البعض منا يختذل الوطن في مدينة أو قرية .. وربما في حي أو شارع .. بل يختذله البعض في شخص .. كلنا نحب وطننا .. فقط نختلف في طريقة وأدوات التعبير عن ذلك الحب .. فحتى الحيوانات تهفوا إلى الأماكن التي ولدت فيها بالغريزة .. ورغم أننا من أكثر الشعوب تعلقا بالوطن ومراتع الصبا .. إلا أننا ضنينون في البوح بذلك لعلة في ثقافتنا وتربيتنا الوطنية .. لكننا لا نتحرج من سب الوطن لأتفه سبب .. كنوع من التعبير عن حالة غضب تجاه موقف ما تعرضنا له .. أو قضية سياسية .. أو حتى مسؤول حكومي لا يروقنا .. ما ذنب الوطن في خلافاتنا السياسية ؟ .. ما ذنبه في مراراتنا الشخصية وهزائمنا العاطفية ؟ .. لماذا نصنع منه شماعة نعلق عليها كل إخفاقاتنا وخيباتنا وعاهاتنا ؟ .. في فترة من الفترات وبحسن نية وضع رواد التعليم آنذاك منهجا للتربية الوطنية ليدرس في المرحلة الوسطى .. .. متناسين أن الوطنية إحساس وشعور لا يمكن إكتسابه عبر التلقين في المدارس .. ولا يخضع لإمتحان تحريري وشفهي مثله مثل باقي المواد الدراسية .. بل هو غرس نتعهده بالرعاية والإهتمام منذ الصغر .. موجود في جيناتنا نتوارثه جيلا بعد جيل .. فالوطنية الحقة تبدأ من البيت من داخل الأسرة الصغيرة .. تمتزج بالحليب الذي نتناوله من صدور أمهاتنا .. والوفاء الذي يغرسه فينا آباؤنا .. اما غير ذلك فهو إنتماء مشوه يفتقد للحس الوطني .. رحم الله شوقي لم يترك للشعراء من بعده ما يقولونه في حب الوطن حينما قال : وطني لو شغلت بالخلد عنه .. نازعتني إليه في الخلد نفسي