! بقلم : المحاسب / محمد غيث . هو شاب في ريعان العمر ذو ثماني عشرة ربيعاً ينحدر من أسرة رقيقة الحال ويسكن في واحدة من أكبر المناطق العشوائية والفقيرة وأكثرها كثافة سكانية بالدولة، وهي منطقة دار السلام التابعة لحي البساتين ، وخرج مثله مثل ملايين الشباب في أعز وهج أحداث ثورة يناير ليشارك أقرانه من الشباب والشابات إعادة صياغة تاريخ مصر وتحريرها وتحريرنا من هؤلاء القراصنة الفجرة والذين أختطفوها وأغتصبوها علي مدي أكثر من ربع قرن من الزمان الأسود ، وشاء حظه وقدره أن يكون وفي تلك اللحظة بالذات سائراً بشارع القصر العيني ، ولم يكن ليدري أن القدر قد كتب له نهاية عمره اليانع وصباه الرشيد علي يد سفاحين وقتلة وفجرة أفتقدوا أبسط معاني للأنسانية وهم يقودون سيارة تحمل أرقاماً دبلوماسية بيضاء اللون وتابعة للسفارة الأمريكية ويعيثون في الأرض فساداً لينطلقوا بها وبأقصي سرعة وبكل الرعونة وبين جموع غفيرة من الشباب ولكي يدهسوا وبكل برود وتنطع وعن سبق ترصد وعمد وأصرار للقتل والأذي ، وأنعدام تام لكل معان الرحمة والضمير والرجولة جميع من صادفهم من تلك الحشود الغفيرة وليساووا بهم الأرض ، وكان من ضمن هؤلاء الضحايا والذين تم أغتيالهم غدراً هذا الفتي الشاب الشهيد / إسلام رأفت زينهم ؟ وبلا أدني ذنب وبلا أدني جرم له ؟! وأنطلقت تلك السيارة المجنونة بقائدها ومساعده ؟! تدهس وتدهس وفي جنون مطبق جميع من تصادف من بشر وكأنهم بالحيوانات أو الكلاب الضالة وليسوا من بني آدم والذي نفخ الله فيه من روحه القدسية وأمر ملائكته البررة والمكرمين أن يسجدوا له تنزيهاً وتكريماً علي خلق الله أجمعين ، هذا هو تصرف الخالق عز في علاه ، وهذا هو تصرف القتلة والسفلة والفجرة والذين أغتالوا زهور شباب مصر وبدم بارد وبلا رحمة ولاهوادة ولاشفقة ؟! وللعجب العجاب وعلي الرغم من متابعتي الدقيقة للأحداث علي أرض الواقع لحظة بلحظة ومنذ قيام الثورة المباركة وحتي تاريخه فأنني في دهشة وأستغراب مخلوط بالشك والريبة وواضعاً علامات أستفهام كبري علي ماجري من كوارث يندي لها جبين الحمار ؟ بفعل من كانوا في تلك السيارة ، والتي يبدوا لي أن السيد النائب العام المصري ومعه وزير عدل مصر والمحامي العام الأول لجنايات مصر وأيضاً قيادات ورموز المجلس العسكري الأعلي وعلي رأسهم السيد المشير طنطاوي لم يتطرق أحداً من حضراتهم وحتي تاريخه لفك لغز تلك السيارة القاتلة ؟! ومن كان يقودها ؟ بل وكيف سرقت من السفارة الأمريكية ؟ وعلي الرغم من أن بعض الجرائد قد كتبت حينها أن السائق والقائد لها والقاتل كان اللواء / أسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة بنفسه ؟ ومعه قيادة أمنية أخري ؟! إلا أنني لا أميل أطلاقاً لتصديق هذا الرأي وأعتقده محض أفتراء خالص ، وخاصة وأن أبن أسماعيل الشاعر المرحوم / عمر قد أستشهد وهو في ريعان الشباب وبنفس الطريقة تقريباً علي أثر حادث سيارة أليم تعرض له أثناء عودته من الأسكندرية ووصولاً أن اللواء / أسماعيل الشاعر قد رفض أخذ أو حتي قبول تعويض مدني من مرتكب الحادث المتهور وهو طبيب أسنان ، وهو مايوحي لي بأستبعاد اللواء الشاعر من وصمة العار هذه ، فضلاً علي كون الرجل مريضاً من أساسه ولايحتمل نفسياً ولا جسدياً ولاصحياً أرتكاب أمثال تلك المجزرة الشنعاء ، ولكن حين نتفحص الواقعة ونتناولها بعين التحليل والتقصي نجد العديد من علامات الأستفهام الكبري والتي تطرح نفسها علي هذا الحدث الرهيب ، والذي يأبي حتي الحيوان علي أرتكابه ، فالواقعة قد تمت بشارع القصر العيني وليلاً ، وعلي بعد أمتار قليلة من مقر السفارة الأمريكية ؟ وبسيارة تعود ملكيتها لتلك السفارة المشبوهة ؟ والسؤال الطبيعي والمفترض أن هذه السيارة لم تهبط علينا من السماء بل مؤكد أن لها سائق أو حتي موظف بالسفارة الأمريكية وهذه السيارة عهدته أو مسئوليته ؟ فكيف أذن سرقت منه أو حتي من السفارة ؟ والسؤال الثاني أن تلك السيارة لايمكن فتحها إلا ببطاقة خاصة مشفرة تشبه كارت الفيزا ؟ فمن أين لسارقها بمفتاحها المشفر هذا ؟ ثم أن الحدث وقع علي بعد أمتار من مقر السفارة وهو مايوحي بأنها خرجت وأنطلقت منذ مدة تقاس بالدقائق من مقر تلك السفارة ؟ وهو مايوحي بوجود علاقة تواطئية مؤكدة بين مرتكبي تلك الجريمة الشنعاء وبين أفراد في تلك السفارة ؟ وطبيعي أن من يمكن له أمتلاك أو توفير تلك العلاقة هم رموز ورتب معروفة من قيادات أمن الدولة المنحل ؟! إذن وعلي الرغم من تصوير الحادث بالصوت والصورة وهو حادث مفجع ومخزي ومروع وأليم وبكل المقاييس ، فأن أحداً من السادة الذين يمسكون بزمام الحكم والعدل في هذه الدولة بعد الثورة لم يتفضلوا علينا وحتي تاريخه ؟ بحل لغز هذه السيارة والمستعصي علي الفهم ؟ ولأسباب لايعلمها إلا الله ومن ثم هم أنفسهم ؟ ولايمكن أن أقبل بفكرة أن مصر الدولة والحكومة والمخابرات وجميع الأجهزة الرقابية والأمنية والمباحث والعدلية فيها يستعصي عليهم مجتمعون فك شفرات هذا اللغز العار ؟ والكشف عن الكلاب التي كانت تقود تلك السيارة وتدهس بها شباب مصر وتزهق أرواحهم وبكل برود ونذالة ووقاحة وغدر الذئاب ؟! وأما السؤال الأعجب هو أن الأجهزة المختصة بالدولة قد وجدت تلك السيارة اللعينة فيما بعد مركونة بمنطقة ما قرب سور مجري العيون وأيضاً علي بعد أمتار من شارع القصر العيني ؟! والسؤال التالي أين إذن المعمل الجنائي المصري ورجاله وأجهزته وخبراته المشهود لها عالمياً ؟ ولماذا لم يرفعوا البصمات الموجودة في تلك السيارة أو حتي أي أثار يمكن أن يخلفها الكلاب التي كانت تقودها ؟! ولنذهب للسؤال الأهم والأكبر وهو حصول بعض المواطنين من أسر الشهداء لتلك السيارة اللعينة علي مستندات هامة كانت داخلها وقاموا كما أفادوا بتسليمها إلي الصحفي المعروف الأستاذ / وائل الأبراشي والذي قدمها من فوره وفي بلاغ منه للسيد النائب العام وكما هي رواية أسرة الشهيد / إسلام رأفت ؟! فلماذا وحتي تاريخه لم نسمع شيئاً من السيد النائب العام أو المحامي العام أو أي مسئول في مصر عن لغز هذه السيارة المارقة ؟! وهل ياتري هناك من يتعمد الطرمخة علي هذه القضية العار ووأدها في وادي النسيان ؟ وأما المستفز هو ماجاء في أقوال أسرة الشهيد / أسلام رأفت وعلي قناة الجزيرة أنهم كلما ذهبوا للنيابة العامة المختصة بفحص بلاغهم لايجدوا إلا رداً واحداً : وهو أن القضية وحلها سوف يستغرق أكثر من السنتين ؟! حسناً أين هي محاضر تحقيقات تلك النيابة ؟ وإلي ماذا توصلت ؟! لاأحد يجيب ؟ ولا أحد يعرف ؟ فهل نحن أمام لغز مستعصي علي الحل أو الفهم ؟ أم أننا بصدد تواطؤ غريب وعجيب ومستفز لكل عقل واع والأهم لمشاعر أسر هؤلاء الضحايا والذين يرجع إليهم ولشهداؤهم وفلذات أكبادهم البررة الشرف في عودة الروح والكرامة والشرف لجموع الشعب المصري ؟ سؤال حائر في عقلي أتوجه به لأولي الألباب والضمائر الحية والمسئولة ، وأهل الحل والربط والعدل في مصر ؟ فهل هناك ياتري من يستمع ؟ وهل هناك من يجيب ؟