ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياحة فكرية مع جهاز الأمن و المخابرات

في دول العالم الثالث و الدول الديكتاتورية و التوليتارية و خاصة في الدول التي تحكم بنظام الحزب الواحد أن الكتاب و المحللين لا يقتربون من المناطق الأكثر اشتعالا لأنها حتما سوف تحرق المقترب منها أو يخاف من وهج نارها و يفضل مراقبتها دون الحديث عنها حتى لا يتعرض للأذى من قبلها فهي أماكن بحكم الثقافة و ليس القانون ممنوع الاقتراب منها و السودان من تلك الدول حيث هناك وضعية خاصة بالنسبة لجهاز الأمن و المخابرات و هي التسمية الأخيرة في عهد الإنقاذ في زمن الفترة "المايوية" كان أسمه جهاز الأمن الوطني ليست مضافة أليه المخابرات و في فترة الرئيس عبود لم يكن هناك مؤسسة بهذا الاسم و كان الشرطة تقوم بهذه المهام و كان رجال المباحث هم الذين يقومون بدور المهمة التي يقوم بها جهاز الأمن و المخابرات الآن و نجد أن الموضوعات التي تتناولها الصحافة أو أجهز و الإعلام عن تلك المؤسسات الأمنية و دائما تكون وسائل أجنبية هي موضوعات مرتبطة بقضية القمع و الاعتقالات و التعذيب و التصدي للحركة الجماهيرية المطالبة بحقوقها و لم تكن هناك معلومات إيجابية عنها مما خلقت الثقافة السلبية السائدة الآن تجاه تلك المؤسسات وسط الجماهير و رغم أن تناول الموضوع غير مرغوب و لا تحبذه المؤسسات الصحفية في دول العالم الثالث أو الدول التي ذكرتها في مقدمة المقال إلا أنني سوف أتوكل علي الله و أقترب من وهج النار و أحاول فقط بموضوعية شديدة فتح نفاجات للجدل المفيد و ليس البيزنطي علي بعض القضايا المتعلقة بتلك المؤسسة و بعيدا عن الاتهامات التي ترمي جزافا و لا تسندها بينة.
معروف أن مؤسسات الأمن و المخابرات في إفريقيا قد تأسست في ظل الصراع الذي كان سائدا في القرن الماضي بين الولايات المتحدة كزعيمة للغرب و الرأسمالية و بين الاتحاد السوفيتي السابق كزعيم للكتلة الاشتراكية و ما تسمي " الحرب الباردة" في تلك الفترة قد استقلت العديد من الدول الإفريقية و وجدت نفسها أمام خيار أما أن تنتمي للمعسكر الرأسمالي أو المعسكر الاشتراكي و كانت تتلقي مساعدات و من ضمن تلك المساعدات تأسيس مؤسسات الأمن الوطني " الأمن – المخابرات" و كانت ترسل عناصر تلك المؤسسات حسب انتماء الدولة لأحد المعسكرين و هنا حدث الاختراق لتلك المؤسسات الأمر الذي أدي إلي كثرة الانقلابات العسكرية و أدي أيضا لعدم الاستقرار لآن القيادات الوطنية التي جاءت بعد الاستقلال لم تفكر في قضية الحرية و الديمقراطية أنما فكرت في استمراريتها في السلطة و في ذات الوقت وجدت حماية من قبل أحد المعسكرين هذا الإجراءات التي سادت في الماضي أصبحت ثقافة سائدة حافظت عليها كل القيادات التي وصلت للسلطة كما أن القيادات التي جاءت من المؤسسة العسكرية كان هاجس الأمن عندها أقوي من العمل السياسي الذي يرتب للديمقراطية و لآن المؤسسة العسكرية كانت أقوي من المجتمع المدني اعتقدت القيادات العسكرية أن الخلل في توازن القوي الاجتماعية سوف يعطيها الفرصة للبقاء في السلطة أكبر فترة ممكنة هو الأمر الذي جعل بروز قضية الوراثة تظهر في النظم الجمهورية و لكنها قد أهملت أنها هي نفسها سوف تغير من ميزان القوة و في ضخم تلك الممارسة السياسية الخاطئة تشكلت المؤسسات الأمنية و المخابرات في ظل ثقافة سائدة هي حماية نظم الحكم.
