وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الامارات .. الشينة منكورة    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امدرمان الاسطورة .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 22 - 09 - 2018

اتصل بي اخي عثمان جميل من الدوحة لكي يبلغني موت الابن عبد الله عبد المنعم عبد الله حسن عقباوي في حادث سير . واحسست بيد تقيض على قلبي وتصورت الم الشقيق عبد المنعم وحرمه وابنة خاله الاخت نجاة عثمان السكي . وتمنين لو انني بجانب عبد المنعم اواسيه واعصر معه الفراش كعادة السودانيين . هكذا كنا في امدرمان عندما يتعلق الامر بزولك وصفيك الذي تربطك به الصداقة . ما يؤلمه يولمك وما يصيبه بصيبك .
حاولت الاتصال تلفونيا بعد ان زودني الاخ عثمان جميل بتلفون عبد المنعم وابنته ريم وعندما استلم عبد المنعم التلفون من ابنته واتاني صوته الذي لم اسمعه منذ الثمانينات كنت انتحب ولم استطع ان اتوقف لفترة . كنت ابكي الشاب عبد الله رحمة الله عليه وابكي نفسي واتذكر اعظم الايام وكيف كانت صلتنا بعبد المنعم تجعلنا نحس اننا جزء من اسرة السوكي وعقباوي . وهؤلاء من اعظم الاسر الامدرمانية . عبد المنعم كان مدخلنا الى الموردة .جمعتنا المدرسة وصرنا اخوة بحق وحقيقة وان كان اقرب وجدانيا للشنقيطي العاقل . ولكن جمعتني به الملاكمة ، السباحة وصيد السمك والتواجد وسط فتوات امدرمان ودخول اماكن لا يقدر عليها الاغلبية . وبالرغم من قوة عبد المنعم واجادته الملاكمة والتي خولته للانضمام لمعسكر الفريق الاولمبي وهو في السادسة عشر . وشارك في مباريات خارج السودان ، الا انه كان مؤدبا مثل كل الاسرة، لا يرفع نظره او يتطاول على من هو اكبر منه . عنفني في احد المرات كما اوردت في كتاب حكاوي امدرمان لانني تطاولت على الاستاذ محمود فلاح لانه تعامل معنا باستخفاف . قطع امامنا الشارع بدون تحية وهومستعجل في طريقه للاذاعة ونحن في طريقنا لنادي التربية البدنية . وكان عبد المنعم يقول لي كيف تتكلم كدة مع زول اكبر منك ؟ تحدثت بعدها لفترة طويلة مع عبد المنعم وتذكرنا قدامى الملاكمين وشلة الموردة حسن النمر واشقاءه عبد السلام ابراهيم بلالايكا وبرقودي ومن عرفوا باولاد مسار . رفيقهم ولاعب الموردة الجاك الماظ او الجاك طرزان والاخ حسن اميقوا ، حسن محمود المغربي شقيق الاعلاميات ليلي المغربي وشقيقتها . ومنزلهم يواجه آل عقباوي في شارع الطاحون القديمة . شلتنا اشتهرت بأكل كميات ضخمة من السمك ، الذي نطبخه امام الطابية او الكميات من الفول او القراصة بالسمن السكر او العسل . كان في امكاننا ان نشارك في مباريات عالمية .
عندما سمعت بعض البنائين يتحدثون باحترام عن العم عبد الله حسن عقباوي كأحسن مقاول واكثرهم امانة وانه لا يغش ابدا ويعطي العمال اكثر من حقهم انتشيت لانني كنت اتواجد كثيرا في منزلهم واحس انني في منزلنا . فتلك بيوت كرم وحنان . عبد المنعم كان يتحصل على ريال من والده للفطور وكانت والدته تعطيه خمسة قروش . وحتى بمقاس طلبة الاحفاد كان هذا مبلغا كبيرا . فالجميع يتحصلوت على 3 قروش او خمسة في احسن الاحوال لان الفطور يكلف قرشين . وعادة الجميع في امدرمان كان المال مال الجميع .
لانني لااشرب الشاي او القهوة فكثيرا ما اشرب الجنزبيل بالعسل . وفي كل مرة اتذكر عبد المنعم لان اول مرة شربت الجنزبيل بالحليب كان في القهوة ، وهو الذي قدمني للجنزبيل الذي لم استسغه في البداية.
عند عودة عبد المنعم للسودان بعد جولة الملاكمة احضر لي قميصا جميلا كنت احبه ، اغرم به الاخ رحمة الذي كان يعمل في بوفيه المدرسة وتنازلت له عنه وبعد التخرج من المدرسة شاهدت القميص المميز في كوستي ورحمة داخله .
في نهاية الثمانينات دخل الشنفيطي مكتب الخطوط الجوية السودانية وكان عبد المنعم في مشادة مع موظف بخصوص الحجز للدوحة الذي كان عصيا . وعندما سأل عبد المنعم عني وعرف انني قد حضرت فرح ، وفي نفس اللحظة اخبره الموظف بأنه قد تحصل له على حجز . فقال عبد المنعم .... اديه لي زول تاني . وكان اللقاء الذي علق بذاكرتنا فلقد ضم بعض اعضاء الشلة , ولسوء الحظ لم تصل صور ذلك اللقاء لعبد المنعم . وكنت قد ارسلتها لعنوانه في الدوحة .
