شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    شاهد بالفيديو.. شاب سوداني يعيد مبلغ (177 مليار) وصلته عن طريق الخطأ عبر إحدى التطبيقات البنكية وصاحب المال يحلف عليه بالطلاق بأن يأخذ منها "مليار" ومتابعون: (لسه الدنيا بخيرها)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    هل انتهت المسألة الشرقية؟    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    لأهلي في الجزيرة    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمدعلي جادين هرم البعث وذاكرته الحيه الثاقبه .. بقلم: شريف يسن
نشر في سودانيل يوم 20 - 08 - 2017


شريف يسن
القيادي في البعث السوداني
صادفت 19 يونيوالماضي مرورالذكري الاولي لرحيل المفكروالقائد الوطني والمناضل الفذ والسياسي والمثقف الشامل الكاتب والمترجم والباحث الاستاذ محمد علي جادين أحد ابرز الوجوة السياسيه والفكريه والثقافيه والاقتصاديه في المشهد السوداني انتاجا وعطاءا وبرحيله تنطوي صفحه مضيئه وباذخه من تاريخ وذاكرة البعث لمناضل وكاتب وسياسي من جيل الحداثه وسلاله المثقفين المهمومين بقضايا الوطن اتسم بالجديه والرصانه وقوة التعبيروالحس والوعي النظري العميق في اجتراح ملامسه ومساءله الواقع وحركه التاريخ
ميلاد محمد علي جادين في العام 1942 بمنطقه التي بالجزيرة وتلقي تعليمه في المسيد الاوليه وابوعشر الوسطي وحنتوب الثانويه وأظهر نبوغا وتفوقا اكاديميا مبكرا وذكاءا شديدا حيث احتل أول مركز الكاملين في الشهادة الأوليه وتخرج في جامعه الحرطوم 1965وعمل بوزارة الماليه والاقتصاد حتي درجه مساعد وكيل حيث فصل من الخدمه في 1981 لاسباب سياسيه وهو رهن الاعتقال منذ 1979 حتي خروجه من المعتقل بعد انتفاضه ابريل1985،وقد كان للبيئه الريفيه الاثر في تكوين شخصيه جادين القائمه علي الزهد والتواضع والسلوك الصوفي والاستقامه ومحبه الناس ودماثه ومكارم الاخلاق الفاضله لقد كان شغوفا بالمعرفه والعلم والتحصيل وصاحب رؤيه ومشروع تنويري وتشكل كتاباته رافدا وامتدادا للنهضه والحداثه السودانيه في الثلاثينيات كان عقله متقدا وشعله من الحيويه والنشاط حتي الأيام الاخيرة من حياته وقبل ان يقعدة المرض
قادته مقاله في جريدة الصحافه في عام 1961 حول الصله بين القوميه االعربيه واللغه كتبت باسمه للتيار القومي عن طريق عبد العزيز الصاوي(محمد بشير احمد) الذي كان يتقدمه في الصف الدراسي بجامعه الخرطوم والذي اصبح صديقه وتوأم روحه لعقود امتدت كما يعتبراحد أهم القيادات البعثيه من جيل التأسيس والرواد للتيار القومي في السودان فقد كان من قيادات (الجبهه العربيه الاشتراكيه) بجامعه الخرطوم بجانب ابرز رفاقه عبد العزيز الصاوي (محمد بشير احمد) محجوب الشيخ البشير،عبد الله محمد عبد الرحمن، اسخق شداد،الصادق الشامي، محمد عثمان كمبال، علي الحسن عمر، ومحمد بشارة عبد الرحمن واخرون ؛في مقابل التشكيل التأسيسي الأول الذي ضم شوقي ملاسي، وبدر الدين مدثر، ويوسف همت، وسعيد حمور، ومحمد سليمان الخليفه عيدالله التعايشي، ونصر علي نصر، والطاهرعوض الله وعبد العزيز الصاوي (محمد بشير احمد) والطبيب د حسن احمد عبد الهادي الذي أسس وخلق صيغه الأرتباط بالتنظيم القومي
بعد المؤتمر الرابع للبعث في السودان في عام 1975 اسندت اليه مسؤوليه امانه
