بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحرير الوطن السليب .. بقلم: عبد الله محمد أحمد الصادق
نشر في سودانيل يوم 15 - 03 - 2019


مقدمة:
أحرص علي متابعة كتابات الدكتور عبد الله علي ابراهيم والدكتور حيدر ابراهيم وهما من قادة الرأى العام في السودان، وأنا شيخ أقعدته أمراض الشيخوخة وفوق ذلك أعاني من داء الكتابة التي وصفها محمد ابراهيم نقد بالكتابة ام دق، وبلغ من صبابة العيش طففتها حكومة السودان تطفيف بخس، فقد بعتها شبابي علي طريق محمد المهدى مجدوب من برغوث الي بحر الغزال ومن جبال البحر الأحمر الي جبال مرة فباعتني حشفا وسوء كيل، وصادرت حقوقي المنصوص عنها في عقد خدمتي المعاشية والعقد شريعة المتعاقدين، وحرمتني من اكتساب عيشي في بلاط صاحبة الجلالة، وأكلت ادارة السدود ميراثي الذى يحكمه قانون السماء، والشكوى الي مؤسسات الكيزان كشكوى الجريح الي الغربان والرخم، فقد أكلت يوم أكل السودان والسودانيين، ومن سره زمن ساءته أزمان، لكنني كنت ولا أزال أتابع الأحداث وألتقط الأخبار والأفكار وأسعي الي الحقيقة في المقالات بالصحافة الأليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وتعليقات قراء الراكوبة وشايلوك هولمز المعارضة تراجي مصطفي وهي شاهد من أهلها وأهل مكة أدرى بشعابها، وأحاول اختراق عالم الكيزان السفلي ومجتمعهم الخفي وهو عالم مافيوى من السفاحين والقبضايات والبلطجية والقوادين والقوادات والجوكية والمروجين والسماسرة والوسطاء في الداخل والخارج، وملاعب جنة لو سار فيها سليمان لسار بترجمان، ما يملكون من عقارات في الداخل والخارج وما يكتنزن من دولارات في البنوك الأجنبية، وما يتزوجون ويطلقون ويتزوجون باسم أنكحوا ما أحل لكم من حور عين في جنة الله في الأرض، وقال محمود محمد طه ان العدل بين الزوجات وهو شرط قرآني مستحيل والراعي حول الحمي يوشك أن يقع فيه، وقديما قال الشاعر هل يستوى الثوبان ثوب به البلي وثوب بأيدى البائعين جديد، وكان لديك ربابة ربة البيت زوجة بشار بن برد عشر دجاجات فكم يطلق الكيزان ويتزوجون من النساء، وقال محمود ان قوامة الرجال علي النساء مشروطة بالانفاق واذا انتفي الانفاق انتفت القوامة لكن الكيزان يدعون القوامة والفحولة في قطيع السودانيين ويقاسمونهم في رزقهم بدون مقابل والناس يكسبون رزقهم بعرق جبينهم، وليس من الممكن اتهام اللص قبل معرفة المال المسروق أو القاتل الا بعد حضور جثة القتيل، لكنني الآن ومنذ ثلاثة أسابيع أعاني من فجوة معلوماتية والي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ويكلفني التعامل مع مراكز الكمبيوتر ما لا أطيق ماديا وبدنيا، فقد تعطلت أدوات الطباعة والاتصال وأصبحت أعتمد علي التلفزيونٍٍٍٍٍٍ، وكان الكيزا ن في زماننا يعرفون بالنعمانيين نسبة الي أبو حنيفة النعمان الذى أفتي بأنها ليست فرجا له حكم الزنا لكن الكيزان وجماعاتهم السلفية يحرمون الوسائل الذاتية ويتدخلون بين الزوج وزوجته في غرفة النوم خلف الأبواب المغلقة ولا يدعون الخلق للخالق.