عظمة امدرمان انها تعطي الانسان الكثير من الاهل فكل اهل اصدقاءنا اهلنا . ولقد قال الوالد عبد الله البنا
كل من صادقنا اخونا .... وكل كبير قومه ابونا
عن بعض اساطير امدرمان اكتب لكم . عندما انتقلت شقيقتي الهام بدري الى نمرة اتنين في الخرطوم في البيت الذي اشترته من عصام احمد البشير امام مسجد النور ، كانت قد اكملت اثاث المتزل وتراقب تركيب الستائر . وفجأة شاهدت اختها قداي قرزهبر وهى تشير اليها عبر الشارع . واستغربت كيف عرفت قداي برحولها السريع . وعرفت ان قداي كانت في زيارة الاخ المحامي غازي سليمان ابن العباسية الذي انتقل لنمرة اتنين ... وقال لها ... اختك الهام رحلت في البيت داك .
كان غيابي لسنين عديدة بسبب وجودي في القائمة السوداء في عهد نميري والتي ساعد الشيوعيون بصياغتها خاصة عندما استلموا الامن بواسطة الاخ سمير جرجس . وبينما انا اقود السيارة سمعت من يصرخ في الطريق العام .... اخوي شوقي شوقي اخوي شوقي ... وترجلت . والتفت كل الشارع وكانت قداي تهتز من الفرح ودموعها تجري وكانت تحتضنني وكانها لا تريد ان تفلتني . وكانت قد صارت أقرب الى الامتلاء . وصرت اشيح بوجهى لاخفي دموعي .
في 1964 طرقت قداي باب منزلنا لتطلب شربة ماء وكانت تبدو متعبة . وفتحت لها الهام الصغيرة الباب وطلبت منها الدخول ورحب بها اهل الدار كالعادة القديمة . ولم تخرج من البيت بعدها . كانت قد هاجرت من اديس اببا تحمل طيبة ، عذوبة ولطف الامهرا . وضعت ابنها مالك في منزلنا وكان اخا لابناء اختي . وعندما ذهب ابن اختى ابراهيم الى لندن كان ضيفا على اخيه مالك . ومالك يرسل الهدايا لشقيقتي أمال لانها بمثابة والدته وابناءها اخوته . وكان احمد محمد صالح وقيع الله شقيق ابراهيم يعتبر قداي بمثابة والدته وتعلق بها تعلقا شديدا . و يبدي نحوها دائما الود والاحترام .
انا في تشيكوسلوفاكيةكنت اتذكر قداي كثيرا في بداية ايامي . فبعد ان صححت نطقها لبعض الكلمات قالت لي . محل ما ماشي تقرا ده حتبقي ذي قداي لمن تتكلم . وصدقت النبوءة . وكنت اضحك عل نفسي ولا يزال ابني المتحزلق كاتب السيناريو فقوق نقور يصصح لغتي .
قداي رزقت بأنة جميلة اطلق عليها اسم ناهد والدها ش . د واطلقت عليها قداي اسم ترحاس . وعندما كنت اريد الانطلاق مع بعض الاصدقاء المتعجلين في المساء تذكرت بعض الاغراض التي اودعتها لاختى نضيفة كالعادة خوفا عليها في منزل لا يحصى عدد ساكنيه والمترددين عليه .نضيفة طيب الله ثراها لا يعلى على كلمتها في المنزل . فقالت لى خلى الرجال ديل يلزموا الواطة . انا ما قايمة كان ما كملت تسريح ناهد ولبستها لانها ماشة حفلة . وكانت ناهد في العاشرة . على قدر كبير من الجمال ،الادب والرقة شعرها
مثل شعروالدتها ، طويل ومسترسل . بعد التخرج من الاحفاد عملت ناهد في المعاشات . وكان البعض يحضرون لوالدتي او شقيقاتي ويطلبون منهن التوسط لناهد لمساعدتهم . وكأمدرمانية اصيله كانت تساعد الجميع . ناهد تزوجت واغتربت . ولكنها ستكون دائما اختنا الصغيرة .مالك عاد وقام ببناء منزل لوالدته من طابقين وكما تقول قداي فرحة ....بالسيراميك . واحضر مالك اخوته من اثيوبيا . مالك امدرماني اصيل اتي للدنيا في السردارية امدرمان .
في 1963 اصطدم اعمي برجل بعد العشاء امام دكان اليمني على بن على . وامسك الرجل بكتفي الاعمي وبدأ في هزه وهو يسأل .... انت عميان ... عميان انتا ؟ , وكانت مجموعتنا المكون من مجموعة من الطلاب الذين يسكنون معنا والاصدقاء الزائرين . وهب الجميع بغضب واندفاع ، لدرجة اخافت الرجل الذي كان عابرا . وكنا نقول له ايوا عميان ، انت مجنون ؟ كان العميان احد سكان منزلنا لاكثر من عقد من الزمان انه حسين باشا من راجا في غرب بحر الغزال ، وهو من الفرتيت .
