بسم الله الرحمن الرحيم المركز العام - أم درمان بيان للناس التحية لكل شباب السودان الذين استطاعوا من خلال ثورتهم المباركة أن يحسموا كثيرا من قضايا الوطن التي عطلت البلاد من الانطلاق، ويجيبوا على تساؤلات المشفقين على مستقبل السودان، ويطمئنوا آباءهم بأن السودان في أيدٍ أمينة، ويفاجئوا العالم بأن شباب السودان قادرين على تحقيق ما عجز عنه كبارهم، إنهم فتية آمنوا بربهم واستوعبوا قضيتهم وقرروا أن ينتزعوا حقهم بوسائل غير تقليدية فأبدعوا وبرعوا وانتصروا. حفظهم الله وسدد خطاهم فقد استحقوا أن يستلموا زمام بلادهم بلا نزاع. لقد تصدى الشعب السوداني لنظام الانقاذ منذ إنقلابه في 30 يونيو 1989 وكانت هيئة شؤون الأنصار واحدة ممن كانوا في طليعة شعب السودان الذين واجهوا النظام؛ ونتيجة لذلك عوقبت الهيئة من قِبَل النظام البائد كما عوقب غيرها من أهل السودان، فقام النظام بمصادرة مركزها الرئيسي وبعض مساجدها وممتلكاتها، وظل أئمتها وكوادرها يترددون على سجون النظام ومعتقلاته حتى لحظة سقوطه، وحوكم قادتها في محاكم النظام العام بسبب موقفهم الرافض للنظام، فلم تلن لها قناة ولم تتراجع، وظل منبر الهيئة في ودنوباوي يقوم بواجبه الوطني في التصدي لخطاب النظام المتدثر زورا بالإسلام مُبَرِّءاً لديننا الحنيف من الظلم والألاعيب والتشويه الذي يُمَارَسُ باسمه، وفي نفس الوقت يُبَيِّن قِيَم الإسلام ومبادئه المُؤَصِّلة للحرية والعدل وكرامة الإنسان والشورى والديمقراطية، ومدافعا عن كرامة الشعب السوداني ومطالبا باسترداد حقوقه التي سلبها النظام. إن ثورة أهل السودان التي تُوِّجت بثورة ديسمبر عَمَلٌ تراكمي استمر لمدة ثلاثين عاما؛ وهي ثورة شارك فيها كل السودانيين رجالا ونساء وشبابا وأطفالا؛ بكل إنتماءاتهم الدينية والسياسية والثقافية؛ بل إن أبناء بعض قادة الحزب الذي كان حاكما شاركوا أيضا في الثورة تخليا عن النظام الذي يديره آباؤهم وفضلوا الانحياز لشعبهم، وكذلك فإن بعض الذين كانوا يؤيدون النظام تحركت ضمائرهم فانحازوا لثورة الشعب.إنها ثورة تَجَرَّدَ فيها السودانيون من إنتماءاتهم الضيقة ورفعوا شعار السودان الجامع؛ وكان الدور الأكبر للشباب الواعد . إنَّ هيئة شؤون الأنصار مثلَ غيرها كانت حاضرة في الحراك الثوري من خلال منبرها ومشاركة منسوبيها في المظاهرات السلمية في العاصمة والولايات؛ لقد شارك شباب الأنصار من الجنسين وأسرُهم زملاءهم من الشباب والأسر السودانية، وقدموا عددا من الشهداء ونالوا حظهم من الإصابات والتعذيب والاعتقال؛ وشاركوا في الاعتصام ملتزمين بالشعارات الوطنية رافعين عَلَمِ السودان وحده، رافضين أيَّ تميُّزٍ على غيرهم، وذلك إيمانا منهم بأن ثورة السودان ثورة وطنية جامعة لا يجوز أن تُجَيَّر لصالح فئة أو حزب أو طائفة. إن هيئة شؤون الأنصار تهنئ الشعب السوداني بكل مكوناته بنجاح ثورته العظيمة التي أعادت للسودان عزته وللسودانيين كرامتهم وللقوات المسلحة السودانية دورها المشرف بانحيازها لإرادة شعبها ، وحفاظا على مكتسبات الثورة وتحقيقا لأهدافها النبيلة نقول الآتي: أولا: نشيد بالقوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى لانحيازها لإرادة الشعب، فهي أيضا قد ظُلِمت من النظام المباد وتعرضت لتشريد منسوبيها وتقييد دورها، ونشيد بموقف الفريق ابن عوف فيما ماقام به من استجابة لرغبة قادة التغيير فتنازل عن قيادة المجلس العسكري طواعية، ونرحب ببيان قائد المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح برهان، الذي استجاب لبعض مطالب الثورة ووعد باستكمال بقية المطالب بالتعاون مع قيادة الثورة المتمثلة في قوى الحرية والتغيير، والهيئة إذ تتفهم