إن قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة ترتبط بالتقدم التقني والمعرفي، والدول ذات الاقتصاد الزراعي الذى لا يتم فيه استغلال المساحات الزراعية الشاسعة الاستغلال الأمثل لتعظيم العائد، ويغلب على نشاطها الصناعي البساطة، تتميز بالتخلف التقني وقلة الانتاج. والتخلف هو حالة من البطء في عمليات التنمية وما يصاحب هذا البطء من تدهور في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وعدم قدرة المجتمع علي تحقيق احتياجات افراده وهي حالة من الركود الاقتصادي والاجتماعي السياسي؛ والتخلف التقني يعنى عدم القدرة على تطبيق المعرفة العلمية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ أما المعرفة تمثل النظام التعليمي والمعرفي في أي مجتمع من المجتمعات، والمرتكز الأهم الذي ترتكز عليه الأجيال في ثقافتها وتنمية مداركها وتمثل المعرفة حجر الأساس في تحديد مستوى القدرة على التطبيق الفعلي للمعلومات النظرية المدروسة عبر المستويات التعليمة المختلفة؛ ويعنى مفهوم التخلف المعرفي عدم القدرة على انتاج المعرفة واستخدامها، وعدم القدرة على مواكبة تطور العلوم والتكنولوجيا وقطاع المعلومات والاتصالات والاستفادة منه. ونحتاج الى المعرفة التقنية والعلمية لتجاوز التخلف من خلال توصيف المعرفة بفعالية، والاهتمام بها وبأصولها من معرفة وخبرة كمحدد اساس للإنتاجية والتنافسية؛ والتخلف ضد التنمية في مختلف ضروبها واكثر المجالات التي ترتبط بها الاقتصاد والتنمية البشرية. يصنف السودان من الدول التي تتراجع إلى الوراء في جميع المجالات، بصورة ارتدادية وهناك عشرات المؤشرات العالمية نجد فيها انفسنا في المراتب الاخيرة بدءً من كرة القدم الى مؤشرات التعليم والصحة والمؤشرات الاقتصادية؛ والتخلف في تقديري يرتبط ارتباطا وثيقا بالإدارة ونظم الحكم والعنصر البشري؛ ويعيش المواطن حالة من الاكتئاب وفقدان الامل بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاخلاقية وهي لا شك تؤثر تأثيراً كبيراً على الإنتاج، ودافعية المواطن نحو العمل وتفقده الدافعية لتأييد اية سياسة أو خطط اقتصادية او تقنية. اذا كان هذا وضعنا المعرفي والتقني فماذا عن قدرتنا على الابتكار في الاقتصاد الرقمي، وماهي قدرتنا على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل زيادة القدرة التنافسية ورفاه المجتمع، وهذا ما سعى اليه مؤتمر القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذى انعقد في عام 2005م، واتفق فيه المجتمع الدولي على رؤية مشتركة لبناء مجتمع معلومات جامع هدفه الانسان ومحوره التنمية. يدلل على تخلفنا التقني ضعف التمويل العلمي وحجم الإنفاق والتقني وفشل نظم التعليم العالي في توليد المعارف النظرية والتطبيقية وتزويد سوق العمل بالكوادر البشرية المؤهلة؛ وبحسب تقارير اليونسكو إن حالة التخلف العلمي والتقني الذي تعانيه الدول النامية يؤثر في قدرة هذه الدول على مواجهة التحديات التي تواجهها خاصة في مجال التنمية؛ والسودان يعاني من ظاهرة تخلف الوعي التقني اي الامية الالكترونية، هذا التخلف التقني يظهر في قصور المعلومات والبيانات والدراسات وبالتالي قصور النشاط الفكري والإبداعي والابتكار ومن ثم التخطيط السليم القائم على هذه البيانات، واذا اخذنا مثلاً قواعد البيانات وعناصرها المنطقية التي تترابط بعضها ببعض بعلاقات رياضية والتي يتم الاستفادة منها عبر نظم ادارة قواعد البيانات، لذلك تعتبر قواعد البيانات مستودع رقمي لاستخراج التقارير وتحليلها والاستفادة منها في اعداد الخطط والبرامج الاقتصادية للمساعدة في التنمية ومتطلباتها، وخطط التعليم اي التعليم المخطط الذى يتطور حسب حاجة السوق والاقتصاد من الناحية الفنية والتقنية، وكذلك مكافحة الجريمة وكثير من المجالات المهمة التي يحتاجها السودان حالياً. ومن أهم الغايات والمتطلبات التي يسعى اليها الاتحاد الدولي للاتصالات؛ اتاحة وتعزيز النفاذ الى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وزيادة استخدامها، ايضا سد الفجوة الرقمية وتوفير النطاق العريض، الاضطلاع بدور ريادي في بيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتغيرة وتحسينها والتكيف معها، والتصدي الى التحديات والمخاطر الناجمة عن بيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وحسب مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (IDI) وهو مؤشر مركب من احد عشر مؤشراً في مقياس مرجعي واحد يستعان به لرصد ومقارنة التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين البلدان؛ والسودان من جملة 16 عشر بلداً عربياً يقع في المرتبة 14، وعالميا في المرتبة 126 وبمؤشر بلغ 2.93 درجة، ومستوى التقدم خلال 5 سنوات كان بنحو درجة واحدة فقط؛ واذا أخذنا سلة النطاق الثابت نجد ان نسبة هذه السلة بالنسبة للدخل القومي الاجمالي السنوي للفرد 3.51 في المائة وبسرعة فقط 0.51 ميغابت وبحد أقصى شهري بسرعة (GB) 2 جيجابايت، ورغم أن السودان من الدول التي تقدم ارخص خدمات للنطاق العريض المتمثل في مجموع الدول العربية لكن هذه الاسعار بالنسبة للدخل القومي الإجمالي للفرد تمثل ضعف المتوسط العالمي وأعلى عشرين مرة مما هي عليه في البلدان المتقدمة. واجمالاً نعاني من أوجه قصور عميقة في البنية التقنية التحتية وهي اساس في مجال تكنولوجيا الاتصالات ومجالات النمو وشمول الخدمات الالكترونية التي تسعى الدولة الى تطبيقها والاهتمام بها. وعلى الدولة قبل التبشير بالشمول والخدمات الالكترونية عليها تجهيز البنية التحتية اللازمة وهى جزء مهم من إقناع الناس. كذلك غياب المناخ الملائم والمحفز للاستثمار في مجال بيئة تقانة المعلومات والاتصالات، والضعف وعدم القدرة على تطوير المناهج الدراسية في مجال علوم المعلوماتية وتطبيقاتها، وضعف شركات التقنية وقلة الموارد المرصودة للمشروعات التقنية، كذلك ضعف وندرة المتخصصين تقنياً في القطاع الحكومي وجعل ذلك الكثير من المؤسسات الحكومية تقع في فخ التعاقد مع شركات حلول تقنية ليس لديها خبرة تذكر، وأيضاً وجود ضعف كبير في المعلومات الدقيقة عن قطاع التكنولوجيا والاتصالات وبالتالي ضعف القدرة على قياس مؤشرات تطوره نحو الاستخدام الفاعل لهذه التكنولوجيا. ونسأل اخيراً هنا هل لدينا القدرات التي تمكننا من قياس ورصد التقدم نحو نفاذ الجميع الى تكنولوجيا الاتصالات في مجالات النمو والشمول والاستدامة والابتكار والشراكة، وهل يتوفر اساس متين لتمكين هذه التكنولوجيا للمساهمة في تحقيق برامج التنمية المستدامة ؟. الصيحة: 11/11/2018 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.