعليمات وأطلق أربعة رصاصات على العربة من جهة الشباك أصابت إحداها صاحب العربة في مقتل . لم يكن بالعربة ...سلاح أو زخيرة ..بل كان بها عدد من جرادل الطنية وزيت.. وصابون.. إرز... وعدس...يعني مواد تموينية .
وبفواتيرها من تاجر إجمالي في حلفا . ورغم تقرير النائب العام بأن المواد التموينية بالعربة مواد محلية ونفى عنها تهمة التهريب , تم إطلاق صراح العربة بعد ستة أشهر . أما المحاكمة..فكانت...تراجيديا .. فرغم ثبات الشهود على قوله حتى آخر جلسة (ماتضرب ..ماتضرب ...ماتضرب ....) وبعد أن ثبت من التحري أن المتهم مدان بالمادة (130) القتل العمد , ففي يوم النطق بالحكم تجمهر عدد كبير جدا من ذو المقتول الساعة الحاديةعشرصباحا حسب الزمن المحدد للنطق بالحكم , ولكنهم فوجئوا بأن المحكمة تأجلت حتى الرابعة عصرا ...وعند عودتهم تحدث إليهم احد الرتب الكبيرة محذرا إياهم من أي رد فعل في حال صدور الحكم وكان الحكم قد عدل سلفا للمادة (131) القتل الخطأ .

مرافعات:
هذه بعض المقتطفات من مرافعات الدفاع في قضية المرحوم ( ع .آ ) :
** اللإستئناف بتاريخ 31/12/2009 م- محكمة استئناف ولاية القضارف المحامي آدم سبيل (( في تقديري للموقف ان اللحاق بالعربة المطاردة كان ممكنا ولذلك اقدر عدم إطلاق أي عيار ناري في مثل هذه الظروف . وهل أي عربة تحمل بضائع مغطاة بمشمع تحمل بضائع مهربة ؟؟؟؟ )) .
(( إن تصرف المتهم بالقتل لم يكن مشوبا بحسن النية والدليل على ذلك الآتي : إن رئيس التيم حذر المتهم بالقتل بعدم إطلاق أي أعيرة نارية تجاه العربة وهو قائده الأعلى الذي قدر الموقف بأن العربة المطاردة يمكن اللحاق بها وإيقافها وتفتيشها دون حاجة لإطلاق النار عليها وهذا وحده يبرر عدم وجود حسن النية . ))
(( لم يتبع المتهم الخطوات التي يستلزمها ظروف الحادث مثل إطلاق أعيرة نارية في الهواء بغرض إيقاف العربة))
(( المسافة التي تم إطلاق النار منها على عربة المرحوم (ع.آ ) كانت قريبة بدليلالآثار التي نتجت عنها حيث إخترقت الطلقة الباب الأمامي اليمين للعربة وأصابت المرحوم وتسببت في موته ))
مجلة الأحكام القضائية لسنة 1975م صفحة 471 (( انه لايقبل الدفع بالغلط بحسن النية اذا إفتقر تصرف المتهم الى الحيطة والحذر اللذين كان يجب عليه ان يتخذهما في معالجة الأمر بالقدر الذي يمنع الضرر في حالة ما إذا كان إعتقاده خاطئا . النية لاعلاقة لها بالدوافع وانما حسن النية يستلزم ان يكون المتهم قد أبدى قدرا معقولا من الحرص ))
** المحامي خلف الله عدلان – استئناف اس ج/103/2010م – الموضوع طعن بالنقض : (( ثابت من خلال محضر المحاكمة ان( المدان)
هو من أطلق عدد (4) أعيرة نارية من بندقيته الكلاشنكوف القاتلة حتما ومن مسافة ( لاتتجاوز 5 أمتار ) على عربة بها رجلين ( أعزلين) .
**الإزدواجية: (( قرار محكمة الإستئناف بشطب استئناف أولياء الدم وقرار إنقاص عقوبة السجن من خمس سنوات الى ثلاث سنوات , بذلك تكون قررت المحكمة تأييد قرار محكمة الموضوع في الإدانة تحت المادة 131 والإزدواجية تكمن هنا بأن (قاضي محكمة الموضوع قد تم نقله ليكون أحد أعضاء الدائرة الإستئنافية.))