مصداقا لمحمود محمد طه كلما أسأت الظن في الكيزان اكتشفت بأنك أحسنت الظن فيهم، فقد جاءوا من قيعان المجتمع السوداني ومختلف أصقاع السودان حفاة عراة وصادروا الوطن والماضي والحاضر والمستقبل وأمتلكوا العقارات في وسط الخرطوم واشتروا عقارات الاغريق والطليان واليهود، والوطن بيتنا الكبير الذى نسعي فيه بلا جواز سفر لكنهم باعوه أرضا وشعبا في سوق النخاسة العربية، وكان البوني يعني زملاء الدراسة الذين كانوا يتقاسمون رشفات كباية الشاى وأنفاس السجارة ويستلفون البنطلونات والقمصان للمرقة ومغازلة البنات، ويحرص اللص علي اخفاء المسروقات وتفادى الآثار التي تدل عليه، ويستطيع الكيزان سحب أموالهم السائلة من البنوك وشراء الدولار من السوق الأسود وتهريبه الي حساباتهم في الخارج فكيف يستطيعون اخفاء الأبراج والعمارات بأسواق الخراطيم ووشوارعها العامرة والقصور بأحيائها الراقية، ولا توجد قوة في اسرائيل تستطيع أن تحمي نتنياهو من صولة المؤسسة العدلية وسبقه في ذلك أولمرت وشارون وشمعون بيرز رئيس الدولة، وفساد عمر البشير وأسرته موثق بالصور والأرقام لكن نتنياهو ليس لديه ملشيات عمر البشير وحميتي حمايتي، وجينا فنانة اسرائيلية في العقد الثامن أعادت الي متحف فلسطيني غنائم الحرب التي غنمهاوالدها من بيت فلسطيني هرب أهله نجاة بأرواحهم في حرب سنة 948 ا للتخلص من عذاب الضمير لكن الكيزان مصابون بعاهة أخلاقية والضمير هو الحس الأخلاقي، فقد تبلدت جلودهم وتحجرت قلوبهم وتكلست مشاعرهم وماتت ضمائرهم، والحياء من الايمان لكنهم كالمومس لا تخاف الله ولا تخاف من الناس ولا تخاف من خليفة المهدى، وقديما قال علي بن أبي طالب من قل ورعه مات ضميرهٍٍٍٍٍ.
مقال الدكتور عبدالله علي ابراهيم
الفساد السياسي:
كان موضوع الدكتور عبد الله علي ابراهيم الصفوة السودانية، وأفضل مصطلح النخب السودانية في كتاب الدكتور منصور خالد بعنون النخب السودانية وادمان الفشل، لكن الفشل يعني محاولة النجاح وكانت المسئولية القومية والوطنية في حالة غياب تام منذ الاستقلال، فلماذا انقسم مؤتمر الخريجين الي أحزاب طائفية في وطن تعددى علي عكس حركات التحرر من الاستعمار التي تحولت الي أحزاب قومية؟ سؤال حاولت الاجابة عليه وحاول ذلك الدكتور النور حمد والدكتور الباقر العفيف وينتميان الي أدعياء العروبة في الشمال الذين كانوا ولا يزالون يحتكرون السلطة والقوة والجاه والنفوذ منذ الاستقلال، وبعض الناس حقانيون بطبعهم جبلوا علي التضحية وحب الخير وكراهية الشر ولا يخشون في الحق لومة لائم ولا سطوة ظالم، ويخرج البر من الفاجر والفاجر من البر بدليل أن بعض أولاد الكيزان يتظاهرون في الشارع مع أولاد الفقراء، والدعي اللصيق أكثر تطرفا في عنصريته لاحساسه بالنقص والدونية وخوفه من الذوبان في محيط غريب.
