انحياز القوات المسلحة لثورة الشعب السوداني المطالبة بالتغيير الديمقراطي،جاء لأن القوات المسلحة تمثل جزء من هذا الشعب ويملي عليها واجبها الوطني هذا الانحياز..هذه الثورة ضد نظام عقائدي تمكن من مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية طيلة ثلاثين عاما،واصبح قادته وكوادره مندمجين في مؤسسات الدولة.وطيلة مدة حكمهم نشأ-بالضرورة متعاملين معهم ذو منافع متبادلة ومصالح مشتركة..أحكم النظام قبضته الأمنية،مثله مثل انظمة الربيع العربي،التي استغلت تطاول سيطرتها على مؤسسات الدولة فأحكمت قبضتها،فرئيس اليمن لم يقبل باتفاق التنازل عن السلطة الا بعد أن أريقت دماء غزيرة وانقسام مسلح وضغوط دولية واقليمية وتلى ذلك قتال مسلح/طائفي جهوي/قبلي لا زالت ناره مستعرة.وحال سوريا التي جثم عليها نظام حكم عقائدي/طائفي قارب الخمسين عاما تصدى لانتفاضة الشعب بدموية وتحولت المعارضة، المنتفضة سلمياً،الى مسلحة وتدخلت قوى اقليمية ودولية-وسقط النظام شرعيا واخلاقيا-ولكنه انتصر على شعبه عسكريا! بعد تدخل اقليمي ودولي-حَكَم القذافي ما يزيد عن الاربعين عاما وتمكن من الدولة واستغل الثروة النفطية،الهبت ثورة تونس ومصر جماهير ليبيا،ولكن تمت مواجهتم بعنف دموي وجاءت طامة التدخل الدولي لتتجلى مأساتها الآن في قتال على ابواب طرابلس بمباركة غربية وشرقية!.نظام مبارك في مصر لم يكن عقائدياً،لذا كان في انحياز القوات المسلحة لثورة يناير 2011 نهاية النظام،شأنه شأن سقوط نظام نميري(1985)..وانتصرت ثورة الشعب التونسي وانحياز القوات العسكرية لم يكن الفعل الحاسم لطبيعة النظام الغير عقائدي. ثورة الشعب السوداني الآن ضد نظام حُكم له عقيدته،صدقت أم كذبت- سيطر بها ثلاثة عقود وتمكن من مؤسسات الدولة.الهدف الأول لثورة الشعب السوداني هو اقتلاع جذور النظام من كافة مؤسسات الدولة،وهذا هدف مشروع-ولكن إن لم يتحقق فورا،بسبب موضوعي يعود لطبيعة تغلغل النظام في القوات النظامية،وتفادياً للصدام الدموي الذي افشل ثورات بعض الدول العربية،فإن القبول بالأنتقال للنظام الديمقراطي في ظل التوازنات الراهنة التي تعبر عن نفسها في المجلس العسكري الذي أعلن اقتلاعه النظام وانحيازه لثورة ديسمبر المجيدة،يعتبر تعامل و مدخلا لعملية الانتقال للنظام الديموقراطي السلمي،وهو إنتقال لن يكون بالسهل .ولا يعني ذلك –بأي حال من الاحوال غض الطرف أو التسامح مع جميع قيادات ورموز حزب المؤتمر الوطني ورموز الظام السابق بمختلف درجاتهم ومستوياتهم الحزبية والوزارية.لذا ليستمر الضغط الجماهيري من أجل محاسبة من انقلبوا على النظام الديموقراطي في 89- ومحاسبة من قتلوا وعذبوا وانتهكوا حقوق الوطن والمواطن- ولتفتح ملفات الفساد،هذه مطالب مشروعة ضمن مهام الفترة الانتقالية،وتوضع أيضاً امام المجلس العسكري بوقائعها وبأسانيدها القانونية.كل هذا لا يمنع من إجراء التواصل مع المنتمين للتيار العريض للحركة الاسلامية الذين انشقوا أو تم فصلهم من حزب المؤتمر الوطني وانضموا للثورة وطالبوا بالتغيير،وايضاً التواصل مع أئمة المساجد واهل الطرق الصوفية والدعاة الذين تلتقي مطالبهم مع أهداف التغيير في الحرية والعيش الكريم. ثورة الشعب السوداني انتصرت في اسقاط راس ورموز النظام،استكمال المهمة يفرض الاتبعاد على المحاور والتصنيف الفكري في هذه المرحلة التي تقبل توسيع تحالف المطالبين بالتغيير ليضم كافة فئات الذين تجمعهم أهداف الثورة وشُهد لهم بالمواقف الصادقة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.