وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطنة ومنهجية التجول الديموقراطي .. بقلم: عبد الله محمد أحمد الصادق
نشر في سودانيل يوم 18 - 07 - 2017


هب جنة الخلد اليمن:
الترابي بعد خراب مالطة قال ان المرحلة القادمة كلها للوطن ولا مجال فيها للمصالح الحزبية الضيقة، فكان كالقاتل الذى يسير في جنازة القتيل والمجرم الذى يحوم حول مسرح الجريمة، فمن قال ان الحدود بين الدول العربية والاسلامية مؤامرة استعمارية وألغي تأشيرة الدخول وفتح أبواب السودان لكل طريد شريد خلعته قبيلته وتبرأ منه قومه وطوابير السودانيين تمتد أمام سغارات هذه الدول كل يوم ويعودون الي بيونهم بخفي حنين ومن الغنيمة بالاياب؟،ومن قال ان السودان ليس هدفا بمعتي أنه أرض ومنطلق لأهاف خارجية فأصبح السودانيون وسيلة وليس غاية والسودان مستعمرة للتنظيم الدولي للأخوان المسلمين ومحميته وأرضه الحرام؟ ومن دعا الي تجييش الشعب السوداني ليغزو به العالم؟ وكان ذلك يذكرني بخليفة المهدى عندما حاول غزو أثيوبيا ومصر ووعد ملكة بريطانيا بالزواج منها ان هي أسلمت، ومن كان مخلب قط لأعداء الديموقراطية في العالم العربي ؟ ومن باع السودان واستعان علي الشعوب السودانية بجنود من ريالات ودولارات بترولية؟ ومن المسئول عن تدمير وتسييس مؤسسات الدولة والبنيات التحتية التي خلفها الاستعماروالانجازات التي تحققت منذ الاستقلال؟ ولوائح الاتهام بالخيانة العظمي ضد الترابي وحيرانه لايتسع لها هذا المجال، والوطن هويتنا وكياننا والحبل الذى يرطنا والسقف التي يجمعنا، وكيف يكون الانسان بلا وطن وبلا جنسية يعترف بها المجتع الدولي في عالم يتزايد سكانه وتتناقص موارده يوما بعد يوم، ووصفه أمير الشعراء بالشيء الذى لا يعدله شيء سواه وقال وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني اليه في الخلد نفسي، فمن صادر حق السودانيين في أن يكون لهم وطن كوطن أمير الشعراء وكافة الأمم والشعوب؟ وارتخت عرى الحبل وأوشك السقف أن ينهار غلي رؤسنا ولا يزال حيران الترابي سوسة تنخر في أعمدة السقف وتفعل فيها ما فعلته السوسة في منساة سليمان وأوشك المرق أن ينكسر ويتشتت الرصاص، ولا يزال حيران الترابي مخلب قط للغرباء الطامعين، ولا يختلف سماسرة السياسة الاقليمية عن سماسرة العقارات بالخراطيم وقد يطالبنا العرب بالرحيل من بلادنا، ولا زلنا نتفرج علي الأحداث من الشبابيك ولا نتحسب لقارعة حتي تحل بنا، وكأننا فريسة لا يعنيها الصراع بين المفترسين لأنها مأكولة في كل الأحوال وعبد لا تعنيه المساومات بين البائع والمشترى ونحن في نظر العرب عبيد بالميلاد والخرطوم بطيخة سكانها عبيد، وللأحداث منطقها وتداعياتها وتردادتها وارتداداتها وقد تخرج من نطاق السيطرة والتحكم وتقودنا ولا نقودها،وأعداء الديموقراطية ودولة المواطنة وسماسرتهم بالداخل يتربصون بنا ويحيكون الدسائس والمؤامرات وهم كما قال علي بن أبي طالب من كترت خطاياه قل ورعه ومن قل ورعه مات ضميره، ولو كان فيهم نفس لوامة واحدة لكان كعبد الله عبد القيوم ضابط الأمن المايوى الذى هرب الي الخارج وفضح عملية تهريب الفلاشا.، لكنهم يحاولون تبرير ما لا يمكن تبريره وليس من الممكن عقليا ومنطقيا تبرير ما لا يمكن تبريره الا كما يفعل الصبية للتنصل من المسئولية وحبل الكذب قصير، وفي منبر الأيام حول دارفور قال محمد الأمين خليفة بسبب الجفاف والتصحر تعدت المجموعات الرعوية علي المجموعات الزراعية ويوصف ذلك خطأ بأنه نزاعات عرقية ،وتجاهل ان الرعاة عرب والمزارعون قبائل أفريقية وان العدوان لم يقع علي الحقول وانما وقع علي القرى الآمنة واتسم بالاصرار والترصد والقتل بدون تميز وتكرر زمانا ومكانا ، والناس لا يهربون من أرضهم وبيوتهم ويواصلون السير ليلا ونهارا كالحيوانات الهاربة من الحريق في الغابة ويلجأون الي الدول المجاورة الا في حالة الرعب والخوف الشديد علي حياتهم ،وقال محمد الأمين خليفة ان الحدود مصطنعة ولم يهتم الاستعمار بمراعاة البعد الاجتماعي الشامل، وهذا الكلام قاله سوار الدهب والطيب زين العابدين وكلهم أحمد وحاج أحمد، ولا تقوم الدولة الا علي واقع تعددى ولا يمكن تفادى التداخلات القبلية في أفريقيا لأن القبائل الرعوية لا تعترف بالحدود السياسية أو الادارية وفي السودان 144 قبيلة فهل كان هؤلاء يتوقعون من الادرة البريطانية تكوين دولة لكل قبيلة؟وعزى سوار الدهب ما حدث ويحدث في السودان الي الاسنعمار الذى غادرنا قبل سين عاما.