في أوائل السبعينات عندما كان الرائد فاروق حمد نالله وزيرا للداخلية تم تأسيس جهاز الأمن و في ذلك الزمن الأغبر كانت " مايو" تصدح بشعاراتها الاشتراكية و تعزز نفسها وسط الدول التي تدور في الفلك السوفيتي " المعسكر الاشتراكي" في تلك الفترة كان النظام الذي بمثابة تحالف بين مجموعات من الماركسيين و القوميين مثله مثل غيره من النظم الشمولية في تلك الدول التي تسمي نفسها تقدمية و لها عداء مستحكم مع قضية الحرية و الديمقراطية أن يبحث عن تأمين لنفسه من غضبة الحركة الجماهيرية و من الأحزاب التي ترفع شعارات الديمقراطية لذلك بدأت الفكرة في تأسيس جهاز الأمن و قد أرسلت أول دفعة من أجل التدريب إلي جمهورية ألمانيا الديمقراطية لتلقي الدراسة التي تؤهلهم لخلق جهاز قوي قادر علي التصدي للقوي الرجعية التي لا تعرف مصلحة الجماهير و تنادي بالديمقراطية و من هنا بدأت رحلة جهاز الأمن ثم أخذ تسميات مختلفة وفقا لتفكير السلطة القائمة.
تحول الجهاز من المعسكر اليساري إلي المعسكر اليميني بعد انقلاب هاشم العطا في 1971 و تحولت مايو إلي مخدة الإمبريالية و رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بهذا التحول و كسب مساحة مهمة في القارة الأفريقية لذلك لم تبخل في إعطاء السودان فرص من أجل تدريب ضباط جهاز الأمن و قيادات من القوات المسلحة في الولايات المتحدة بل أن وزارة الدفاع الأمريكية قد خصصت ميزانية سنوية من أجل تدريب السودانيين و كانت الولايات المتحدة "كما ذكرت في مقالات سابقة" ترشح السودان علي أن يكون الحليف للولايات المتحدة الأول في أفريقيا لذلك هي تتعامل منذ تلك الفترة مع السودان كأحد دول شرق و وسط إفريقيا و ليس دولة من دول الشرق الأوسط و أيضا كانت تأمل الولايات المتحدة أن يكون هناك استقرارا سياسيا و اجتماعيا في السودان لكي ينجز الدور المناط به و من هذا الفهم ساعدت الولايات المتحدة في نجاح اتفاقية السلام عام 1972 بين الحكومة السودانية و حركة الانيانيا و توسعت رقعة المصالح بين الدولتين الأمر الذي جعل الخرطوم تقف مع القاهرة في زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل و مخاطبة الكنيست عام 1977 و جاءت اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر و إسرائيل و أيضا وقف السودان مع مصر دون الدول العربية الأخرى رغم أن الحكومة السودانية لم تكن تدري أن الاتفاقية تحمل بلاء ضد السودان حيث أقرت الاتفاقية أن تتعامل الولايات المتحدة مع مصر باعتبار إنها قائدة المنطقة و لها مصالح يجب علي الولايات المتحدة مراعاتها و أن لا تتعامل مع دول المنطقة دون علم مصر و وفقا لهذه الاتفاقية كان السودان قد خسر العلاقة المميزة مع الولايات المتحدة بطلب من مصر.