حسين عمل كخادم عند اسرة ولكن نظره كان ضعيفا وانتهى بالعمى وقد يكون السبب عمى الانهار او الالتهابات التي تؤدي الى انقلاب رموش العين وخراب العدسات جراء الخدش المتواصل الخ . وكانت والدتي في زيارة الاسرة التي لم تكن مرحبة بوجوده بعد فقدانه لنعمة البصر . واتت به والدتي لمنزلنا وتأقلم بسرعة . وصار يعرف مكان كل قطعة اثاث في المنزل . ويقول ... الكرسي ده محلوا البرندة الجابو شنو . الطربيزة دي محلها الصالون . وكان يحب اللبس الجميل ويصرف جل مرتبه في الملابس واحذيته . وكان بنسى الشاي ويطالب نضيفة امبراطورة المنزل بتسخينه عدة مرات . وفي بعض الاحيان تداعبه بسكب قليل من الشاي على يدة الممسكة بالكوب الكبير . ويضحك ويقول لها ده كله بتلقي قدام الله بجازيك.
كانت والدتي مهتمة بالاواني والكبابي وطقوم الشاي الخ . احد التجار كان يعطيها تنزيلات في الاسعار لانها زبونة جيدة اخيرا رفض اعطاء نخفيضات لانها تاجرة مثله . وهي بالرغم من المرسيدس والسواق دلالية والا لما اشترت تلك الكمية الضخمة من الكبابي والصحون . فقالت له .... انا بيتي مليان ناس ، وعندي خدام اعمي مرات بدقش العدة ويكسرها كلها . فضحك الرجل وقال ده كضب نوع براه ، في زول بيشغل خدام اعمي .
من احد طلبات حسين باشا كانت جزمة جميلة تقول ظر ظر . شرحت الامر لبائع احذية في السويد ، فضحك وقال لى ان الجزم الفاخرة لا تصدر صوتا ولكن في امكاني شراء حذاء فاخر ووضعه في الشمس لفترة طويلة ، وقد يحدث صوتا . حسين وجد طريقه الى الاذاعة السودانية في الفرقة الشعبية . وكان يمثل الفرتيت ، ويذهب الى الاذاعة من منزلنا ببساطة . ولكن في يوم من الايام دهسته عربة كاروا يجرها حصان جامح . وهب كل المنزل الى المستشفى . وكان النساء من بيتنا يبكين لحاله. وتألمن عندما قالت سيدة حقيرة ... تبكن في شنو ما عبد وخدام . ونحن قد سجلنا غيابا دائما في مدرسة العنصرية والشوفينية . وتعافي حسين وواصل حياته كامدرماني سعيد .
وانا اكتب هذا الكلام اتاني خبر موت امدرماني جميل هو اسامة عثمان صالح سوار الدهب طيب الله ثراه . كان يكبرني قليلا كان شابا مميزا . منزل العم عثمان صالح سوار الذهب يبدو فاخرا بالطرطشة السوداء ، وباب الدار يفتح شمالا ويقابل بوابة مستشفي الدايات الجنوبية . ويتواجد دائما قدر من النساء وهن جلوس في انتظار مواعيد الزيارة او لايصال تحية ،غرض مع احد الداخلين . وباب آل سوار الدهب يستقبل من تريد الشرب او الذهاب الى الحمام ، الوضوء الخ . ولا يتضايق اهل الدار .وكان البعض يستغرب لتحملهم ، الذي استمر لدهور .
بما انه كان يفصلنا الشارع من مستشفى التجاني الماحي فكثير ما كان اهل منزلنا يستقبلون النزلاء واهلهم . نصر الدين جكسا صار اسم احد نزلاء المستشفي . والدتي كانت تقول منذ ان كنا اطفالا افتحوا الباب اخير يجي حرامي يسرق من زول يلقى الباب مقفول . جكسا دخل المنزل ورقد على سرير في غرف الضيوف الخارجية وقال انه في انتظار نصر الدين جكسا . وواصل تواجده بعد ان اعطوه جلابية نظيفة . وبعد ايام افتى مولانا قاضي جنايات امدرمان محمد صالح عبد اللطيف زوج اختى والذي يسكن في الحوش الآخر غرب حوش الدكتور على بدري، انه يجب تبليغ المستشفي كاجراء قانوني لان المستشفي واهله من المؤكد يبحثون عنه . وعندما حضر عتاولة المستشفى لاخذه رفض الذهاب لانه في انتظار نصر الدين جكسا . وعندما اخذوه بالقوة كانت والدتي تبكي وتطالب بتركه .