العمالة والخيانة الوطنية:
النخب المتسلطة في السودان والعراق وسوريا ولبنان تقاوم الديموقراطية ودولة المواطنة ولا تفسير لذلك سوى الارتزاق من العمالة والخيانة الوطنية بالاستعانة بالخارج علي الداخل واستباحة المال العام، وباع الكيزان السودان والسودانيين في سوق النخاسة العربية، ولو أن أبو الطيب عاش في زماننا هذا لقال المجد للمال ليس المجد للقلم ولقالت له أقلامه أكتب به قبل الكتاب بنا انما نحن للأقلام كالخدم ولقال أبو تمام المال أصدق انباءا السيف، وبالمل تشترى الأقلام والسيوف والعقول والضمائر والملشيات المسلحة وحميتي حمايتي، والفساد السياسي هو الأب الطبيعي لكل أشكال الفساد والتردى والانحطاط الأخلااقي كالحية لا تلد الا حية والناس علي دين ملوكهم، وكان لصدام حسين في العراق وعلي عبدالله صالح في اليمن ملشيات مسلحة باسم الحرس الجمهورى كالحرس الثورى في ايران وحميتي حمايتي في السودان وبسيج كبسيج الحرس الثورى في ايران للارهاب والأعمال القذرة، ولولا غياب الديموقراطية ودولة المواطنة لما تجددت الحرب الأهلية في اليمن بعد ستين عاما، ولولا قومية القوات المسلحة في مصر لكان الحال الآن أسوأ من ليبيا والسودان واليمن وسوريا، والنازية القومية في ايران تقاوم الديموقراطية ودولة المواطنة لاستعادة الأمبراطورية الفارسية باسم الخلافة الاسلامية، وكذلك النازية القومية في تركيا الاخوانية لاستعادة الخلافة العثمانية التي كانت في حقيقتها أمبراطورية تركية استعمارية، بدليل استفحال الحرب ضد الأكراد في عهد تركيا الاخوانية، ولم يكن للأكراد ونسبتهم 20 % مشكلة في عهد علمانية مصطفي كمال أتاتورك، ولا يوجد فرق بين نازية الدم الآرى والفاشية في ايطاليا ودكتاتورية البلوتاريا ونازية الاسلام وهوية السودان العربية والاسلامية ويهودية الدولة في اسرائيل، وقطر قزم في زمن العمالقة وصبي يحاول محاكاة الكبار ودولة مجهرية لا تزيد مساحتها علي مساحة مجلس ريفي الخرطوم ومن ذلك استضافة الألعاب الأولمبية وادعاء الوصاية علي وطن مساحته مليون ميل مربع في السودان، ولم يكن لقناة الجزيرة القطرية شغلة سوى اتهام السعودية ومصر والأمارات بانتهاك حقوق الانسان لكنها كانت تتجاهل انتهاكات حقوق الانسان في السودان ثلاثين عاما، ويكفي هذا دليلا علي التحالف المرحلي بين ايران والتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، وتسقط بس للتحرر من التبعية والاستعانة بالخارج علي الداخل واستعادة استقلالنا المفقود.ٍٍٍٍٍٍٍ التنظيم الدولي للاخوان المسلمين منظمة ارهابية تجمع بين القوة الناعمة والقوة الخشنة أشد خطرا من حزب الله في العراق ولبنان وستكون الفوضي في مصر أشد خطرا علي أوربا من الحرب في سوريا. وسيكون السودان أول ضحايا الفوضي في مصر، ويحاول التنظيم الدولي للاخوان المسلمين انهاك الاقتصاد المصرى بالهجمات الارهابية وتعطيل السياحة وافشال الديموقراطية في مصر وتونس والصيد في الماء العكر في ليبيا وسوريا، وكانت الديموقراطية الثالثة في السودان عارضا استغله الاخوان في الاساءة الي الديموقراطية لاضعافها تمهيدا للانقضاض عليها ويتكرر ذلك الآن في الجزائر، وكان التنظيم مشردا في الأرض يطلب مسكنا الي أن أصبح السودان مقره ومنطلقه وأرضه الحرام لكن مظاهرات الشباب رسالة موجهة الي التنظيم وجنس الاسلام السياسي.
