• في ذات الساعة التي وصلت الى مطار الدوحة قادمة من امريكا أكبر قوة سياسية واقتصادية في العالم كانت الدبلوماسية سوسن محمد صالح نائب رئيس البعثة السودانية والوزير المفوض بدولة قطر غادرت لمقر عملها الجديد بدولة الكويت كرابع محطة لها بعد ان عملت بالمملكة الاردنية الهاشمية والمملكة المغربية . • دخلت المرأة السودانية السلك الدبلوماسي مطلع السبعينات ووصلت اكثر من اربعة عشر سيدة لمنصب السفير ابرزهن صديقتنا السفيرة زينب محمد محمود التي عملت في الثمانيات بسفارتنا بالدوحة وكانت سفيرة للسودان لدي مملكة السويد قبل ان تتقاعد لتحل محلها السفيرة اللامعة نادية جفون التي لم ألتقيها لفترة طويلة حيث كانت تعمل بسفارتنا بماليزيا وترأست ادارة الشؤون الثقافية برئاسة الوزارة بالخرطوم قبل تسميتها سفيرا بالسويد وعقدا فريد من نخلات بلادي لا يسع المجال لذكرهن بالاسماء . • " سوسن " وجه دبلوماسي زاوج بين الجدية في قول الحق والدبلوماسية الناعمة التي تستطيع ان توصل وجهة نظرها وقناعاتها دون ان يفقد محدثها مؤدتها او ان تنزلق للمتاهات الجدلية التي تفرغ المضامين الانسانية من حيويتها وتقلل من قيمة المنطق وتجرح الحوار .. وخلال الانتخابات الرئاسية السودانية امسكت بهذا الملف المهم والحساس بحرص ودراية مكنت اعضاء الجالية الادلاء باصواتهم بحرية ووفق قناعاتهم الذاتية مما سهل مهمة اللجنة العليا للانتخابات وفريق العمل . • ولعل امساكها بملف المدرسة السودانية بالدوحة وبفكرها الناضج وقناعتها باهمية التعليم وتنشئة النشء في بلاد الاغتراب مشبعين بالقيم الاصيلة والتعليم النوعي عزز من دور المؤسسة التعليمية وازال الكثير من العراقيل لاجلاس الابناء على كراسي الدرس وساهم في بناء مؤسسة تربوية تستطيع ان تنطلق لمزيد من النجاحات والتي هي رأس المال الحقيقي للمغتربين مهما كانت اوضاعهم ومحافظهم المالية فليس اهم من تعليم الابناء وتنشئتهم على الخلق القويم . • وبدولة الكويت الشقيقة والتي ترتبط مع السودان بعلاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية ضاربة في الجذور تنتظر" سوسن " ايضا الكثير من الملفات الهامة التي هي اهل للامساك بها والمساهمة ضمن فريق سفارتنا هناك لمزيد من توطيد العلاقات وتاسيس شراكات جديدة خاصة وان لدولة الكويت نهجها الحضاري المعرفي المعروف. • كثيرا ما كان يدور بيننا حوارات " ساخنة باردة " حول قضايا الوطن المتشعبة نتفق ونختلف .. واحوال بعض السودانيين المتعثرة ضمن اهتماماتنا وما نتناوله في كتاباتنا ولكن كانت قناعاتنا منسجمة تماما في اطار ان الحوار الموضوعي والنقد البناء هو جسر التواصل طالما الهموم مشتركة والامال عراض تتدفق دون حرج او تعالي لمسارات العمار والانماء في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها وطننا الكبير . • في تقديري ان الدبلوماسية السودانية وفي المرحلة القادمة بالذات يجب ان تعلب دورا محوريا واساسيا في قضايا الوطن الجوهرية ولملمة شمل الجسم السوداني عبر تعزيز قيم الوفاق الوطني بعيدا عن سياسات الاقصاء والتشرذم و " ركوب الرأس والعصلجة " ويجب ان تفتح سفاراتنا ابوابها ونوافذها للجميع كبيت للسودان الواسع حتى ولو اقتطع عنه جزء حميم وغال جنوبنا الحبيب الذاهب في طريقه لبناء دولته المرتقبة في 9 يوليو .. إن الوطن بحاجة حقيقية لحض همم العطاء لتصب في قوالب المشروعات التنموية الخلاقة وبناء القدرات المؤسسية بعلمية والتلاقي الانساني بسماحة وعنفوان حتى ينفض عن ثوبه الابيض الغبار ويقف شامخا ضمن المنظومة العربية التي تمر بمخاض عسير . • واعتقد ان تجربة الدبلوماسية النسائية تستطيع ان تلعب دورا حيويا ومؤثرا واقعيا وعمليا وهذا ليس تقليلا من شأن " شقائق الرجال " ولا تحيزا للمرأة ولكن تأمينا على ان الكفاءة هي الفيصل والخبرة والتجرد اساس النجاح والنماذج " كسوسن " والتي عرفناها عن قرب رغم قصر فترة عملها بالدوحة تشهد ان نساء العالم العربي ليس باقل من نساء العالم المتحضر من حيث الكفاءة في العمل والمصداقية والحرص على المصالح الوطنية .. وسنظل نعول كثيرا على عطاء المرأة عموما لما حققته " نون النسوة " في قطاع السلك الدبوماسي وكثير من قطاعات العمل .. • واقول بصدق شديد ان " الدوحة " فقدت انسانه معطاءة خلوقة في وقت تعيش فيه دولة قطر أوج عظمتها لتترجم لارض الواقع فلسفة ” التقدم الى الامام " اقتصاديا وسياسيا ومن بوابات التعليم والصحة والمعرفة وحقوق الانسان الخ .. وتحتاج العلاقات السودانية القطرية مزيدا من المياه النقية والايادي القوية لتدفع بها لمساراتها المطلوبة . • لا نشك لحظة ان فريق سفارتنا الجديد بالدوحة سيحققون اضافات نوعية لمزيد من تعزيز العلاقات القطرية السودانية وعلى صعيد خدمة ابناء وبنات الجالية والاستفادة من قدراتهم العلمية وكفاءتهم العملية التي تشهد لهم بها كثير من المؤسسات بدول الخليج والمهجر عموما . عواطف عبداللطيف اعلامية مقيمة بقطر [email protected] همسة : " سوسن " الدوحة كلها مشتاقة ليك .. ولكن العزاء ان عطاءك سيبقى نبراسا يضيء الطرقات مع دعواتنا لكم بالتوفيق والسداد .