حقيقة شيء مؤسف ان يكون خطاب الاحزاب السياسية بل وكافة المنظومات المهتمة بالسياسة بل وكذلك تلك النشطة حقوقيا ، ان نجد خطابها ترفي بهذا الشكل. انها تطرح قضايا نخبوية جدا مبتعدة كل البعد عن مأساة الشعب . عندما تتم عمليات قتل خارج اطار القانون او ما يمكن ان نسميه بدون شك (اغتيالات) ، ومع ذلك يكون خطاب هذه القوى منصرفا الى المشاركة في انتخابات 2020 او ختان الاناث فهذه حقيقة معضلة كبيرة. لاحظ انه لم يصدر عن اي حزب حتى الان بيان واحد يندد بقتل الطالب الدارفوري ، بل ولم تكترث حتى المجموعات النشطة حقوقيا في المطالبة بالتحقيق حول حادثة الاغتيال هذه ولا بالحوادث التي سبقتها. وهذا غريب جدا. انصرفت كل المنظومات السياسية الى نقاش (حناكيش) حول المشاركة في انتخابات لم تكن الاولى ولا الاخيرة ولم يحدث ولن يحدث فيها اي تغيير يذكر من حيث خنق مناخ الدموقراطية كما حدث في سابقاتها ولن يتم توسعة حقوق المشاركين بحيث تتساوى الاكتاف عبر وسائل الاعلام الحكومية ، ولم تتغير القوانين المصادرة للحريات... ورغم ذلك هم منصرفون الى هذه القضية الباهتة والمحسومة سلفا عن قضايا شديدة الحيوية تتعلق بارواح الناس.. تتعلق بحق الانسان الاول وهو الحق في الحياة. صمت غريب مطبق ، جعلني فعلا افكر في بيان عبد الواحد الذي اشار الى عنصرية هذه النخب عندما تتعامل مع قضايا الدارفوريين؟ هل هذا بالفعل هو السبب في كل هذا الصمت؟ لا اتمنى ان يكون الامر كذلك.. اتمنى ان يكون السبب قلة الوعي بخطورة هذه الوقائع شديدة الدموية . يجب ان تطالب هذه الاحزاب كلها (ان كانت ترغب في المشاركة في مسرحية الانتخابات) يجب ان تطالب الحكومة باجراء التحقيقات اللازمة والجادة حول جرائم القتل المستمرة والتي طالت ابناء دارفور. يجب على هذه الاحزاب وعلى كافة الناشطين الحقوقيين ان يوقفوا جميع انشطتهم السياسية والحقوقية وان يفرغوا كل الاسابيع القادمة لاصدار خطابات منددة بالقتل خارج اطار القانون والمطالبة بالتحقيق فيها جميعها. بل لو كانت هذه الاحزاب تسعى الى مصلحة الشعب وتطرح نفسها كمؤسسات سياسية قومية لما تجاهلت هذه الجرائم الخطيرة . وبدلا عن تلك البيانات والتصريحات المسجلة والمكتوبة التي شنفوا بها آذاننا حول قضية زوجة قتلت زوجها ؛ اما كان من الاجدى ان تهتم هذه الاحزاب واولئك الناشطون بهذه الجرائم الاكثر خطورة؟ لاحظوا ان كل هذه الاحزاب ظلت صامتة في قضايا القتل التي امتدت من عمر النظام وحتى اليوم. انها احزاب تستثمر بخطاب سياسي شديد الليونة محاولة لفت نظر النظام اليها ليلقي لها بعض الفتات. لا تستطيع هذه المنظومات ابدا ان ترفع عقيرتها بالحقيقة المخزية والتي قد تنهي مفاوضاتها مع النظام. اين الناشطون الحقوقيون والفمنيست وغيرهم من كل ما يحدث ؛ لماذا يهتمون بالهايفة ويتصدروا لها تاركين كل تلك الجرائم وراء ظهورهم ما دامت لم تمسهم... انني ادعوا جميع القانونيين الى التنديد بوقائع القتل خارج القانون وان يطالبوا الحكومة والاجهزة الامنية والشرطية بالقيام باعبائها في ملاحقة المجرمين ومحاكمتهم ، وان لم يحصلوا على استجابة سريعة وحقيقية فلا مناص من اعلان الحكومة غير راغبة في تحقيق العدالة. وان الدولة تحولت الى قانون تجاوز قانون الغاب ؛ لأن الحيوانات نفسها لا تفترس الا لاغراض حيوية وبناء على نظام غذائي يحمي توازن بيئتها من الاختلال. لم يعد احد الآن آمنا على نفسه من تلقي رصاصة او تعذيبه حتى الموت او الاختفاء القسري في ظل هذا الصمت المريب من منظمات المجتمع المدني... بل وحتى المجتمع الدولي صامت وهوالذي يحشر انفه في كل شيء فارغ. والاغرب ان هذه ليست الحادثة الاولى فقد سبقتها حوادث اخرى كثيرة منذ معسكر العيلفون وحتى اليوم. لماذا كل هذا الصمت ايتها الاحزاب التي تزعم انها معارضة؟ ولماذا كل هذا الصمت ايها النشطاء الحقوقيون وما حدث هو اعدام لأهم حق يتمتع به الانسان وهو الحق في الحياة. مؤسف ومخزي جدا صمتكم العنصري هذا حقا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.