شاهد.. مقطع فيديو للفريق أول شمس الدين كباشي وهو يرقص مع جنوده ويحمسهم يشعل مواقع التواصل ويتصدر "الترند"    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرلمان و فهمه لطبيعة الصراع مع أمريكا .. بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
نشر في سودانيل يوم 13 - 07 - 2011


zainsalih abdelrahman [[email protected]]
خصص البرلمان الأسبوع الماضي جلسة خاصة للصراع و الخلاف السياسي بين الخرطوم و واشنطن تحدث فيها كل من السيد مهدي إبراهيم الذي شغل منصب سفير السودان في واشنطن و الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل وزير الخارجية الأسبق و الفريق صلاح عبد الله قوش رئيس جهاز الأمن و المخابرات السابق و غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية إلي جانب السيد أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان و قد نقل التلفزيون السوداني الجلسة علي الهواء و كانت بادرة طيبة لمعرفة كيف تفهم النخبة الحاكمة طبيعة الخلاف السياسي بين السودان و الولايات المتحدة و من خلال هذا الفهم هي تدير أزمتها مع الإدارة الأمريكية لآن الفهم لطبيعة الصراع و أبعاده و القوي المشاركة فيه تحدد آليات العمل للنخبة الحاكمة و قد استمعت لكل المداخلات التي قدمت و قد استوقفتني بعض النقاط المهمة جدا و التي تحاول النخبة الحاكمة تجاهلها تماما و سوف نتعرض لأسباب هذا التجاهل ثم أسباب فشل الدبلوماسية السودانية في إحداث اختراق في الإدارة الأمريكية و خاصة مراكز اتخاذ القرار ثم المؤسسات المؤثرة أيضا في الرأي العام الأمريكي.
قال السيد أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان السوداني " يجب معالجة الخلل في تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع السودان و تتحدث الولايات المتحدة عن تطبيع علاقاتها مع حكومة السودان بينما تفتح أبوابها لاستقبال كل شخص ضدها للحديث عنها كيفما يريد" و أضاف قائلا " أن الحكومة الأمريكية ظلت تعامل الحركة الشعبية معاملة رؤساء الدول و ترفض للبرلمان السوداني منح الحصول علي تأشيرة الدخول للمشاركة في اجتماعات رؤساء البرلمان العالمية في أمريكا" من خلال حديث السيد رئيس البرلمان يدرك الشخص المتابع لقضية الصراع السياسي بين السودان و أمريكا أن السيد رئيس البرلمان بعيد تماما عن الإلمام بالأسباب الحقيقة للخلاف و أبعاده و انعكاساته علي الخلاف بين البلدين و في ذات الوقت دور الرأي العام الأمريكي تجاه السودان و كيف تكون هذا الرأي و سوف أتعرض لذلك بعد التعرض لحديث السيد مهدي إبراهيم باعتبار أن القضايا مترابطة مع بعضها البعض ثم نختم بحديث الفريق صلاح عبد الله قوش.
استعرض السيد مهدي إبراهيم تاريخ الخلاف بين البلدين ثم تعرض للحديث عن جماعات الضغط و ركز علي المجموعة الأفريقية الأمريكية في البرلمان و دور المنظمات اليهودية و الصهيونية و تأثيرها علي القرار في أمريكا ثم انعكاسات السياسية الأمريكية و خاصة العقوبات التي فرضتها علي السودان علي الاقتصاد السوداني و الاستثمار و توقعت أن يتحدث السيد مهدي إبراهيم بجرأة السياسي الذي تهمه مصالح الشعب السوداني و ليس تأثيراتها علي السلطة الحاكمة لآن الحديث عن الثانية يجعل المرء يحاول أن يسير مع التيار العام السائد دون الخروج عليه و هو ما أخذ به مهدي و بالتالي حاول الوصف للقضية دون سبر غورها حتى لا يخرج من دائرة الفهم العام للقيادة لطبيعة الصراع و أن يعدد العناصر التي لها تأثير علي الصراع و هذا المنحي في حد ذاته يمثل أزمة سياسية تجعل المرء بعيدا عن فهم طبيعة الصراع و أسبابه و الحديث عن الأولي أي عن مصالح الشعب تجعل المرء يبحث بعمق عن الحقائق و الأسباب التي أدت إلي الخلاف بين البلدين و انعكاساته علي عملية التطبيع و عند البحث لا يهم المرء ما يقول سوف يرضي السلطة أو يغضبها لأنه يبحث عن الحقيقة و هي التي حاول السيد مهدي تفاديها و تلمس سطحية المسألة و هو يعلم أن سلطته و النخبة الحاكمة كانت وراء تشكيل الرأي العام الغاضب علي الحكومة في السودان و عدم البحث عن الحقائق و الإشارة إليها يجعل الحل مستعصيا علي النخبة الحاكمة.