غياب المسئولية الوطنية والأخلافية:
قال الدكتور عبد الله ان الصفوة صفوات، وصراعاتها حق وليست شذوذا ومن الخطأ تفادى الصراع بوعظ الصفوة، لأن ذلك ليس من طبائع الأشياء وانما التدافع بالحسني والموعظة الحسنة، لكن المفترس في قانون الغابة ليس معتديا لأنه يستعمل حقه الطبيعي فهل يجوز ذلك في قانون الانسان خليفة الله في الأرض؟ وقانون العرض والطب كالقانون الغابة قانون طبيعي لكنه في غياب الحريات العامة مدخل للفساد والظلم الاجتماعي والتدافع بقوة القوة وقوة الغش والاحتيال والمكر والخداع، وكان ولا يزال السودانيون فرائس والكيزان مفترسون ثلاثين عاما، لكن المفترس في قانون الغابة لا يفترس الا اذا عضه الجوع وليس من طبيعته اكتناز العقارات والدولارات في الخارج، واستعبد الانسان الحيوان مقابل الطعام لكن الترابي أراد تدجين الناس واستعبادهم بقوة القوة عندما أعلن يوم الانقلاب بأن السودانيين لن يسلكوا الطريق المستقيم الا بالقهر وان الناس يعتادون علي القهر والذل والهوان، وقال تلميذه الزبير محمد صالح مفسرا ومنذرا ومهددا انهم علي استعداد للتضحية بثلث الشعب السوداني، وكان ذلك انجيل تلاميذ الترابي الذين يتعاملون مع الناس كعبيد آبقين حق عليهم العقاب والبطش والارهاب، وكان العبد في العصور المظلمة يعمل مقابل ما يكفي من الطعام لكن الكيزان يستغلون حاجة الانسان للعمل وهو حق طبيعي كالحق في الحياة ويحرمون الاضراب ويبخسون عرق العمال والموظفين، وهل كان انقسام مؤتمر الخريجين الي أحزاب طائفية في وطن تعددى تدافع طبيعي وسلوكا سياسيا مشروعا أم كان فسادا سياسيا ولعبة من ألاعيب السياسة القذرة؟ والقيم المعيارية التي تقوم عليها الدولة في كل زمان ومكان كل لا يتجزأ وهي الأمن والاستقرار والسلام الأهلي والعدالة السياسية والاجتماعية والمساواة أمام القانون فما هو الأمر الذى كانوا فيه مختلفين؟.
بريطانيا ومؤتمر الخريجين:
كان انقسام مؤتمر الخريجين بعد سنة من ميثاق مؤتمر جوبا بين الشمال والجنوب حيث اختار الجنوبيون الوحدة مع الشمال بحضور السكرتير الادارى الرجل الثاني في الادارة البريطانية، ولا شك أن ذلك كان بتدبير من الحكومة البريطانية بدليل الاجراءات الننفيذية اللاحقة كالغاء قانوز المناطق المقفولة وقد استنفد أهدافه باستئصال عصابات تجارة الرقيق وتحريم الرق وتحرير العبيد، واصدار قانون المدارس غير الحكومية وتوحيد المناهج التربوية واشراف الحكومة علي مدارس الارساليات المسيحية واصدار قانون الحكومة المحلية لكل السودان فأصبح السودان مستعمرة واحدة جغرافيا وبشريا، فقد كانت الحكومة البريطانية أكثر حرصا علي وحدة السودان قياسا بمؤتمر الخريجين الذى كان انقسامه أول مسمار في نعش الدولة القومية في السودان ومبررا لقيام أحزاب جنوبية منفصلة مقابلة للأحزاب الشمالية، وقد أثبتت الأحداث ان مخاوف الجنوبيين وهي مخاوف مشروعة كان لها ما يبرها.ٍٍٍٍ
نصف آية التدافع:
قال الدكتور عبد الله ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍان المشروع الحضارى جاء بمفهوم التدافع، لكنه قرأ نصف الآية علي طريقة أبو نواس عندما قال ما قال ربك ويل للأولي سكروا بل قال ربك ويل للمصلين، لأن نص آية التدافع لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض، فقد كان المشروع الحضارى المزعوم افسادا في الأرض واحتكارا للتدافع الطبيعي بين الناس في معترك الحياة وتعطيلا لآيات الحرية والتسامح وعددها 100 آية وهذا يعادل ادعاء الوكالة عن الله في الأرض، بدليل سياسات الأرض المحروقة وملايين الضحايا والثكالي والأرامل والأيتام والنازحين والمشردين في الأرض وتصنيف السودانيين الي عرب وغير عرب ومسلمين وغير مسلمين للصيد في الماء العكر، والفتنة أشد من القتل والفتنة نائمة لعن الله من أيغظها، وقال عمر البشير لجنوده لا نريد أسرى وقال نائبه شوت تو كل ومصداقا لذلك أطلقت الحركة سراح ثلاثة ألف أسير ولم يكن لدى حكومة الكيزان أسيرا واحدا فقد كان النصر للحركة عسكريا وسياسيا ودينيا وأخلاقيا، وهل كان تسليح القبائل العربية ضد القبائل الأفريقية وتكوين الملشيات العربية المسلحة في جبال النوبة ودارفور اصلاحا أم افسادا في الأرض؟ وأى حركة دينية هي بالضرورة حركة عنصرية، وأينما كان الصراع كانت المصالح الخاصة والأطماع والتطلعات غير المشروعة، وللناس مصلحة في السلام وتبادل المنافع وليس لهم مصلحة في الحرب، كما ان خلافة الله في الأرض لاعمارها وليس الافساد فيها بالفتن والصراعات.