امانه السر تقديرا للدور الهام ومساهمته الفعاله في بناء الحزب وتطوير قدراته والتحامه مع الجماهير في مواجهه دكتاتوريه 25 مايو 1969 لقد سبق للقائد صدام حسين عندما كان لاجئا وطالبا في كليه الحقوق في مصربعد محاوله اغتيال كريم قاسم 1959 عندما التقي جادين طالب الاقتصاد الذي حضر في رحله جامعيه 1962 وشارك في واحدة من الدورات البعثيه ان تبأ له بمستقبل واعد في مسيرته البعثيه لكونه ينحدر من الريف ويمتار بتفكير هادي ونقاء ثوري ويتميز يقدرة عاليه للأصغاء لمحدثيه، ولان حركه التاريخ في حاله صعود دائما قاد جادين بعد ما يقارب الاربعه عقود من هذا اللقاء مرحله جديدة في البعث قائمه علي المراجعه والنقد والتجديد والاصلاح الفكري والسياسي والتنظيمي عبر الديمقراطيه والانعتاق والتخلص من الارتباط بالمراكز الخارجيه وتجاوز سلبيات المرحله السابقه وقد شملت تلك المراجعه التجربه العراقيه ومركز العمل القومي المرتيط بها واستعادة الاستهلال الباكر للبعث في النصف الثاني من الثلاثينيات لمعاني وخيوط الديمقراطيه والعلمانيه والاستارة والحداثه
كان في العشرين سنه الأخيرة من حياته مشغولا ودائم البحث عن المستقبل الجديد لمشروع البعث وخلع ذاكرته القديمه حيث كان منتبها وملتفتا لانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وعالم ما بعد الحرب الباردة وأزمه الايديولوجيا الشموليه والجمود العقائدي وظلاله السالبه وانعكاساته علي انطلاقه وتطور حركه وقوي اليسار واهميه الحريه السياسيه كاساس للعداله الاجتماعيه وكمفهوم انساني للاشتراكيه واستخلاص الدروس من التجارب والقدرة والمحاوله علي تقديم افكارجديدة للاسئله المعقدة والشائكه والمترابطه التي تواجه ازمه التطور الوطني السوداني حول قضايا الهويه والديمقراطيه والتنميه المتوازنه والاقتصاد والفكر والثقافه واخراج البلاد من تجاذب صراع الهويات دون انكار لحقائق التنوع الأثني والعرقي والثقافي والديني وقضيه المواطنه المتساويه والموقف من الانقلابات العسكريه ونبذ العنف وقضايا الدين ودارفور والمنطقتين في جبال النوبه والنيل الأزرق وما بعد انفصال الجنوب
حيث نذر حياته بالكامل وكرس كل وقته وجهدة وطاقته وامكانياته للدفاع والانتصار لقضايا الوطن والجماهيرمن اجل الديقراطيه والحريات وحقوق الانسان والتداول للسلمي للسلطه ودوله المؤسسات والوثيقه الدستوريه والنضال من اجل السلم الأهلي والمصالحه الوطنيه والتسويه التاريخيه القائمه علي شروط واستحقاقات تفكيك الانقاذ لمصلحه التحول الديمقراطي
قدم جادين رؤيه تحليليه تاريخيه رصينه لمسيرة البعث صعودة ونهوضه واخفاقاته وانكساراته بعقل نقدي جري وهادي وعميق فالتاريح عند جادين هو استحضار واستلهام ومراجعه لمرحله سابقه واستدراكا ووعيا بالظروف والتحديات التي تقود للهزائم والانتصارات والانطلاقه لبناء المستقبل وطرد المفاهيم الخاطئه والعقيمه لقد كان دائما مشغولا بالجديد بتطاول هامته وحاسه المفكر للخروج والتخفف من وهم الشعارات الكبري ودائرة الكلام المثالي العاطفي والتناغم مع تحديات العولمه وثورة المعلومات والاتصالات والتكنلوجيا وتأثيراتها المباشرة علي جبهه الفكر والسياسه والثقافه ولان الزمن لا يتوقف والمواقف متغيرة والحقائق نسبيه ارتفع جادين الي مستوي متقدم من التفكير يحرر الذائقه الفكريه والسياسيه من المألوف والتكرار والانشاء كاشفا عن مالات لمستقبل واعد ووجود مغاير من خلال فهم واعي لحركه التاريخ بتبيئه وتوطين البعث سودانيا وانفتاحه علي مخاطبه الواقع الملموس واسباغ العقلانيه علي التفكير برؤيه تلامس