** (( أقوال شاهد الإتهام الأول في يومية التحري صفحة 51 – 61 والتي أكد فيها أن رئيس التيم وهو شاهد الإتهام الأول (ٍس. ب.ا ) بأنه أمر المتهم بعدم ضرب النار أكثر من مره وقد أكد ذلك المتهم نفسه في صفحة 37 أي المدان نفسه عند استجوابه . ))
** (( جاء قرار محكمة الإستئناف متناقضا مما يستدعي نقضه حيث جاء بعجز الصفحة 7 وصدر الصفحة 8 ان فعل المدان الذي أدى الى وفاة المرحوم ليس بحسن النية ولم يكن ضروريا لتأدية واجبه ورغما عن هذه القناعة لهذه المحكمة جاء قرارها مؤيدا لمحكمة الموضوع ممايعد مخالفة صريحة لتطبيق القانون وكان الأحرى بها إلغاء الإدانة تحت المادة 131/2/أ والتوصية بتعديل الإدانة للمادة 130 من ذات القانون الجنائي زوسوء النية وحسنها وهو مربط الفرس الذي يتغير بموجبه القتل من (شبه العمد للعمد وبالعكس ) وهذه القناعة رسخت لدى محكمة الإستئناف بعض مؤشراتها مثل عدد الطلقات وعدم الأمر من رئيس التيم بإطلاق النار بل جاء امره للمدان بعينه بعدم الإطلاق . وكذلك مستند إتهام رقم 5 ( الكروكي ) الذي يتضح فيه ان الإطلاق على عربة المرحوم تم من جهة اليمين وهو لايعني سوى أن ( عربة المكافحة التي كان عليها المدان كانت تحازيها ) وهي الأسرع والأحدث كما ثبت ان الإطلاق لم يك ضروريا لأداء الواجب والمهمة.
** توصلت محكمة الإستئناف لنتيجة ان المدان قد تجاوز حدود سلطته وهو الأقل رتبة من بقية أفراد التيم كما ثابت ان المدان قد تصرف لوحده برعونة فائتة بلا حيطة ودون حذر بل لامبالاة غير آبه بأرواح المواطنين الأبرياء .
** نعم لم تكن هناك ضرورة لإطلاق النار حيث أن المرحوم لم يكن يحمل بضاعة مهربة بل تم شطب بلاغ ( التهريب ) وسلمت البضاعة والعربة الى أولياء الدم كما ثبت انهما لم يقاوما ولم يكونا يحملا سلاحا ولم يكن هنالك خرقا للقانون .
** (( قرار محكمة الموضوع المؤيد بقرار الإستئناف جاء مسببا لايسنده القانون حيث انهما وبمناقشة الوقائع ثبت لمحكمة الموضوع توفر كل أركان الجريمة بموجب المادة 130ق ج لسنة 1991 م وأن المدان قد تسبب في موت المرحوم عمدا , إلا أنها رأت (( انه يستفيد من الإستثناء الوارد بنص المادة 131/2/أ لسنة 1991م لعدم معرفة المدان للمرحوم وليس ثمة عداء بينهما , وهل عدم المعرفة يجعل المدان حسن النية ؟؟؟؟ والمحكمة تبرر انه لايجيد الرماية رغما عن عدم وجود ضرورة أصلا لإطلاق النار ))
********
ونعرج مرة اخرى على نوع آخر من منقصات المواطنة ومثيرات الغبن , فالمعروف أن معظم قبائل التي تقطن هذه المنطقة قبائل حدودية , وكونها كذلك فهذا لايقلل من قيمة مواطنتها ولاينقص إنتماءها ولايجب أن تكون مسار تندر وإذراء دائم من قبل أي شخص كان ,مسئولا أو مواطنا عاديا , ففي أواخرفبراير وأوائل مارس زارني عدد من الشباب الذين فاض بهم الكيل فقالوا لي نحن من مواطني الحدود الشرقية ونعمل في التجارة الحدودية ولكننا نعاني الأمرين من قوات مكافحة التهريب فنحن ندفع أكثر مما يدفع التاجر الشمالي , وندفع في أكثر من موقع داخل وخارج الأطر القانونية وأحيانا كثيرا ما أن نغادر ببضائعنا حتى تصادر مننا للمرة الثانية وأحيانا كثيرة نطر لتركها . والأسوأ من ذلك الأساءات التي نتعرض لها من قبل بعض المسئولين عند المرور من منطقة الى اخرى ...ففي مرة من المرات قال لي احدهم عندما أبرزت له شهادة الجنسية عندما طلب مني البطاقة , أخذها وقال لي ( الجنسية البتشتروها بالقروش دي ما بتمرقك ...شوف ليك زول يمرقك) ..؟؟؟؟؟ وآخر ذكر أن أحدهم قال له ( شبعتوا وعملتو ليكم قروش قايلين البلد بلدكم يا... ؟؟؟؟) ولما إشتكى عند وكيل قبيلته في تلك المنطقة عن هذه الواقعة نادوه في المكتب وضربوه ضرب غرائب الإبل ورموه في الشارع , انقذه بعض الماره وسافر الى مدينة كسلا لتلقي العلاج وعاد الآن الى منزله وكل الناس بتزوروا وتتحمدلله له السلامة .وقال آخر بمرارة إما أن تسكت على الأهانة..... ورمي وتلطيش الكلام.... وتمشي تحت الحيطة.... وبعد ده كله مابتسلم ولاتشعر بأنك مواطن كامل المواطنة , وإما يفور دمك وترتكب جريمة ؟؟؟ هل كوننا قبائل حدودية..هل هذا جريمة؟؟؟ والى متى نصبر على هذا الذل والهوان ..؟؟؟؟ والله في واحد شمالي يعمل في مكتب (....) يدعى (ح) ده متخصص فينا إساءة وهو يعمل في هذه المنطقة منذ فترة طويلة ويتنقل بين مكاتبها . ؟؟؟؟
* ثم ننتقل الى نوع آخر من القتل _ والذي يتلون ويتنوع في بلادي _ حيث تتعدد الأسباب والموت واحد . ففي زيارة لي للمنطقة جنوب طوكر في العام 2005 م إلتقيت عدد من المواطنين وكانت عيونهم تحدثني قبل أن تنطق شفاههم بأن ثمة امور جلل حدثت في هذه المنطقة ومازالت تحدث حتى يومنا هذا, طالها ومازال يطولها التعتيم الإعلامي المقصود ويشوبها الصمت الحذر من مواطني المنطقة ولكنهم يهمسون بها كلما لاحت سانحة لعلهم يفضفضون بعض الشئ .
وكانت المفاجأة حين تكرم أحدهم ومدني بوثائق وهي عبارة عن خطابات في شكل إفادات يقر كل واحد منها بمقتل عدد من الأشخاص أثنا ء عمليات تحرير جنوب طوكر من المعارضة السودانية في يوليو 1998م . أحد هذه الخطابات يفيد بأن عدد 27 مواطنا قد لقوا مصرعهم في قرية ( عيدب) أثناء عمليات التحرير وبينهم (9 نساء وطفلين ) , وخطاب آخر يقر بوفاة اسرة (الشيخ أ.ط. ق. ) المكونة من (6 أشخاص ) وهم : زوجته وشقيق زوجته وأبنائه الأربعة . وذلك ايضا أثناء عمليات التحرير المذكورة التي قام بها الجيش السوداني . والكثيريين اعتبروا مفقودين ولم يعرف عددهم أحد . فكان ذلك ايضا قتل من نوع آخر , ولكنه في النهاية موت . ( مرفق صور هذه الخطابات والإفادات ) .
* وسمعنا همسا خافتا عن منقصات عيش من نوع آخر في جنوب طوكر , أدت الى تجرع الكثيرين كأس الموت . فحدثوني حينها عن عدد ( 9 ) وفيات لرجال ماتو دفاعا عن الشرف أو بسبب الغيرة التي تسيطر على الرجل ساكن هذه في المنطقة تجاه تواجد الغريب الذي جاء الى هذه الإرجاء كفرد من القوات النظافية.
وقد ذكر التقرير الذي كتبته منظمة دعاء الخيرية عقب زياتها الى هذه المنطقة , وكذلك توصيات ورشتها عن التنمية في جنوب طوكر بتاريخ 2/4/2005م والتي خرجت بعدد من التوصيات القوية أهمها إحياء ميناء عقيق , وتوصية اخرى جديرة بالملاحظة والإهتمام , وهو أن كثير من المدارس في قرى جنوب طوكر أصبحت ثكنات عسكرية , بالإضافة الى تواجد معسكرات وسكن بعض أفراد القوات المسلحة بالقرب من مساكن المواطنين مما يولد بعض الإحتكاكات بينه وبين المواطن العادي البسيط ل, لاسيما وأن مجتمع شرق السودان مجتمع محافظ ينفر من تغلغل أي غريب الى داره أو إحتكاك ذلك الغريب( بحريمه ) عند موارد المياه , حتى ولوكان ذلك الغريب رجل القوات المسلحة التي يحمي هذه الأرض. وقد اضطلعنا على بعض الحالات والحوادث التي وقعت وكان نتيجتها موت مابقارب ال 9 مواطنين ( دفاعا عن الشرف) ونرى أنها مؤشرات خطيرة إذا ماتكررت وربما تؤدي الى نتائج سلبية كان ( لمثلها ) في دارفور بعض الأمثلة . فلذلك إقترحت الورشة وضع معسكرات القوات المسلحة بعيدا عن سكن المواطن تفاديا للإحتكاكات بينه وبين مواطن المنطقة الذي يختلف في طباعه البجاوية البدوية الشرسة , عن هذا الوافد الى المنطقة .كما إقترحت الورشة إقامة نقاط للشرطة لحفظ الأمن والنظام داخل التجتمعات المدنية تكون مراكزها بعيدا عن سكن الأهالي نوعا ما .