في احد الايام دعوت على ود بري للفطور وهو من اشداء وركيب في قعهوة مكي في سوق الموية . تعرض لعلقة جامدة من الملاكم ابن ميدان الربيع العباسية خالد ود ابونا شقيق سيد . وفي الفطور لاحظت تحديق على بمحمد صال عبد اللطيف زوج شقيقتي . وبعد السؤال قال .... اخوك ده ما القاضي الاداني 6 شهور . هذه امدرمان . عندما قتل على عليليبة جزار الكيري الدابي امامي في زقاق منزلنا . كان القاضي الذي حكم عليه جاره محمد صالح وعلى عليليبة كان يحضر لنا يوميا اللحم .
ايام المجاعة تكفل الكثير من الناس باطفال آخرين . كلتوم كانت في العاشرة . صدمت عندما شاهدت التلفزيون في منزل عمي وصديقي محمد بدري . وبدأت في التأقلم ولكن اهلها اخذوها خوفا من ان ترفض العيش معهم فيما بعد .
اليوم قالت لي شقيقتي دكتورة لمياء انها تحدثت مع امونة النازحة . وهذه آمنة التي التحقت باسرتنا في ايام المجاعة وهى في العاشرة , بعد سنتين قالت انها طلبت من امي ايجاد عمل لها . فأمسكت والدي بخدها بين اصابعها وقالت لها اصبري ورمي عضمك . عملت فيما بعد مع لمياء لسنين عديدة وهى اليوم ربة منزل . ولكن يداعبونها باسم امونة النازحة .
روى لي الاخ الدكتور محمد محجوب عثمان شقيق عبد الخالق ان صبيا طرق باب البيت الذي كان مواربا في الخمسينات . وعرفوا منه انه اتى مع والدته من كردفان وكانت مريضة . وتوفيت بعد مدة . وكان بقية المرضي واهلهم يشاركونه طعامهم . وبعد دفن والدته ، يريد الرجوع لبلدته . فاعتنوا به وارسلوه لبلدته . وصار سائق لوري وكان يحضر لزيارتهم ومعه بعض خيرات كردفان الغرة الخيرا جوا وبرا .
عندماعانت جدتي من السرطان . كنت احمل جردلا من الثلج وكميات ضخمة من الطعام يوميل للمستشفي وكان الجميع يأكلون سويا . في مداخلة احد ابناء امدرمان . ان والدته شاهدت والدتي في طريقها للمستشفى وهي تحمل خبزا و،، عمود ،، ملئ بالأكل . وبالسؤآل اذا كان لها مريض في المستشقى عرفت ان والدتى كانت تأخذ الطعام لتشارك به مع الآخرين . وقالت .... ما ياها الاسبتالية، ما طوالى فيها عيانين .
وانا في الثالثة عشر شاهدت شابا في الصيف وهو جالس في السردارية امام منزل الخالة قمر الجيل والدماء تسيل من انفه فنظرت اليه وانطلقت راكضا . ورجعت بزجاجة من الماء المثلج وسكبت الماء على رأسه فتوقف النزيف او النزف . فتناول بقية الماء وشربه . فطلبت منه الاستجمام قليلا في البرندة . وبعد ان استعد للذهاب في طريقه للموردة قال لي ان حسب انني ركضت بسبب منظر الدم . وكانوا يقولون له في البلد ان ناس امدرمان خوافين وما منهم خير !!!
في فرنسا لندن السويد وبعض الدول الاوربية كانت والدي طيب الله ثراها تقول لى عندما تشاهد بعض النساء العجائز الذين يجلسن خلف النافذة طيلة اليوم ويبحلقون في المارة .... ما يدوني ليهم اسوقهم معاى امدرمان نونسهم وناكل ونشرب سوا . زوجة شقيقي العميد كانت عندها برامج لتطوير حياة المرأة السودانية قبل ذهابها الى السودان مع ابنها الاول ، وبعد سنة رأيتها في السودان تخسم ... عليكي الله ولازم الخ . وعندما سألتها عن خططها القديمة قالت حياة السودانيات رائعة وغنية مليئة بالاجتماعيات. وفي رحلتي الثانية كانت قد تحجبت ولا تصافح . وهي في حالة اندماج .
بسبب لماضة خواجة في لندن كنا نستاجر منه منزلا في حى ميفير الفاخر في وستمنستر، وقمنا بشراء منزل بالقرب من المنزل الذي كنا نستأجره . كانت هنالك متشردة تجلس امام فندق جسترفيلد في شارع منزلنا جسترفيلد . تكفلت اختى نضيفة باطعامها يوميا . وبعد ايام صارت تعرف بعض الكلمات السودانية منها تاني . فبعد الكوب الاول من الشكلاتة بالحليب تسألها نضيفة تاني . وصارت الخواجية قبل اكمال الكوب الاول تقول تاني تاني.
على طلب ادارة الفندق في الحي الفاخر كانوا يأخذون المرأة بعيدا وكانت اختي تأخذ التيرمس والاكل وتبحث عنها الى هايدبارك ويكون ردها ايوه ايوه . نحن نحمل امدرمان معنا دائما .