الظروف المحيطة بهم والتي تدفعهم لتلبية المطالب بالتدرج، تأمل أن يتمكنوا من تجاوزها في أقرب وقت ممكن. وسيظل دعمنا لهم مستمرا ما داموا ملتزمين وصادقين وجادين في تحقيق مطالب الثورة ، كما نشيد بقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان حميدتي على دعمه للثورة منذ اندلاعها وتأييده لمطالبها حتى تحقق نصرها. ثانيا: لقد رفضنا منهج النظام السابق وسياساته القائمة على الإقصاء والتَّجَبُّر، ونرفض أي إشارات داعية للإقصاء أو الإنتقام أوتصفية الخصومات، فالعدل منهجنا وإدارة التنوع سبيلنا، وسنظل حراسا لمشارع الحق التي ظللنا نرفعها حتى تصل إلى غاياتها إن شاء الله. وفي النهاية سوف نحترم قرار الشعب واختياره عبر إنتخابات حرة نزيهة تتساوى فيها الفرص لجميع المكونات السودانية والأفراد الذين لم تتلوث أياديهم بالدماء أو الفساد أو الاعتداء ، دون إقصاء أو إحتكار. ثالثا: لقد مارس النظام السابق عدوانا على الشعب السوداني طيلة عهده وولغ في الفساد حتى ثَمِلَ؛ إن الثورة لن تكتمل مالم يتم كنس آثار النظام البائد التي أذلت المواطنين، وشوهت سمعة السودان الخارجية، مع المحاسبة لكل من أجرم في حق الوطن والمواطن، واسترداد ما سُلِب من المال العام ومعاقبة كل مذنب تثبت عليه التهمة بقدر جرمه، محاكمةً عادلةً تتوفر له فيها فرصُ الدفاع عن نفسه، التزاما بالقاعدة الشرعية: " المتهم بريء حتى تثبت إدانته" وقوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى". رابعا: أجهزة الدولة التي حولها النظام لمؤسسات حزبية، يجب أن تراجع وفق معايير وطنية عادلة، وأن يتم إبعاد كل من نال منصبه دون وجه حق؛ سواء بالمحسوبية، أوعدم التأهيل، أو استغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية، أو حزبية، أو أساء استعمال سلطته في ظلم المواطنين. وتعيين كفاءات وطنية في تلك المؤسسات وفق معايير دقيقة تعيد للدولة سمعتها في النزاهة والجودة ورعاية حرمة المال العام. خامسا: يجب إنصاف المظلومين من المواطنين الذين شُرِّدُوا أو حُرِمُوا حقوقهم أو أُعْتُدِيَ عليهم مع إلتفاتٍ خاص لأولئك الذين يعيشون في معسكرات اللجوء والنزوح لرد الاعتبار إليهم جبراً للضرر. سادسا: الإسراع في الاتصال بالحركات المسلحة للتفاوض معها لإنهاء الحرب وتحقيق السلام العادل. سابعا: إفساح المجال للشباب في كل مؤسسات الدولة لتفجير طاقاتهم وليتمكنوا من المساهمة في بناء مستقبلهم؛ فقد قدموا نموذجا رائعا من خلال ثورتهم السلمية، وأثبتوا قدرتهم على الادارة والابداع ومعالجة الأزمات بوعي. ثامنا: مناشدة الأشقاء في الدول العربية والأصدقاء في دول العالم الوقوف مع ثورة السودان ودعم حكومته المدنية التي تتكون بإرادة الثوار حتى تستعيد العافية للاقتصاد وتتمكن من تحقيق أهداف أهل السودان وصولا للحكومة المنتخبة. نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل مكروه، وندعو جميع السودانيين إلى التعاون مع العهد الجديد المتفق عليه، حتى تتمكن بلادنا من العبور الآمِن لهذه الظروف الحرجة إلى مرحلة جديدة تتحقق فيها دولة الوطن مكان دولة الحزب، وتُكْتَسَبُ فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة، ويُلْتزَم فيها بالتداول السلمي للسلطة؛ ليستعيد السودان عافيته ومكانته بين الدول، وليعيش المواطن عزيزا مكرما آمنا في وطن يسع الجميع باختلاف توجهاتهم الفكرية والدينية والسياسية والثقافية. قال تعالى: " وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ " صدق الله العظيم. عبدالمحمود أبُّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار للدعوة والارشاد 9 شعبان 1440ه الموافق: 14 أبريل 2019م