نبدأ بسؤال مهم جدا ما هي طبيعة العلاقة بين المنظمات اليهودية في أمريكا و مجموعات و منظمات الأفارقة الأمريكان و مدي قوتها وضعفها؟
و باختصار شديد جدا بدأت العلاقة بين المنظمات اليهودية و الأفارقة الأمريكان في بدايات القرن الماضي عندما هاجرت مجموعات اليهود إلي الدولة الجديدة و بدأت تلك المجموعات تقوي علاقاتها بالمؤسسات البحثية و الأقليات في عام 1927 بدأت طلائع الأكاديميين اليهود تأخذ وضعها في المجتمع و في المحافل العلمية و البحثية و بدأت تؤثر في الأطروحات الفكرية في الساحة الأمريكية و قدموا ما يسمي بالليبرالية الجديدة أو التجديد في الفكر الليبرالي و قدموا أهم خمس نقاط أساسية تعتبر ركائز فكرية للفكر الليبرالي الجديد و هي
أ – رفاهية المجتمع و دعم قضية فكرة الاقتصاد الحر و إبعاد الدولة عن التدخل في العمليات الاقتصادية و تتحول لمؤسسة حامية فقط للمجتمع.
ب - محاربة الفكر الماركسي و كل الأفكار الاشتراكية و هي التي أدت فيما بعد إلي " الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي السابق.
ج – نشر أفكار الديمقراطية و الحرية في العالم.
د – العمل من أجل احترام حقوق الإنسان و كل ما يتعلق بذلك.
ه – العمل من أجل حماية الأقليات في العالم و الدفاع عن حقوقهم و العمل من أجل إتاحة الفرص لهم و احترام حقوقهم و ثقافاتهم و عقائدهم و العمل علي صياغة الدساتير و القوانين التي تدعم حقوقهم في المجتمع.
و النقطة الأخيرة كانت مهمة جدا باعتبار أن اليهود يمثلون الأقلية في كل المجتمعات في العالم و بالتالي كانوا يبحثوا عن حماية أنفسهم و من خلال هذا الفهم دعمت المنظمات اليهودية نضال الأفارقة الأمريكان تاريخيا في المجتمع و قدمت لهم كل الدعم السياسي و المالي الذي يحقق أهدافهم و كانت تعتقد المنظمات اليهودية أن الدفاع عن الأفارقة الأمريكان هو دفاع عن ذاتهم و عن حقوقهم لذلك تكن منظمات الأفارقة الأمريكان احتراما شديدا للمنظمات اليهودية في أمريكا و ترتبط بعلاقات وثيقة معها كما أن المنظمات البحثية و مراكز الدراسات اليهودية قد أتاحت فرصا عديدة لمجتمع الأفارقة الأمريكان.
القضية الثانية أن الأفارقة الأمريكان يعتقدون أن الدفاع عن قضايا الأقليات في العالم و المجموعات المضطهدة تدعم قضيتهم و حقوقهم في المجتمع الأمريكي خاصة إذا كانت هذه القضايا في إفريقيا و هي حالة حنين " nostalgia " .
ما هي الأسباب التي أثرت في المنظمات الأمريكية و تشكيل الرأي العام الأمريكي؟
1 – بعد انقلاب الإنقاذ علي السلطة الديمقراطية اتخذت قرار إبعاد العديد من العاملين للصالح العام و هؤلاء كانوا أعدادا كبيرة من مختلف اتجاهات السودان و من مختلف الأعمار و الثقافات و و الانتماءات السياسية وعندما بدأت الأمم المتحدة مشروع إعادة التوطين للسودانيين الذين نزحوا لكل من جمهورية مصر العربية و كينيا و أوغندا و اريتريا و أثيوبيا كان للولايات المتحدة نصيب الأسد حيث ذهب عشرات الآلاف من السودانيين للولايات و كانت تجري مع هؤلاء معاينات تختلف عن المعاينات التي كانت تجريها الأمم المتحدة و تحدث هؤلاء السودانيين عن العديد من الممارسات التي انتهكت فيها حقوقهم و حالات الاغتصاب و حالات تعذيب و اعتقالات دون قانون أو محاكمة هذه المعاينات كانت تجري مع موظفين دولة مهتمين بالقانون و الغريب في الأمر أن أغلبية هؤلاء المحلفين كانوا من الأفارقة و كانوا يستمعون لكل تلك الإفادات كل تلك المعلومات قد وصلت إلي المنظمات الأهلية الأمريكية إذا كان عن طريق الموظفين أو عن طريق السودانيين أنفسهم.
