سد النهضة.. إثيوبيا تعلن توليد 2700 غيغاوات من الطاقة في 10 أشهر    شاهد بالصور : رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يزور مقر الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون ويقف على آداء العاملين    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد.. الفنانة هدى عربي تنشر صور من حفلها الأخير بالقاهرة وتقول: (جني وجن زول يعمل فيها فالح علي)    المجلس الأعلى للحج والعمرة يشيد بالإدارة العامة للجوازات ويؤكد استخراج جميع الجوازات في زمن قياسي    تعاقد الريال مع مبابي يرعب برشلونة    مهندس سابق في ميتا يقاضي الشركة لإقالته بسبب محتوى متعلق بغزة    صاحب الأغنية الأشهر (يا أغلي من دمي، يا حبيبتي يا أمي) حادث ينهي حياة الفنان السوداني حمد البابلي    هجوم مسلح على السفارة الأميركية في عوكر.. لبنان    لرفع معدل الولادات في اليابان.. طوكيو تطبق فكرة "غريبة"    وجدت استقبالاً كبيراً من الجالية السودانية...بعثة صقور الجديان تحط رحالها في أرض الشناقيط    " صديقى " الذى لم أعثر عليه !!    "مركز بحري روسي عسكري" في بورتسودان.. تفاصيل اتفاق وشيك بين موسكو والخرطوم    بلينكن يناقش في اتصال هاتفي مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان تطورات الأوضاع في السودان    وانتهى زمن الوصاية والكنكشة    صراع المال والأفكار في كرة القدم    حب حياتي.. حمو بيكا يحتفل بعيد ميلاد زوجته    شاهد بالصور.. أبناء الجالية السودانية بموريتانيا يستقبلون بعثة المنتخب الوطني في مطار نواكشوط بمقولة الشهيد محمد صديق الشهيرة (من ياتو ناحية؟)    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    شاهد بالصور: أول ظهور لرونالدو بعد خسارة نهائي كأس الملك يستجم مع عائلته في البحر الأحمر    نيمار يحسم مستقبله مع الهلال    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    أخيرا.. مبابي في ريال مدريد رسميا    نائب البرهان يتوجه إلى روسيا    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاكمة! بقلم الدكتور نائل اليعقوبابي


*(جاء طوفان نوحْ.
هاهم (الحكماء) يفرًون نحو السفينة ْ
المغنون – سائس خيل الأمير – المرابون-
قاضي القضاة
(ومملوكه) – حامل السيف- راقصة المعبد...
جباةُ الضرائب- مستوردو شحنات السلاح
عشيق الأميرة في سمته الأنثويّ الصبوحْ!
جاء طوفان نوحْ
هاهم الجبناء يفرّون نحو السفينهْ..).
- أمل دنقل -
.. هل من قائد أو إمبراطور أو قيصر أو زعيم ظهر في التاريخ. إلاّ وظن نفسه صاحب الفضل الأول والأخير على البلاد والعباد، والشعب والرعية؟
وهل من حاكم أو رئيس أو ملك أو زعيم أو قيصر إلاّ ويعدّ نفسه غير مسؤول عن شقاء شعبه وبؤسه، وأنه ليس سبب مصائب هذا الشعب وويلاته؟
الأربعاء 3 أغسطس، ُقدم حاكم مصر المخلوع إلى المحكمة. كم كان منظره ذليلاً وهو طريح الفراش على سرير طبي في قفص الاتهام، كالمجرمين الذين كنا نشاهدهم في الأفلام. كم كان ضعيفاً ترتسم عليه علامات الضعة والهوان والذل وهو أمام رعيته ومواطنيه، أمام آلات التصوير، تتناقله شاشات التلفزة، ويتفرج عليه الناس في كل أنحاء المعمورة. وهو قبل شهور قليلة، كان الحاكم المطلق، والسيد المطاع، المستبد بأمره في أكبر قطر عربي، حكم واستبد ثلاثين عاماً. وأظن أن حاكم مصر المطروح على سرير طبي في قفص الاتهام وهو يستمع إلى الاتهامات تنهال عليه من كل فج وصوب، لم يسمع المثل الشعبي القائل:(بشّر القاتل بالقتل والزاني بالفقر وديار الظالمين بالخراب، ولو بعد حين).
أية نهاية، هذه التاعسة المذلة، بعد ثلاثين عاماً من الزعامة، والحكم، والسلطان، والتسلط، والنفوذ والجاه، والمال والعز وهو الآمر الناهي، وهو الفرعون (العصري) المعاصر؟!
ومهما قلنا وكررنا: ما أكثر العبر وأقل الاعتبار! تبقى مقولة (الكرسي) أو (العرش) الذي يُعمي ويصمّ هي الأقوى والأبقى عند الحاكم المستبد.