كانت مصر قد اتفقت مع الولايات المتحد أن لا يتم أية تعامل مع السودان خاصة في قضايا الأمن و العمل العسكري إلا عبر البوابة المصرية ثم طلبت مصر من وزارة الدفاع الأمريكية أن تقدم لها الميزانية التي كانت قد خصصتها لتدريب عناصر الأمن و القوات المسلحة لتدريب عناصر سودانية و عربية و هي تقوم بعملية التدريب و منذ تلك الفترة أصبح السودان يرسل ضباط القوات المسلحة إلي الأكاديمية المصرية العسكرية لتلقي التدريب و أصبحت الولايات المتحدة تتعامل مع السودان عبر البوابة المصرية ثم فتح السودان بابا للتعاون مع العراق و باكستان و هي جميعا دول ليست لها علاقة بالديمقراطية.
عفوا للإطالة في المقدمة لقد لفت نظري في مؤتمر " السيسا " الذي عقد مؤخرا في السودان فقرتين وردتا في البيان الختامي للمؤتمر تقول الفقرة الأولي " يحث المؤتمر حكام أفريقيا علي توفير الفضاء الديمقراطي لشعوبها بجانب إيجاد فرص العمل للشباب و تقديم الخدمات" و تقول الفقرة الثانية " أن المؤتمر يشدد علي ضرورة معالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلي الانتفاضات و الثورات" و في كلمته قال السيد رئيس لجنة أجهزة الأمن و المخابرات في إفريقيا للدورة السابقة مدير جهاز الأمن في الكنغو الديمقراطية فيليب اوبارا قال " أن كل الدول الإفريقية ليست بمعزل عن الثورات و الانتفاضات التي هبت بشمال أفريقيا في تونس و مصر و أن دواعي تلك الثورات موجودة و بصورة أكبر في جميع دولنا" و أعتقد أن السيد فيليب كان صادقا فيما ذهب إليه لآن أغلبية الدول الإفريقية ليست لها علاقة بالحرية و الديمقراطية و تعاني من إشكاليات الفقر و تردي الخدمات و الفساد و غياب سلطة القانون و تفشي العلاقات القبلية و العشائرية و هي القضايا التي تهدد بعملية الاستقرار السياسي و تهدد في ذات الوقت النظم السياسية في القارة الإفريقية و من ضمنها السودان.
و لكي نحصر الجدل في إطار السودان و مؤسسته " جهاز الأمن و المخابرات" نقدم ثلاثة أسئلة و نحاول الإجابة عليها و لا اعتقد أن الإجابة التي سوف أوردها تمثل الرأي السليم و الصحيح و لكن هو جهد إذا أصبت فلي أجران و إذا أخطأت فلنا أجر الاجتهاد.
السؤال الأول لماذا تحمل الجماهير السودانية و القيادات السياسية دائما التي تكون في المعارضة رؤية سالبة تجاه هذا الجهاز؟
السؤال الثاني سؤلا مركبا ما هي علاقة هذه المؤسسة بالدولة و الحزب الحاكم و ما رؤية العاملين فيه لتلك العلاقة؟
السؤال الثالث هل تستطيع أن تؤدي المؤسسة دورا ايجابيا ليس في السودان فقط بل في القارة و تتحول من مؤسسة تنفيذية لجمع المعلومات و حماية النظام السياسي القائم إلي مؤسسة وطنية تستطيع أن تسهم في البناء المعرفي و تصبح مؤسسة أيضا تقدم خدمات مطلوبة داخليا و خارجيا إلي جانب مهامها الأساسية التي منصوص عليها في الدستور؟
أن الإجابة علي السؤال تأتي انطلاقا من سعي المؤسسة نفسها في تحسين صورتها في المجتمع السوداني و هي الخطوة التي كان قد قام بها رئيس المؤسسة السابق الفريق صلاح قوش عندما حاول أن يجعل للمؤسسة دورا في التقارب مع الفنانين و المثقفين و المبدعين ثم أخيرا في اللقاء الصحفي الذي أجري مؤخرا مع اللواء حنفي عبد الله مدير المخابرات في المؤسسة حيث قال أن الجهاز بدأ يتخذ خطوات مثل دعم أحد الفرق الرياضية لكي يكون قريبا من الجماهير و الخطوتان السابقتان تؤكد أن إدارة المؤسسة تشعر أن هناك فكرة سالبة في أذهان العامة و الخاصة ضد المؤسسة و بالتالي جاءت الخطوات لتصحيح هذه الفكرة و لكن الفكرة لم تكن هي ضرب من الخيال أنما نتيجة للممارسات الخاطئة التي تمت ضد السياسيين و المواطنين و تراكم تلك الممارسات هو الذي خلق تلك النظرة غير الايجابية و هي ليست محصورة في السودان أنما في كل مؤسسات الأمن و المخابرات في الدول التي ليس فيها نظم ديمقراطية.
