من زوايا مختلفة برامج يعرض فى قناة النيل الأخبارية المصرية..ومساء اليوم فى الخامسة وعشر دقائق..استضاف الكاتب السودانى (جمال عنقرة) كما عرفته القناة..وبجانبه الأستاذ (محمد ابو الفضل) الكاتب بالأهرام..وكان موضوع الحلقة التى استمرت حوالى خمسين دقيقة سؤال طرحته مقدمة البرامج(دارفور التكثيف الدبلوماسى هل ينقلها للحسم؟؟). وبالطبع كان المبادر بالرد على السؤال الكاتب جمال عنقرة والذى ذكر فى معرض رده على السؤال بأن كل الدلائل تشير الى أن ملف دارفور ينتهى الى نهاية سعيدة...خصوصا وأن التدخل العربى والأفريقى سيكون له دور فى حل القضية رغم انه جاء متاخر بعض الشىء..والشاهد فى الامر ان الكاتب السودانى لجأ طوال وقت الحلقة لترديد ما يردده النظام ،وقد دلل على هدؤ الاوضاع فى دارفور بالدورة المدرسية التى احتضنتها مدينة الفاشر وزيارة الطلاب للاقليم ..وانه لايوجد اى تحرك عسكرى واضح او له اثر غير حادثى ام درمان وقريضة..بمعنى أنه لم يترك فرق بينه وبين الرسميين فى النظام او الاجهزة الاعلامية التى يسيطر عليها النظام ، فى تبسيط الأمور واستسهالها ، وهذا ما ساعد فى تفاقم الأوضاع فى انحاء السودان،،وذكر أن المشاكل السودانية لها خصوصيتها ومن هذه الزواية هو متفائل لقرب انتهاء مشكلة دارفور خصوصا وأن مشاكوس اخذت عاما فى العملية التفاوضية قبل ان تتبلور لشكلها الحالى ، وهو يحاول تشبيه او تقريب القضيتيين ..وأن الظروف التى بدات فيها مشاكوس مشابهة للتى تمر بها قضية دارفور حاليا ...وهذا فى اعتقادى خطأ كبير. اما الاستاذ محمد أبو الفضل فقد قام بتحليل الأمر بطريقة يحسده عليها محللينا الذى يملأؤن شاشات التلفاز وصفحات الصحف والذى يحملون دوما وجهة النظر الرسمية او الخط العام الذى تضعه الدولة للاعلاميين والمحللين مما ساهم وساعد فى تفاقم ازماتنا السياسية وخروجها عن مجرد كلمة ازمة واضحت قابلة للتدويل بالرغم من أن الكاتب السودانى اشار الى خصوصياتها سواء كان يقصد معنى خصوصية فى المناخ الداخلى بتشابكاته وتداخلته الثقافية المختلفة أو فى اطار حصر الازمات داخل البيت السودانى.. اعود للأستاذ محمد ابو الفضل والذى ذكر فى مداخلته او رده على السؤال ..باختلافه مع الكاتب السودانى ورؤيته للأمر مدللا على ذلك بقوله أن مفاوضات الدوحة الان دخلت اسبوعها الثالث ولم تتقدم وهذا امر حقيقى وواقعى لاينكره الا مكابر..ثم اضاف أن الجيد فى هذه المفاوضا هو وجود هذا العدد الكبير من الحركات..الا أن ما يعيق الامر هو أن تلك المجموعات ويقصد بها مجموعات طرابلس واديس أبابا وغيرها ترتبط بأجندة مع بعض الدول وحتى الدول الوسيطة لابد أن تكون لها أجندة واهداف من خلال هذه المجموعات او دور الوساطة التى تقوم به وهذا امر لايحتاج لجدال ..ثم تحدث الرجل بصراحة وواقعية عن أن اختلاف الشريكيين ويعنى بهما المؤتمر الوطنى والحركة لهما تاثير سلبى على قضية دارفور وتطرق الى ذاك الاتهام الذى اشار به قبلا المؤتمر الوطنى لشريكته ودعمها لبعض الحركات الدارفورية...وبدون مجاملة او تحامل اجدنى متفقا مع الاستاذ ابو الفضل والذى تطرق للامر بتحليل واقعى ومنطقى ..مع اختلافى مع الكاتب السودانى والذى حاول أن يجعل من الامر حلم يمكن تحقيقه وهذا هو المستحيل بعينه ...وهنا استعير حديث ابو الفضل حول جهود الوساطة والتى كل وسيط فيها يغنى على ليلاه وافتقاده للتنسيق..وازيد ربما تم استعمالها كورقة ضغط بين تلك الدول التى تمسك بملف دارفور وكل منها تود الظفر بالحل ليس حبا بصراحة فى الموضوع بغير ما هو تصفية للحسابات والعدو نحو مقعد الأكبروالأقدر...ومهما كثف الاتحاد الافريقى او الجامعة العربية من جهودهما فى ظل هذا الوضع النشاذ فلن تستطيع تلك التكتلات الاقليمية حل القضية ،لاننا نتمى لاقاليم لاتحترم كياناتها الجامعة وهذه حقيقية.. واكمالا لهذا التعليق لابد أن يتحلى الكتاب والصحفيون والاعلاميون بالواقعية والحقائق بعيدا عن الدور الذى يمارسونه الان وهو مسايرة ما تمليه عليهم الحكومات ، فهذا الامر والذى يستصغرونه ويظنونه نوع من انواع المكانة والاهمية ما هو الا خيانة لضمائرهم ولدورهم المناط بهم..وهنا لابد من أن نطرح سؤال مهم من هم الذين يجب اختيارهم واستضافتهم فى البرامج العامة؟؟ مع وجود نوعين من الاعلاميين اخطرهم ذاك النوع الذى ينغمس فى ملذات السلطة ويجيد التغلغل فى عروقها والتسلل الى مواكب وموائد اصحاب القرار من المعالى الوزراء والسفراء وكل من بيده ذرة سلطة.. ونوع اخر هو ذاك الذى يقف متفرجا ومستانسا بتلك الصحبة مع عدم مقدرته على التاثير عليها... وللاسف كلاهما خطر على القضايا التى تتعلق بالاوطان لهذا وجب على تلك الاجهزة التدقيق فى الاختيار والاستعانة بالمحللين الحقيقيين وليس المدعين او المدسين...فهناك من هم محايدون ومقتدرون هم الأفضل لمثل تلك القضايا والتى تهم وطن وشعب ،ولا ينظرون لها من منظارهم الشخصى الضيق. قضية دارفور قضية ليست عادية ومن أهم الاسباب التى ادت لتصاعدها واشتعالها وتحولها لتجارة رابحة هو خلاف الاسلاميين الشهير بينهم وانقسامهم على انفسهم بعد افتتانهم بالسلطة، لهذا لايجب مناقشة القضية بمثل هذه الصورة المشتتة والتى تمتلى عواصم الدول الافرقية والعربية بملفاتها، لابد من مواجهة القضية بقدر حجمها فالتعامل معها ببساطة يأزمها أكثر وهى قضية السودان كلها وليس دارفور وحدها.