فيما يخص الاستفتاء: Let us hope for the best and prepare for the worst فيما يخص الإعداد لخيار الانفصال:It is really late but late is better than never و إذا لم يكن ما نريد فلنرد ما يكون. ربما يكون قد فات أوان أن نجعل خيار الوحدة جاذباً لكن لنواصل العمل من أجل الوحدة حتى بعد وقوع الانفصال و لنجعل خيار السلام و ثقافته هما الجاذبان و السائدان الآن. ***** في خطابه الذي ألقاه في مدينة "يامبيو" بمناسبة الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية السلام الشامل (اتفاق نيفاشا)، وعد الرئيس عمر البشير الحشد الجماهيري المتواضع، الذي استقبله بالقليل من أدب المجاملة و الكثير من البرود و الفتور، بأنه سيعترف باستقلال جنوب السودان إذا ما قرر الجنوبيون الانفصال خلال استفتاء تقرير المصير المقرر إجراؤه عام 2011 فيما جدد التزامه بالعمل من أجل الوحدة و الاجتهاد لجعل خيارها جاذباً فيما تبقى من وقت قبل الاستفتاء. أضاف البشير أنه إذا اختار الجنوبيون الانفصال فإن الخرطوم ستكون أول من يعترف بالدولة الجديدة وستسهم في بناء دولة الجنوب وتحفظ العلاقات القديمة بين مواطني الجنوب والشمال ومصالحهما المشتركة، و قد كانت تلك المرة الوحيدة التي يصفق فيها الحاضرون بحرارة و صدقٍ لما أفاد به. في ذات الخطاب كرر البشير ما سبق أن أفاد به في عدة مرات سابقة من أنه ملتزم تجاه السودانيين بألا عودة إلى الحرب مرة أخرى و قد نوَّه لذلك بعد عدة أيام في مخاطبته لتجمع أبناء الجنوب في العاصمة الذي حُشد للتعبير عن تأييد ترشيحه لرئاسة الجمهورية و الذي اتسم بقدر أكبر من الحرارة و الحيوية. أما السيد سلفا كير، رئيس حكومة جنوب السودان، فقد أختار أن يكون صريحاً في خطابه، واضحاً و صادقاً حينما تعمَّد ألا يجاري البشير في الحديث العاطفي عن الوحدة و رسم عوضاً عن ذلك لوحة براغماتية تتحدث ألوانها و خطوطها عن واقع ما بعد الانفصال أو الاستقلال، كما يحلو للكثير من الأخوة من الجنوب أن يسمونه. ترك سلفاكير للبشير الحديث عن شجون الوحدة و السلام و حدَّثه هو عن شؤون ما بعد الاستقلال فدعا جميع الأطراف بما فيها المجتمع الدولي إلى احترام خيار الجنوب في تقرير مصيره وقبول هذا الخيار، و أنبأ البشير في لغة لا تحتمل التأويل و الجدال أن الجنوب سينفصل لا محال و ستنفصل معه مصادر يعتمد و يعوِّل عليها الشمال هي الماء للحياة و النفط للثروة و المال. تحدث سلفاكير عن النفط المستخرج من الجنوب و كيف أنه "قبل تطوير بنية أساسية مناسبة في جنوب السودان" فإن النفط سيستمر في التدفق من جنوب السودان إلى شماله، و ذكَّر في عبارات، لم يخف تغليفها بالحرير ما انطوت عليه من نصال، أن نهر النيل يتدفق من الجنوب إلى الشمال و أن "البدو العرب" سيواصلون البحث عن المراعي وعن المياه في جنوب السودان. و أنا استمع إلى هذا الجانب من خطاب سلفاكير تذكرت ما أفاد به خبير يقدم نفسه على أنه مستشار لحكومة الجنوب في شؤون المياه في عرض قدمه في خواتيم العام الماضي في كندا من أن حكومة قُطر جنوب السودان، كما ظهر في الشرائح المرافق لعرضه، تدرس أن تبيع الماء لشمال السودان و لمصر و ذكر لذلك مبلغاً يتجاوز البليون دولاراً سنوياً. لا غرو أن التفكير على ذلك النحو يغفل المواثيق و المعاهدات الدولية و الإقليمية و يتناسى أنه رغم كثرة أمطار الجنوب فإنه ما كل ماء متجه للشمال مصدره الجنوب و أن الجنوب لم يشتر أصلاً ذلك الماء ليبيعه و أن السودان لو اشترى الماء لن يمنحه لمصر مجاناً و أنه فيما يتعلق بالماء فليست مصر ذلك البلد المستهدف المستضعف، السودان، و ليس نظامها ذلك النظام المحاصر و المدان ولا يقعقع له بالشنان. من ناحية أحرى بينما دعا البشير إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة لتصبح نموذجاً للعالم وناشد المواطنين بالمشاركة الفعالة فيها و إلى نبذ المهاترات والتنابذ بين القوى السياسية في التنافس الانتخابي، متعهداً بتوفير كل الإمكانات والدعم لمفوضية الانتخابات وحماية نشاط كل الأحزاب لممارسة حقها في الانتخابات، ركّز سلفاكير في خطابه على تنفيذ ما تبقى من الاتفاقية خاصة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب والاستفتاء على تقرير المصير و ضرورة إجرائه بسلام و اكتفى فيما يتعلق بالانتخابات بإعلان ترشيح نائب الأمين العام للحركة ياسر سعيد عرمان لانتخابات رئاسة الجمهورية و أشاد به وأعرب عن أمنياته له بالفوز .... بطبيعة الحال على البشير. المقال القادم محاولة للإجابة على سؤال لماذا عرمان و لماذا الآن؟ في إطار التعليق على انتخابات سقطت منها نقطة حرف الخاء قبل أن تبدأ و لن تفيد الديمقراطية و لا السودان.