*■ جبل أهل السودان جميعا على عظيم التوادد و كثير التراحم ؛ و على شعيرة تواصل الأواصر و فضيلة تزاحم التلاحم و على قوة تمتين الروابط و الترابط و نبذ التنافر و التدابر و التباعد و التباغض ؛ و على حب المناسبات السعيدة التي تقربهم إلى بعضهم البعض حبا و ودا و تقديرا و تبجيلا و احتراما ؛ بل فهم يسعون فيها و من خلالها إلى نبذ التخاصم و التدابر و دفن و قبر كل أنواع الضغائن و كل الأحقاد و كل الرواسب و المرارات مع وضع عضد التسامح و التصافي فوق قبر التجافي المقبور بعد أن يبللوا التراب حوله بالدمع السخين المسفوح حزنا و شجنا و حبا و شوقا لبعضهم البعض في يوم العيد السعيد ؛؛ تجدهم و قد بللوا التراب بدموعهم الصافية الصادقة ثم هالوا التراب المبلل بالدموع فوق عضد قبر التجافي ليتماسك التراب اللين فوق يابس تراب ذلك القبر فتلين من بعد ذلك و تصفى و تنقى و تتجلى كل القلوب ؛ بل و لتبقى صافية بيضاء لبن كما يقول و يردد أهل السودان دوما بسماحتهم السمحة و النبيلة !!* *■ هذا التوادد و تواصل الأواصر خص الله به أهل السودان خاصة على سائر الأمم و الشعوب لدرجة يسأل و يستفسر فيها العديد من أهل الأرض عن سر هذا التوادد و هذا التراحم و هذا التواصل و هذا الحب و هذا الود الذي يتبادله أهل السودان دوما فيما بينهم و هم خروج من المسجد النبوي الشريف ؛ مسجد المصطفى عليه أفضل الصلاة و التسليم عقب كل صلاة و عند باب السلام تحديدا ؛؛ و ما سر عظيم لقياهم و جميل سلامهم حتى ولو لم يعرفوا بعضهم بعضا ؛؛ الحال يتكرر عند كل مسجد في كل مدن المهاجر غربا و شرقا و شمالا و جنوبا في أقاصي الدنيا و أدناها و في المستشفيات ؛؛ كقصة ذلك المريض السوداني الذي كان يرقد في أحد المستشفيات بالسعودية عندما أعطى وصفة الدواء إلى أحد السعوديين و طلب منه أن يسلم هذه الوصفة الدوائية إلى أي سوداني يقابله و يعطيه إسم المستشفى و رقم الغرفة و يقول له بأن هنالك سوداني مريض يحتاج هذا الدواء على وجه السرعة ؛؛ احتار الرجل و أخذ الوصفة و عند خروجه من المستشفى وجد بعض السودانيين و هم وقوف أمام المستشفى فسلمهم الوصفة التي تصارعوا حولها فيما بينهم أيهم يأخذها أولا ؛ و تابعهم ذلك الرجل حتى اشتروا الدواء و ذهبوا به إلى حيث ذلك السوداني المريض و الذي أغرورقت عيناه قائلا لهم و لذلك الرجل الذي كان يتابع حركة ذلك الفعل النادر و العظيم حين قال له ذلك المريض لا تستغرب ؛؛ فأنا واثق و متأكد من حضور هؤلاء و حضور أي سوداني تسلمه هذه الوصفة ؛؛ أغدقوا على ذلك المريض مالا و حبا و عطفا و حنانا و اهتماما و تعهدوا بمتابعة حاله حتى يخرج معافى و قد كان ؛؛ أستغرب ذلك الرجل المتابع و هو مذهول و سألهم أتعرفون بعضكم بعضا من قبل ؟! فقالوا له نحن السودانيون تكفينا سودانيتنا و سحنتنا للتراحم و التواصل و التوادد و الترابط و للوصل و الوصال ولا نحتاج إلى دافع آخر !!