النساء اللائي يحضرن كمرافقات للمرض او المريضة كن يعانين من ظروف سيئة في مستشفى التجاني الماحي . وكثيرا ما كن يأتين لمنزلنا للراحة الاستحمام وغسيل الثياب الاكل وشراب الجبنة . بعضهن كن من اسر مقتدرة ولكن وقتها لم تكن هنالك اماكن تبيع الاكل . احد السيدات وهى من حلفا صارت صديقة لوالدتي وكانت تصر على بناء فرن للرغيف كما في حلفا وستبنيه بيدها كمساعدة لوالدتي . وكانت والدتى تقول لها ... انت خليك في مشكله بتك ربنا يكتب ليها الصحة بعد داك نفكر في الفرن . يقولون ان صداقة المستشفيات لاتدوم لأن الانسان لا يريد ان يتذكر تلك الايام . ولكن بعض زوارنا عادوا للتحية والونسة .
الاخ ،، ف ،، من زملاء براغ كان ممتازا في دروسه تعرض لضرب من الشيك بدون اى سبب وهو سائر في الطريق . وسائت حالته النفسية وانتهى به الامر في المستشي الا انه كان يسكن معنا . كانت نضيفة تعتني به وتصنع له الشكلاتة بالحليب . وعندما لا يسمح له بالخروج كان يصرخ من داخل المستشفي ... يا نضيفة شكلاتة شوكلاتة . وكان كل الشارع يسمع ، او يطلب من احد المارة طرق الباب وطلب الشكلاتة . في احد الايام بعد جلسة صفاء مع والدتى طلب منها تزويجه بحنان ابنة بنتها فقالت له والدتي يا ولدي حنان دي عندها ابوها . فقال لها ... اذا زوجيني بنتك لمياء . فاعتتذرت له بصغر سنها ورغبتها في الدراسة . لقد كان ذلك زمنا جميلا . مقارنة باليوم تبدو هذه الامور كالاساطير . والجميع كانوا يقدمون ويتحملون اهلهم من الاقاليم . بعض الاسر كانت تجعلنا نحس باننا مقصرون
.في موضوع تحجر القلوب تكلمت من انه لم يكن هنالك متشردين في امدرمان . وكان المجانين يجدون من يهتم بهم ويساعدهم . ولم نكن نشاهد المجانين يجوبون الشوارع .
في 1979 خرجت المناضلة فاطمة احمد ابراهيم من منزلها وهي في طريقها لفتح مكتبتها فشاهدت رجلا مستلقيا في الخور الغير عميق امام منزلها . فذهبت اليه قائلة انت ما عندك اهل يا ابوي فقال لها ... اهلى ناس ابراهيم بدري . فقالت له فاطمة ... امينة خالتي . ونادت على بعض الشباب وساعدوها في ادخاله الفولكسواجن واتت به لمنزلنا .كان ذلك سعيد بدري . الذي كان اسمه سعيد بولين لانه انقذ من تجار الرقيق وهو طفل وعاش مع المفتش الانجليزي بولين . وعند رجوعه لبريطانيا سلمه لصديقه ابراهيم بدري .
سعيد كان قويا بطريقة واضحة كان ونحن في الجنوب وسنجا عبد الله يهزم رجلين في جر الحبل . وبعد حضورنا الى امدرمان انتقل الى العباسية ولسوء الحظ ادمن الخمر خاصة المريسة الا انه يحضر دائما الى المنزل كلما احس بالتعب واحتاج لبعض الراحة . في بعض الاحيان كانت والدتي توبخه خاصة عندما يأخذ المال لشراء شئ ولا يعود لايام . وكان يرد عليها ... انتي جيتي البيت ده لقيتيني فيه . ده بيتي قبالك . كل الاطفال الذين كان عددهم كبيرا في منزلنا ينادونه بجدي سعيد . كان يتكفل باحضار شقيقتي الهام وابنة خالتينجوى بخيت من مدرسة العباسية الاولية لكي يساعدهم في عبور شارع الاربعين . وواصل هذه المهمة مع لمياء الصغيرة وحنان ابنة شقيقتي . سعيد كان احد افراد الاسرة .
السيدة فاطمة الياس والدتها نفيسة شوقي الاسد المربي العظيم . كانت زميلة شقيقتي لمياء في المدرسة الابتدائية . وعندما كن في المدرسة الثانوية صرن صديقات.كانت تقول لها ....انا زمان انتهيت منك لانو لمن يدقوا الفصل كلو ما بيدقوك لانك اصغر واحدة في الفصل وانت الاولى طوالى
. كنت بقول للبنات ما تشوفوها لابسة جميل ومتفلهمة ، الراجل السكران الاسود ده ما جدها البجي يسوقها . واخوها الحلبي كمال بدري بتاع الادبخانات . كمال موسى بدري كان صاحب محل للسباكة لم يكن ينافسه سوى زوكوم في امدرمان . والده كان اول طيار سوداني وطيار الملك السنوسي في ليبيا . ولكن كمال لم يتوقف في مهنة والده اختار السباكة وتبعه ابناءه . المهنة ،العرق والقبيلة قديما لم تكن تميز الانسان . كما قلنا في امدرمان طرحك وتناغمك مع ايقاع امدر هو الذي يفتح لك الابواب الى ابعد الحدود .
