محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    محمد صلاح يواصل صناعة التاريخ بجائزة جديدة مع ليفربول    494357744_702633136049485_5037232060312947959_n    أخطاء مخجلة رغم الفوز برباعية    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    المريخ يكثّف تحضيراته بقيادة غريب    ((نواذيبو الموقعة الأكثر شراسة))    بالصورة.. الفنانة "نهى" عجاج ترد بقوة على تصريحات شقيقتها "نانسي": (صحي زي ما بابا الله يرحمه كان بيقول: مرمي الله… ماااابترفع)    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة بعد حديثها عن وفاة والدها: (قيل أنه كان على علاقة مع الشخص الذي قتله وأنه مثلي)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة بعد حديثها عن وفاة والدها: (قيل أنه كان على علاقة مع الشخص الذي قتله وأنه مثلي)    في عملية نوعية للجيش السوداني.. مقتل 76 ضابطاً من مليشيا الدعم السريع داخل فندق بمدينة نيالا وحملة اعتقالات واسعة طالت أفراداً بالمليشيا بتهمة الخيانة والتخابر    شاهد بالفيديو.. من عجائب "الدعامة".. قاموا باستجلاب سلم طائرة ووضعوه بأحد الشوارع بحي الأزهري بالخرطوم    قرار قطع العلاقات مع الامارات كان متسرعًا وغير مدروس    إتحاد كرة القدم المصري يدرس دعوة فريق سوداني للدوري المصري في الموسم الجديد    مقاطع سعادتك .. مخالف_سعادتك    إنجاز تاريخي.. صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي للمرة الثالثة    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    اختتام أعمال الدورة ال 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الدوحة    مبابي على وشك تحقيق إنجاز تاريخي مع ريال مدريد    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    الخارجية: بيان نظام ابوظبي ردا على قطع السودان علاقاته معها بائس يدعو للسخرية ويعكس تجاهلًا للقوانين والأعراف الدولية المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط موغابي: لا تبحث عن المرأة .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 11 - 12 - 2017

هذا مقال عن سقوط عن سقوط روبرت موغابي في حد ذاته. وأعني بحد ذاته أنه أراد أن نفهم محنته في حيثياتها السياسية والاجتماعية والتاريخية. وهذا خلافاً لمن كتب من زملائي الذين صار نبأ تهافت الرجل تكأة للحديث عن مصائر سوداء للبشير والإنقاذ مستفادة من خيبته. ليس من غضاضة بالطبع من النظر لمصير البشير على الدرس المستفاد من موغابي. ولكن متى صار سحب مصيره على مصير البشير أكبر همنا جعلنا من كارثته بشيرا نذيرا لا علماً سياسياً. وعليه فلربما طابقنا بين وضعين لا جامع بينهما سوى قضاء أحدهم نحبه وانتظار الآخر. وهذا مطلب في التفشي لا العلم. وباب للجهالة. وكانت هذه ملاحظتي دائماً. فنحن لا نأخذ الخبر العالمي والقاري والإقليمي في حد ذاته بل نتوقف عنده سريعاً لنهرول لما قد يعنيه للبشير وإنقاذه. فإلى المقال:
ودعت زيمبابوي روبرت موغابي في 2017 بمظاهرة جماهيرية كثيفة، بمثل ما استقبلته به في 1980 حين عاد -بعد قيادته لحرب عصابات مشهودة- ظافراً مكلَّلا بغار الاستقلال. وكان الخلاف بين الحشدين بالطبع جوهرياً من جهة العاطفة.
كانت الغزارة الجماهيرية في 1980 فرحاً باستقبال بطل التحرر الوطني، وكانت الثانية في 2017 سقماً من مستبد طال عصره واستطال. ولذا لم يخلُ بعض من ودعوه من حشرجة نفسية، نقلت صحيفة نيويورك تايمز ذبذباتها عن أحدهم في قوله: "أريد أن أقول لسيادته: امض واسترح الآن يا أبانا. ما زلنا نحبك، ولكننا سعداء يومنا هذا الذي نأمل فيه بمستقبل سعيد". وهو شبيه بقولنا بالسودان لمن فارقته مبغضاً: "عليك يسهل وعلينا يمهل".
وصوّر صحفي آخر قلة حيلة زيمبابوي مع رئيسها الوحيد حتى تاريخه؛ بقوله إنهم لن يحسنوا إجراءات محاكمته التي قرروا أن يتولاها برلمانهم (قبل استقالته كرهاً أو طوعاً)، تمهيداً لنزعه من المنصب. فلم يسبق لهم الخوض في مثل هذه التجربة لأنهم لم يعرفوا رئيساً غيره.