حقائق الواقع الاجتماعي والأقتصادي والثقافي والفكري السوداني بعيدا عن التنطع والبديهيات وضرورة الانفتاح علي الاخر والتواصل معه والبحث عن المعرفه والحريه واستنهاض البعث وتجديدة واصلاحه لقد كان مشروع تنويري واصلاحي ضخم وكبير ساهم في تأسيس البعث السوداني وشرح افكارة ومرتكزاته ورؤاة كان دائرة معارف تمشي علي قدمين حيت ألف العديد من الكتب والبحوث والدراسات والمقالات وشارك في العديد من الورش والسنمارات والمؤتمرات حول العديد من القضايا وكان حاضرا وشاهدا لتحولات البعث في كل المحطات والمواقف والعناوين حيث ساهم في اعادة اكتشاف مكونات الهويه القوميه المركبه للسودان واستيعاب متلازمه التنوع والتعدد والتباين في اطار ما يسمي بالعروبه السودانيه جامعا بين العموميه العربيه والخصوصيه السودانيه، كما اسهم بقسط وافر وكبير في صياغه استراتيجيه البديل الديمقراطي وعودة البعث للتجمع الوطني الديمقراطي وهزيمه المواقف الانعزاليه والفوقيه كما كان له الفضل والدور الأهم في تماسك الحزب بالداخل ودحر اوراق الحوار مع الانقاذ بعد انقلاب ابريل رمضان 1990 حيث ارتبط هذا بموقف نقدي وجذري للانقلابات العسكريه وحركه رمضان واجتياح العراق للكويت وحكم الفرد والحزب الواحد
اشار واشاد د حيدر ايراهيم بكتاب جادين (تقييم التجربه الديمقراطيه الثالثه) الصادر من مركز الدراسات اسودانيه 2002 واعتبرة واحد من اهم كتبه لدورة في استعراض وشرح اخفاقات وعيوب ونواقص وسلبيات وايجابيات الديمقراطيه الثالثه واثارة النقاش والاهتمام بتطوير التجربه الديمقراطيه السودانيه والمراكمه عليها تجسيرا للبناء الوطني والخروج برويه مستقبليه تواجه تحديات بناء الدوله السودانيه وفي كتابه الديمقراطيه السودانيه( المفهوم-التاريخ-الممارسه) أكد د حيدر ابراهيم((وقد أبدي الحزب خلال الفترة الراهنه من العمل المعارض نشاطا فكريا ملحوظا جعل من البعث السوداني الأول في مجال الأصدارات، ويأتي علي رأس الكتاب السودانيين عبد العزيز الصاوي ومحمد علي جادين وقد اثري الكاتبان الساحه السياسيه السودانيه باسهامات بددت الكسل واللامبالاة التي يميز بها السياسيون المحليون)) كما اضاف انه ذكر في احي المناسبات((ان فكر الساحه السياسيه لولا ألأثنين لقدا بلقا أجرد لقد ساهما في مناقشات التجمع الوطني والمعارضه طوال أكثر من عقدين بجهد مقدر ولكن وسط ضجيج ألأصوات العاليه الجوفاء)) وفي نفس السياق عبر د عبد الله علي ايراهيم عن تقديرة لجادين الذي حقق رغبه استاذة عبد الخالق محجوب بترجمه كتاب البروفسير سعد الدين فوزي(الحركه العماليه في السودان) بعد ما يقارب النصف قرن اواكثر وقد نشر عن جادين بأنه مصاب بعدوي التفأول المفرط وقد كان جادين يطرب من تعبير د عبد الله علي ابرهيم ((للغثاء)) الذي انحدر وتدهور اليه العمل السياسي وتوصيفه ((بالهرجه))
عاش وحمل السودان في روحه وعقله ووجدانه بذل الوعي والفكر وامكانيات النهوض في مسيرة حافله بكل اشكال القوة والعزم والثبات والصلابه وروح الايثار والتفاني والتجرد ونكران الذات والنضال المضني الدؤوب والصبورفي مواجهه التحديات والصعاب والمحن لم يساوم ولم يتخلي عن المبادي ولم ينكفي وكان مناضلا جسورا يستحيل اركاعه لديه فراسه بعيدة الغور في معرفه ومحبه الناس يكرة التملق والتزلف والانتهازيه ويقدر دور المناضلين المخلصين الاوفياء والشرفاء حيت ظل يهرول ويركض في أزقه الموت والتعب يكابد ويعاني لانجاز المهام ويبذل من عقله للأقبال علي صناعه الأمل والمستقبل لفضاءات جديدة تبدد الاحباط واليأس واللامبالاة وتوسع من دائرة الحوار والاقناع والأختلاف ومساحات النقاش في معترك الساحه السياسيه اليومي؛ ومن اجل ان تبقي جذوة البعث حيه ومتقدة حتي بعد ركام الخيبات وخمود وضمور وجهها السياسي الذي كان ناصعا حتي النصف الثاني من السبعينيات
