يقول أشهر المناضلين في عصرنا الحالي نيلسون مانديلا : (إذا تحدثت مع شخص بلغة يفهمها فسوف يعقل ما تقول، أما إذا تحدثت معه بلغته الأم فسيصل الكلام إلى قلبه) واللغة الأم أو لغة الأم هي ما يكتسبه الفرد من أبويه وهي اللغة التي يفكر بها المرء، وهي مناط الفصاحة والتعبير، يبدأ تحصيل اللغة الأم اكتسابا ثم يصير تعلما ومن بعدها تعليماً، فيتدرج الطفل في معرفة أصوات اللغة ثم مفرداتها ثم تراكيبها في حدها الأدنى اكتسابا في سني عمره الأولى،ثم إذا انتقل إلى رياض الأطفال والمدرسة الإبتدائية تحول الاكتساب إلى تعليم مقصود وفق منهج محدد، فيتعلم حروف لغته نطقاً ويتعرف على أشكال هذه الحروف ويتعلم طريقة كتابتها، ثم يتدرج من الأسهل إلى الأصعب فيدرس قواعد هذه اللغة ثم ينتهي إلى بلاغتها. تعليم اللغة نوعان: تعليم لأهلها والناطقين بها، وتعليم لغير أهلها من الناطقين بلغات أخرى، فتكون لغةً ثانية إذا تم تدريسها في بيئتها، وأجنبيةً إذا ما دُرِّست بعيدا عن بيئتها. تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها يُعدُّ فيه المُدرِّسُ مهنيا وفنيا ويُزودُ بأحدث نظريات تعليم وتعلم اللغات الثانية والأجنبية في معاهد متخصصة، أشهرها معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، حيث يتم قبول الطلاب فيه من كل دول العالم، ويحظى السودان بنصيب وافر من فرص الدراسة كونه دولة المقر، الأمر الذي أتاح للسودانيين أن يكونوا رواد تعليم اللغة للناطقين بغيرها حول العالم. تجربة إعداد مدرسي اللغة العربية للناطقين بغيرها في السودان لو أتيحت لمدرسي اللغة العربية في مؤسسات التعليم العام والعالي لخرَّجنا جيلاً من الطلاب ليس متفوقا في لغته العربية فحسب وإنما في كل المواد التي يدرسها وفي كل اللغات الأخرى التي يدرسها، وذلك لأن اتقان اللغة الأم يُعَدُّ مفتاح النجاح لبقية كل العلوم الأخرى. كل الدول المتقدمة تهتم بتجويد تعليم لغتها الأم لارتباط ذلك بالهوية والقومية، وترصد لذلك الميزانيات ولا تألو جهدا في أنشاء المعاهد المتخصصة ومراكز البحث. تراجع مستوى الطلاب في السودان في اللغة العربية لا تخطئه عين،وجولة صغيرة بين ردهات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي وما تزخر به من أخطاء تكفي للحكم على تعليم لغتنا الأم بالفشل الذريع، مما يتوجب معه أن نبحث عن أسباب هذا التراجع ونضع له الحلول الناجعة. في امتحانات مرحلة الأساس هذا العام والعهدة على الراوي طُلِب من الممتحنين أن يكتبوا عن (قصة وفاء) فجاءت كتابة معظمهم عمن نصب (الصيوان) ومن أحضر الكفن وعن حالة الحزن التي اعترت أهل المتوفى، وعن مساعدة الجيران بتجهيز الميت وحفر القبر والجلوس في الصيوان إلى اليوم الثالث حيث رُفع العزاء ، ظن هؤلاء (المساكين) أن المطلوب منهم أن يكتبوا عن (قصة وفاة). باستقراء المناهج التي يدرسها من يقعون في هذه الأخطاء حتما لن نجد لمنهج الإملاء وجود ذلك لأن تقويم الكتابة لن يكون إلا بمعرفة قواعد الكتابة الإملائية، كيف لطالب في المرحلة الثانوية يكتب (إنشاء الله) و(اللذي) و (ذالك) و (هاذا) و لا يعرف قاعدة كتابة الهمزات في اللغة العربية ولايفرق بين همزة الوصل والقطع ولا يفرق بين حرفي الذال والزاي كيف له أن يكون قد درس قواعد الإملاء في لغته الأم ؟ كيف لنا أن نتوقع نجاحه فيم يدرس من مواد أخرى ؟ في دراسة حول علاج الأخطاء الإملائية الشائعة لدى تلميذات الصف السادس الإبتدائي توصلت الباحثتان دكتورة عواطف حسن وأستاذة مها العوفي إلى أن العامل الأول المسبب لهذه الأخطاء هو عوامل تعود إلى المعلمات وطرائق التدريس بنسبة 78٪ . أناشد المسؤلين عن التعليم في بلدي الحبيب الاهتمام بدراسة أسباب تدني مستوى التعليم بصورة عامة واللغة العربية على وجه الخصوص، مكتبات الجامعات السودانية تحتشد ببحوث الماجستير والدكتوراة، ما توصلت إليه هذه البحوث من نتائج وما جاء فيها من توصيات كفيل بأن يحل المشكلة. -- عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. //////////////////