الحروب القبلية:
القبلية بقية تخلفت عن حركة التاريخ وموكب الحضارة الانسانية ودليل علي هشاشة الدولة، والقبائل الرعوية مؤسسات أمنية ومعسكرات حربية لغياب الدولة أو تعذر حضورها في الوقت المناسب، ولا تعترف الحروب القبلية بأى قيم دينية أو أخلاقية فهي تأخذ البرىء بذنب المذنب وتقتل علي الهوية، وجرم جره سفهاء قوم فحاق بير جارمه العقاب، لأنها تعتمد علي الردع وعزة القبيلة ومنعتها لاخافة الطامعين كالهمباتة ولصوص البادية والمنافسة علي الماء والكلأ، وكأنك كالليل الذى هو مدركي وان خلت أن المتآى عنك واسع، وكانت القبائل العربية تغير علي القبائل وتصادر ما شيتها وتسبي نساءها وأطفالها وتقتل رجالها ومن أشهر السبيات النابغة بنت حرملة أم عمرو بن العاص، لذلك كان التباهي بالقوة والعزة والمنعة من أهم أغراض الشعر العربي وشاعر القبيلة بوقها الاعلامي، وادعت منظمات حقوق الانسان بوجود جيوب للرق في السودان لكن حكومة الترابي وحيرانه فسرت ذلك بأنه احتجاز متبادل في الحروب القبلية وليس الاسترقاق سوى مصادرة حرية الانسان واستغلاله اقتصاديا، وكان ذلك اعترافا صريحا والاعتراف سيد الأدلة، ومشكلة الحروب القبلية في ما تخلفه من ثارات وأحقاد ومرارات وأحن تظل حية كالنار تحت الرماد والقنابل الموقوتة تنفجر لدى أدني احتكاك، ودعاة الفتنة وطلاب الغنائم والاسلاب والاعتداء علي الحرمات يضغطون علي الجروح والدمامل والعواير القديمة، وكان مؤتمر الصلح ابين الدينكا والمسيرية المنعقد بكاقلي في سنة 1976 موضوعه جريمة قتل تقع في كل زمان ومكان منذ هابيل وقابيل فقد كان لأحد الرعاة من المسيرية في الغابة عجلا عالقا في الوحل وتبرع الدينكاوى بمساعدته لكن أداء الدينكاوى لم يعجب المسيرى فنهره بعبارة يا عبد فتناول الدينكاوى حربته وقتل المسيرى، ولولا ذلك المسيرى المتعجرف بالتحديد لما تجددت الحرب، وسرعان ما جاء الرد من جانب المسيرية بكمين نصبوه للورى تجارى وقتلوا جميع الركاب من أولاد الدينكا منهم طلاب بجامعة الخرطوم كانوا عائدين في العطلة الصيفية، وفي أول اجتماع لهيئة السكرتارية كلفت باعداد تقرير حول خلفيات النزاع بين الدينكا والمسيرية من واقع التقارير الادارية لعرضه علي مؤتمر الصلح، وكانت الملفات السرية القديمة التي جمعتها من الأبيض وأبيي والفولة وملفات مركز كادقلي سابقا تكاد تقطر دما وكأنما كان الضحايا يتطلعون اليّ بين الصفحات ويتساءلون بأى ذنب قتلوا؟