رغم أن هذه التوصيات كانت في مايو 2005م إلا أنها تطابق الواقع الآن هذا إن لم يكن الوضع اسوأ مماكان عليه .
التفسير المنطقي لمسلسل القتل المقنن : نكرر لأكثر من مرة نحن لانريد أن يفه من كلامنا هذا أننا نشجع التهريب وتخريب الإقتصاد الوطني , ولكننا نريد إحقاق الحق بأن تضع الدولة المعالجات الكفيلة بتوفير عيش كريم للشباب بتوفير فرص عمل وتقنين وتسهيل تجارة الحدود . والأهم من ذلك توجيه أقصى العقوبات لمرتكبي جرائم القتل بحجة مكافحة التهريب, وتطبيق المواد القانوية الدقيقة , وتوضيح الخطوات التي يجب أن تتبعها قوات مكافحة التهريب بالتسلسل قبل أن تلجأ لإطلاق الرصاص الحي مباشرة ومن مكان قريب ودون مبرر واضح , سواء كانت مطاردة أو دفاعا عن النفس . ولم نسمع عن تبادل إطلاق النار مع قوات مكافحة التهريب في كل الحالآت التي وقعت . كما أنه لايجب إلإبقاء على المتهمين طلاقاء وأحرار يتجولون في الأسواق ويقضون جل ساعات النهار مع اسرهم وذلك بمعاونة زملاء مهنتهم مما يشكل نوعا من الإستفزاز وإثارة للغبن وقد كادت أن تؤدي مثل هذه الممارسات الى إقامة الثأر كما حدث في بعض الحالات التي عقد فيها ذوي الدم , العزم على أخذ الثأر في القاتل طالما ظل طليقا يتجول في الأسواق ويعود مساءا الى مكاتب الشرطة للتسامر مع زملائه , ولولا حكمة الزعامات القبلية وتمكنها من إزالة الغبن بتحريك الملف بالإستئناف لكان الأمر غير ذلك . ففي كل مرة لاتسلم الجرة وما شهدته مدينة كسلا من أحداث أثناء تشييع الشاب ياسر جابر خير دليل على كلامنا هذه .
أما التفسير المنطقي والتحليلي لهذه الظاهرة , ظاهرة القتل( الجماركي) , فلا نجد لها تفسير إلا فيما يعرف ( بالقتل المؤسسي ) وقد تناولت الكثير من البحوث والتقارير مثل هذه الظواهر , فوصفتها بالإقصاء غير المقنن وغير المبرر والذي تمارسه أجهزة الدولة وتستهدف به شرائح المواطنين الفقيرة او مجموعات عرقية محددة . هذا بالإضافة الى عدم إهتمام أو إكتراث الدولة بمشاكل ومعاناة مواطني الأطراف , ويصاحب ذلك أيضا التشكك في الأوراق الثبوتية . وتفسر دائما بأنها... إما... ذات طابع طبقي حيث يكون الفقراء عرضة للسؤال , وإما ذات طابع عرقي حيث تكون عرقية معينة عرضة للإيقاف والإستيضاح من قبل الشرطة . ويندرج ذلك تحت طائلة مايعرف ( بالعنصرية المؤسسية ) . وكما ورد في تقرير القاضي ماكفيرسون الذي صدر في بريطانيا عام 1999م على خلفية مقتل الفتى الأسود لورانس وتقاعس الشرطة في تقديم قتلته للعدالة , رغم أنهم اعتقلوا وتراكمت ضدهم الأدلة . ولكن تهاون الشرطة في الإجراءات النهائية أدى ذلك الى إنهيار المحاكمة . وقد إكتشف القاضي ماكفيرسون وهو يتقصى في ملابسات القضية , إكتشف هذه ( العنصرية المؤسسية ) المتفشية . ومن أهم مظاهرها الإشتباه في مجموعة إثنية معينة في المجتمع يكون الفرد منها عرضة للسؤال مابين (5) الى (14) مرة أكثر من رصيفه من أي إثنية اخرى . مما يرجح أن التوقيف أو القتل يتم على اسس إنطباعية تتعلق في الغالب بسحنة الشخص أو شكله الذي ينم على إنتماء معين وليس على أي اسس موضوعية .