2 – كانت الإنقاذ في تلك الفترة تعلو فيها صيحات الجهاد و كيل الشتائم إلي الولايات المتحدة " أمريكا قد دنا عذابها" و كانت و سائل الإعلام في يد ما يسمي بالدبابين و هؤلاء لم يدركوا تأثير هذا السلوك علي السياسة الخارجية للسودان ثم حالة التجيش التي كانت تجري في المجتمع كل تلك الأفعال التي كانت تقوم بها مؤسسات الدولة كانت تعطي مصداقية إلي حديث طالبي إعادة التوطين و حتى الذين لم يتعرضوا للتعذيب أو الاعتقال انجرفوا مع السيل العام و عندما ذهب هؤلاء إلي تلك المجتمعات و تفاعلوا معها لم يتراجعوا عن إفاداتهم بل زادوا عليها لكي يكسبوا عطف تلك المنظمات.
3 – عندما انفجرت مشكلة دارفور و أخذت مجموعات كبيرة تنزح متأثرة بالحرب و عمليات العنف كانت الجاليات السودانية قد وطدت أقدامها في تلك الدول وكانوا قد خلقوا علاقات مع المجتمع و عدد كبير من المنظمات الأهلية و بالتالي استطاعوا أن يوظفوا علاقاتهم تلك من أجل تأليب الرأي العام أن كان في أمريكا و كندا و أوروبا و استراليا ضد الإنقاذ التي تقوم بقتل المواطنين في دارفور بالتالي كانت قضية دارفور قد أخذت منحي دوليا.
4 – أن السودانيين في البلاد الأوروبية و الولايات المتحدة و كندا و استراليا قد تعرفوا علي الطرق التي تجمعهم بالقيادات السياسية في تلك الدول و خاصة نواب البرلمان باعتبار أنهم أصبحوا قوة ناخبة لا يستهان بها أو يتم تجاهلها أي أنهم أصبحوا علي علاقة قوية مع صانعي القرار في تلك الدول و أن النيابة في الدول الديمقراطية أقوي تأثيرا عن السلطة التنفيذية لأنها مرتبطة بالقاعدة و متفاعلة معها كما أن السلطة التنفيذية لا تستطيع تجاهل القوي البرلمانية و بالتالي أصبح للسودانيين المعارضين ارتباط قوي بصانعي القرار و الحكومة السودانية تتعامل مع السلطة التنفيذية و بالتالي هي لا تستطيع أن تحدث أية اختراق للرأي العام في تلك الدول.
5 - أن الحكومة السودانية لا تستطيع أن تحدث اختراقا لتلك المؤسسات الغربية بمعزل عن السودانيين في تلك الدول أو تتجاوزهم لأنهم هم أقرب إلي الرأي العام و المؤسسات الأهلية و صانعي القرار و يجب أن يكون معروفا أن أية سياسي غربي إذا كان يريد أن يستمر في العمل السياسي لا يتجاوز الرأي العام مهما كانت السلطة التي يمنحها له القانون باعتبار ليس هناك سلطة دائمة أنما هي سلطة مرتبطة بفترة زمنية و يعرض المسؤول نفسه علي الجماهير في انتخابات عامة.
6 – لا يستطيع الرئيس باراك أوباما و الإدارة الأمريكية تجاوز الرأي العام الأمريكي و بالتالي أية تعامل مع السودان أن كان من خلال الجزرة أو العصي فهو لا يستطيع أن يقدم علي اتخاذ قرار في قضية للرأي العام موقف فيها إلا إذا حدث تعديل في الرأي العام و غير موقفه و هنا يأتي أيضا دور الجاليات السودانية في تلك المجتمعات فهي الوحيدة التي تستطيع أن تحدث اختراقا و تغير في الرأي العام و أية مسؤول أمريكي إذا حاول أن يعدل من الرأي العام يجد المواجهة الشرسة من تلك المجموعات كما حدث إلي المبعوث الأمريكي السابق سكوت غرايشن.
7 – الآن قضية جنوب كردفات تسير في ذات الاتجاه الذي سارت عليه قضية دارفور حيث بدأت تصل صور الحرب للرأي العام في تلك الدول و عددا من المنظمات التي تشكل الرأي العام و هي صور تكسب عطف المواطنين من بشاعتها و ليس المهم من قتل هؤلاء و لكن كل الصور المأخوذة تقدم باعتبار أنها من جراء قذف طائرات السلطة الحاكمة و القذف العشوائي إلي أماكن المدنيين و إذا لم تتدارك السلطة هذه القضية بسرعة فإنها سوف تأخذ إبعاد قضية دارفور خاصة بعد 9 يوليو عندما يعلن قيام دولة الجنوب.