في الدول الديمقراطية و التي انتشرت فيها الثقافة الديمقراطية و أصبحت الجماهير واعية لحقوقها و واجباتها و أصبح التداول السلمي في السلطة محترما من قبل كل القوي السياسية نجد أن مؤسسات الأمن و المخابرات دورها حماية الدستور و مصالح المواطنين و مصالح البلاد و بالتالي هي لا تتدخل في الشأن السياسي الداخلي إلا إذا ظهر هناك ميولا لتجاوز القانون و الدستور كما أن التعامل مع تلك المؤسسات فيه نوع من الافتخار إذا استطاع شخص أن يجد فرص في التعامل مع تلك المؤسسات أن كان التعامل في تقديم بحوث أو دراسات أو حتى اللقاء محاضرات أو في مهام تنفيذية باعتبار أن المؤسسة لها احترام كبير وسط الجماهير لآن مهمتها هي حماية الوطن و أمن المواطنين و لا يجد الشخص أية تهمة إذا رمي أن له علاقة بتلك المؤسسة بل أن قربه من تلك المؤسسة يعني عظمة الوطنية عنده و بالتالي تم اختياره دون الآخرين في التعامل مع تلك المؤسسة كما أن نظرة المجتمع للمؤسسة نفسها فيها قدر عالي من الاحترام التي تجعل الشخص لا يتردد في التعامل مع تلك المؤسسة.
في الثقافة السودانية السائد ضد المؤسسة الأمنية أن مؤسسة الأمن و المخابرات دورها مطاردة السياسيين و المواطنين و هي الاعتقالات و التعذيب و التجسس علي الناس و غير معروف عند المواطنين المهام الوطنية العظيمة التي يمكن أن تؤديها تلك المؤسسة و بالتالي أية اقتراب من المؤسسة أو التعامل معها يعزل صاحبه اجتماعيا و سياسيا و معروف أن القوي السياسية أو حتى الأفراد الذين لهم طموحات سياسية و لهم منافسين إذا أرادوا أن يحرقوا شخصا سياسيا رموه بأن له علاقة وطيدة مع مؤسسة الأمن و المخابرات أي أنه يتجسس علي أصحابه و المتعاملين معه لآن المؤسسة نفسها قد حصرت نفسها في تلك المهام و أية محاولة للمؤسسة لكي تعدل صورتها عند المواطنين ليس فقط في أن تخلق عددا من النشاطات الاجتماعية و الثقافية التي تحاول التقرب بها من المجتمع و إذا لم تغير إستراتيجية تعاملها لا تستطيع ان تنجح في تغيير صورتها المرسومة في أذهان المواطنين وهي لا تستطيع تعديل تلك الإستراتيجية إلا إذا حدث تحول ديمقراطي حقيقي و حدث تفكيك لدولة الحزب الواحد إلي دولة التعددية و الديمقراطية ثم رضيت كل القوي السياسية بالتبادل السلمي للسلطة في تلك الفترة تصبح الخطوات التي يقوم بها الجهاز اجتماعيا و ثقافيا مقبولة و لكن في ظل الثقافة السائدة الآن لا يستطيع شخص أن يقترب من مؤسسة الأمن و المخابرات و التعامل معها رغم أن هناك قضايا وطنية كان من المفترض أن تدفع الناس للتعامل مع المؤسسة دون أن يجدوا حرجا في ذلك.