* *■ حكى لي العم عبدالدائم إبراهيم ايدام قصة عظيمة و طريفة و دالة و معبرة ؛؛ قال لي كنا نسير في يوم شديد الحرارة من مكةالمكرمة إلى مدينة جدة حيث نقيم و ذلك بعد أداء صلاة الجمعة بالحرم المكي الشريف ؛؛ كان الجو قائظا من شدة الحرارة و شدة السموم اللافح ؛ و الكل يسرع حتى يصل إلى جدة هربا من سخونة ذلك الجو الشاحب و المكفهر ؛؛ عند منتصف الطريق رأوا سيارة متعطلة و يقف بجانبها رجل سوداني بعمامته و جلابيته البيضاء الناصعة و لم يؤشر لهم ذلك السوداني على الإطلاق ؛؛ كانوا يسيرون بسرعة شديدة و لكن وقوف ذلك السوداني جعلهم يتوقفون بعد أن تجاوزوه كثيرا ؛ و رجعوا من بعد ذلك للخلف لمسافة طويلة على شارع الخدمات حتى وصلوه ؛؛ بمجرد ما نزلوا و هم خمسة رجال قال لهم العم عبدالدائم يا سلام على الصدف الغريبة إنه البروف محمد التوم التجاني الرجل العالم العلامة ؛؛ و قد كان حينها أستاذا بجامعة أم القرى قبل أن ينتقل منها وزيرا للتربية و التعليم بالسودان في الفترة الانتقالية بعد الإنتفاضة عليه رحمة الله ؛؛ بعد السلام و التعارف تولى الشباب أمر إصلاح بنشر السيارة بسرعة و إهتمام و إتقان و قال لهم البروف عليه رحمة الله ؛؛ قال لهم عندما رأت زوجتي العمم من بعيد طلبت مني أن أؤشر لكم حتى تقفوا و تساعدوننا فقلت لها لن أؤشر لهم إطلاقا بعد أن تعبت يداي من التأشير و التلويح قبل ذلك ؛؛ و لقد قلت لها إن كانوا سودانيين حقا و رأوا هذه الجلابية و هذه العمامة فسيتوقفوا حتما و قطعا دون أن أؤشر لهم أو أطلب منهم التوقف بعد أن تعبت في التأشير لغيرهم قبل ذلك ؛؛ نظر البروف إلى زوجته قائلا لها ألم أقل لك ذلك برغم إلحاحك و عدم صبرك ؟! ألم أقل لك بأنهم سيقفوا من تلقاء أنفسهم عندما يرون جلابيتي و عمامتي إن كانوا فعلا سودانيين !!* *■ لقد أطلنا و أسهبنا في التدليل على حسن خصال السودانيين و جميل صنعهم و عظيم سيرهم حتى نتحسس معا و نتدبر ما إذا كانت هذه القيم القيمة العظيمة و هذه المثل النادرة و الرفيعة ؛ هل لا زالت موجودة حتى الآن أم قلت و جفت و جدبت و تصحرت و انحسرت و تلاشت مع سوء الأحوال و سوء الأواضاع التي اكتنفت حياة الناس من كل جانب ، بل و من كل حدب و صوب و بفعل فاعل يمشي بيننا يرقص و يترنم و يتغنى بأنغام عثمان حسين ( و لما حار بي الدليييييل ) و على مرأى و مشهد و أمام كل أولئك الممكونين المكلومين المسحوقين !!* *■ جاء العيد هذا العام و حال أهل السودان يرزح و ينوء و يئن تحت شدة و وطأة ويلات العوذ و العدم الذي أطبق على غالب أهل السودان فحرمهم فرحة العيد ؛ كما حرمهم مسرة الملمات التي كانت تلازم كل عيد إلا هذا العيد الذي حرمت فيه قسرا العديد من شتات و أطراف الأسر الممتدة بين المدن و الولايات أن تجتمع و تلتقي و يلتئم شملها لتهنأ و تسعد و تفرح في البيت الكبير في تلك القرية النائية أو في تلك المدينة الصغيرة في إحدى ولايات السودان القريبة أو البعيدة !!* *■ جاء العيد هذا العام و السودان يعيش حال من الترنح و التخبط و عدم الاستقرار على حال ؛ تتناوشه الصدمات و الأزمات و سوء التخطيط و سوء التفكر و سوء التفكير و سوء التدبر و سوء التدبير و سوء الإدارة !!