واتضح لي ان ساعة الصفر وتوقيت ومكان الهجوم سر حربي لتفادى تدخل السلطة وافشال الهجوم، واعترض الدينكا علي عبارة دار المسيرية وكان ذلك عنوانا جانبيا لتوصيف مركز الفولة وطبيعته وحدوده الجغرفية وتركيبته السكانية، واعترض المسيرية بأن التقرير ينكأ الجروع القديمة ولا يساعد علي نسيان الماضي لانجاح المؤتمر وفيه الكثير من الانحياز الي جانب الدينكا، وفي الجلسة الافتتاحية فاجأنا بابونمر أسد المسيرية العجوز الذ ى عركته السنون وصغلته الأيام بالتنحي عن رئاسة وفد المسيرية، وسرعان ما اتضح أنه أراد أن يخاطب القبيلتين معا، وبدأ بالترحم علي رفق دربه دينق ماجوك وقد أصبح وحيدا في مواجة االاحن والمسئوليات الجسام، وقال للطرفين مصلحة في السلام وتبادل المنافع وليس لهم مصلحة في الحرب وكان ذلك قبل أن يتحدث دعاة السلام في الحرب الباردة عن تبادل السلام بدلا من تبادل الرعب، وحذر من دعاة الفتنة الذين حملهم مسئولية اشعال الحرائق بين القبيلتين، وأدركت من الاحقاد والمرارات التي انطلقت من أفواه المتحدثين لماذا بدا بابو نمر حزينا محبطا وذكرني بغاندى يوم اعلان انفصال الباكستان عن الهند، وكان النظام المايوى يعول علي ذلك المؤتمر فقد حضره عبد الرحمن عبدالله وزير الخدمة العامة والاصلاح الادارى وفرانسيس دينق وزير الخارجية ولفيف من رجال الاتحاد الاشتراكي مع تيم اعلامي كبير وأذكر من الحضور فؤاد عيد ممثلا لوزارة الحكومة المحلية وجيستن ياك القيادى في الحركة الشعبية الذى كان من الضباط الاداريين تحت التمريين الذين تخرجوا حديثا في جامعة الخرطوم.
حادث قوقيال:
حتي الثلاثينيات م من القرن الماضي لم يحدث ما يعكر صفو العلاقة التاريخية بين المسيرية وعموم الدينكا الا في سنة 1964 عندما هاجم المتمردون قرية للمسيرية في منطقة قوقريال وقتلوا الرجال وسبوا النساء والأطفال وصادروا الأبقار، وكان وجود تلك القرية الآمنة في أعماق بلاد الدينكا دليلا علي حسن العلاقة والثقة المتابدلة كامتداد للعلاقة التاريخية بين المسيرية ودينكا نقوق، وحتي ذلك الوقت كانت قبائل الاساتوائية تقود التمرد وقد يوجد بعض الدينكا في صفوف املتمردين كأفراد، وكان الهدف من الهجوم تخريب العلاقة بين الدينكا والمسيرية وتوريط الدينكا في الحرب ضد الحكومة، وجاء الترابي وحيرانه وفعلوا الشيء نفسه عندما سلحوا المسيرية باسم الدفاع الشعبي وحماية المراحيل لتوريط المسيرية في الحرب ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان، والدليل علي حسن العلاقة بين المسيرية وعموم الديكا ان شيوخ دينكا قوقريال طاردوا المتمردين واستردوا منهم النساء والأطفال والأبقار وقادوهم سيرا علي الأقدام في موكب يحرسة شباب الديكا من قوقريال الي المجلد،
وجاء في تقارير مختار الطيب مفتش مركز الفولة عندما كانت الاستعدادات تجرى علي قدم وساق لاستقبال وفد الدينكا والنساء والأطفال كان سفهاء المسيرية يسرجون خيولهم لماهجمة جنس الدينكا في أبيي ولم يكن لدينكا نقوق يد في الهجوم علي قرية المسيرية بمنطقة قوقريال، وهكذا انهارت العلاقة التاريخية بين المسيرية ودينكا أبيي وبدأت الحرب العوان وكان أولها حادث الغابة وليس آخرها.