هذه بعض من الأسباب التي خلقت الموقف من الحكومة السودانية في المجتمع الأمريكي و الغربي عموما و شكل رأي عام لا تستطيع الحكومات الغربية تجاوزه و لا تستطيع الإنقاذ أن تغير في قناعات الرأي العام كما أن القيادات في المؤتمر الوطني تعتقد أن الحكومات الغربية و في أمريكا تستطيع هي أن تتخذ قرارات بمعزل عن الرأي العام و هو ما يؤكد الاختلاف في طبيعة التفكير.
تعتقد قيادات المؤتمر الوطني أن الإجراءات و العمل السياسي في الدول الغربية و الولايات المتحدة لا يختلف عن ما يجري في السودان رغم أن هناك اختلافا كبيرا جدا في التعاطي السياسي و قد تعرضت لذلك في المقال السابق و لكن للتأكيد أن هناك خلافا منهجيا في العمل السياسي يعتقد السيد رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر و الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل و كثيرين مثلهم في المؤتمر الوطني و حتى في البرلمان أن الرئيس باراك أوباما يستطيع أن يتخذ قرارا بمفرده لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أو رفع العقوبات الاقتصادية و من يعتقد ذلك لا يفهم طبيعة النظم الديمقراطية حيث أن الرئيس أو الوزير لا يستطيع اتخاذ أية قرار إذا لم يستوفي شروط اتخاذ القرار خاصة في قضية قد شكل رأي عام حولها مثل قضية السودان و كل ما تقدمه الإدارة الأمريكية من حوافز ما هي إلا تكتيك تقوم به من أجل الوصول فقط إلي أهدافها و لكنها لا تستطيع أن تقدم علي قرار إبعاد السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلا إذا حدث تغيير في الرأي العام الأمريكي و حدثت مصالحة بين السلطة في السودان و المنظمات الأمريكية المؤثرة في صناعة القرار و هي لا تستطيع فعل ذلك إلا بالتصالح مع جالياتها في تلك الدول لذلك تحدثت في عدد من المقالات عن أهمية الجاليات السودانية في الخارج و أغلبية الجاليات هي في حالة خصام مع الإنقاذ و العمل مع الجاليات ليس ما يقوم به الدكتور كرار التهامي من علاقات عامة.
القضية الأخرى المهمة أن القيادات السياسية السودانية بإطلاقها و خاصة قيادات الإنقاذ تعتقد أن الحديث مع الجماهير و في اللقاءات الجماهيرية يجب أن لا يؤخذ مأخذ الجد باعتبار أن اللقاء يتخلله الكثير من الانفعال و إذا أراد أية شخص أن يدعم حديثه عن الإنقاذ و موقفها من قضايا الديمقراطية و الحرية أن يسجل مقتطفات من لقاءات المسؤولين مع الجماهير حيث في الغرب يعتقدون أن ما يتفوه به المسؤول في أية مكان محسوب عليه و لا يميزون بين المنابر بل يعتقدون أن ما يقال أمام الجماهير هو الصحيح و يجب الأخذ به و بالتالي هم لا يخرجون كلماتهم إلا إذا قاسوها بميزان الذهب بعيدا عن الانفعالات و إذا سأل مسؤول عن قضية لا يعرف عنها شيئا لا يدلي فيها برأي أنما بكل صراحة يقول أنه لا يعرف و لكن سوف يحضر المتخصص لكي يتواصل النقاش معه في القضية و من قبل كان الإمام مالك قد قال من قال لا أدري فقد أفتي.