عشوائية المشروع الحضارى المزعوم:
ادعي الكيزان ان الاسلام هو الحل كلمة سحرية كمصباح علاء الدين التنزيل البركات ورفع البلوات فكانوا هم البلوى، وقالوا بحاكمية الله ثم تراجعوا وقالوا بسيادة الشعب لكنهم ادعوا الوصاية الدينية والسياسية ويعادل ذلك ادعاء الوكالة عن الله في الأرض، وأوقفوا الضرائب واستبدلوها بالزكاة ثم جمعوا بينهما فأصبح في السودان مؤسستين ضريبيتين وجيوشا من الجباة وازدواجا ضريبيا ليس له مثيلا في عصرنا هذا، وفقدت وزارة المالية قدرتها علي التحكم في الموارد المالية وترتيب الأولويات والأسبقيات من خلال الميزانية العامة كقانون وخطة عمل لمدة سنة مالية، وأفتوا بأن اختلاس المال العام ليس جريمة حدية لشبهة الشراكة فتفشي الفساد وتجاوز اللحم الي العظم، وهل من حق الشريك أن يخون شريكه؟ وقالوا بالولاء قبل المعرفة لكن الولاء بدون المعرفة عائده صفر، وقالوا من اجتهد وأصاب له أجران ومن أخطأ له أجر الاجتهاد لكن الخطأ قد يكون متعمدا بالفعل أو الامتناع عن الفعل لشنآن قوم، وقالوا انتهت دولة الباشكاتب ويقصد بذلك البيروقراطية للتحرر من القيود الادارية والمالية ولا بديل للنظام سوى الفوضي المالية والادارية، وقالوا ان المشروعات الاعاشية عبء علي الخزينة العامة فانهار القطاع الزراعي، فكانت الشعوب السودانية حقولا للتجارب وفيرانا للمختبرات ثلاثين عاما، وهذا اعتراف بأن الدولة موضوعها تأبير النخل وعالم الشهادة وليس عالم الغيب، وقال اللواء حسب الله عمر نائب رئيس جهاز أمن الدولة ان المشروع الحضارى تهاويم فأقصي من منصبه، لكنه في الحقيقة حديث خرافة وأوهام متعصب مخبول ومكابر جهول وصبية لئام.
الغاية والوسيلة:
يذكرني الترابي عندما رفض اتفاقية السلام ودق طبول الحرب بحصين بن ضمضم الذى رفض الصلح بين عبس وذبيان وأحمر عاد وغلمان السؤ الذين ذبحوا ناقة صالح وجلبوا لقومهم الخراب والدمار في معلقة زهير بن أبي سلمي حكيم العرب في الجاهلية قبل الاسلام، وكانت الديموقراطية التي ذبحوها قربانا لصنم السلطة ناقة صالح، ويذكرني بميكافيلي وعبيد الله بن زياد والي العراق لمعاوية بن أبي سفيان الذى قال لن نصل الي الحق حتي نخوض في الباطل خوضا، وجيء اليه بأعرابي متهما فقال له قد تكون بريئا أيها الأعرابي لكن في قتلك صلاح الرعية، والغاية في الاسلام لا تبرر الوسيلة فلا يمكن ارتكاب الظلم لتحقيق العدالة، وكانت البيعة تحت الشجرة بيعة نبي معصوم لكن حيران الترابي كانوا يبايعونه علي الطاعة العمياء في المنشط ٍٍٍوالمكره والسراء والضراء، وكان ذلك يذكرني بعصابات الحشاشين، واتهم الترابي شيوخ الأحزاب الطائفية بأنهم يخدعون الناس بأن في أيديهم مفاتيح القصور في أعالي الجنان، لكن الترابي كان الماذون ووكيل العروسين الغائبين في أعراس الشهيد التي كانت مسخرة ومضحكة الناس في مجالسهم.