محمد علي جادين المثقف الطليعي وايقونه البعث الحديث صاحب فهم متميز ورفيع وافكار جذابه ومقنعه ومتحررة ، كان هادئا كالبحر وعقلانيا وحكيما وقليل الكلام ومجبول بطينه خاصه، ملح الأرض ونديم الفقراء سودانيا خالصا وابن بلد اكتسي بالتواضع والزهد وعفه اليد واللسان والسماحه، يتدبرمعاشه اليومي وتكاليف الحياة من الترجمه والتعاون مع مركز دراسات محمد عمر بشير والمقالات الصحفيه، لم يكن ميسورا وعاش حياة بسيطه اقرب للتقشف ولم يتزوج طيله حياته، كان يقدل ويرتدي السروال والعراقي لشراء الفول من البقاله المجاورة لمنزله في شمبات الأراضي الذي كان مستأجرا والذي لم يغادرة الأ بعد ان اشتد عليه المرض ليرحل مع شقيقه د الطيب جادين انه شموخ وتواضع العلماء والسلامه الداخليه والتصالح مع النفس؛ لديه علاقات انسانيه واسعه ومتعددة مع قدرة هائله للتعامل والتعاطي مع كافه القطاعات وبمستويات مختلفه بالاضافه لتواصله مع القوي السياسيه والثقافيه والاكاديميه والاجتماعيه ذو حس فكاهي وسخريه محببه لمن يعرفونه،كان محبا ومنكبا علي الاطلاع والقراءة والكتابه المستمرة بلا حدود،حياة مليئه وضاجه بالانتاج الفكري والسياسي والثقافي وحافله بالترجمه كان مدرسه لوحدة انجز العديد من المؤلفات والأصدارت والكتابات رفدت المكتبه السودانيه لتبقي ملهما للأجيال ولتساهم في اثراء الحياة الفكريه والسياسيه والثقافيه ولان جادين كا يؤمن بان النهضه والحداثه تبدأ بالمثقف انتهج خطا معرفيا واعيا اضاء في سماء الكتابه السودانيه بنشر العديد من المؤلفات ايرزها الثورة المهديه في السودان مشروع رؤيه جديدة(بالاشترال مع عبد العزيز الصاوي)دار الفارابي الخرطوم 1987 ومناقشات حول الديمقراطيه والوحدة الوطنيه في السودان دار عزة للنشر والتوزيع وبانوراما التيار القومي وحزب البعث في السودان دار النجومي الخرطوم 1988 بالاشتراك ومراجعات نقديه لتجربه حزب البعث في السودان مركز دراسات مجمد عمر بشير2002 وصفحات من تاريخ التيار القومي وحزب البعث في السودان، والسودان تحديات بناء الدوله الوطنيه دار عزة للطباعه والنشر 2015 ،وبدر الدين مدثر البعث والسودان(1) تحليلات ومواقف ووثائق اساسيه، ودراسات في الاقتصاد السوداني بالاشتراك مع معاويه الامين الأحيمر بالأضافه للبعث وقضايا النضال الوطني في السودان مع اخرين والعديد من الكتابات والدراسات الداخليه، كان جادين خبيرا وبارعا في الترجمه وقادته اعادة النظر في قضيه الهويه الوطنيه باعتبارها قائمه علي الهويه السودانيه الأفريقيه في اطار التباين والتنوع الأثني والعرقي والثقافي واكتشافه لهذا في الثقافه السودانيه انفتح علي ترجمه مؤلفات المثقفين والكتاب الجنوبيين أبرزها ديناميكيه الهويه في السودان، فرنسيس دينق ومذكرات جوزيف لاقو وثورة في جبال الاستوائيه، جون قاي نوت الصادر عن دار عزة ووثائق الأحتلال البريطاني لجنوب السودان للبروفسيرروفائيل بادال(فردوس الأمبرياليه) وأفارقه عالميين:الدينكا في السودان العربي الأفريقي وترجمات مختلفه السودان الدوله المضطربه، بيتترودوارد وزاعه الجوع في السودان ، تيسير محمد احمد وتيم نبلوك صراع السلطه والثروة في السودان بالاشتراك مع الفاتح التجاني الخ من ترجمات عديدة