عثمان طه كان عربجيا في الموردة فردته كان اللواء حمد النيل ضيف الله قائد الجيش السوداني . كان يذهب الى الازهري او رئيس الوزراء في اى وقت يشاء . لحمد النيل ابن اسمه عثمان طه ولعثمان طه ابن اسمه حمد النيل . اللواء عوض عبد الرحمن صغير كان فردته ود ارصد سائق التاكسي . العم الشاعر والمغني عمر البنا كان صديقا لود بشير زول الضهاري الذي لا ينام على فراش ينام دائما على الارض . الوالد عمر البنا كان يقول الشوك الفي كرعين ود بشير يفور شاي .
ماكنمارا وزير الدفاع الامريكي في عهد كينيدي ورئيس البنك العالمي كان صديقا للعم ادريس الهادي عندما كان ماكنمارا في امدرمان وقاعدة وادي سيدنا . وكان يطالب ادريس الهادي بالحضور لامريكا كضيف له . وادريسكان مشغولا ولم يجد الفرصة . ادريس الهادي قد درس في معهد فني في امريكا في الثلاثينات . امدرمان لها جو واسلوب يقدس الصداقة .
ابنتي سابينا تقدم الكثر من الخدمات لجيرانها وتهتم باسرة زوجها واخوتها واصهارهم ومنزلها يمتلئ بالضيوف تقول لم يستغرب انها
شاهدت كيف يعيش الناس في امدرمان والسودان . وان والدها كان يحضر مع من يلتقطهم في الطريق بين المدن او من تتقطع بهم السبل وفي الصباح تكتشف ان والدها لا يعرف اسماءهم . وكان منزلهم وهي صغيرة يستقبل الكثر من الزوار .
جارنا يوران باع منزله في السويد وقام ببناء منزل جميل . وبعد تسليم البيت القديم للشاري وقبل تسلم البيت الجديد اكتشف ان الكهرباء واشياء اخرى غير متكامله . اراد قضاء بعض الشهور من ابنه زميل ابني منوا بيج منذ دار الحضانة الا ان ابنه رفض لأن خطيبته تسكن معه . حاول شقيقته ، لم ترحب به . كان يعرف ان الافارقة سيرحبون به وبمتعلقاته . وكان له الكثير من اصص الشجيرات الزهور الكبيرة .
منوا بيج يعمل في شركة كبيرة استعانوا بموظف من ثاني اكبر مدينة في السويد ولكن بعد انتفاله لم يجدوا له مسكنا . فقال منوا ببساطة لا داعي لارجاعة انه سيسكن مع اخوتي ووالدتي . واستغربوا واعتبروا الامر خارج المعقول . الشاب قضي عدة شهور معهم . وبدلا من شقة معزولة وهو بدون معارف صار يسكن مع عائلة ويجد الرفقة . وبعد عدة شهور تمكن من شراء شقة . انها روح امدرمان التي نحملها معنا . ونعطيها للابناء وربما الاحفاد .
في امدرمان كنت متعودا على النوم على طربيوة المكوة عندما يأتي بعض الضيوف متأخرين . الصيدلاني ابن شقيقتي صلاح محمد احمد صلاح والذي يعيش في السويد يقول انهم بعد ان رجعوا من باريس بعد سنين الغرب وهو مولود في لندن ، انه وشقيقته كانا سعيدين باكل البامبي المسلوق من حواء . ويالسؤال عن حواء عرفت انها كانت احدى سكان المنزل . وبعد سؤال اختي الكبيرة قالت ... ما ناس امك ايي زول ممكن يجي يسكن معاهم . حواء جات امدرمان تكوس لي ولدها الضائع شافت عرس اختك لمياءواشرف بدري دخلت وقعدت مع الناس . بقت تغلي البامبي وتبيعه في المدارس . وتسأل من ولدا لحد ما لقتوا . وبعدين اهلهم جو من الغرب وسكنوا امبده ومرة مرة بجو لي ناس امك .
