القرار الذي صدر بدون تصويت خلال الدورة السادسة والثلاثون لمجلس حقوق الانسان، والذي نص على الابقاء على حكومة السودان تحت البند العاشر الخاص بتقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات لتحسين حالة حقوق الانسان ، لهو قرار غير جدير بمظاهر الاحتفاء التي صاحبت صدوره ، واعتبرته كإنجاز غير مسبوق يستحق الفخر والمباهاة . وذلك لأن الحكومة السودانية كانت قد أفلتت من البند الرابع منذ عام 2009م وبتنسيق وتعاون تام مع الوفد الامريكي ، في أعقاب انتهاء مهمة الافغانية سيما سمر كآخر مقرر خاص لحقوق الانسان في السودان . ومنذ ذاك العام ظلت حكومة السودان تحت البند العاشر بند العون الفني . وكانت القرارات السابقة تصدر كلها بالتنسيق مع الوفد الامريكي في المجلس كما حدث في الدورة الاخيرة . وعليه فإن قرار هذه الدورة لا يعتبر فتحا جديدا اذ تم بذات الكيفية السابقة . البندان الرابع او العاشر يقعان ضمن الإجراءات الخاصة التي يطبقها مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان ضد الدول الاكثر انتهاكا لحقوق الانسان . وفي فرض أيهما على دولة ما يعتبر ادانة دولية لسلوك تلك الدولة . المقررون الخواص تحت البند الرابع او الخبراء المستقلون تحت البند العاشر يباشرون تلك الاجراءات الخاصة التي تشمل زيارات دورية للدولة المعنية وتقديم تقارير للمجلس عن تلك الزيارات بشأن أوضاع حقوق الانسان في تلك الدولة . وهي رقابة دورية ومستمرة تستمر خلال استمرار مهمة المقرر الخاص او الخبير المستقل . البند الرابع او العاشر لا فرق بينهما سوى في الدرجة لكن تبقى الادانة . عليه لا انجاز ولا اعجاز بل ادانة جديدة في سجل الادانات التي استمرت تتواصل منذ عام 1993 تاريخ دخول قضية حقوق الانسان في السودان في جدول اعمال اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة ، ثم لجنة ومجلس حقوق الانسان اخيراً . القرار المذكور أشار للتطورات الإيجابية التي حدثت ، والتي اوردها الخبير المستقل في تقريره للمجلس . لكنه في المقابل رصد واستعرض العديد من الانتهاكات ، فقد أشارت بعض الفقرات العاملة في بوضوح الى استمرار الحكومة في ممارستها المنافية لحقوق الانسان . حيث أشارت الى قلق المجلس ازاء الإعتقال التعسفي والاحتجاز لفترات طويلة للطلاب والمدافعين عن حقوق الانسان ،ومنظمات المجتمع المدني ، والقيود المفروضة على حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي واستمرار الرقابة على اجهزة الإعلام . كما شدد القرار على أهمية التحقيق في الاعتداءات في مناطق النزاعات بما في ذلك العنف الجنسي . وحث الحكومة على التوقف عن هدم وإزالة دور العبادة ومضايقة الزعماء الدينيين . وأشار الى ضرورة إجراء تحقيقات في الادعاءات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان من جانب جميع الأطراف في مناطق النزاع ومحاسبة مرتكبيها، وهو ما ينبغي أن يأخذ أولوية قصوى لدى حكومة السودان مع الوضع في الاعتبار أن جميع مؤسسات ومكاتب الحكومة يجب أن تلتزم بالمعايير الدولية وبتعهدات السودان بهذا الخصوص، وطالب الحكومة باحترام التزاماتها وتعهداتها الدستورية والدولية . من خلال الصياغة يمكن اعتبار ان القرار الأخير جمع ما بين لغة ومنطوق البندين الرابع والعاشر ولا داعي للاحتفاء والابتهاج الزائف . الابتهاج الحقيقي يتم في حالة نجاح حكومة السودان في الخروج من دائرة الإجراءات الخاصة التي يقررها مجلس حقوق الإنسان ، بتصويت جميع الدول الأعضاء لصالحه وإلغاء مهمة الخبير المستقل . ولكن هذا يتطلب توفر الإرادة السياسية والقدرة والرغبة في الوفاء بالتعهدات الدستورية والدولية التي تنص على حماية واحترام حقوق الانسان . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.