ألغريب في الأمر أن السياسيين هم أنفسهم قد استطاعوا أن يوظفوا تلك المؤسسة من أجل حماية نظمهم السياسية في الفترة المايوية عان العديد من قيادات الحركة الإسلامية من تجاوزات مؤسسة الأمن و تمت اعتقالاتهم تحفظيا دون أية أسانيد قانونية و كان من المفترض عندما استطاعوا القبض علي زمام السلطة أن يغيروا طبيعة و مهام تلك المؤسسة من خلال توسيع دائرة الحرية و الديمقراطية و لكن حب السلطة دفعهم أيضا في البحث عن حماية إستمراريتهم في السلطة و حرمان الآخرين منها لذلك أعطوا مؤسسات الأمن و المخابرات سلطات و مهام أكبر بهدف حماية النظام أولا و ثانيا و ثالثا ثم البحث عن القضايا الأخرى و هي التي جعلت المؤسسة تحاول استخدام كل الوسائل و الأساليب التي تردع الآخرين في التفكير للوصول للسلطة.
دائما في الدول غير الديمقراطية تضاف مهام لمؤسسة الأمن و المخابرات تجعلها تتحول من مؤسسة وطنية قومية إلي مؤسسة لها ارتباط قوي بالسلطة الحاكمة أو بالحزب الحاكم و دائما تتعرض المؤسسة للحل و التفكيك عندما يسقط النظام و نجد ذلك قد حدث في مصر رغم أن في مصر هناك حدود فاصلة في التعامل مع المواطنين بين جهاز أمن الدولة الذي كان تابعا للداخلية و جهاز المخابرات حيث أن جهاز أمن الدولة هو الذي كانت له علاقة مباشرة مع الجماهير لذلك طالبت الحركة الجماهيرية بحله عندما سقط النظام و ظل جهاز المخابرات بعيدا عن المطالبات الجماهيرية و حتى رئيسه استبعد ليس لأنه رئيس جهاز المخابرات إنما لعلاقته المباشرة و تعينه الأخير كنائب لرئيس الجمهورية و في تونس يجري لآن تقديم عددا من ضباط الأمن للمحاكمة و المساءلات القانونية و قد اتضح في كل من سوريا و اليمن و ليبيا أن مؤسسات الأمن و المخابرات علاقتها بالنظام الحاكم و ليس بالدولة و هي سوف تتعرض للحل و التفكيك إذا سقطت تلك المؤسسات التي لم تتردد في إطلاق النار و قتل المواطنين العزل و بالتالي لا أعرف كيف تتحقق مقولة السيد فيليب رئيس جهاز أمن الكنغو الديمقراطية في أن يحدث تحول ديمقراطي لأنه إذا لم يحدث تحول ديمقراطي سوف تظل تؤدي تلك المؤسسات أدورا لحماية النظم السياسية و تكون في حالة عداء مع الجماهير و هي التي تدفع بالثورات و الانتفاضات و التي قال عنها فيليب أن عوامل الثورة و أسبابها موجودة في كل الدول الإفريقية.
أعتقد أن العاملين في تلك المؤسسة يتم التعامل معهم باعتبار أنهم عسكريين و يجب عليهم تنفيذ الأوامر و لكن هذا لا يعفي الشخص من المسألة القانونية باعتبار أنه كان يحمي النظام و ليس يؤدي مهاما وطنيا تبعده تماما من الصراع السياسي و الميول لجهة دون الأخرى كما أن الثقافة التي يتعامل بها العاملين في تلك المؤسسة ليست لها علاقة بقضية الحرية و الديمقراطية و من خلال الثقافة السالبة في المجتمع ضد تلك المؤسسات يعتقد العديد من العاملين في تلك المؤسسة أن تعريض النظام للتغير أو أحدث تحول في بنية السلطة ربما تعرض الشخص لكي يفقد وظيفته الأمر الذي يدفع أن تكون ولاءاتهم إلي النظام الحاكم و لا يستطيع العاملين في الجهاز أن يغيروا من طبيعة العمل السائدة في المؤسسة ما لم يحدث تغيير في العقلية السياسية السودانية أن كانت في السلطة الحاكمة أو في المعارضة و تغيير في الدستور الذي يحدد طبيعة تلك المؤسسة و عملها و أن يبعد تلك المؤسسة من العمل السياسي المباشر و الانحياز السياسي.
