يمور الشارع هذه الأيام بمختلف المبادرات والتكوينات والتشكلات والتحالفات والاتصالات وللأسف لا يتعلق أيا منها بوثيقة إعلان الحرية والتغيير إلا ما ندر - ولا تلتفت الهوامير طبعا للفتات - ويعاب على هذه الوثائق النادرة أنها تصدر من كيانات موقعة على إعلان الحرية والتغيير لكنها تغرد منفردة خارج الإعلان، وهناك من انقلب في الاتجاه المعاكس تماما من الإعلان رغم توقيعهم عليه وتدعو إلى تحالف بين المجلس العسكري والشباب المعتصمين على الميدان!! وكما قال أحد المعتقلين السياسيين في عهد المخلوع نميري "تعال أقعد اتمحن جنبي" والتمحن مشتق من المحنة بكسر الميم وهي البلوة عكس المحنة بفتح الميم وتشديد النون المفتوحة وهو ما كنا نرجوه من القوى الموقعة على الإعلان. أصدرت القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير ورقة بتاريخ 17/4/2019م بعنوان: "آليات ترتيب الإنتقال للسلطة الانتقالية المدنية" وهذا نقل حرفي للعنوان وليمدد أبو حنيفة رجليه. وبمقارنة لما ورد في هذه الورقة وإعلان الحرية والتغيير تظهر لنا اختلافات بينة بين مضامين هذه النصوص حتى أن المطلع عليها يظن أن مصدرهما غير واحد لعمق الاختلاف التأسيسي لهما الكامن في النصوص. - ورد في نص الإعلان "ثانياً: تشكيل حكومة انتقالية قومية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني تحكم لأربع سنوات" و ورد في نص الآلية "تختار قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس الرئاسي من ممثلين لقوى الثورة مع تمثيل للجيش عبر وزارة الدفاع" ويتضح الفرق بين معنى العبارتين مع افتراض القوى الموقعة على الإعلان أنها تتحدث بلسان غير الموقعين عليه، في ممارسة سياسية فوقية غير سليمة، وحال القوى الموقعة فيه من التشرذم بحيث أنها لا تتبنى رأياً موحداً فيما بينها ناهيك عن إعلان أبوتها لغير الموقعين!!! - ورد في نص الإعلان "9- إقامة مؤتمر دستوري شامل لحسم كل القضايا القومية وتكوين اللجنة القومية للدستور" و ورد في نص الآلية "يباشر المجلس الرئاسي المهام السيادية وفقا للدستور الإنتقالي (المقترح من قوى اعلان الحرية والتغيير)" إذا تعذرنا بحجة الزمن لانعقاد المؤتمر الدستور يثور سؤال آخر: هل تم التوافق على الدستور الانتقالي بين كل القوى الموقعة على الإعلان؟ هل تم عرضه على القوى غير الموقعة على الإعلان؟ للأسف أن نص الآلية كان دون المستوى لغة وفكراً وسياسة، وتعمد الإبهام حين وجب التوضيح، فلم يذكر عدد أعضاء المجلس السيادي وكيفية تقسيمهم، ولم يذكر لفظة كفاءات مع لفظة أعضاء المجلس السيادي مع ذكرها معية أعضاء التشكيل الوزاري، تشكيل وزاري لا يتجاوز 17 وزارة دون تحديد أسمائها وعددها - غالبا عشان يشوفوا المعصلج يدوهو عضم - وأين توجد التشاورية في تحديد أيلولة وزارتي الدفاع والداخلية للقوات النظامية - كم عدد هذه القوات بالمناسبة؟ - ومن العجائب أن الحكومة التنفيذية المكونة من الكفاءات هي التي ستقدم الدعوة لعقد المؤتمر الدستوري!!! وما يهرد المصران ويرفع ضغط الدم ما ورد في الفقرة المعنونة: ثالثا المجلس التشريعي الانتقالي "تحدد نسبة المشاركة فيه ويتم تقسيمها على إعلان الحرية والتغيير والقوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير (تنظيمات المرأة، الشباب، الطرق الصوفية، الشخصيات الوطنية المستقلة، الرياضيين، المسيحيين، المبدعين، عسكريين وغيرهم من قطاعات شعبنا المناضل)" .. هكذا!!! فإن لم تكن عزيزي المواطن أنت - نفسك بشحمك ولحمك وشخصيتك المعتبرة شرعا وقانونا - الإعلان بحيث تكونان "أنت هو و هو أنت" أو من الموقعين عليه فقد صَبِحتْ واطاتك! هذا النص الركيك الضعيف ما هو إلا تغطية للتشرذم الحزبي ومحاولة اقتسام الكيكة ووضع المصلحة الحزبية قبل مصلحة الوطن، وإذا رغبت الأحزاب في ممارسة دورها المطلوب والمرجو في الفترة الانتقالية وما بعدها فعليها تحمل المسئولية الملقاة على عاتقها وإيقاف هذا الهرج السياسي العقيم، وعليها توحيد رؤيتها المستقبلية للسودان التي تواضعت عليها في حدها الأدنى في وثيقة إعلان الحرية والتغيير وتوسيع الماعون لاستقطاب وإلحاق غير الموقعين عليه، وإلا ستشرق علينا شمس يوم شبيهة بشموس ثلاثين عاما إنقاذية ولات حين مناص. علينا أن ننبه أيضا أن استصحاب الوفد لوالدة أحد شهداء الحراك معهم لحظة تقديمهم وثيقة الآلية إلى المجلس العسكري ما هي إلا محاولة لاستدرار العاطفة لتغييب العقل، فشهداء الحراك يكرمهم أخوانهم وأصدقائهم وجيرانهم ومعارفهم وجميع السودانيين بالتزامهم باعتصامهم وتمسكهم بإعلان الحرية والتغيير، وما التخويف بوجود عناصر الأمن عند إعلان أسماء أعضاء الحكومة الانتقالية يوم الأحد المقبل إلا مناورة بائسة لتمرير أنصاف حلولهم وتغبيش قصر رؤيتهم، و لازلنا نذكر أن تسقط بس ليست للحكومة الحالية فقط - لها القدح المعلى – ولكنا موجهة نحو جميع اشكال الممارسات السياسية المرذولة سابقاً. # تسقط بس عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.