* *■ جاء العيد و أهل السودان يعيشون وضعا معيشيا مأساويا غاية في الصعوبة و غاية في الرهق العنت و الضنك و الإنهاك ؛؛ جاء العيد و أهل السودان يكابدون وضعا إقتصاديا غريبا و مريبا و هم في حال من الرعب و الخوف و عدم الطمأنينة بسبب ما يجري أمامهم من تصرفات حكومية على أعلى المستويات و أقوال و بيانات و تصريحات حكامها و قادتها من ذوي الشأن و ذوي العلاقة و القرار بحياة و معاش الناس و من تحت قبة ما يسمى بالبرلمان حيث يعلن هؤلاء تباعا مدى فشلهم و مدى خيبتهم و مدى كسر هيبتهم و هيبة السودان و هم يتجولون و يجوبون دول العالم شرقا و غربا في أسفار نتيجتها ثلة أصفار بحثا عن مخرج و عن منفذ مما هم فيه من ورطة و من عجز و من خسران مبين أضحى ظاهرا للعيان للعوام قبل أولئك النيام تحت قبة البرلمان ؛؛* *■ جاء العيد هذا العام و أهل السودان في ضيق و ضنك من العيش و العوذ و الإفقار الذي فرضته عليهم حكومة الذل و الهوان و التي سافر غالب وزرائها و مسؤوليها و كبارها و أكابرها إلى خارج السودان هم و عوائلهم و تركوا وراءهم أركام خيباتهم لتقابل و تقارع و تجابه و تناطح فتنطح أهل السودان أجمعين ؛؛ تركوا صفوف البنزين من خلفهم ؛؛ كما تركوا صفوف البنوك و إنعدام السيولة بعد السطو على أموال الناس داخل تلك البنوك المفلسة و التي جففها هؤلاء بالسرقة و الفساد و الإفساد و أكل المال العام بالباطل و الحرام دون وازع من خالق أو من ضمير ؛؛ سافروا بعوائلهم بعد أن حصلوا على الدولارات من تلك البنوك المفلسة بالرغم من سوء حال السودان و سوء حال الإقتصاد الذي أضحى بلا سند وبلا عماد !!* *■ رؤساء الدول التي تحترم شعوبها و كذلك الوزراء ذوي العلاقة يقطعون حتى زياراتهم الرسمية عند أكبر و أعظم الدول عندما تحدث أدنى كارثة طبيعية أو إنسانية بأوطانهم فيعودون على الفور و على وجه السرعة مهما كانت أهمية الزيارة التي هم بصددها حتى يقفوا مع شعبهم لا أن يهربوا كما يهرب هؤلاء إلى خارج الوطن و إلى حيث حياة النعيم و التنعيم و الرخاء و الدعة و الترطيب عند الغير ضيوفا نزلاء في أفخم الفنادق خارج الوطن الذي يرزح و يئن و ينوء و يصرخ و يستنجد و يستجير و يستغيث !!* *حقا من أين جاء هؤلاء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!* *أليس من بينهم رجل واحد رشيد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!* *عيد بخيت و سعيد أعاده الله علينا جميعا و بلادنا تنعم بالخير الوفير و بالنعيم المقيم ؛؛ و أزال الله عن بلادنا حكم الطغيان و الطاغوت ؛ و سلطة القهر و الظلم و البطش و التجبر و الجبروت ؛؛ و جعل الله كل فسادهم و إفسادهم غصة خانقة في حلوقهم و شوكة معكوفة في مؤخرة حلاقيمهم في هذه الدنيا الفانية الزائلة و أحمالا ثقالا على ظهورهم يوم لا ينفع مال ولا بنون !!!* *آمين يا رب العالمين ؛؛ يا قوي يا عزيز يا متعال يا جبار يا قادر يا قاهر كل متجبر ؛ و يا هازم كل متفرعن ؛ و يا قاصم ظهر كل معتد أثيم !!* *???? م/ حامد عبداللطيف عثمان ؛؛* *عيد الفطر المبارك 1439ه /الجمعة/15 يونيو 2018م ؛؛* عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.