الإجابة علي السؤال الثالث ربما تكون أقرب للمقترحات منها لتناول تحليلي خاصة أن السودان بعد انفصال الجنوب الذي وجد دعما منقط النظير من قبل الولايات المتحدة و الغرب و الصراع في منطقة القرن الإفريقي و التحولات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط سوف يواجه تحديات كبيرة داخليا و خارجيا و سوف تقع المهام الجسام علي مؤسسة الأمن و المخابرات و لكن اعتقد أن الوصول لنتيجة انفصال الجنوب تؤكد الغياب الفاعل للمؤسسة الأمنية و المخابرات في أن تتنبأ بالنتيجة من وقت مبكر ليس من خلال البحث عن المعلومات فقط و لكن من خلال تقديم دراسات و بحوث تجريها في طبية المشكلة و الأطراف المرتبطة بها و المنظمات التي تدعمها معروف أن المؤسسة لها محطاتها في العديد من الدول و خاصة التي تتواجد فيها المعارضة لكي تجمع المعلومات ثم تقوم بعد ذلك بتحليل تلك المعلومات و تقديمها إلي صانعي القرار و لكن في مثل هذه الحالات غير كافية و دائما يتم عمل دراسات من قبل عناصر محايد جدا و تقارن بين تحليلاتها و النتائج التي توصلت لها تلك الدراسات و من هنا تكتشف الأبعاد الحقيقة التي كانت خافية عليها.
أعتقد أية عمل وطني لكي يصل إلي نتائج ايجابية يجب أن تتم فيه الحيدة و البعد العاطفي و الولاء السياسي و يتم التعامل معه بالطرق العلمية و منهج سليم يقدم افتراضات و دراسة تلك الافتراضات للوصول إلي نتائج و ليس غائبا علي أن هناك مراكز للدراسات الإستراتيجية و البحوث ربما تكون قريبة من مؤسسة الأمن و المخابرات أو تكون مؤسسات تجد دعما من الحكومة و قد قرأت العديد من البحوث التي قامت و اعتقد أن الباحثين حاولوا تطويع العديد من الحقائق لكي تتماشي مع الرأي المطروح مع السياسيين القابضين علي زمام السلطة أو أن تتماشي مع السياسية المطروحة و بالتالي هي لا تكون قد قدمت رؤية جديدة يجب الوقوف عندها و أنما هي تخلق وعيا زائفا.
و
أعتقد أن المؤسسة لا تعمل من فراغ أنما عندها تصوراتها للعمل و تقسيمات إدارتها لكي تخلق التناغم بينها و لكن في هذا المقترح أحاول أن أحلق بعيدا في فضاء وطني و حوار يؤسس لرؤية إيجابية لمؤسسة وطنية يجب أن تجد الاحترام من كل السودانيين ليس بثقافة الأمس أنما بالثقافة التي نبحث عنها و نريدها أن تسود في المستقبل و تؤدي إلي السلام و الاستقرار الاجتماعي و اعتقد علي رأس هذه المؤسسة الآن رجل مرجعيته مهندس يتوفر عنده المنهج العلمي السليم هو الفريق محمد عطا و كلما كانت المرجعية المنهجية سليمة كلما زاد في نجاح فرص الحوار و التفاهم فقط بتحكيم العقل " و سألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون" و هنا جاءت الحاجة للبحث عن تقديم رؤية ربما تكون موجودة عند الجميع و لكنها لم تخضع للحوار لآن الحوار هو الذي يوصل لقاعدة التفاهم و يوسع رقعة العلاقات الايجابية و نحن في السودان في أمس الحاجة إلي مؤسسة للدراسات الإستراتيجية تابعة مباشرة لجهاز الأمن و المخابرات و تعمل كمؤسسة للدراسات الإستراتيجية علي صعيدين الأول في الدراسات و البحوث و تقوم بعمل بحوث و دراسات تهتم بالقضايا داخل السودان و خارج السودان الصعيد الثاني أن يكون مركز الدراسات يحتوي علي معهد علمي يقدم شهادات في الدراسات الإستراتيجية أي أنه يقدم كورسات تعليمية مهتمة في الدراسات الإستراتيجية للذين يهتمون بالدراسات الإستراتيجية داخل السودان و خارج السودان و خاصة لطلبة الدراسات العليا من الدول الإفريقية و العربية في البداية لكي يوطد أقدامه و من ثم سوف يفتح لبقية دول العالم و هذا المعهد هو الذي يشكل النواة لكي يعيد للسودان دوره الرائد في المنطقتين العربية و الإفريقية.