اذن نحن أمام تعقيدات متراكبة حول قضية المواطنة السودانية التي تواجهها مستويات متعددة من الإقصاء غير المقنن وغير المبرر من أجهزة الدولة .
وهنا يبرز سؤال هام جدا ويطرح نفسه بإ لحاح : هل يكفي أن تنصب الدساتير على الحقوق المتساوية لكل المواطنين , في حين أن هناك شخص ما يتعرض للملاحقة التعسفية ؟؟؟ في حين أن بالأصل في التعامل هي (البراءة) . فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته . اذن لماذا تطلق الشرطة النار فتقتل الناس قبل إيقافهم وتوقيفهم ؟؟؟؟
إن هذا التحيز المؤسسي ليس هو المظهر الوحيد للإقصاء والتمييز , فالصورة النمطية التي يروج لها الخطاب السائد عن سكان الأطراف ربط هذه الصورة ( بالإستغلال والمخادعة ) , وهي صورةتنقصها الدقة وتمثل تشويها مجحفا للواقع . فسكان الأطراف ومناطق التماس الحدودي مثلهم مثل غيرهم من المواطنين , ومثل أي مواطن آخر قادم من المركز أو أي إقليم آخر . فهم جميعا اناس ضاق بهم الحال فكدوا وإجتهدوا في طلب الرزق في أرض الله الواسعة , وسواء حقق ذلك نجاحا إقتصاديا فلاتثريب عليهم ما لم يأتو الأثم المخالف للقانون , وعندها يتم التعامل معهم بسلطة القانون ....إثبات الواقعة ثم التقديم للمحاكمة وليس إطلاق الزخيرة الحية لتصبح مواكب ضحايا شرطة مكافحة التهريب في إزدياد , ودون أن يقف عندها أحد .
هذا التعامل الخاطئ يعكس الخلط الغير متعقل بين فئات المواطنين , حول من يمثل سلطة الدولة وعناصرها ومناصريها الذين فرضوا أنفسهم على أهل المنطقة – أي سكان الهامش – واستأثروا بالموارد والسلطة والثروة دون سكان المناطق الطرفية المهمشة , وبين حالة أهل المنطقة الذين حققوا نجاحا إقتصاديا متواضعا وبجهدهم الخاص . وكما هو الحال لدى الكثير من التجار الذين أصبحوا يمثلون عصب الإقتصاد في منطقة شرق السودان. وهذا النجاح أيضا أثار مشاعر الغبن عند الكثيرين .
اذن هناك حاجة ماسة لمراجعة شاملة للممارسات والمواقف , ليس فقط من قبل السلطات , بل من قبل كل القوى الإجتماعية , ولكن الأولوية تبفى لإجتثاث ا لتحيز المؤسسي من أوساط قوى حفظ الأمن والنظام الذي ينبغي أن تتوقف عن معاملة الفقر والتهميش كتهمة ... آثم كل من يقع تحت طائلتها .

* إحياء ميناء عقيق :
أما فيما يتعلق بتوصية إحياء ( ميناء عقيق ) فقد تم رفع هذه التوصية حينها للباشمهندس حمزة الفاضلابي مدير عام هيئة الموانئ البحرية الذي رحب بالفكرة وقد وجدت هوى في نفسه فقام بتكوين لجنة فنية لمتابعة الموضوع ومراجعة الدراسات السابقة عن ميناء عقيق وطلب الباشمهندس الفضلابي من الجهات ذات الخبرة إجراء الدراسات والبحوث الإجتماعية الإقتصادية والنشاط المصاحب لإحياء الميناء. كما أفاد ايضا بأن هذا المشروع سوف يخدم المنطقة الجنوبية بشكل إيجابي خاصة إذا صاحبه إعادة تأهيل لمشروع طوكر الزراعي حيث بإمكان هذا المشروع إغراق سوق المملكة العربية السعودية , والخليج العربي بكثير من المنتجات الزراعية وبمواصفات عالمية .
هذا وتعج ميناء عقيق بالأحياء المائية , وبها كميات هائلة من الأسماك بأنواعها المختلفة مما يعرضها للسطو دائما من قبل جرافات تجوب المنطقة . كما توجد بالمنطقة خلجان ملائمة لزراعة الأسماك والجمبري والكوكيان والكافيار , وبمزيد من الإهتمام تصبح هذه المنطقة المصدر الأول للمنتجات البحرية من اللحوم البيضاء الى إيطاليا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية . فهذه نعمة حباها الله سبحانه وتعالى لهذه المنطقة المنسية .
ومن المفارقات العجيبة أن الكثير من الأحداث والملابسات والأوضاع في منطقة طوكر وجنوبها مازالت كما هي بل تفاقمت أكثر وأكثر وكأنما لعنة الحروب والدمار قد حلت بهذه المنطقة . فقد كانت طوكر في الأربعينيات تعرف مصانع الثلج والليمونادا والكهرباء والتلفون والتلغراف وتزدهر أسواقها بكافة البضائع من مختلف انحاء العالم كما كانت قبلة للباحثين عن الزرق.
أهالي المنطقة يجأرون بالشكوي ويقولون أن المنطقة لاتحظى بإهتمام المسئولين وكأنما الأمر متعمد فالتركيز على مشاريع التنمية بمناطق معينة وحجة المسئولين أن المنطقة غير آمنة وهي نفس الحجة التي تمنع بها منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنية من العمل داخلها , حتى المنظمات التي تعمل في مجال مكافحة الألغام التي تلحق الضرر بمواطني المنطقة , قد غادرت بسبب كثير من المضايقات وعدم التعاون من قبل المسئولين . كما أن أيلولة إدارة مشروع طوكر الزراعي الى ولاية البحر الأحمر وإهمال الولاية للمشروع لأسباب غير معلومة وحجر ميزانات النفرة الزراعية وتحويلها لأغراض اخرى , وكذلك ميزانية الخدمات لعامين . وكذلك العبث بالنسيج الإجتماعي في المنطقة وتمزيقه وتغليب هذا على ذاك من أجل الكسب السياسي الرخيص والإنكار التام بأن المنطقة تعيش كارثة إنسانية وحجب ذلك عن المسئولين وتضليل المركز بأن هذه المنطقة غير آمنة وغير موالية رغم أن أبناءها هم الذين كانوا أبطال ودروع الدفاع عنها إبان حرب 1997م .يشهد على ذلك قادة الحركة الإسلامية في الولاية وكتيبة الشهيد جمع التي قدم الشهيد تلو الشهيد وكانت الرافد والمغزي لفيالق الدفاع الشعبي بالدبابين في الشرق وفي الجنوب . فماهو جزائهم ... والكثير من الآباء لم تحفل بهم منظمة الدولة ولم تقدم لهم الدعم المقرر لكل شهداء السودان .....فالمنطقة مظلومة ...مظلومة ...حتى النخاع .
ما هو مصير طريق طوكر ولماذا وقف الطريق عند منطقة الخرسانة وعند طوكر الجديدة ؟؟؟هل هذا ( لوي زراع) مواطني طوكر للركوع والرحيل الى طوكر الجديدة ...القاحلة وجافة ولاشجر فيها ...و التي يرفضها الكل ؟؟؟
* ونعود مرة لموضوع المفارقات فقد قال محمد طاهرإيلا في طرحه لمشاريع ولايته المقترحة على مؤتمر المانحين (( أن السودان في حاجة الى عشر موانئ وليس ميناءا واحدا في بورتسودان في ظل الظروف الإقتصادية الحالية وإستخدام دول مثل اثيوبيا وأريتريا وتشاد للمنافذ البحرية السودانية لتنشيط تجارته الخارجية صادرا وواردا . )) وأضاف أن الحكومة عرضت على ميناء دبي إدارة ميناء بورتسودان بهدف تطوير خدماته مشيرا الى الفرص الكبيرة في مجال الصناعة وإعادة التصدير . وفي مناسبة اخرى تحدث أيضا مدير عام هيئة الموانئ البحرية عن تطوير ميناء بورسودان – الميناء الجنوبي والميناء الشمالي , فضلا عن تطوير وتحديث ميناء الأمير عثمان دقنة بسواكن . لم يكلف أحدهم الإشارة الى ميناء عقيق الذي ينادي به أهل المنطقة ومن أجل إعمارها , وفي نفس الوقت تتجاهل حكومة الولاية هذه النداءات وصمت آذان المركز ( دي بطينة والتانية بعجينة ) ونوجه سؤالا واضحا وصارخا ومباشر لحكومة الرئيس البشير ماهي المبررات التي تصوغها لكم حكومة ولاية البحر الأحمر عن منطقة طوكر وجنوبها وأقنعتكم بألاجدوى من إعمارها أو أن من يقطنونها لايستأهلون بذل أي جهد من قبلكم ؟؟؟ فإذا كان صندوق تنمية و إعمار الشرق قد أنشأ بهدف إعمار المناطق المتأثر بالحرب , وكذلك إنعقد مؤتمر المانحين لنفس الغرض , فلا أعتقد بأنه يختلف اثنان بأن كل المواصفات المطلوبة من نزوح ودمار وفقر وجهل ومرض تنطبق على هذه المنطقة , وبمقياس الحرب والدمار فقد كان كالآتي عام 1997 م :
عدد المتضررين بالحرب من السكان البالغ عددهم 51,557 ( إحصاء عام 2000م ) أن المتضررين بالحرب بلغ 74,4% من مجمل السكان . أما نسبة الضرر لكل قرية فهو كما يلي :


نسبة الضرر% عددالنازحين عددالسكان المنطقة
73 6800 9197 مرافيت
97,6 240 246 عقيق
97,6 600 617 عيدب
83,5 300 359 تقدرا
71,7 100 1394 عدوبنا
93,7 800 854 عدارت
83,5 2000 2357 عقيتاي
73,3 1800 2964 سروبات
67,4 2000 2964 عندل
82,5 2200 2681 قرورة
100 6485 6485 عيتربة
63 1000 1387 عيت
OXFAM: Portsudan office, Assessment Study Of IDPS and Returnees Situation_ South Toker 2002.

