[email protected] تجربة الأستاذ عمر بانقا في ألبومه الأخير بعنوان " لو ألقى بندقية" تحمل جملة من المؤشرات الإيجابية في تاريخ الأغنية السودانية ، ومدى حيويتها وإذدهارها ، رغم الصعوبات التي واجهت التجربة والتي إستغرقت 6 سنوات بحسب بانقا في لقائه مع قناة النيل الأزرق في برنامج تقاسيم الخميس 15/9/2011م . المؤشر الأول : عكست التجربة اللونية الغنائية التي تبناها عمر بانقا من خلال إختياره للأغاني والتي جاءت متنوعة ما بين الترأث والحقيبة والحداثة في مزج رهيب ، أعتقد بأنه وفق تماماً في إختيار هذه الأغاني ، وبحكم الموطن الأصلي لعمر كردفان ذات الطبيعة الساحرة فهذه كانت عنواناً وإضافة حقيقية للألبوم من حيث التعبير عن الوعي والعمق في الإختيار. المؤشر الثاني: تجربة الأستاذ عمر بانقا في الفرق الجماعية سيما عقد الجلاد قدمت له إضافة حقيقة ومعبر عن مضمون ورسالة الفنان، وتواصله مع مجتمعه وتعبيره عن هذه الرسالة في تقديم المقنع دائماً ، مع الإلتزام التامة بالجودة والإتقان في تقديم مساهماته في مسيرة الأغنية السودانية. المؤشر الثالث : التوزيع الموسيقي الذي وضع ميزة أخرى وإضافة لهذه الألبوم والذي تعاون فيه عمر بانقا مع أساتذة كبار هم (يوسف الموصلي وسعد الدين الطيب وإيهاب أبا سعيد) فثلاثتهم كان نجوماً أضافت لهذه التجربة حيث قدموا نموذجاً متطوراً للتوزيع الموسيقي، بالرغم من عدم الإهتمام لدى الكثيرين من الفنانين والمبدعين بهذا الجانب أعتقد بأن هذا لب الموضوع في تقديم نموذجاً يحتذى به في طرائق التعامل مع المنتوج الغنائي للفنان المبدع . المؤشر الرابع : الفترة الزمنية التي أستغرقها إنتاج الألبوم وهي 6 سنوات والتي أعتقد بأنها فترة طويلة جداً في إنتاج الألبوم ، ولكن هذا يعكس جدية أكثر في تقديم نموذج جيد للأغنية السودانية وليست الفكرة في إنتاج الألبوم فقط بالتالي أستغراق الإنتاج لهذه الفترة بكل ما فيها من معاناة وعوامل ذاتية وموضوعية عكست قناعة بانقا في تقديمه لإنتاج يساهم به في وضع بصمات في الأغنية السودانية الحديثة . المؤشر الخامس : تعامل عمر بانقا مع شعراء لهم إشراقات واضحة في الثقافة السودانية والمنتوج الشعري أمثال الأستاذ محمد الحسن سالم حميد ، والأستاذ محمد طه القدال والأستاذ محجوب شريف والأستاذ عبد الوهاب هلاوي وعبيد عبد النور وعمر البنا، أضفاء على الألبوم ألقاً جديداً وأضاف له محتوى ذو قيمة حقيقة في الإبداع من حيث اللونية الشعرية المقدمة في أغنيات جديدة ومسموعة مثل (لو ألقى بندقية) و( سمحة وسمرية) ، ( كلس)، ( ما كده) ،( أم ضفائر) ،( أم در) ( الموفشار) (اللوري) ..إضافة إلى ذلك تجربة الألحان التي تعامل فيها الأستاذ عمر بانقا مع رفقاء دربه الأستاذين عثمان النو والأستاذ حمزة سليمان ، والذي عكس عمق التواصل وإكتساب الخبرات من تجربته مع فرقة عقد الجلاد، والذين مثل هرمها (عثمان وحمزة) عنواناً جاداً للتلحين ذو الإضافات الواضحة في مسيرة الأغنية السودانية. المؤشر السادس : هو الجدية في الإنتاج من حيث التكلفة حيث أن تكلفة إنتاج الألبوم بلغت (83) ألف دولار، ورغم ضخامتها ولكن جدية عمر بانقا في تقديم نماذج غنائية جديدة دفعته لتحمل تبعات الصرف الكبير على إنتاج الألبوم ، وهذا يعكس الإختلاف الكبير بين السودان والولايات المتحدةالأمريكية التي أختارها عمر موطناً لكسب رزقه ، في عملية الإنتاج الفني لأي تجربة إنسانية. المؤشر السابع : هو عنوان الألبوم " لو ألقى بندقية؟" التي صاغها شعراً محمد الحسن سالم حميد والذي جاء في شكل سؤال الذي جعل الباب مفتوحاً للجميع للإجابة ، وأعتقد بأن بانقا له إجابته الخاصة في إختيار الأغنية لتكون عنواناً لهذا الألبوم والذي قدمها في تدشين الألبوم في مسرح الفنون الشعبية بأن العالم العربي الآن يحتاج إلى هذا العنوان لكي يتجاوز حالة الضعف التي تعيشها الشعوب والتي تجاوزتها شعوباً في ثورات الربيع العربي، رغم الإتفاق والإختلاف فإن هذا يمثل سؤالاً للجميع " ماذا لو وجدنا بندقية .. هل نهديها للجيش ليدافع بها عن بلادنا ضد العدوان" كما ذكر القدال في تدشين الألبوم . عليه نضع الإجابة لفطنه القاري. أعتقد بأن الألبوم وبالمؤشرات التي قدمتها يصلح كحالة مثالية للتناول الإعلامي والموضوعي في أن يكون أحد النماذج الغنائية التي تعتز بها الأغنية السودانية في نموها وتطورها الملحوظة في الغناء الجاد والمبني على علمية التناول في الإختيار والتلحين والتوزيع الموسيقي والأداء التي تناولها بانقا، فبمثل هذا النماذج الإيجابية يمكن أن يضيف الفنانون الشباب للأغنية السودانية إضافات مقنعة وجدية نحو تقديم أفضل ما لدينا من إنتاج موسيقي وغنائي للأخر .