يبقي السؤال المهم ما هو العمل و كيف معالجة قضية الخلاف السياسي بين الدولتين؟
لقد كانت مداخلة الفريق صلاح عبد الله قوش من أهم المداخلات حينما قال " يجب تحديد العدو ثم تحديد السلاح الذي يمكن المحاربة به و قال ليس كل أعضاء الكونغرس أو كل الإدارة الأمريكية ضد السودان"
لكي تتعرف علي العدو الذي تريد محاربته يجب فهم المجتمع الأمريكي و فهم كيف تتم إجراءات العمل السياسي و ما هي العناصر المؤثرة في القضية السودانية و كيف الوصول إليها و الدخول معها في حوارات من أجل تصحيح الفكرة و لكن هذه نفسها لا اعتقد أن الإنقاذ تمتلك آلياتها و أدواتها لاختلاف طبيعة الفكر الذي يحكم المجموعتين و ضعف الفهم لقيادات الإنقاذ بالدور المهم لمنظمات المجتمع المدني حيث في النظم غير الديمقراطية يعتقد البعض أن منظمات المجتمع المدني دورها هو التطبيل للحاكم و دعمه و الوقوف إلي جانبه أو هي مؤسسات الهدف منها تقوية الحزب الحكم بل أن لمنظمات المجتمع المدني في النظم الديمقراطية دورا مهما وخطيرا جدا و تستطيع أن تسقط حكومات و تبعد وزراء من مناصبهم و تقاضي الدولة و السؤولين و هي لها أثرا بليغا في قضية الخلاف بين الحكومتين و حماية القيم الديمقراطية و التصدي للحكام الذين يحاولون الحد من حريات الناس أو الحد من حريات الصحافة و المحافظة علي المكتسبات الجماهيرية و تعمل الحكومات لها ألف حساب و الغريب أن الإنقاذ تجهلها تماما و لا تعطيها مساحة في دبلوماسيتها.
يقول الفريق قوش " أن أعداء السودان منظمات أجنبية تقود حملات ضد البلاد و تشوه صورتها لدي الناخب الأمريكي"
و صل الفريق قوش لمربط الفرس في إن الانتخابات هي التي تربط العلاقة بين المواطن و المرشح و العلاقة بين المنظمات و الناخب الأمريكي فهي كلها علاقات متداخلة مع بعضها البعض و لا استبعد أن هناك منظمات خاصة الصهيونية لديها موقف سياسي من السودان و هي انعكاس للصراع في الشرق الأوسط و لكن تلك المنظمات لم تنطلق من فراغ أنما بنت موقفها من السودان من خلال الإفادات التي أدلي بها السودانيون للعديد من المنظمات كما أن نظام الإنقاذ نفسه من خلال ممارساته قد دعم تلك الإفادات و هو الذي ساهم في تشكيل الرأي العام في الغرب ضده و هي الحقيقة التي لا تحاول قيادات الإنقاذ الاقتراب منها و التعامل معها و أية عمل تحاول الإنقاذ القيام به من أجل معالجة تلك الأخطاء لا يكون بمعزل عن الجاليات السودانية في تلك الدول و هي أيضا المصالحة التي تحتاج لها الإنقاذ.
القضية الأخيرة أن الثقافة التي تتشكل عليها الشخصية السودانية هي ثقافة غير ديمقراطية و لا ترغب في النقد و تقديم بدائل عن ما هو مطروح من قبل المسؤولين و أن تناول أية موضوع يخص جهة ما و خاصة الدبلوماسية السودانية يعتقد القائمون عليها يعد تدخلا في اختصاصاتهم و بالتالي تناول الموضوع من جهات بعيدة عن المؤسسة يعني تدخل في شؤون المؤسسة و تقليل من قدرات القائمين عليها ذلك هم دائما يجعلون في أذانهم صمم عن سماع أراء أشخاص بعيدين عن المؤسسة كأنما الذين يريدون تقديم النصح أو الرأي يريدون انتزاع الوظائف من أصحابها و يعتقد البعض أن النقد يعني التقليل من شأن المسؤول رغم أن النقد هو تشخيص للمشكل و وضع الأصبع عن مكان الخطأ و إشارة إلي حلول أخري ربما تكون أنجع من المقدمة لذلك تجد أن المستشارين في الوزارة أو الرئاسة دائما ما يميلون لمساندة رأي المسؤول حتى إذا كان خطأ حتى لا يثيرون غضبهم و هي واحدة من اخطأ التربية السودانية القائمة علي الثقافة الأبوية " البطريكية" و قيادات الإنقاذ لا تميل لمشاركة الآخرين في الرأي لاعتقادها أنها هي التي تملك الحقيقة وحدها لذلك تراوح المشاكل مكانها دون حل رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية أقوي دولة و اغني دولة في العالم تحاول مشاركة العديد من المؤسسات و المنظمات و الأفراد الملمين بالمشكلة المطروحة لذلك نجد أن الصهيونية في الولايات المتحدة قد ركزت علي شيئين مهمين جدا الإعلام و مراكز الدراسات و البحوث أن كانت أهلية أو في الجامعات لكي تكون قريبة جدا من التأثير علي القرار في الإدارة الأمريكية, هذا تعد مساهمة في كشف بعض من المستور في الصراع بين السودان و أمريكا و الله الموفق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.