أحداث بابوسة 1966:
كان الهجوم علي دينكا نقوق الذين لم تكن لهم علاقة بالهجوم علي قرية المسيرية بمنطقة قوقريال نهاية العلاقة التاريخية والشرارة التي أشعلت الحرب العوان بين الطرين، وكانت أخبار المعرك لا تنقطع عن بابنوسة وتفيد بكثرة القتلي في صفوف المسيرية، ولم يكن في المدينة سوى النساء والأطفال والشيوخ فقد غادرها الرجال الي مسرح القتار في أبيي، وبدأ التحرش بالدينكا والنوير الذين كانوا يمارسون الأعمال الحرة منهم السقايين وعمال المباني فجمعتهم الشرطة وتحفظت عليهم داخل العنابر المخصصة للعساكر العزابة، واندلعت مظاهرة من النساء والأطفال وهاجمت مركز الشرطة وكان سلاحها الجاز الأبيض والكبريت واستطاع المتظاهرون كسر الشبابيك واحراق الدينكا والنوير المحتجزين داخل العنابر وعددهم مأتين ولم يفلت منهم سوى طفل أخفاه أحد عمال السكة حديد في قطيته، وجاء في تقرير مفتش المركز مختار الطيب أنه وصل الي بابنوسة في تمام لثانية والنصف من ظهر يوم الاثنين 15فبراير 1965 ووجد بابونمر وحكمدر الشرطة برتبة صول وعساكره يجلسون تحت ظلال أشجار النيم والنار مشتعلة في أجساد الناس داخل العنابر ولم يكن في مقدوره أن يفعل شيئا سوى أن يترك النار تكمل مهمتها، واتهم بابو نمر وحكمدار الشرطة بالتواطؤ لأن لدى الشرطة مايكفي من القنابل المسيلة والدموع والرصاص لارهاب المتظاهرين، كذلك ضابط شرطة السكة الحديد المسئول حسب أوامر مفتش المركز عن الأمن في بابنوسة بصفته الضابط الأعلي، لكن الجماهير في مثل هذه الحالات تصاب بالجنون الجماعي ولا يمكن السيطرة عليها لكن ذلك لا يبررماحدث، ورجال الادارة الأهلية يتهمون بالجبن والتواطؤ مع الحكومة والتفريض في عزة القبيلة وسطوتها وقد يتعدى ذلك الي التصفية الجسدية، وفي الغابة بمنطقة لقاوة كان فرسان المسيرية يطاردون شابا دينكاويا احتمي منهم بدورية للجيش لكنهم واصلوا هجومهم وقتلوا الشاب داخل لورى الجيش ولو أن العساكروعددهم ثلاثة حاولوا اعتراضوهم لقتلوا أيضا بدليل أن المهاجمين أطلقوا رصاصة في كل لساتك اللورى الأربعة، واتهم الدينكا القوات المسلحة بالانحياز الي المسيرية لكنها كانت في ذلك الزمن وقبل أن تنالها يد الترابي وحيرانه برلمان الشعوب السودانية غير المنخب كجيش سيف الدولة الحمداني الذى وصفه أبو الطيب عندما قال تجمع فيه كل لسن وأمة فما تفهم الحداث الا التراجم فقد كان في صفوفه بعض الدينكا وبعض المسيرية وكان مؤسسة قومية يملكها الشعب ويحكمها القانونن، وجاء وفد من المسيرية الي الخرطوم يحمل عريضة تطالب بتسليح المسيرية بحجة ان المتمردين يسلحون الدينكا والتقي الوفد بالصادق المهدى رئيس الوزراء، وأحالت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العريضة الي مدير المديرية سليمان وقيع الله في الأبيض ومنه الي مختار الطيب مفتش المركز للتعليق، وجاء في تقرير المفتش ان القتلي في صفوف المسيرية أكثر لأن الدينكا يستعملون حرابا قصيرة ترسل عن بعد، وانه ومعه المفتش الطبي كانوا يحصون القتلي بعدد الرؤس ومخلفات الحيوانات والطيور الرمامة لأن الدينكا والمسيرية لا يدفنون قتالهم الا بعد الانتقام لهم، ولم يجدوا مسيريا واحدا مصابا بطلق نارى والبعكس وجدوا بعض الدينكا المصابين بالرصاص، ويشارك الجنود وصف الضباط المتفاعدون في الحروب القبلية وتقودون المعارك، وكان الصادق المهدى رجل دولة عندما رفض مطالب المسيرية وهم من الانصار وجماهير حزب الأمة لكنه لم يكن كذلك في أحداث قطار الموت في الضعين فقد كان يتفادى الاحتكاك بالجبهة الاسلامية وقد يكون الحادث من تدبير ملشياتها المسلحة وقد يكون طرد اللاجئين الجنوبيين من جنوب دار فور بأوامر من حكومة حيران الترابي،وكانت تحفظات الصادق المهدى ضد مشروع السودان الجديد كما قال موضوعها هوية السودان العربية والاسلماية ولا يختلف في ذلك عن الطيب مصطفي لكن الصادق المهدى كحيران الترابي لا يريدون زعيما قويا كجون قرنق في الساحة السياسية ويتخوفون من انحياز القوى الحديثة الي الحركة الشعبية وتعززت مخاوفهم باستقبال جون قرنق في الساحة الخضراء.