ترى، من يعرف ماذا كان يفكر حاكم مصر المخلوع وهو في هذا الوضع المشين إن كان قادراً على التفكير؟ من يعرف ما هي مشاعره وأحاسيسه، في تلك اللحظات الطويلة القاسية الصعبة عليه، والتي فرح لها وابتهج الملايين من الشعب المصري، ألا تساوي كل عمره، وحكمه وعزه وماله وعقاراته وحتى أولاده؟! في تلك اللحظات، هل فكر بما فعلت يداه، وما جناه، هل اختلج ضميره وندم؟ أم مازال يعتقد أنه على صواب، والبقية على خطأ؟ تلكم في رأي هي الطامة الكبرى عند الحكّام المستبدين الذين يتحولون إلى طغاة، وهم لا يعرفون إلا أنهم قدمّوا لشعوبهم الخير، والخبز، والأمن الخ... وهنا تكمن قضية الحاكم الطاغي، والتاريخ يمدنا بالأمثلة الكثيرة، ولكن أكثرهم لا يتعظون، ولا يعتبرون، وفيما يبدو لا يقرؤون من التاريخ إلا ما يعجبهم، وما يزيدهم زهواً وتيهاً وغروراً.. فالغرور يولّد الاستبداد، والاستبداد يولد الطغيان، والطغيان يولّد القهر والفقر والجوع والهوان.. لم يتعظ حاكم مصر المخلوع من تجربة جعفر نميري ولا من تجربة شاه إيران المخلوع، وربما لم يسمعه عندما استقبله سلفه السادات، حين قال له شاه إيران: احذر أمريكا، احذر أمريكا. احذر أمريكا! ولم يتعظ بتجربة حاكم العراق مع أن طريقة الخلع مختلفة، لكن ذل المحكمة والنتيجة واحدة. فبمَ كان يفكر عندما قبل بكل طواعية ورضا أن يلغي دور مصر العظيم على الساحتين العربية والإفريقية؟ والأقبح من كل هذا أنه أصبح وأمسى خفير على معبر رفح، ليخنق قطاع غزة، ويحرم الفلسطينيين من الدواء والكساء والغذاء والماء. كلنا يعرف كيف جاء المخلوع إلى سدة السلطة، ولكن لا نعرف ماذا أصابه حتى عماه الغرور، والزهو والمباهاة، وجنون العظمة، وكان مطمئناً جداً أن سفارتي الولايات المتحدة وإسرائيل قادرتان على حماية عرشه.
في العصر الحديث، وربما القديم، كان المناضل نيلسون منديلا، هو الوحيد الذي تصرف وفعل ما لم يفعله الأولون ولا اللاحقون. فبعد أكثر من ربع قرن في السجن استطاع أن ينتزع استقلال بلاده، ويصل إلى سدة الرئاسة، وفي نهاية الدورة الأولى، اكتفى، واعتزل الرئاسة عن طيب خاطر وقناعة بعدما أوصل بلاده إلى شاطئ السلامة، وكأنه يضرب المثل لغيره، لكن غيره لم يتعظ ولم يعتبر.
قد يقول قائل: قبله فعل سوار الذهب في السودان، كل الشعب السوداني يعرف عن كثب من هو سوار الذهب وماهو انتمائه السياسي؟، ومن الذي مكن قبضة الإسلاميين من الحياة السياسية؟.. من هو نائبه الفريق تاج الدين الجبهجي، ورئيس منظمة شباب (البنا)!! فيما بعد. مكافأة له، لتمرير وتزوير قوائم الخريجين، وإدخال الكثير من عناصر وكوادر الجبهة القومية إلى صفوف القوات المسلحة، كمجندين وضباط، لتنفيذ هذا الانقلاب المشؤوم الذي مازال الشعب السوداني يرزح منه، ومن حروبه .. ماذا يعمل سوار الذهب الآن أمين أمانة منظمة الدعوة الكيزانيه . الشعب السوداني ليس بغافل كما يظنون!!
يقول مونتسكيو: (موقف الطاغية، هو موقف ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمرة)، وهذا بالنسبة لطغاة العصر الحديث، أكثر من قطع شجرة، لأنه يلغي الوطن كله من أجل أولاده وزبانيته. أما أكتون فيقول: (كل سلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة).
سُئل فرنسوا كيناي ذات يوم: ماذا تفعل لو كنت ملكاً؟ فقال: لا أفعل شيئاً. فقالوا له: ومن الذي يحكم؟ فقال: القوانين.
وأخيراً، أذكّر بقول السيد المسيح عليه السلام (ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه)؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.