(قصة كنز البحر الاحمر) أطلعنا فى شهر رمضان المبارك على مانشر من خبرهام عن الاتفاق الذى ابرمه وزيرالمعادن الدكتور عبد الباقى الجيلانى مع نظيره السعودى لاحياء اتفاقية التنقيب عن المعادن فى قاع البحر الأحمر او ما يعرف عند العامة "بكنز البحر الاحمر". وأن قصة كنز البحر الأحمر ليست قصة خيالية أو اسطورة تاريخية مثل قصص ألف ليلة وليلة !! بل هى حقيقة علمية ثابتة , فالمعروف أن البحر الأحمر يعتبر من البحار الغنية بالمعادن الموجودة تحت أرضها , وقد بدأ الاعتقاد بوجود تكوينات ملحية متعددة المعادن فى قاع البحر الأحمر نتيجة لأبحاث فى بداية القرن قبل الماضى . وبناء على هذه الأبحاث والمعلومات قامت إحدى الشركات الأمريكية العاملة فى صناعة التعدين بالسعى على الحصول على ترخيص بالتنقيب فى منطقة مساحتها( 38) ميلا مربعا من قاع البحر الأحمرفى المنطقة الواقعه بين المملكة السعودية وجمهورية السودان , تلك هى منطقة الجرف القارى التى تتركز فيها الأملاح المعدنية الثقيلة فى الماء والصخور على عمق (2000متر) فى منطقة تسمى (أطلنتس )وقد رفضت الأممالمتحدة هذا الطلب , مما حفز الدول الشاطئية على إعلان حقوقها فى الموارد الموجودة فى قاع البحر , خاصة المملكة العربية السعودية التى أصدرت مرسوما ملكيا يتعلق بملكيتها للموارد فى قاع البحر المجاورة لامتدادها القارى ,وكذلك أعلن السودان ملكيته للجرف القارى فى قانونه للبحر الإقليمى والجرف القارى لعام 1970 م. وبناء على هذه الحقوق أنشأ الاتفاق السعودى السودانى هيئة مشتركة بشان الاستغلال المشترك للثروة الطبيعية الموجودة فى قاع البحر الأحمر,وإن مستودع هذه الثروات يقع غرب خط 19-25,وغرب خط الوسط Median Line)) الذى أقرته إتفاقية جنيف 1958م وبالتالى تكون حقوق السيادة حسب هذه الإتفاقية للسودان ولكن السودان أخذ بالاتفاق السعودى السودانى والذى بموجبه تنازلت كل من الدولتين "ونصت عن طريق الاتفاق"على وضع خاص فى حالات الثروة التى تقع بين منطقة الحقوق الخالصة فى المنطقة المشتركة والتى يتراوح عمقها بين 1500 متر – و2000متر,وهى الأعماق التى تتركز فيها المياه الساخنة شديدة الملوحة بما يسمى ال(Hot Brines)فى جرف الساحل الشمالى الذى يتراوح عرضه 30-40 كيلومتر وقياس الاعماق الى (2000) متر قرب المنطقة التى تتركز فيه المعادن المنصهرة من الرصاص -الكوبالت – والفضة- والذهب- وغيرها من المعادن بكميات ضخمة وهو ما يسمى كنز البحر الأحمر وهى ليست كنوز من مصوغات ذهبية وفضية معبئة فى صناديق كما يخال للبعض؟! وبالتالى يحتاج استخراجه واستغلالها الى امكانيات كبيرة ومعدات غوص متقدمة وميزانيات مهولة وعمل لشركات ضخمة لإستغلال تلك الموارد فى اعماق البحار بعد تصوير الأعماق بالاقمار الصناعية , الأمرالذي جعل استغلالها يتوقف منذ الاتفاقية المشتركة( الانفة الذكر ) للعام 1974 بالرغم من ألتزام المملكة السعودية بتمويل المشروع والذى يحتاج لميزانية كبيرة,والذى بسبب هذا الألتزام تجاوز السودان حقه الذى يكفله القانون الدولى فى تقسيم الجرف القارى الذى توجد فيه كل هذه الثروات وتنازل بموجب الإتفاق الثنائى عن هذه الحقوق مع دولة شقيقة مثل المملكة السعودية التى ما فتئت تساند السودان فى السراء والضراء وتدعمه فى كل الأزمات التى تصيبه بسبب الكوارث الطبيعية والحروب. والمعرو ف أن الثروات أوالموارد الطبيعية فى اعماق البحار وفى المياه الدولية والتى لا تتوفرلاستغلالها امكانيات مالية ومعدات فنية متقدمة ولا توجد لها حاجة ملحة فى الوقت الحاضر, حيث يستقرق أستغلالها جهد ووقت طويل,مما يجعل الدول الشاطئية تتركها للمستقبل, وعليه أقر القانون الدولى لتكون موروث للأجيال القادمة من البشرية (Mankind Heritage). وبما أن المساعى التى قام بها السيد وزير المعادن لتجديد هذا الاتفاق ينبىء على تفكير متقدم للبحث عن موارد وثروات كامنة فى باطن الأرض غير البترولية وهى كثيرة فى البر والبحر,إلا أن استخراجها يقدر بالتكاليف المالية العالية لاستغلال هذه الموراد خاصة الموجودة فى قاع البحر, إلا إنها تعتبر ضمانة لمستقبل الاجيال القادمة لإستثمارها, ومما يمكن ان يستفاد منها فى المراحل القادمة بعد تحديد المنطقة المشتركة وتقسيم الجرف القارى حسب القواعد التى وضعتها الإتفاقيات الدولية (1958- 1982) وبناء على هذا التقسيم يمكن السودان من جذب مستثمرين آخرين فى العمل فى هذا الجانب بالأضافة للمنطقة المشتركة بعد تحديدها بالضرورة. وبهذه المناسبة نقترح أن تستغل ضمانات هذه الموارد الضخمة الكامنة فى المنطقة بين المملكة السعودية والسودان حتى قبل إستخراجها لتوفر الدعم المالى ليخصم من العائدات فى المستقبل, وذلك لانشاء قواعد عسكرية عربية وسلاح حدود وخفر سواحل سودانى كفؤ يؤمن البحر الاحمر وهو( بحر عربى) حسب موقعه الجغرافى بين الدول العربية, بدلا من تركه مكشوفا أمام إسرائيل يسهل لها ما تقوم به من عمليات قرصنة وإعتداءات على السودن فى مياهه الإقليمية وأجواءه كما حدث سابقا , وهذا يحقق هدف عملى وواقعى فى الوقت الحاضر على الأقل , بالإستفادة من ضمانات هذه الثروات, بدلا من الانتظار لفترات طويلة . لذلك نري ان من واجب الحكومة دعم مساعي الوزير صاحب الرؤية المتقدمه والعالم المتخصص في هذا المجال لتامين حقوق السودان ومستقبل اجيالنا في ثرواته الكامنه وما اكثرها . والجدير بالذكر اننا لم نتطرق لكل التجاوزات القانونية في بعض بنودها الجوهرية والتي سبق ان قدمنا بحثا علميا تمت إجازته بجامعة الزعيم الأزهرى حوي دراسة قانونية لهذه الإتفاقية الهامة 00 00والله ولى التوفيق 00 عثمان أحمد فقراى