* صندوق تنمية وإعمار الشرق :
تعارف عالم اليوم على مفهوم التنمية بأنها التنمية البشرية , وهو المصطلح الذي تبناه البرنامج الإتمائي للأمم المتحدة منذ العام 1990 . فالبشر هم ( هدف التنمية) وأنهم الثروة الحقيقية للأمم , فالتنمية هي عملية توسيع خيارات البشر من حيث المبدأ , غير محدودة – ومتنامية . وقد حدد تقرير التنمية البشرية الخيارات الثلاث في التالية :
1 – الحق في العيش حياة طويلة وصحية .
2 – حق الحصول على المعرفة .
3 – الحق في توافر الموارد اللازمة لمستوى معيشي لائق .
وبالتالي ينعكس ذلك في :
أ– تكوين القدرات البشرية وتشمل تحسين الصحة وتطوير المعارف والمهارات
ب- إستحدام البشر لهذه القدرات في الإنتاج _ سلعا وخدمات .
ج – المساهمة الفاعلة في النشاطات الإجتماعية والثقافية والسياسية .
هذا بالإضافة الى أحقيات اخرى إضافية هامة تشمل :
أ – الحرية السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية .
ب – توافر الفرص للإنتاج والإبداع .
ج – الحق في إتباع نمط الحياة التي يريدون ( راعي ...مزارع ...تاجر ...الخ ..).
وبناءا على ماسبق تعتبر البنية المؤسيسة للتنمية هي الركيزة الأساسية في كل العملية التنموية وإدارتها وتشمل : -
1 – مؤسسات مسئولة إجتماعيا بحيث تستجيب لأسبقيات المجتمع وإحتياجاته الآنية والمستقبلية .
2 – مؤسسات توفر حق وممارسة المشاركة والتمثيل والتنظيم المجتمعي وحق التعبير .
3 – مؤسسات تكفل حق المراقبة وتوفر ضمانات الشفافية , وتستجيب للمساءلة .
4 – مؤسسات تضمن اسس العدالة وتوزيع الفرص والتكامل الإجتماعي كضمانات للعيش الكريم للجميع .
*** إذن نحاول أن نعرف أين صندوق تنمية وإعمار الشرق من كل ذلك : اولا :هنالك سؤال هام عن كيفية إختيار كوادر الصندوق ... هل تم الإختيار عن طريق الترضيات ؟؟؟؟ ( وبالتالى فقد إنتفى أهم مكون من مكونات الصندوق )
ثانيا : هل يخضع إختيار المشروعات والمصادقة عليه بناءا على التشاور وأسبقيات حاجات المجتمع أم تتم بناءا على ترضيات ؟؟؟؟ هذا سنجيب عنه من خلال إتهامات وإفادات أهل الحل والعقد في إتفاق الشرق ...
ثالثا : أين الشفافية ..وماهي المصروفات الإدرارية التي يتمتع بها هذا الصندو .؟؟؟
وماهي الجهات الإستشارية التي تقيم المشروعات عند استلامها ؟؟؟هذا أكبرخرق صارخ لأسس العدالة والتنمية ( لأن الجهات الهندسية للدولة هي التي تتولى ذلك ..يعني من ( دقنه وأفتلو) وينطبق ذلك على الشركات الوطنية التي ترسو عليها العطاءات هل هي مؤهلة أم مجرد ترضيات ومجاملات ؟؟؟؟ وبهذه المناسبة فقد تساءل نائب رئيس الجمهورية في ملتقى الشرق قي 2006 م قائلا هل هذه الشركات مؤهلة وقادرة على التنفيذ ؟؟؟
نتعرف على مواقف أراء أهل الإتفاق في الصندوق :
د. آمنه ضرار: (( الصندوق لم يخاطب البنود الأصلية التي وردت في نص الإتفاق , والتجاوزات التي حدثت والإخفاق في الصرف على البنود الأساسية للصندوق لم تجد الإستجابة فبعض المشروعات لم تصمم بالشكل الصحيح , ولم توضع في المكان الصحيح . وهذا يعني عدم شفافية ..فمثلا كان ممثلينا شركاء في فتح صناديق العطاءات ولم تتم دعوتهم لفرز العطاءات , وقد قيل لهم مهمتكم إنتهت بفتح الصناديق وكما ذكرت هناك عدم شفافية في عمل الصندوق )) هذا الحوار أجرته معها صحيفة أجراس الحرية بتاريخ الآحد 15/6/2008م .