لقد نبه جيمس روستون الصحفي في نيويورك تايمز عام 1966 إلى وجوب التفريق بين الخبر في بيئة النشأة وبينه في أسماع العالمين؛ فالخبر علم اجتماع في موضع نشأته، وهو مجرد خبر في غيرها. فغلب الحديث عن زوجته غريس موغابي (أو غريس غوشي لنزاوتها في التبضع من أفخر المحال مثل غوشي الإيطالي) في الخبر على قضية نزع الرئاسة منه.
فصور الخبر سقوط موغابي وكأنه نتيجة إفراطه في تدليل زوجته في خريف عمره حتى كاد يورثها عرشه. وهذا من باب قولنا -متى حزب أمر رجل:"انظر إلى المرأة". ولذا استبشرتُ بمسارعة الروائي والصحفي الزيمبابوي بناشي جغومادزي برد الخبر إلى علم اجتماع المنشأ، لا شهوانية الأسماع البعيدة له؛ فكتب مقالاً عنوانه: "توقفوا عن لوم غريس موغابي". وسنعود لرأيه في المسألة بعد مسح سريع لعلم اجتماع سقوط موغابي.
من أفضل من كتب بإيجاز عن علم استبداد موغابي الكاتب الأفريقي من أصول هندية الدكتور محمود محمداني، في مقال له عام 2009 نشرته "لندن ريفيو أوف بوكس". وتجد فيه أن موغابي ضحية غيره من جهة، وصريع نفسه من جهة أخرى. فزيمبابوي (روديسيا الجنوبية سابقا) ،التي آلت إليه في 1980، من "مستعمرات المستوطنين".
فقد انتفع منها -إلى جانب البلد الأوربي المستعمِر مثل بريطانيا في حالنا هنا- مستوطنون بريطانيون، استبدوا بموارد المستعمَرة بحماية الإدارة الاستعمارية القائمة. وتأخر استقلال كل مستعمرات المستوطنين عن استقلال غيرها من المستعمرات.
بل لم يقع تحررها إلا بحرب تحرير شنها المستعمَرون، لأن إرادة المستوطنين غلبت على إرادة بلدهم الذي لم يمانع في الرحيل، كما رأينا في الجزائر. ووصل إصرار المستوطنين في روديسيا الجنوبية على البقاء فيها -من فوق امتيازاتهم- حدَّ إعلانهم استقلال المستعمرة عن بريطانيا من جانب واحد وتحت حكمهم عام 1965، لكيلا تلحق بركب الدول الأفريقية التي تحررت منذ منتصف الخمسينيات.
ورث موغابي جوعاً للأرض بين الأفريقيين من فرط سيطرة المستوطنين على أرض بلدهم؛ فتملك ستة آلاف مزارع أبيض 39% من أخصب أراضي زيمبابوي. وراعت بريطانيا مصلحة هؤلاء البيض في اتفاقية لانسكتر هاوس (1979) التي تم بموجبها استقلال زيمبابوي.
فقد قضت الاتفاقية بأن يحتفظ البيض بمزارعهم، وأن يقع البيع منهم -متى وقع- بالتراضي. وآمنت البيض من خوف الاستقلال تحت حكم السود بمنحهم -ونسبتهم 3% من السكان- 20% من مقاعد البرلمان الوليد. وقضت الاتفاقية بأن ينتهي امتياز البيض البرلماني في 1978، بينما ينتهي صون ملكية البيض للمزارع المنصوص عليه في 1990.
وهكذا دخلت الأرض ميدان سياسات الريف الزيمبابوية من أوسع أبوابه، وفاقم منها تطلع 65 ألفا من قدامى المحاربين لحيازة أرض حرروها بالقوة وخاصة منهم أولئك الذين لم يُستوعَبوا في الجيش وتركوا لحالهم (عددهم 45 ألف). وللضغط على الحكومة لإشباع جوعهم إلى الأرض؛ كوّنوا الجمعية الزيمبابوية الوطنية لقدامى المحاربين (200000 عضو)، ككيان سياسي ضاغط على الحكومة لتقنين احتلالهم أراضي البيض عنوة منذ 1990. وخضعت لهم الحكومة بعد لأي بإصدار قانون 1992 الذي خول للحكومة بيع مزارع البيض غصباً، ومن حق المزارع الأبيض الاحتجاج على الثمن لا غير.
نجح موغابي بذلك في تأمين سلطانه في الريف وبين قدامى المحاربين واسعي النفوذ، ووقع له ذلك على حساب عزلته عن جمهور المدن بمنظمات مجتمعه المدني. وكان هذا الجمهور يعاني الأمرّين تحت ثقل خطط التكييف الهيكلي التي اعتمدها للبنك الدولي في الثمانينيات، وقضت بخصخصة القطاع العام والاستغناء -نتيجة لذلك- عن العاملين، لتوجد العطالة.