السؤال المتوقع هناك عدد من المعاهد و الجامعات في السودان تؤدي ذات الوظيفة مثلا جامعة أفريقيا العالمية هذه الجامعة لها دورها باعتبار أنها مؤسسة تربوية تهتم بقضايا أفريقيا و الدراسات الإسلامية و لكن المعهد له خصوصيته في الدراسات الإستراتيجية في المنطقة كما له خصوصية و أهمية عندما يتكون في كنف المخابرات السودانية و هي الجهة التي من المفترض تهتم بقضايا الإستراتيجية و باعتبار أن المعهد تابع لجهاز الأمن و المخابرات وحده هو الذي يجعل القيمة التي تبحث عنها الدول الأخرى خاصة أن المعهد يجب يكون تركيزه علي القضايا في المنطقتين الإفريقية و العربية و هي التي تبحث عنها الدول الأجنبية و تكون مهامه هي :
القضايا الداخلية و تهتم بالصراعات السياسية و نزاعات الداخلية و التحولات الاجتماعية و قضايا التنمية و التعليم و الحضر و الريف و التنمية و الاستثمارات و مناطق التداخل بين السودان و الدول الأخرى و هذه ليست قاصرة علي الحزب الحاكم أو الذي يصل للسلطة غيره أنما الدراسات تعمل بأفق وطني تقدم لكل المؤسسات السياسية و الثقافية و مراكز الدراسات و البحوث في الداخل و العالم الخارجي و بهذا يصبح مركز الدراسات الإستراتيجية هو المصدر الصحيح للمعلومة و يتنبأ بالتحولات التي سوف تحدث في المستقبل لكي تتم الإجراءات الإستباقية و هي واحد من القضايا المهملة تماما في السياسة السودانية و بالتالي تتحول المؤسسة إلي مؤسسة أمنية بمفهوم جديد و ليس المفهوم السائد في المجتمع باعتبار أنها تقدم رؤية جديدة تشكل وعي جديد في المجتمع ثم تبني أساس متين لقضية الثقافة الوطنية و التي نحن في أمس الحاجة إليها و في ذات الوقت و بطريق غير مباشر هي تخلق قاعدة للتقارب الوطني بين القوي السياسية مثل هذا العمل يفتقده السودان كما أن الدول التي تريد أن تتعامل مع السودان أو التي تريد أن تفهم عن السودان لا تضطر أن ترجع لدول أخري لكي تتعرف عن حقيقة الأوضاع في السودان أي البعد عن مرجعية الوصايا التي كانت سائدة و التي كانت تمارسها علي السودان خاصة من قبل النظم المصرية السابقة و مركز الدراسات الإستراتيجية يصدر مجلة ربع سنوية تحتوي علي بحوثه و دراساته بعدد من اللغات و توزع أغلبية دول العالم و يتبادل الزيارات العلمية و يقيم الندوات و السمنارات في القضايا الإستراتيجية و هنا تخلق المؤسسة بعدها الوطني و المعرفي و تكون قد خلقت الحماية الأمنية المطلوبة.