اذكر في نهايات الستينيات وقع في يدي كتاب النضال العربي في دروب المصير الواحد لعدد من المؤلفين بدرالدين مدثر وسعيد حمور واسحاق شداد ومحمد علي بابكر والذي عرفت لاحقا بأنه جادين وتلك كانت بدايه معرفتي وفي النصف الثاني من السبعينيات وبينما انا جالس مع البعثي النبيل المرحوم عبد المنعم شافعي في مكتبه بوزارة الماليه حضرجادين بقامته الفارعه يدلف الي مكتبه فتعرفت عليه من خلال الشافعي ولكن تعتبر اول محطه لعمل بعثي جمعتنا كانت علي اعتاب المؤتمر الرابع للحزب في العام 1975 في دورة حزبيه شارك فيها جادين محاضرا في البعث وقضايا النضال الوطني في السودان وقد ظلت تلك الدورة عالقه في ذهن جادين حتي رحيله وتعرفت علي جادين اكثر في الديمقراطيه الثالثه وبعد عودتي من بغداد الا ان المعرفه الحقيقيه وبشكل أقوي واعمق وشخصي وعن قرب بعد قيادة تيار الاصلاح والتجديد عبر الديمقراطيه داخل البعث وبدايات عودتي للسودان في الاجازات؛كنت اجلس واتناقش معه كثيرا ونتجادل ونتحاور حول قضايا الحزب ومشروع الاصلاح البعثي ومستقبله وقضايا الوطن وهموم السياسه والثقافه والخاص دفع الي بمسودة صفحات من تاريخ التيار القومي وحزب البعث في السودان مع التأكيد علي التدقيق ومراجعه الفصل الثالث تطورات العمل الحزبي بعد انقلاب 1969 لمحدويه عضويه الحزب في تلك الفترة وقد اعددت بعض الأوراق، استعان واستشهد ببعضها واكد علي ضرورة طبعه ثانيه بملحق للكتاب لنشر مايرد من ملاحظات ومعلومات اضافيه ومن غير جادين يمكن ان يدون مسيرة وتاريخ البعث في السودان، كما ان ظروف الرحيل المفاجي لجادين لم تمكنه ترجمه اطروحتي لرساله الماجستير بعنوان التصويت الألكتروني وتحفيز مشاركه الاقليات الأثنيه في الانتخابات العامه البريطانيه وقد كان معجبا بالموضوع ولذلك اقترح صدورها في كتاب بالمقارنه مع الانتخابات السودانيه احساس عميق وفاجع ينتابني بالفراغ لهذا الرحيل المؤلم وسوف أظل افتقد استاذي وصديقي الأكبر جادين الذي تعلمت منه الكثير اطلالته وبشاشته وبساطته وحضورة الباهي والاسر وخبراته العميقه وتحليلاته الباهرة وقدراته الهائله علي الاقناع ورأيه السديد وصبرة وصدرة الواسع الممتلي بمحبه الناس سوف افتقد اتصالاتك ومكالماتك ورفقتك البهيه الي دار عزة ومركز دراسات محمد عمر بشير ودور الصحف وجامعه الخرطوم ومركز دراسات عبد الكريم ميرغني وزياراتنا الي مركز الدراسات السودانيه عندما كان صديقك د حيدر ابراهيم متواجدا في الخرطوم، سيظل حضورك ايها الرجل الضخم في تراب المكان قويا يتدفق وينثال سخاءا ومودة وألق وعذوبه وطابع خاص والمناسبات واللقاءات والمجالس بعد رحيله لن تكون كما كانت لقد وهب البعث روحه وعقله وعبقريته فيض من الوعي والفكرة صاحب امثوله وفلسفه متمرسه في الحياة تشعل ذاكرة الأمكنه بالتحريض وجمر القضيه ستظل بصمات جادين محفورة في مخيله البعثيين والذاكرة السياسيه والفكريه والثقافيه واعمال الترجمه في السودان مصدر الهام وحافز واجتهاد للأجيال القادمه ما احوجنا أليه ولكن عزؤانا في قيم المناضل الوطني ورمزيته النضاليه واساهماته وعطاءة الذاخر والثري والتي تشكل معالم ومنارات علي طريق مشروع المستقبل الوطني لسودان ديمقراطي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.