الأنصار وعنف البادية:
هل كانت كتائب الأنصار التي كانت تعرف بعنف البادية وجاء ذكرها في مقال الدكتور عبد الله ضد زيارة محمد نجيب في سنة 1954 وضد الحكومة الانتقالية في سنة 1964 سلوكا سياسيا مشروعا أم كانت ارهابا سياسيا؟ وبعد ستين عاما استعان عمر البشير بعنف البادية وحميتي حمايتي ضد المجتمعاتٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ الحضرية والاضرابات والاعتصامات والمظاهرات واحراق الاطارات، ومن ذلك الاعتداء علي الصحفي عبد الله رجب وطوابير الأنصار التي كان أحمد المهدى يستعرضها بحوش الخليفة كل صباح، وكان الناس يربطونها بمقولة عمر نور الدائم الشهيرة البلد بلدنا ونحن أسيادا ويتخوفون من عودة المهدية، وادعي الترابيون أنهم الوريث الشرعي للحركة المهدية لسحب البساط من تحت أقدام الصادق المهدى الذى استعصي عليهم تدجينه، ولولا التعويل علي انضمام حزب الأمة لما أقدم الكيزان علي انقلابهم العسكرى، وكل المصائب التي حلت بالسودان سببها الصراع علي الفحولة في قطيع الأنصار بين الصادق المهدى وأخته وصال وزوجها حسن عبد الله الترابي.
الانتكاسات الحضارية:
كان الانقلاب العسكرى آخر تجليات العنف السياسي والمغالطات الغوغائية بين الاخوان المسلمين والجمهوريين في قهوة النشاط هايدبارك جامعة الخرطوم ورقصة العجكو والطيب سيخة في الستينيات من القرن الماضي، ولا يلجأ الانسان الي العنف الا اذا أعياه العقل والحجة والمنطق والاحترام والقبول أو لشنآن قوم، وقد أثبتت الأحداث أنها للسلطة والمال والجاه والنفوذ، وكانت الانقاذ كالمهدية انتكاسة حضارية ومهدية ثانية وامتدادا لحكم الأئمة في اليمن وكارثة قومية كبرى، وعندما يحتار السودانيون في أمرهم مع الكيزان يتساءلون هل نحن في المهدية؟ وكان الصادق المهدى كاستاذه في البهلوانية السياسية اسماعيل الأزهرى اذا الريح مالت مال حيث تميل، لكنه انحاز الي شباب الأنصار الذين سبقوه الي الشارع والأنصار بلوتاريا لأ لأنهم العمال والرعاة والمزارعون ومن حق الصادق المهدى أن نغفر له ماتقدم وسلف وأخشي أن تعود حليمة الي عادتها القديمة، وللكوارث القومية الكبرى ظلال تمتد ولا تنتهي بانتهاء الكارثة ولا زلنا نعاني من ظلال كارثة المهدية وظلال كارثة الجفاف والتصحر، والكيزان كارثة قومية أكبر لآنهم مادة لاصقة لا يمكن التخلص منها الا بحكها بأداة حادة قد تدمي السودان كله، وكان حكم الأئمة في اليمن انتكاسة حضارية وكارثة قومية امتدت ألف سنة حتي الستينيات من القرن الماضي ، والحرب الأهلية في اليمن من ظلال كارثة حكم الأئمة وكذلك البرقع فكل النساء في اليمن الشمالي متبرقعات بما في ذلك تلميذات المدارس وطالبات الجامعات، والبرقع عادة مجوسية استنسخها فقهاء الشيعة وكذلك المهدى المنتظر عقيدة مجوسية، والعباءة السوداء من ظلال حكم الكيزان والسواد شعار الحركة العباسية التي كانت دولتها أول النظم دموية وانحلالا وفجورا وظلما وفسادا.ٍٍٍٍٍٍ وقد كان المجتمع العباسي كالمجتمع السوداني في عهد الكيزان مجتمعا طبقيا بشهادة الجاحظ وابن الرومي أبو الشمقمق وكثر من المصادر الأخرى.ٍٍٍٍٍ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
/////////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.