عندما حضرت والدتي للعلاج في لندن حضرت معها كل العائلة ومعهم الاخ عوض توتو الشاب الطباخ وهذا في ابريل 1978 . وتعلقت به ابنتي سابينا التي كانت تقبله في الصباح وقبل ذهابها للنوم لانه يهتم بأكلها ويلاعبها. ونحن عائدون من السينما في لندن لم نجد سوي زجاجات كبيرة من المشروبات فاشتريت اثنين وطلبت منه مشاركة شاشتن ام سابينا وتردد قليلا ولكن واصلنا النزهة ونحن نشرب مباشرة مع الزجاجات . لعدها بسنة اتت كل المجموعة لقضار الصيف في السويد وكنا نتحرج بسيارتين . وبدأت افكر انه من الخطا ان يضيع الشاب عوض عمره في العمل كطباخ عند اسرة . فانهيت عمله . وطلبت منه ان يتعامل من وقنها بانه احد افراد الاسرة وهو في اجازة . وصار يخرج معي وحسين ود الحاوي والرشيد عبد الحليم حامد . وكنا نرتدي نفس الثياب وموضة الموسم ونلعب البليارد . ويجلس في سفرة الطعام . وارسلته لبعض الاصدقاء في الخرطوم ودبروا له عقد عمل في الخليج . وبعد سنتين اتصل بي من اسبانيا وكان سعيدا . وعندما كنت احضر للسودان كنت اجده كثيرا في المنزل . وقام بشراء منزل في ام بدة . وعندما ذهب اهلي لزيارته في منزله كانت اسرة من ،،الحلب ،، تسكن في ركن من البيت . وكان يقدم لهم الطعام . ويقول الله فتح على ديل ناس مساكين ما عندهم سكن . عوض حضر من الجنينة . كان يحكي لى عن شقاءه وهو طفل يرعى الغنم وعندما تهطل الامطار يحس وكأن انسان يسكب عليه الماء بالقرعة . عندما حضرت العمة حليمة الحاج ادريس من الجنينة تعرفت عليه وعلى اسرته . عوض امدرماني كامل الدسم . لقد خدم شقيقتي واسرتها بتفاني في دبي . لا يمكن ان نوفيه حقه . صار احد اصحاب المنزل يحضر ويساعد كلما كانت هنالك مناسبة في المنزل . انها امدرمان
سيدة سويدية بسيطة اتت الى منزلنا وهي تؤخر قدما وتقدم الاخرى وفي العينين حيره كان هذا قبل 6 سنوت فللاحتفال بعيد ميلاد ابنها قررت الشلة ان تقام الحفلة في منزلنا لان به حوض للسباحة وهم بسكنون في شقة لا تسع كل لك العدد الكبير . ولم تصدق السيدة ان هنالك اسرة تقبل بهذه الحالة . وعندما وجدت كل شئ مهيئ للحفل استرخت وصارت من اهل المنزل تأتي كما تشاء . قابلتها قبل يومين وهى تعمل في سيويرماركت كبير . وكنت احس بانها تعتبرني قريب لاسرتها .
بعد الانتهاء من الدراسة كات حفلة التخرج من المدرسة وفجأة لم يكن عند 50 طالبا ما يفعلوه . ودلهم فقوق نقور للمكان المناسب للوداع بعد سنين عديدة من الدراسة. انها داره . واصدر اوامرا بأن يلزم الجميع غرفهم لعدم التشويش على الحفل . وفي الصباح لم يكن هنالك ما يشرب او يؤكل في الدار وبعض كراس الحديقة والكنبة في شكل ارجوحة قد استشهدت . انها روح امدرمان وقد اقول بحري لان والدتهم مولودة في بحري .
في امدرمان كنا نحس اننا سعداء جدا . البهجة شئ عرضي محدود ولكن السعادة هى ان تكون مسيطرا على ظروفك وحالك . وان يتتوج كل هذا بالامن والشعور بالراحة . وهذا ما اعطتنا له امدرمان. كل من حولك وفي محيطك يهمه امرك منذ ميلادك و طفولتك . ... انها السعادة التي ,, تشرق ،، . كنا نأتي باصدقائنا للسكن معنا وقد يحضرون اصدقاءهم . شعرت بالفخر عندما قال لى الاستاذ الخاتم عدلان طيب الله ثراه ن انه قد سكن في منزلنا ايام الاختفاء , وكان محمد نقد والكثير من الشيوعيين بحضرون ايام الاختقاء . فالناسفي منزلنا تتجدد دائما وهذا لا يثير حضور وجه جديد شكوك البوليس . منزلنا لم يكن حالة خاصة اغلب حيشان امدرمان كانت بهذه الحالة او اكثر .
عندما كانت شقيقتي الاصغر لمياء تستعد للجلوس للشهادة الثانوية ، تكون معسكر للدراسة في منزلنا والمعسكر من 12 فتاة منهن عاطفة عبد الله بدري ،امسلمة الصادق المهدي ، عديلة حسن ادريس نجاح حامد ابو دفن ميسون اسماعيل خليل ابتر الخ ولم يكن منزلنا الوحيد، الكثير من منازل امدرمان كانت تسخر كل الامكانيات لراحة الاولاد والبنات في هذه المعسكرات وهذا يدعم العلاقة بين الشباب . ويجعل البنت او الولد يحس بأنهم مقدرون من اهلهم . عندما تزوجت لمياء رافقها رهط من صديقاتها في السكن والوحيدة التي مكثت معها وآزرتها لمدة شهر كانت صديقتها امسلمة الصادق . ونحن في امدرمان نقدس الصداقة .
كتبت عند موت محمد عبد الجليل الذي كان احد سكان منزلنا الذين لا يمكن حصرهم . منهم خمسة من الاشقاء من النيل الابيض درسوا الوسطى والثانوية واغتربوا وعادوا وتزوجوا وكان المنزل منزلهم وبعضهم اقام حفل زواجه في هذا المنزل . واحدهم الصادق احمد الحاج ادريس لا يزال الى اليوم ساكنا في منزلنا بعد وفاة زوجته . مثل هذه الاشياء لا تحدث في المدن الكبيرة . انها امدرمان .