القضايا الخارجية يلعب المعهد دورا محوريا في القضايا الخارجية خاصة في منطقة شرق و وسط إفريقيا و القرن الإفريقي و من ثم كل القارة الإفريقية و منطقة الشرق الأوسط و يحاول المعهد أن يجعل هناك تقارب بين المنطقتين و خاصة أن القارة الإفريقية أصبحت منطقة صراع بين القوي العظمي في العالم و أيضا أصبحت القارة جاذبة للعديد من الشركات العابرة للقارات و هي سوف تشكل تحديات جديدة في المنطقة و تشكل تحديات للمجتمع الإفريقي إلي جانب قضية الصراع حول المياه خاصة في حوض النيل و قضية النازحين و اللاجئين و الصراعات الآثنية و صراعات الحدود و التدخلات الخارجية و غيرها و في كل تلك القضايا يوفر المركز المعلومات للباحثين عنها أن كانت شركات أو دول و معاهد و جامعات و مراكز للدراسات و يكون المركز قد أصبح مرجعية أساسية في العديد من القضايا الخارجية و خاصة في المنطقتين الإفريقية و العربية علي أسس معرفية.
يطرح سؤال مهم جدا من أين للمؤسسة هذه الأموال التي تستطيع أن تقيم بها مثل هذا العمل الإستراتيجي الكبير؟
قبل الإجابة علي هذا السؤال هناك معلومة مهمة جدا أن أغلبية الباحثين الذين يجب أن يعتمد عليهم المركز الإستراتيجي و المعهد في المستقبل يجب أن يكون أغلبيتهم من السودانيين الذين يقيمون الآن في الخارج معروف أن الإنقاذ قد فصلت العديد من المواطنين للصالح العام و بحروبها الكثير أصبح الآلاف من السودانيين للاجئين و نازحين و هناك العديد من تمت إعادة توطينهم في الدول العالم خاصة الدول الغربية و أمريكا و استراليا و كندا و هناك الآلاف الذين يقرءون في الجامعات و المعاهد العليا و هؤلاء ليس لهم معرفة بالتركيبة السياسية السودانية و لا يكون ولاءهم إلا للوطن و يستطيعون أن يؤادوا المهمة بالصورة العلمية المطلوبة كما أن مناهج التعليم في البلاد التي يقيمون فيها تأهلهم أن يتبعوا المناهج العلمية الصحيحة و معرفة المصادر و الاستخدام و التعامل مع الوسائل الحديثة في جمع المعلومات كما هم علي دراية تامة بطبيعة تلك المجتمعات التي يعيشون فيها و يعرفون كيف يتعاملون معها و لمن تقدم المعلومة الصحيحة.
أن الإمكانيات المادية أعتقد متوفرة بكثرة ليس اعتمادا علي الميزانية السودانية و لكن لمثل هذه الإعمال هناك العديد من أموال مهدورة في المنطقة يمكن استخدامها في مجالات مفيدة و لا اعتقد وجوب الإشارة إليها بصورة مباشرة و لكن مثل هذا العمل يستطيع هو نفسه أن يجد العديد من المصادر التي توفر له الدعم المطلوب في الأول ثم عندما يبدأ العمل سوف يغذي نفسه من خلال إصداراته و توزيعها في العالم إضافة إلي الكورسات و دراسة الطلاب الذين يأتون لطلب العلم فيه أن كانوا في الداخل أو الطلاب القادمين من الخارج إضافة لطلاب المؤسسات الرسمية و الحكومية في الدول أخرى نظير رسوم للدراسة.
و بالتالي يكون الجهاز استطاع أن يغير طبيعة العمل و دوره في العمل الإستراتيجي الاستباقي ثم أصبح هو نفسه مصدرا للمعلومة الصحيحة أن كان داخل السودان من خلال الدراسات و البحوث العلمية التي يقدمها و في الخارج من خلال نشاطات المركز و البحوث التي يقوم بها و تبادل المعلومات و المعارف و من خلال التعامل بأفق جديد الذي تبعده عن جدل الصراع اليومي الذي تم زجه في متونه و أخير الله الموفق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.