بعد سقوط طرابلس وسقوط باب العزيزية وسقوط الرأس الذهبية للعقيد القذافي تحت أقدام ثوار ليبيا الزاحفين من بنغازي ومصراتة والزنتان والجبل الغربي والزواية وطرابلس، أعلن الشعب الليبي انتصاره المدوى على حكم القذافي الذي دام حوالي أثنين وأربعين عاماً واستحق أحر التهاني على انجازه الثوري الفريد. قد يقول قائل إن ثورتي تونس ومصر قد انجزها الشعبين التونسي والمصري ولكن ثورة ليبيا قد انجزها حلف الناتو لكن هذا القول مردود عليه بأنه ومع عدم التقليل من شأن دور الناتو في انجاح ثورة ليبيا فإن الشعب الليبي البطل هو الذي صنع نصره العظيم ببسالة ثواره الأشاوس علماً بأن قياس ثورتي مصر وتونس مع ثورة ليبيا هو قياس مع الفارق ، فالجيشان التونسي والمصري قد انحازا بسرعة للشعبين التونسي والمصري ولم يشاركا في مقاتلة ثوار تونس ومصر بينما قاتلت كتائب القذافي الشعب الليبي بشراسة منقطعة النظير وأرتكبت أفظع جرائم الحرب وأجبرت جامعة الدول العربية على طلب التدخل العسكري الدولي ، وعدد شهداء الثورتين التونسية والمصرية لم يتجاوز ألف وخمسمائة شهيد بينما تجاوز شهداء الثورة الليبية عشرين ألفاً وثورتا تونس ومصر استمرتا حوالي واحد وأربعين يوماً بينما استمرت الثورة الليبية لأكثر من ستة أشهر ، وأخيراً فإن الرئيسين المخلوعين حسني مبارك وزين العابدين يعتبران مجرد حملين وديعين بدليل انصياعهما السريع لارادة الشعبين التونسي والمصري وبدليل أن المتعاطفين معهما يعتقدون أنهما أولاد ناس ويستحقان جائزة نوبل للسلام أما القذافي فيعتبر من أشرس رؤساء العالم بدليل أنه ما يزال يفكر في مقاتلة الناتو ويعد الخطط التكتيكية لهزيمة الثوار الليبيين ومطاردتهم شارع شارع ، بيت بيت وزنقة زنقة على حد تعبيره المشهور! من المؤكد أن الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية الذي عُقد بالدوحة بتاريخ 24/8/2011 برئاسة معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري قد جاء في أنسب توقيت وأن مطالبته لمجلس الأمن بالموافقة على صرف مبلغ 2.5 مليار دولار أمريكي من الأرصدة الليبية المجمدة بشكل عاجل لمقابلة احتياجات الشعب الليبي قبل حلول عيد الفطر المبارك هو إجراء مطلوب بشدة للتخفيف من آثار المعاناة القاسية التي تحملها الشعب الليبي العظيم في سبيل نيل حريته والتخلص من حكم القذافي. ولعل أكبر العبر التي يُمكن استخلاصها من سقوط نظام القذافي المدوي وخلع الكتائب لزيهم العسكري ورميه على الأرض بطريقة مهينة قبل أن تلوذ بالفرار هي أن اعتماد منطق المعالجة الأمنية لقمع المطالبات الشعبية العادلة هو أفشل الخيارات وأن الانتصار على الشعوب هو أمر مستحيل وأن هزيمة المجتمع الدولي هي أكبر المستحيلات وأن أي حاكم دكتاتوري آخر يعتقد خلاف ذلك هو مجرد دون كيشوت سياسي يقاتل في طواحين الهواء ولن يجني في نهاية المطاف سوى الهزيمة الساحقة المجللة بالخزي والعار! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي