لم تتوقف التعليقات والتحليلات الخاصة بترشيح الحركة الشعبية لنائب أمينها العام (عرمان) لرئاسة الجمهورية ، ذلك أن الترشيح جاء مفاجئاً لكل الاوساط .. السياسية والتنظيمية ، والمفاجأة أصابت بالدرجة الأولي أوساط الحركة الشعبية وقواعدها ، التي كانت تمني نفسها بحكم السودان وفق الرؤيتة الجديدة التي رفعت لها شعاراً طوال سنين التمرد والمظاهرات السياسية التي كانت تتاح للحركة من وقت لآخر عندما تخرج دبلوماسياً للتعريف (بمنفستوها) السياسي والتبشير به وجذب مؤيدين له من السودانيين المقيمين بالخارج .. وهو مشروع السودان الجديد ..!! ، الوجه الآخر لترشيح الحركة الشعبية لم يكمن فقط في كونة صور الحركة في خانة المهزوم مقدماً بدوائر الشمال فقط ولكن له دلالته الثانية وهي أنها (صفعت) قطاعها بالشمال ، فبعد أكثر من أربعة سنوات من العمل التنظيمي والسياسي للقطاع و .. صراع بين كوادرة التي يسيطر عليها (اليسار) وصرف كبير للمال علي مكاتب القطاع المختلفة جاءت المحصلة بنتيجة مفادها أن لا للسودان الجديد ..!! ، فالحركة اليوم بخروج قادتها من الترشح للرئاسة كما كان متوقعاً في السابق (أي بعد إتفاقية السلام وحديثها عن السودان الجديد) تكون قد أعلنت لكل الملأ بتخليها عن مشروعها الذي أعلنتة ، وبه ألهبت أشواق العلمانيين واليساريين بإيجاد دولة علمانية يفارق فيها الدين حياة الناس وبطلاق بائن ..!! ، أما اليوم فقد أصابت تلك الأوساط خيبة أمل كبيرة وهم يرون قادة السودان الجديد يتخلون ببساطة عن (الحلم الكبير) الذي عاشوه منذ أحاديث ملهم الحركة الشعبية (الراحل جون قرنق دمبيور) ..!! ، والموقف الآخر للترشيح الذي قدمته الحركة والجانب المأساوي فيه يكمن في (رميها) لمقررات (مؤتمر جوبا) وراء ظهرها أو في (سلة مهملات) الإنتخابات ، ذلك فيما يتعلق بالإتفاق حول دعم (مرشح واحد) تتوافق علية أحزاب المعارضة تلك ، فالحركة يبدو إنها لم تكن ترغب من تجمع جوبا سوي الوصول عبره للإمساك بزمام المبادرة السياسية ولو لبعض الوقت ، ووجود مكان مناسب ل(تعارف) يتم بينها وحركات دارفور للي زراع شريكها في الحكم (المؤتمر الوطني) ..!! ، والحركة بعد وصولها لأهدافها علي ظهر (أحزاب جوبا) نزلت منها لتأسيس مشروعها الخاص (دولة الجنوب) التي تود بنائها ..!! ، أما من الجانب الغير مشاهد في ذلك السباق الذي يتم بين الحركة وأحزابها المجتمعة بعاصمة الجنوب هو أن الترشيح الذي فاجأت به الحركة تلك الأحزاب كأنها ترغمها بالتصويت لمرشح الحركة (الشيوعي .. ياسر سعيد عرمان) ، أما درجة الإحراج الكبيرة التي أدخلت الحركة فيها تلك الأحزاب التي بدأت متهافتة للوصول (لكراسي البرلمان) لتبقيها في صدارة الأحداث ولو بالتمثيل النسبي ..!! ، فأحزاب جوبا بعد أملها الذي بثتة فيها الحركة الشعبية بالتوافق علي مرشح واحد ينافس جماهيرية (البشير) .. هاهي تجد نفسها فجأة في مواجهة التصويت لمرشح فيه (قولان) .. وتم تقديمة بلا إتفاق بينها ..!! ، فقواعد تلك الاحزاب ستتوقف ألف مرة وهي أمام صناديق الإقتراع وأمامها المرشحين لرئاسة الجمهورية .. عمر البشير و .. آخر شيوعي ملتزم ..!! ، ففي ظني أن جماهير (الختمية) لن توافق علي التوقيع لصالح الكادر الشيوعي ، ولن تنسي جماهير (الأنصار) زعيمهم الروحي والتاريخي (الإمام الهادي المهدي) الذي لاحقتة أيادي الشيوعيين حتي تخوم الحدود الأثيوبية ، والمفارقة الكبيرة هنا تبدو في أن المرشح المطلوب دعمة يمثل ذلك الجانب السئ والمرشح الآخر المطلوب تغييبة بشتي الصور يناصرة من ناصر (زعيم الأنصار) في ذلك اليوم المشئوم ، بل قدموا أرواحهم فداءاً لرمزيتة القيادية ... فكانت شهادة (محمد صالح عمر) بجانب زعيم الأنصار وإختلطت دمائهم .. وبقي آخرين يروون تلك الحقبة من ذلك التاريخ (محمد محمد صادق الكاروري ومهدي إبراهيم) ..!! ، لن ينسي (الأنصار) ذلك التاريخ الناصع بالجهاد ومحاصرة الخروج عن دائرة الدين وقيمه .. لن ينسون الجزيرة أبا كذلك ، كما أن أنصار المؤتمر الشعبي هم أيضاً لن يكونوا قريبين وجدانياً لمناصرة الشيوعيين وهم تحجبهم عن الشيوعيين دماء وشهداء غدر بهم اليسار بالجامعات أمام أعينهم و .. بيت الضيافة وغيرها ..!! ، إذن (حلف الفجار) يكون قد وضع لنفسة حداً ونهاية عندما قدمت الحركة الشعبية مرشحاً لها (ممثل الشيوعيين) لرئاسة الجمهورية ، وأوقفت قادة الأحزاب برمزيتهم الدينية (الصادق والترابي والميرغني) التي ظهروا بها أمام الشعب السوداني أمام صندوق الإقتراع ليدلون بأصواتهم لمرشحها (ياسر عرمان) وفق إتفاق جوبا .. المرشح الواحد ..!! ، أما الوجه الغير بائن للكل في فلسفة ذلك الترشيح .. كأنما قصدت بها الحركة الشعبية أن تثأر من اليسار الذي إخترق جسدها وفتك به كما يفعل (السرطان) بجسد الإنسان ..!! ، فالإنتخابات فرصة كافية لكشف جماهيرية كل حزب أو جماعة وهي فرصة حتي لا يظنن أحد أن كثرة الاحاديث للفضائيات هي التي تحدد الحجم الجماهيري للأحزاب ..!! ، فالحركة قامت بعمل (مزدوج) وهي تقدم مرشحها للرئاسة .. ثأرت لنفسها من اليسار الذي إتخذها مطية وركب علي ظهرها سنين عددا ، وأحرجت كبار قادة الاحزاب الدينية التي لن يكون من بد أمامها سوي الأدلاء بصوتها الشخصي ل .. ياسر سعيد عرمان ..!! نصرالدين غطاس Under Thetree [[email protected]]