وجدير بالذكر هنا أن انقسام السكان إلى ريف وحضر من إرث الاستعمار أيضاً؛ فكان الاستعمار يحرم على شعب الشونا -وهم مزارعون ويشكلون الأغلبية بين السكان- من التعيين في أشغال الدولة، ليبقوا في الريف يزرعون للبيض وفيما يليهم من أرض. وقصَر التعيين في مصالح الدولة على شعب الأندبيلي. وهكذا تطابق الانقسام إلى ريف وحضر مع انقسام الشعب إلى الشونا الذين غلبوا في الحكم الوطني، والإندبيلي المستضعَفين.
وترافق تحالف موغابي وقدامى المحاربين مع نزوعه للاستبداد بالحكم. فاستفتى المواطنين عام 1999 في تعديلين دستوريين: أولهما تخويل الحكومة انتزاع أراضي البيض بغير تعويض، وثانيهما أن يؤذن له بولايتين جديدتين بعد نهاية ولاياته. وسقط التعديلان. وكانت المدن هي التي من وراء ذلك السقوط، مما زاد ضغينة قدامى المحاربين من الشونا خاصة على المدينة التي غلب فيها الإندبيلي. ولم يمنع ذلك قدامى المحاربين وصفوة الدولة وحزبها من مواصلة احتلال أراضي البيض وغيرها، بينما كانت المدينة تعبئ أصواتها الانتخابية ضد موغابي، وتتحالف حتى مع المزارعين البيض للقضاء على حكمه.
وهذا هو السياق الذي تسارع فيها استبداد موغابي بالحكم، ونقد الغرب له، وصنوف المقاطعات الاقتصادية له التي أرادت إزاحته من الحكم.
من رأي الروائي والصحفي بناشي جغومادزي أن سبب سقوط موغابي راجع إلى تفريطه في الحلف بينه وبين قدامى المحاربين والجيش، الذي وقاه من أصوات المدن المعارضة. فمال في آخر عهده إلى جناح في الحزب اشتهر باسم "جيل الأربعين" (ج 40). ويتكون من صفوة عالية الثقافة في سن الأربعين أو نحوها في الحزب والحكومة، طمعت -بقيادة البروفسير جوناثان مويو وزير التعليم العالي- في وراثة البطريق موغابي في خريف عمره.
وعقدت لهذه الغاية حلفاً مع غريس موغابي لمنع إيمرسون إيمرسون منانغاغوا نائب رئيس الجمهورية -الذي انعقد له ولاء الجيش وقدامى المحاربين- من سبقهم إلى الرئاسة. وشهدت أروقة الحزب وحملاته الانتخابية صراع "جيل 40" والمؤسسة الحزبية بقيادة منانغاغوا. وانتهز "جيل 40" صراعاً حتى بين قدامى المحاربين ليجذب طرفاً منهم لصفه؛ لكنهم فشلوا.
فقال الزعيم من قدامى المحاربين الذي اتصلوا به إنهم جماعة صرعى بالغرب، وأنه من المؤسف أنهم يريدون شق طريقهم للحكم متبرجين بالمال الحرام الذي كدسوه. وبدا صراع الأجيال واضحاً في حديث الرجل بقوله إنهم لا يحتكرون الوطنية حين يتحدثون عن نضالهم لتحرير زيمبابوي. وكأنه يوحي بأن هذا ما يزعمه "جيل 40" الراغب في أن يطوي مرحلة التحرير كتاريخ مضى.
ونجح "جيل 40" -كما هو معروف- في إقناع موغابي بعزل منانغاغوا من منصبه، وإصدار قرار باعتقال قائد الجيش عند عودته من رحلة خارجية. وقامت قيامة الانقلاب عليه كما رأينا فعاد منانغاغوا رئيساً للجمهورية. وبدأت منظمات حقوق الإنسان لتوها تحتج عليه لملاحقة الجيش الفظة لجيل 40.
عاش موغابي ما عاش في الحكم مستثمراً صراع المدينة والريف؛ فهو القائل بأن "أصوات الناس الانتخابية توأم للسلاح الذي بيدهم ولا فكاك لهما". ولكنه أخطأ -في خريف عمره- فاعتزل حلف البندقية الذي حماه من أصوات المدينة، فانقلبت البندقية عليه وتعززت بالأصوات الانتخابية التي أخرستها طويلاً؛ فخرج أهلها إلى شوارع المدينة ملتحمين بالبندقية يتقافزون فوق دباباتها طرباً.
من الجزيرة نت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.