بابو نمر:
تعلمنا من الحياة والتجربة الذاتية المباشرة وهي أصل المعرفة ان التطرف طبيعة بشرية وميول عدوانية وعاهة عقلية وأخلاقية والضمير هو الحس الأخلاقي، وليس التطرف غيرة دينية أو حقدا اجتماعيا ولا يختلف في تضخم الأنا وانكار حق الآخرين في الأنا بين أولاد الأغنياء والفقراء، وقال أرسطو ان الاعتدال مزاج بين ضدين ووسط بين طرفين، واتضح ان كثير من المتطرفين في أوربا وأميركا كانوا يتعاطون المخدرات ويمارسون الحرية الجنسية قبل الانخراط في الجيش الأحمر وجماعة كارلوس في أوربا وكوكس كلان في أميركا وداعش والقاعدة في أفغانستان والعراق وسوريا بدليل تناقض موقف الراهبين البوذيين في مانيمار، وتحرم البوذية قتل النملة وأى كائن حي، ولدينا ما يكفي للاعتقاد بأن الجماعات السلفية التي أصبحت فيلا والحكومة ظله في السودان هي المسئولة عن الفتنة الدينية في مانيماروأفريقيا الوسطي، ويشير ذلك الي اضطرابات نفسية وخلل عقلي، لكن المتطرفين قلة في أى مجتمع بشرى يتصدى لهم الناس لأن الناس بطبيعتهم يحبون السلامة ويكرهون الفتن والصراعات، ويحدث هذا في الطبيعة كالحيوانات والطيور الرمامة التي ينظف الغابة من القمامةوجهاز المناعة في الانسان والحيوان ويقول أهلنا في دارفور ان الحياة تفلق وتداوى ومن ذلك النسيان، لكن المتطرفين كثيرون بالصخب والضجيج بسبب الشهوة العارمة في السيطرة والتحكم وطلاب السلطة والقوة والجاه والنفوذ الذيين يضغطون علي التناقضات الاجتماعية ويخاطبون عواطف الناس ومشاعرهم لتعطيل عقولهم والمتاجرة في آآلامهم ومتاعبهم والصيد في الماء العكر، وكان من هؤلاء أبو الأعلي المودودى وجماعته الاسلامية في الهند وحسن عبد الله الترابي في السودان، ولم يكن محمد علي جناح ينتمي الي الجماعة الاسلامية فقد كان علمانيا وتنازل له نهرو عن رئاسة مجلس الوزراء لكنه اختار مسايرة أبو الأعلي المودودى وجما عته فلماذا؟ واعترت غاندى حالة من الحزن والاكتئاب واعتزل الناس الي أن اغتاله مهووس هندوسي بتهمة الردة، وأدرك بابو نمر ذلك بالفطرة والوجدان السليم فقد كان يتخوف من المستقبل ويرى ببصيرته ما يحدث الآن عندما فاجأنا في هيئة السكرتارية بالتنحي عن رئاسة وفد المسيرية ليخاطب القبيلتين معا فقد كان حزينا كغاندى يوم اعلان استقلال الباكستان وتفكيك الهند، وغادرنا بابونمر قبل أن يرى ما تخفيه عباءة الترابي عندما رفض اتفاقية الميرغني قرنق ودق طبول الحرب وأجهض الاتفاقية بانقلابة العسكرى، وكان يذكرني بحصين بن ضمضم في معلقة زهير بن أبي سلمي الذى رفض الصلح بين عبس وذبيان، وكانت الحرب كما قال زهير امرأة ولود تلقح كشافا وتتأم لكنها لا تلد الا أحمر عاد وغلمان السؤ الذين ذبحوا ناقة صالح وهم الذين يسوسوننا الآن ويتصرفون في مصائرنا ومقدراتتنا، ولولا غياب بابو نمر لانحاز المسيرية الي مصالحهم الحيوية ووقفوا سدا منيعا ضد مخططات فصل الجنوب، وليس الرزية فقد شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد قرم يموت بموته خلق كثير، وفشلت في لحصول علي خطاب بابونمر في ذلك المؤتمر ولم أجد الوثائق في مكتبة ديوان الحكم الاتحادى وزارة الحكومة المحلية سابقا لآهمية الخطاب سأحاول مرة أخرى.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.