هذا ولم تحضر د. آمنه الإحتفالآت بفتح العطاءات وقالت: (( الإحتفال لم يكن مقنعا لنا لأن الصندوق لم يخاطب الإحتياجات الإستراتيجية التي وردت في نص الإتفاق وملامسته لواقع الناس))
ومن المفارقات العجيبة والغريبة أنه وبعد ثلاث سنوات من كلام د. امنه قال وزير مالية الفضارف د. معتصم هارون كلاما طابق كلام الدكتورة إذ قال(( المشروعات يتم تنفيذها حسب الولاء...ولاتوجد معايير حقيقية في إختيار المناطق التي تنفذ فيها المشروعات من مدارس ومراكز صحية وغيرها ...وقال يتم تقديم مشاريع كثيرة وكبيرة في مواقع مختلفة ولكنهم يفاجئون بتنفيذ القليل منها فقط بسبب ضعف الميزانية ..وحتى القليل الذي ينفذ يتم تنفيذه ببطء وعلى اقل من مهله وكل مشروع يأخذ زمنا طويلا حتى يسلم وما تزال بعض المشروعات غير مكتملة . وأضاف أن الصندوق يتمتع بمركزية قابضة .... ))
وأهم ما قاله (( لابد من إعادة النظر في الجهاز التنفيذي لصندوق إعمار الشرق , وكذلك على الدولة الوفاء بإلتزاماتها تجاه الإتفاقية , وأن طريقة تنفيذ الصندوق تحتاج الى إعادة نظر ويفترض على الدولة أن تحرص على الإيفاء بإلتزاماتها التي قدرتها الإتفاقية .)) وواصل الأخ الوزير قائلا (( يجب ألا تسقط قروش المانحين حقوق الدولة في الإلتزام بما تعهدوا به من أموال لإعمار الشرق , ويجب أن تشكل آلية لتلقي الدعم والتنفيذ , وبالمناسبة أن الآلية يجب أن تكون الولايات الثلاث جزءا أصيلا في تشكيل الآلية , كما أن مشروعات المانحين تحتاج الي مزيد من الدراسة قبل التنفيذ .))
أما الأخ مساعد رئيس الجمهورية عبر عن هذا الصندوق بقوله ((أن المبالغ المقدمة عبر هذا الصندوق ضئيلة (600مليون دولار ) تدفع على مدى أربعة سنوات . حتى هذه اللحظة..... ( صحيفة الشاهد الإثنين 21فبراير 2011م ) ....ماتم رصده في حساب الصندوق يزيد قليلا عن المائة مليون تم تخصيصها للخدمات عى مستوى الولايات الشرقية الثلاث . أيضا تم رصد (100مليون ) لسد سيتيت . حقيقة مابذله الصندوق محل تقدير ولكنه بكل أسف لايرقى الى المستوى المطلوب ))
أما فيما يتعلق بمؤتمر المانحين ...الحكومة إلتزمت بمبلغ مليار ونصف المليار دولار تم تقسيمه ليسدد خلال خمسة سنوات في شكل مشاريع لشرق السودان وتم أمام المجتمع الدولي – يعني الخمارة التي قدمتها الحكومة – أي ( الشعقيبة ) –
لجمع النقطة من المانحين . وعلق موسى بقوله أن إلتزامنا بالدفع يشحع المانحين ونأمل أن تلتزم المالية بماتعهدت به وهذا الإلتزام أدبي وأخلاقي أمام المجتمع الدولي . وصل الآن مبلغ 50 مليون دولار من الكويت مخصص للصحة والتعليم محدد بشكل قاطع للولايات الثلاث , وأيضا وصل من البريطانيين نصف مليون دولار . قال موسى سيتم إجتماع اللجنة الخماسية في شهر مارس لتجهيز المواقع تسليم المشاريع .
يتبع........


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.