محمد عبد الجليل كان يقوم بتأديب شهاب الدين بدري ووالدته الخواجية كانت تغضب ولكنها لا تتحدث لانها قوانين امدرمان . نضيفة كانت تقول لوالدة شهاب الدين .... ابوه زاتوا ربيتو بالمفراكة . سألت شهاب الدين قبل فترة قصير عن سبب جلد محمد عبد الجليل ... قال انه وهو صغير كان يأتي من الشارع متسخا ويجد ،،التياب ،،مشرورة في الحبل وهي مبتلة والجو حار يدخلها وعيونه مفتوحة ويفرح بالالوان والرطوبة .
اقتباس
مع الفجر خرج الجنرال الفاتح عبد العال بقامته المميزة من منزله شمال المجلس البلدي . والحي عرف قديما بحي اليهود . كانت وجهة الجنرال منزلنا في منتصف الشارع ويجاور قبة الشيخ دفع الغرقان .وبصوت حزين قال الجنرال لاختي نضيفة ,, محمد عبد الجليل اسلم الروح ,, محمد عبد الجليل او محمد الانصاري كان من سكان منزلنا لاربعة عقود ولكن تلك الليلة كان محمد عبد الجليل طيب الله ثراه يقضي الليلة مع اسرته الاخري .
نضيفة متعها الله بالصحة هي امبراطورة منزلنا نهابها ونحترمها قبل كل الرجال والنساء . وهي مثل نساء امدرمان تحل وتربط . ووصيتها للاخ الفاتح عبد العال ان يتوجه الي الاذاعة لكي يعلن خبر الوفاة وان يزكر اسم بلدته الرماش بالقرب من سنجة . وفي نفس اليوم حضر اهل محمد عبد الجليل للمأتم في منزل الجنرال .وسكنوا مع الاهل . واتي المعزون لمأتم الجنرال .
محمد عبد الجليل ترك الرماش وهو صبي بعد ان ضاق بقسوة زوجة ابيه الذي لم يكن يتواجد كل الوقت في المنزل ، بسبب مشاغلة . وطلب من سائق اللوري ان يساعده في ايجاد عمل في امدرمان التي تفتح زراعيها للجميع كما عملت مع جدودنا . والسائق كان يعرف ان طباخ آل,, ابو العلا ,, يحتاج لما عرف قديما ببنجوس . وهو الصبي الذي يساعد في المهنة . ومحمد كان يقول انه بالرغم من اجتهاده ,, شغلة التبيخ دي اصلو ما ركبت لي ,, وانتهي به الامرممارسا عملية الغسيل والمكوة في منزلنا . وصار صديقا لمئات الناس احدهم هارون الغسال في حي الامراء .ولكن صلته لم تنقطع بآل ابو العلا . وهو الذي اطلق اسم بنجوس علي الدكتور محمد عبد الحميد شقيق السيدة سلوي عبد الحميد زوجة اللواء الفاتح عبد العال، وهم من آل ,, ابو العلا ,, .
اللواء الفاتح هو شقيق المناضلة محاسن عبد العال واحسان عبد العال وهما زوجات الاقتصادي بابكر بوب والمهندس عمر بوب رحمة الله علي الميتين والحيين . والدتهم هي زينب بت الناظر وهي وشقيقتها آمنة من المتعلمات ويتقن اللغة الانجليزية . وشقيقتهن الخالة عشة والدة المناضلة فاطمة احمد ابراهيم . وشقيقهم اول سوداني يصير مديرا للسكة حديد ، العم محمد الفضل زوج وردة اسرائيل شقيقة سكرتير نادي الخريجين الاستاذ ابراهيم اسرائيل . وكل هؤلاء وعشرات الاسر الامدرمانية كانت تعتبر محمد الانصاري احد افرادها .
محمد احب امدرمان واحبته امدرمان . اكثر ما يبهجه ويجعلة يقفز كالطفل كان حضور ام سلمة ابنة الصادق المهدي الي منزلنا ، فهي صديقة شقيقتي لمياء . وكان يسعده الذهاب الي قبة المهدي والجلوس تحت الحائط واحتساء كوب شاي . كما كان يحب الذهاب الي مشاهدة صراع النوبة في حمد النيل . ويأتي ليحكي لشقيقي يوسف كل تفاصيل المنافسات . وعندما صاروا يأخذون رسوما للدخول ، صار محبطا . فطلب منه شقيقي العميد ان يبلغ صديقه الاخ حسن سعيد النور بانه خال العميد . فاعطاه حسن كرتا اكراميا للدخول .
كركاسة
هذا الموضوع عن امدرمان سيثير حفيظة الكثيرين ، وهذا يحدث عندما نتكلم عن امدرمان . نحن نكتب عن بلدنا التي نحبها . فهذه المعلومات ستفيد في المستقبل وتعطي فكرة عن جزء من المجتمع السوداني . لمن سيتضايق اعتذاري الحار . ليس في الامكان ارضاء الجميع ، ولكن البعض سيسعد بهذه المعلومات .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.